Skip to main content

الأمر لا يقتصر على العنف الجنسي فقط

نُشر في: Huffington Post UK

نيويورك - وثّقت هيومن رايتس ووتش العنف الجنسي في حالات النزاع لأول مرة في عام 1993 عندما نشرنا تقريرا حول كيفية استخدام قوات الأمن الهندية في كشمير للاغتصاب في التعامل بوحشية مع النساء ومعاقبة مجتمعاتهن المحلية، بتهمة التعاطف مع المقاتلين الانفصاليين. ومنذ ذلك الوقت، أجرينا العديد من التحقيقات في حالات الاغتصاب أثناء النزاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وكولومبيا، والصومال، والعراق، وسيراليون، وكوسوفو، وساحل العاج، وغينيا، وهايتي، ووثّقنا أيضا هذه الحالات.

منذ نَشر هذا التقرير الأول، أحرز المجتمع الدولي تقدما هائلا في الاعتراف بشيوع العنف الجنسي، كما أخذ خطوات نحو التصدي له، منها أن الاغتصاب أثناء النزاع أصبح يلاحق جنائيا الآن كجريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، وأيضا القرار الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 2008 الذي يعرب فيه عن استعداده " ﻻتخاذ ﺍﻹﺟــﺮﺍﺀﺍﺕ الملائمة" ﻟﻠﺘــﺼﺪﻱ ﻟﻠﻌﻨــﻒ ﺍلجنــﺴﻲ ﺍﻟﻮﺍﺳــﻊ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﺃﻭﺍلمنظم. كذلك ابتكرت جماعات المجتمع المدني- بدعم من العديد من الحكومات- برامج فعالة لمعالجة آثار الاغتصاب على النساء والرجال والأطفال ومجتمعاتهم المحلية. وركزت العديد من الجهود بشكل خاص وقوي على وضع نهاية للإفلات من العقاب على هذه الجرائم، واسُتثمرت العديد من الموارد في الوقوف على هوية مرتكبي هذه الجرائم ومعاقبتهم عليها. في اجتماع وزراء خارجية مجموعة الثمانية في الأسبوع المقبل، ستدعو المملكة المتحدة من جديد إلى وضع نهاية للإفلات من العقاب وإلى بذل مزيد من الجهود للنجاح في ملاحقة مرتكبي الاغتصاب في الحروب.

إن مبادرة منع العنف الجنسي- التي أطلقها ويليام هيج في 2012- هي جزء محمود من هذه الجهود. كنت أشارك في احدى لجان الأمم المتحدة في العام الماضي عندما تحدث هيج بشغف عن التزامه الشخصي إزاء هذه القضية. كذلك أعلنت حكومة المملكة المتحدة عن تمويل عمل هام ذي صلة بالعنف الجنسي في الكونغو وفي أماكن أخرى.

ومع ذلك، يتزايد قلق العديد من النشطاء العاملين على هذه القضايا إزاء التركيز غير المتكافيء على العنف الجنسي أثناء النزاع، بالنظر إلى قائمة انتهاكات حقوق الإنسان والحماية الأخرى التي تؤثر على النساء والفتيات أثناء النزاع. يبدو أنه ثمة افتراض أن العنف الجنسي الجماعي هو ملمح نجده في كل النزاعات، في حين إن الأمر ليس كذلك. ففي سوريا، على سبيل المثال، لا يوجد سوى القليل من الأدلة المعقولة التي تدعم مزاعم انتشار الاغتصاب بشكل منهجي أو واسع النطاق.  هيومن رايتس ووتش توّثق هذا النزاع منذ عامين، وقد وجدنا بالطبع حالات اغتصاب للرجال والنساء، ولكننا لم نجد أدلة تدعم مزاعم انتشار العنف الجنسي على نطاق هائل.

إن مثل هذا التركيز على بُعدٍ واحد من قضية أوسع نطاقا يطمس ويحجب العديد من القضايا الحرجة التي تهم النساء اللاتي يعشن خلال النزاعات، بما في ذلك سوريا. وثّقت هيومن رايتس ووتش العديد من الانتهاكات التي تؤثر على النساء في الحروب، بما في ذلك التشريد القسري، واستهداف النساء ومعاقبتهن بسبب كونهن ناشطات أو بسبب أقربائهن من النشطاء الذكور، والدفع نحو الزواج المبكر أو الزواج بالإكراه أو زواج الأطفال بسبب عدم الاستقرار، وافتقار الفتيات والشابات إلى الأمن.  تتضمن قائمة الانتهاكات أيضا زيادة العنف الأسري والعنف الجنسي على يد المدنيين، والافتقار إلى فرصة الحصول على الطعام والمأوى والرعاية الصحية، وانقطاع التعليم، والاتجار بالنساء واستغلالهن لأغراض جنسية، وذلك من بين انتهاكات أخرى عديدة. وهكذا فإن التركيز المنحصر أكثر فأكثر على العنف الجنسي يؤدي إلى عدم حشد الموارد وعدم استخدامها بشكل يتعاطي مع كامل نطاق انتهاكات حقوق المرأة.

إذا كانت مبادرة هيج لتصنع فارقا حقيقيا في حيوات النساء، فإنها تحتاج إلى أن تتبني رؤية أوسع، وأن تتعاطى مع كامل طيف احتياجات النساء أثناء النزاع، كما ينبغي عليها أيضا أن تنظر في ما يحدث للنساء بعد انتهاء الحروب وعودة الجنود إلى منازلهم، فالعنف ضد المرأة لا ينتهي تلقائيا مع انتهاء النزاع.  تحتاج هذه المبادرة كذلك إلى التركيز على تأمين النساء في فترة ما بعد الحرب للسماح لهن بالمشاركة الكاملة في العمليات من أجل صنع السلام وتحقيق العدالة.

لايزل غيرنهولتز هي مديرة قسم حقوق المرأة في هيومن رايتس ووتش

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة