(بغداد) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات العراقية بدء تحقيق فوري في أدلة تفيد بقيام الشرطة الفدرالية بقتل 4 رجال وصبي في الخامسة عشرة يوم 3 مايو/أيار 2013 جنوبي الموصل رمياً بالرصاص. شاهد الشهود الضحايا للمرة الأخيرة في عهدة الفرقة الثالثة للشرطة الفدرالية بقيادة مهدي الغراوي، الذي أزيح عن منصبه كقائد بالشرطة الفدرالية بعد مزاعم بتورطه في التعذيب وانتهاكات أخرى، لكنه أعيد إليه لاحقاً.
عثر أهالي القرية على جثث الضحايا الخمس في حقل يبعد ثلاثة كيلومترات عن قرية المستنطق الشرقية يوم 11 مايو/أيار، بالقرب من موضع شوهدت فيه الشرطة وهي تصطحبهم عقب القبض عليهم مباشرة. قال شاهد إن الجثث كانت بها عدة طلقات نارية، كما عثر على فوارغ بنادق آلية في محيطها. لكن صوراً تم تسريبها للإعلام بمعرفة ضابط شرطة تبين ضباط شرطة مع الجثث في حالة أقل تحللاً مما كانت عليه عند عثور القرويين عليها.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "دور الشرطة الظاهر في قتل 4 رجال وصبي بالمدافع الرشاشة يتطلب تحقيقاً فورياً وملاحقة المسؤولين. كما أن احتمال ارتكاب هذه الجرائم من قبل وحدة يقودها قائد سبق تورطه في التعذيب يبين لماذا لا يمكن كنس الانتهاكات تحت البساط وتناسيها".
قال أقارب الضحايا وسكان المستنطق الشرقية لـ هيومن رايتس ووتش إن قافلة مشتركة من جنود الجيش والشرطة من لواء "حزام نينوى" الشرطي الفدرالي، إحدى وحدات الفرقة الثالثة التي تسيطر على المناطق الواقعة جنوب وغرب الموصل، أحاطت في 3 مايو/أيار بالقرية وسألت سكانها عما إذا كانت هي المستنطق الغربية، وحين نفوا هذا رحلت عناصر الجيش، لكن الشرطة الفدرالية اجتاحت القرية وفتشت البيوت والحظائر، واعتقلت 8 أشخاص دون تصريح، بمن فيهم الخمسة الذين قتلوا لاحقاُ.
قال شهود في المستنطق الشرقية إنهم شاهدوا الرجال الأربعة والصبي من نفس العائلة الممتدة للمرة الأخيرة وهم يعملون في سباكة أحد المنازل، حين اعتقلتهم الشرطة الفدرالية بُعيد الرابعة مساءً. وقالوا إنهم شاهدوا عناصر الشرطة الفدرالية يوقفون سيارتهم أمام المنزل، ويقتربون من الرجال العاملين فيه، ويطلبون منهم تحقيق الشخصية ثم يلقون القبض عليهم.
بعد قليل، تم الإفراج عن اثنين اعتُقلوا في نفس الوقت مع الضحايا الخمسة، والإفراج عن الثالث بعد يومين. داهمت القوات الأمنية أيضاً قرى مجاورة واعتقلت عشرات آخرين، من ضمنهم، على الأقل، 3 صبية آخرين أعمارهم 12 و13 و14 عاماً. قال شاهد تم احتجازه وإخلاء سبيله بعد ذلك إنه من بين الصبية المعتقلين، ما زال الاثنان البالغان 12 و13 عاماً رهن الاحتجاز. أبدت هيومن رايتس ووتش القلق من اعتقال الأطفال ودعت الشرطة الفدرالية إلى الإفراج الفوري عن أية صبية ما زالوا في عهدتها.
لم تقدم القوات الأمنية تفسيراً للاعتقال والمداهمات. قال أحد الأقارب لـ هيومن رايتس ووتش إن الضباط هددوا بالسلاح أي شخص يحاول التدخل، وأمروهم بـ"البقاء بعيداً". وقال إن الشرطة أبلغت المحتجزين بأنهم سيحتجزون لمدة قصيرة بغرض الاستجواب، "لكننا لم نسمع منهم بعدها" على حد قوله. "[بعد أيام] قيل لنا إنه قد تم العثور على جثث أقاربنا المقتولين وإنها ظلت راقدة في أحد الحقول لمدة أسبوع"، كما قال عضو العائلة.
تعرف الأقارب على الضحايا كرم أحمد محمود، 15 سنة، وعميه سليم محمود سليم، 20 سنة، وأحمد محمود سليم، 30 سنة، وابني خالتيهما شاكر شحاتة حوماتي، 21 سنة، وأحمد محمود حسن، 33 سنة.
تباينت أقوال الشهود، إلا أن أهالي القرية، والمحتجزين الذين أفرج عنهم لاحقاً، قالوا إن الشرطة الفدرالية اعتقلت ما بين 31 و60 شخصاً، بينهم 4 أطفال على الأقل، من المستنطق الشرقية والقرى المحيطة بها في ذلك اليوم. قال محتجز سابق لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة أخذت عدة رجال إلى حقل مكشوف يبعد نحو كيلومتراً واحداً من موضع العثور على الجثث. وقال إن الشرطة عصبت أعين الرجال وأوثقت أيديهم خلف ظهورهم، ثم اقتادتهم إلى موقع آخر قريب. وقال إنهم سمعوا عدة دقائق من الطلقات النارية. وبعد دقائق قليلة قادته الشرطة هو وعدد من الآخرين بينهم 3 صبية في أعمار 12 و13 و14 عاماً، إلى قسم للشرطة حيث تم احتجازه لمدة يومين، والتعدي عليه بالضرب والركل والتعليق من السقف، حسبما قال.
قال محام مطلع على القضية إن أقارب الضحايا اتصلوا في مبدأ الأمر بقسم شرطة حمام العليل القريب في صباح 12 مايو/أيار، بعد أن علموا بعثور القرويين على جثث ذويهم اليوم السابق. وبحسب المحامي، رفضت الشرطة المحلية رفع الجثث، قائلة إن المنطقة شديدة الخطورة، لكنها أصدرت تصاريح لعربات الإسعاف المحلية برفع الجثث.
تشير الأدلة المأخوذة من مقاطع الفيديو والصور الفوتوغرافية، بحسب هيومن رايتس ووتش، إلى أن الشرطة الفدرالية كانت تعرف بمكان الجثث لكنها لم تبلغ أقارب الضحايا. وتبين مقاطع فيديو التقطها سكان من القرية بالهواتف الخلوية بعد العثور على الجثث الخمسة يوم 11 مايو/أيار، تبين جثثاً في حالة تحلل ظاهر وأذرعها مقيدة خلف الظهور. قال الأقارب إن الثياب التي كانت ترتديها الجثث تضاهي ما كان يرتديه الضحايا حينما اعتقلتهم الشرطة الفدرالية.
اطّلعت هيومن رايتس ووتش أيضاً على صور بثتها وسائل الإعلام العراقية وقيل إنها تسربت بمعرفة أحد ضباط الشرطة الفدرالية. كانت الصور تظهر عدداً من ضباط الشرطة الفدرالية واقفين بجوار الجثث، التي كانت ترتدي نفس الثياب وترقد في أوضاع مشابهة، وأيديهم مقيدة. ولا يبدو أن الجثث في تلك الصور تظهر عليها آثار التحلل الظاهرة في مقاطع الفيديو المصور من قبل سكان القرية، مما يدل على التقاط الصور في توقيت أقرب لتوقيت الوفاة.
قال سكان القرية إنهم عثروا على عدد كبير من فوارغ طلقات ما يعرف ببنادق "بي كيه سي" الآلية بالقرب من الجثث. أبلغ الأطباء الشرعيون الحكوميون عائلات الضحايا بأن إطلاق النار عليهم تم من مسافة نحو مترين، من بندقية "بي كيه سي" على الأرجح ، وقدروا أنهم قتلوا في يوم اعتقالهم. وقال المحامي إن المستشفى والمحكمة رفضتا إصدار شهادات الوفاة أو تقارير الصفة التشريحية للضحايا الخمسة.
أفرجت القوات الأمنية عن معظم المعتقلين يوم 3 مايو/أيار، لكن الباقين رهن الاحتجاز محتجزون بمعزل عن العالم الخارجي ولم يعرضوا على قاض حتى الآن. تخشى هيومن رايتس ووتش على سلامة المحتجزين، وبخاصة سلامة الصبيين البالغين 12 و13 سنة المحتجزين بمعزل عن العالم الخارجي. قالت عائلات المحتجزين لـ هيومن رايتس ووتش في أواخر مايو/أيار إن السلطات لم تبلغهم بمكان ذويهم.
أبلغ أحد مسؤولي القضاء هيومن رايتس ووتش بأن إحدى المحاكم الابتدائية أحالت قضية الاعتقالات والوفيات الخمس إلى محكمة استئناف مع طلب بتعيين لجنة من 5 قضاة للتحقيق. لم تستطع هيومن رايتس ووتش التأكد مما إذا كان قد تم اتخاذ هذا الإجراء بالفعل.
يعد لواء "حزام نينوى" التابع للشرطة الفدرالية أحد وحدات الفرقة الثالثة التي يقودها الغراوي. وكان الغراوي قد أقيل من الشرطة الفدرالية في 2006 وسط مزاعم بإشرافه على احتجازات بمعزل عن العالم الخارجي وتعذيب لمحتجزين في مقر سري. تقول برقية للسفارة الأمريكية حصلت عليها "ويكيليكس" إنه في عام 2007 أوقف رئيس الوزراء نوري المالكي أمراً باعتقال الغراوي، الذي كان وقتذاك قائد الفرقة الثانية للشرطة الفدرالية. في 2011 عينه المالكي على رأس الفرقة الثالثة للشرطة الفدرالية في الموصل. قالت هيومن رايتس ووتش إنه يتعين على الحكومة العراقية التحقيق في إعادة تعيين الغراوي.
تورطت الشرطة الفدرالية بالموصل في مواقف عديدة في استخدام القوة المفرطة وإجراء اعتقالات تعسفية وإساءة معاملة المحتجزين. في مارس/آذار وثقتهيومن رايتس ووتش واقعة قامت فيها عناصر من الفرقة الثالثة بإطلاق النار على متظاهرين سلميين في الموصل فقتلت شخصاً واحداً على الأقل. قال الغراوي لوسائل الإعلام إن الشرطة أطلقت النار على متظاهرين يحاولون إحراق سيارة تتبع شرطة مكافحة الشغب، وإن الرجل المصاب كان في الواقع قد قتل في مكان آخر وجيء به إلى ميدان التظاهر، لكنه لم يقدم أدلة تؤيد مزاعمه تلك.
في ذلك الوقت قال شيخ من منظمي مظاهرات الموصل لـ هيومن رايتس ووتش إن الفرقة الثالثة دأبت على استفزاز وإهانة المتظاهرين وقالت لهم "تعالوا لتقبيل حذاء الغراوي".
تأتي أحدث مزاعم القتل على يد قوات الأمن العراقية وسط موجة من الاعتداءات على المدنيين وقوات الأمن ومسؤولي الحكومة. وفق الأرقام التي نشرتها بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، قتل 1757 عراقياً في أحداث عنف وإرهاب في أبريل/نيسان ومايو/أيار، وهي أعلى خسائر عراقية منذ يونيو/حزيران 2008.
قالت سارة ليا ويتسن: "تبين أحدث المداهمات ووقائع القتل المزعومة على يد الشرطة الفدرالية مخاطر ترك الحبل على الغارب للقوات المسيئة. على الشرطة أن توفر الأمن للسكان، لا أن تكون هي مصدر انعدام الأمن".
لشهادات عن انتهاكات قوات الشرطة الفدرالية في الموصل يرجى متابعة القراءة أدناه.
شهادات عن وقائع القتل والاعتقال في 3 مايو/أيار
تشير أقوال السكان وأعضاء عائلات الضحايا إلى قيام الفرقة الثالثة للشرطة الفدرالية باعتقال ما يصل إلى 60 شخصاً، بينهم 4 أطفال على الأقل، دون تصريح، في 3 مايو/أيار 2013 في منطقة تقع جنوب الموصل وتضم قرى المستنطق الشرقية والمستنطق الغربية والشقدلوية، وارتكاب عمليات إعدام خارج نطاق القانون لأربعة رجال وصبي عمره 15 عاماً تم اعتقالهم في ذلك اليوم، وتعذيب شخص واحد آخر على الأقل في عهدتهم.
قال أحد الأقارب وكان حاضراً عند حدوث الاعتقال إن قوة أمنية مشتركة من الجيش والشرطة الفدرالية وصلت في "عشرات من المركبات العسكرية" واعتقلت 4 رجال وصبي من عائلة ممتدة واحدة، بينما كانوا يعملون في سباكة أحد منازل العائلة يوم 3 مايو/أيار، بُعيد الرابعة مساءً. أجرت الشرطة الفدرالية عمليات اعتقال جماعية في ذلك اليوم، وفق عضو العائلة هذا وغيره من القرويين.
قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة الفدرالية بعد ذلك أخذت الرجال إلى حقل يبعد نحو كيلومتراً واحداً من موضع العثور على الجثث لاحقاً. قال شاهد تم اعتقاله فيما بعد في مداهمة القرية:
أخذونا إلى حقل قريب وجعلونا نرقد على الأرض جميعاً. ثم أوثقوا أيدينا خلف ظهورنا وعصبوا أعيننا. سمعت شخصاً يأمر آخرين بالتقاط صور لنا. ثم أنهضوني ووضعوني في مركبة، شعرت بأنها شاحنة نصف نقل، مع آخرين، وانطلقوا بنا... أعتقد أننا كنا على طريق صاعد... وحين وصلنا إلى ما شعرت بأنه قمة التل، توقفنا. ثم سمعنا طلقات نارية عالية لعدة دقائق، وكان هذا مخيفاً. لم نكن ندري بما يحدث... لم نتمكن من سماع أوامر باتخاذ مواقع أو بتحركات، أو أي شيء يشبه المعركة النارية ـ مجرد إطلاق نار. ومن الصوت تبينت أنهم كانوا يطلقون بنادق "إيه كيه 47" [بنادق هجومية] ومدافع "بي كيه سي" [مدافع رشاشة] وسلاحاً آخر أكبر.
وقال إن الشرطة قادته إلى موقع عرّفوه بأنه "كتيبة طوارئ تابعة للشرطة الفدرالية" حيث بقي هو غيره من المحتجزين "لساعات قليلة":
أثناء ذلك الوقت كانوا [الشرطة] يضربوننا. كنت أجلس على الأرض ورأسي لأسفل، معصوب العينين ويداي مقيدتان خلف ظهري. شعرت بأنهم يركلونني ويصفعونني ويضربونني على ظهري بكعوب البنادق.
وقال إن الشرطة وجهت إليه وإلى الإسلام السني الإهانات، لاعنة عمر، في إشارة إلى عمر بن الخطاب الصحابي البارز، الذي يجله السنة بصفة عامة بينما ينظر إليه الشيعة نظرة سلبية. هددت الشرطة بانتهاك نساء عائلته، حسب قوله. بعد هذا أخذته الشرطة إلى مقر قيادة لواء "حزام نينوى" حيث احتجزه عدد من عناصر الشرطة لمدة يومين في زنزانة واحدة مع 26 شخصاً من قرى قريبة من الموصل، بينهم 3 صبية أعمارهم 12 و13 و14 عاماً، وأجمعوا عدا ثلاثة منهم على أنهم اعتقلوا في نفس اليوم على يد نفس القافلة التابعة للشرطة الفدرالية. وقال إنه في اليوم التالي من اعتقاله، استجوبته الشرطة الفدرالية بشأن ما إذا كان يعرف "أية معلومات عن إرهابيين يمكن أن تفيدهم". و"حين أجبت بالنفي، أخذوني إلى مكان آخر وتعرضت للضرب والتعليق". وقال إن الشرطة لكمته وركلته وصفعته وقيدت يديه خلف ظهره وعلقته منهما من السقف بينما كان معصوب العينين.
لا أدري كم استمر هذا لأنني فقدت الوعي من الألم بعد دقيقة أو اثنتين فيما أظن. ولم يكرروا هذا. أذكر أنهم في الدقيقتين اللتين كنت فيهما معلقاً، كانوا يضربونني، لكنني أعتقد أنهم استخدموا أيديهم فقط في الضرب. ضربوني على رأسي ويدي وبطني وساقيّ.
وقال إن الضباط أبلغوه بأنهم سيفرجون عنه بعد أيام قليلة:
جاءوني بورقة وأمروني بالتوقيع عليها. لم يسمحوا لي بقراءتها لكنهم قالوا لي، "هذه الورقة تثبت أننا لم نعذبك وأن معاملتنا لك كانت حسنة". ووقعت على الورقة.
قال قريب أحد الضحايا لـ هيومن رايتس ووتش إن أفراد العائلات ذهبوا في يوم 12 مايو/أيار إلى قسم شرطة حمام العليل القريب وطلبوا من الشرطة المحلية توثيق الأدلة في مسرح الجريمة. لكنهم رفضوا قائلين إن المنطقة شديدة الخطورة على الشرطة المحلية، ومنحوا العائلات تصريحاً يتيح لعربات الإسعاف رفع الجثث. قامت عائلات الضحايا بتحميل الجثث في عربات الإسعاف ومضوا بها إلى مستشفى في الموصل، لكن تم إيقافهم عند نقطة تفتيش "العقرب" في الموصل حيث قامت شرطة النقطة بتفتيش العربات وسألوا القرويين والأقارب المرافقين لهم عن الجثث. قال أحد الأقارب لـ هيومن رايتس ووتش:
قلنا لهم إنه يبدو أنهم قتلوا على يد الشرطة الفدرالية. فقالوا لنا، "لن نسمح لكم بالمرور ما لم تقولوا إن الإرهابيين هم الذين قتلوهم". فرفضنا، وانتظرنا هناك لمدة ساعتين. اتصل بعض الأشخاص بشيخهم فاتصل بمبنى المحافظ وأجرى عدة مكالمات أخرى، وبعدها سمحوا لنا بالمرور.
لم يعطنا الأطباء الشرعيون شهادات وفاة أو تقارير طبية، لكنهم قالوا إن كافة الضحايا مصابون بالرصاص من مسافة نحو مترين، ومن المقدر أنهم قتلوا في نفس يوم اعتقالهم. وقالوا إن الرصاص من بنادق "بي كيه سي" لأنهم تمكنوا من فحص الفوارغ التي استخرجوها. وكانت أيديهم جميعاً مقيدة خلف ظهورهم.
مزاعم انتهاكات أخرى من قبل شرطة الموصل الفدرالية
وثقت هيومن رايتس ووتش وقائع انتهاكات أخرى من قبل الفرقة الثالثة للشرطة الفدرالية، التي تسيطر على الموصل والقرى والمحيطة.
في مارس/آذاروثقت هيومن رايتس ووتش واقعة قامت فيها قوات أمنية من الفرقة الثالثة للشرطة الفدرالية بإطلاق النار على متظاهرين كانوا قد تجمعوا سلمياً في الموصل، فقتلت أحدهم، وهو محمد صالح ياسين، وجرحت تسعة آخرين. لم تعلن الحكومة عن نتيجة تحقيق قالت إنها ستجريه في وقائع إطلاق النار، ولا ردت على مزاعم قائد الفرقة الثالثة، الغراوي، بأن قوات الأمن لم تكن مسؤولة عن الوفاة وأن المتظاهرين جاءوا بجثة ياسين إلى ميدان المظاهرة بعد إطلاق النار.
في أغسطس/آب 2012، قام لواء "حزام نينوى" باعتقال 46 شخصاً بدون تصريح في سياق مداهمة جماعية بالموصل. أمر أحد قضاة التحقيق بالإفراج عن المحتجزين، حين لم يجد أساساً استدلالياً لإصدار تصاريح باحتجازهم. وقال اثنان من المسؤولين القضائيين لـ هيومن رايتس ووتش إن باسم الطاحي، قائد عمليات نينوى، عقد مؤتمراً صحفياً لانتقاد قرار القاضي، وأودع شكوى رسمية لدى مجلس القضاء الأعلى، يتهم القاضي فيها بالإفراج عن "إرهابيين".
أيدت إحدى محاكم الاستئناف قرار القاضي، مبينة أن الشرطة الفدرالية اعتقلت الأشخاص الـ46 دون وجه حق. وحدها قوات مكافحة الإرهاب، وليس الشرطة، تملك سلطة التحقيق في قضايا الإرهاب. وتنص المادة 17 من الدستور العراقي على أن "حرمة المساكن مصونةٌ، ولا يجوز دخولها أو تفتيشها أو التعرض لها إلا بقرارٍ قضائي، ووفقاً للقانون".
كان الغراوي قد تورط من قبل في اعتقال المحتجزين تعسفياً والإساءة إليهم. وتقول برقية للسفارة الأمريكية مصنفة على أنها "سرية" ونشرتها "ويكيليكس" في العام الماضي إنه في 2006 كان الغراوي قائد الفرقة الثانية للشرطة الفدرالية التي كانت "متهمة بتنفيذ موجة من الاغتيالات الطائفية واحتجاز سجناء في مقر غير قانوني يعرف بالموقع رقم 4".
في البرقية، كتب السفير الأمريكي في العراق وقتذاك ريان كروكر، "ثمة مزاعم بارتكاب مهدي الغراوي لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وعمليات إعدام خارج نطاق القانون أثناء خدمته كقائد للفرقة الثانية للشرطة الوطنية في مقر الاحتجاز المعروف بالموقع رقم 4. إلا أن مهدي قد أثبت جدارته لدى رئيس الوزراء المالكي بما يكفي لجعله يستهزيء بطلبنا أن ينفذ أمراً عراقياً باعتقال مهدي".
يقرر كروكر أن المالكي أوقف أمر الاعتقال استشهاداً بالقسم 134 ب من القانون الجنائي العراقي الذي يتيح لأي وزير إيقاف تنفيذ أمر اعتقال إذا كان المشتبه به ينفذ مهاماً رسمية. بدلاً من الملاحقة القضائية، تمت ترقية الغراوي إلى مستشار أول لوزارة الداخلية، وفي 2011 عينه المالكي قائداً للفرقة الثالثة من الشرطة الفدرالية.