(نيروبي) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على الحكومة السودانية التحقيق فوراً في هجوم استهدف قرية في شمال دارفور في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، ما أسفر عن مقتل 13 مدنياً. وقالت المنظمة إن على السلطات السماح لقوات حفظ السلام التابعة للبعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة (يوناميد) بالوصول فوراً لموقع الهجوم.
وقال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن أعداداً كبيرة من رجال مدججين بالسلاح وصلوا إلى المنطقة على متن سيارات وجمال وهاجموا حوالي الساعة الثامنة من صباح يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني قرية سيجيلي، التي يقطنها أفراد قبيلة الزغاوة، على بعد 40 كيلومتراً جنوب شرقي مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دافور. وأفاد الشهود بأن المهاجمين دخلوا القرية وفتحوا النار على المدنيين ونهبوا وحرقوا المنازل والمتاجر. وأسفر الهجوم عن مقتل 13 مدنياً، بمن في ذلك رضيعين، وجرح وخطف العديد من المدنيين الآخرين.
وقال دانيال بيكيل، مدير قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش : "يجب على السلطات أن تجري بصورة عاجلة تحقيقاً حول الهجوم على سيجيلي ومحاسبة المسؤولين عن الهجوم. ضحايا الهجوم يستحقون الحصول على عدالة حقيقية، وليس تكراراً للجان التحقيق السابقة التي تم تشكيلها وأصبحت منسية بعد ذلك ".
وقال الشهود أن المهاجمين من أفراد قبيلة البرتي المنتمين إلى قوات الدفاع الشعبي، وهي ميليشيات محلية نشرتها الحكومة إلى جانب قوات الجيش في مناطق النزاع بالسودان. ولم يتسن لـ هيومن رايتس ووتش التأكد من مصدر مستقل من ما إذا كان المهاجمون أعضاء في قوات الدفاع الشعبي أو أعضاء في ميليشيا أخرى.
وقال تاجر في المنطقة لـ هيومن رايتس ووتش إن سيارة ممتلئة بمسلحين وصلت إلى سوق القرية، حيث أطلق واحد من المهاجمين النار على مدني أعزل يقف بالقرب من متجره وأرداه قتيلاً. وأضاف التاجر قائلاً: "كنت خائفاً. ارتعش جسدي بكامله عندما صاح شخص بأعلى صوته قائلا: هجوم للجنجويد، أركضوا!"، وأضاف قائلاً: "وجدت نفسي أركض مثل الآخرين. تركت متجري لكنني انقذت حياتي." وفر عدة مئات من سكان القرية إلى مدينة الفاشر والقرى المجاورة.
نقل سكان القرية بعد ظهر نفس اليوم جثامين أقاربهم إلى مستشفى الفاشر. وفي اليوم التالي حمل المئات قتلى الهجوم في موكب تشييع تحرك من المستشفى باتجاه المقر الرئيسي لقوات الاتحاد الأفريقي/الأمم المتحدة المشتركة لحفظ السلام (يوناميد) مطالبين بتحقيق العدالة والتعويض على الخسائر في الأرواح والممتلكات. وأفادت تقارير باستمرار الاحتجاجات في مدينة الفاشر يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني.
وكانت السلطات قد منعت النازحين من العودة إلى قراهم في 3 نوفمبر/تشرين الثاني للمشاركة في دفن أقاربهم. وقالت أسر الضحايا لـ هيومن رايتس ووتش إن ممثل القرية، الشيخ موسى مختار، قدّم شكوى إلى الشرطة ضد المهاجمين وقدّم عريضة إلى مكتب الحاكم مطالباً بتحقيق العدالة، كما طلب من بعثة القوات المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة التحقيق في القضية بصورة مستقلة. إلا أن السلطات المحلية لم تشرع بعد في التحقيق حول الحادثة، على الرغم من أن وكالة السودان للأنباء (سونا)، التي تديرها الحكومة، أوردت أن السلطات قد شكلت لجنة للتحقيق. وقالت هيومن رايتس ووتش أن القانون المحلي والدولي الساري في دارفور يلزم السلطات السودانية بالتحقيق في عمليات القتل التي وقعت.
وأفادت مصادر في الأمم المتحدة بأن السلطات قد منعت أفراد قوات حفظ السلام التابعة للبعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة من زيارة المنطقة حتى 6 نوفمبر/تشرين الثاني. وكانت السلطات السودانية قد منعت مراراً البعثة المشتركة للاتحاد الافريقي والأمم المتحدة من زيارة العديد من المناطق في دارفور، الأمر الذي أضعف بصورة كبيرة قدرة البعثة على تنفيذ التفويض الممنوح لها بحماية المدنيين والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان.
وشهدت السنوات القليلة السابقة توتراً متزايداً بين قبيلتي البرتي والزغاوة جنوب شرقي مدينة الفاشر بسبب الخلاف على الأراضي في أغلب الأحيان. وفاقم من حدة النزاعات بين الجانبين الاعتقاد السائد بأن الحكومة تدعم قبيلة البرتي وأن أفراد الزغاوة يؤيدون حركات التمرد، لا سيما منذ أن انفض التحالف بين الحكومة وزعيم التمرد مني أركو مناوي أواخر عام 2010.
وقال دانيال بيكيل: "رفض السودان مراراً السماح لقوات حفظ السلام الدولية بأداء مهامها يجب ألا يمر دون مساءلة من جانب الحكومات المعنية"، وأضاف: "يجب أن يطالب مجلس الأمن السودان بأجوبة إزاء ما حدث".