Skip to main content

ليبيا: رسالة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بشأن قوانين العفو ليبيا

 

لويس مورينو-أوكامبو

المدعي العام

المحكمة الجنائية الدولية

العنوان:

 

سيادة المدعي العام،

 

نكتب إليك بشأن تحقيقكم المفتوح في الانتهاكات الجسيمة المُرتكبة في ليبيا، لنلفت انتباهكم إلى مسألة مهمة للغاية لها صلة بمشكلة الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة هناك. إننا نعتقد أن هناك عواقب وتبعات جادة للولاية الممنوحة لكم بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1970.

 

في 2 مايو/أيار أصدر المجلس الانتقالي الليبي قانوناً جديداً يمنح عفواً معمماً لأولئك الذين ارتكبوا جرائم بهدف "إنجاح أو حماية الثورة" ضد معمر القذافي. القانون الجديد، رقم 38، "بشأن بعض الإجراءات الخاصة بالمرحلة الانتقالية" ورد فيه أنه لا عقوبة على "ما استلزمته ثورة السابع عشر من فبراير من تصرفات عسكرية أو أمنية أو مدنية قام بها الثوار بهدف إنجاح الثورة أو حمايتها". في اليوم نفسه، أصدر المجلس الانتقالي القانون رقم 35، "بشأن العفو عن بعض الجرائم". بينما يستبعد هذا القانون بعض الجرائم من العفو الذي يمنحه للأفراد، كالتعذيب والاغتصاب، فهو لم يعلن بشكل واضح عدم العفو من الجرائم الجسيمة الأخرى، التي قد ترقى لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مثل القتل والإخفاء القسري.

 

كما ذكرتم في تقريركم الثالث إلى مجلس الأمن، فإن بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق وثقت انتهاكات جسيمة ارتكبتها القوات المعارضة للقذافي أثناء النزاع المسلح في ليبيا فترة النزاع وبعدها. والحق أن اللجنة خلصت إلى أن القوات المعارضة للقذافي "ارتكبت انتهاكات جسيمة، منها جرائم حرب وخروقات للقانون الدولي لحقوق الإنسان" وأن هذه الخروقات مستمرة في أجواء من الإفلات من العقاب.

 

ألقى تقرير الأمم المتحدة الضوء على مشكلة سكان تاورغاء، الذين ظهر تصور عن كونهم مؤيدين للقذافي، وقد قُتل منهم افراد وتعرضوا لاحتجاز تعسفي وأعمال تعذيب على يد مقاتلي المعارضة، من مصراتة. قال التقرير إن الطبيعة الموسعة والممنهجة لهذه الانتهاكات تشير إلى وقوع جرائم ضد الإنسانية.

 

نحن في هيومن رايتس ووتش عكفنا على توثيق جرائم القتل والتعذيب والتهجير القسري القائمة، التي ترتكبها ميليشيات في ليبيا. في رسالة بتاريخ 4 أبريل/نيسان 2012 إلى القيادة العسكرية والقيادة المدنية في مصراتة، نبهت هيومن رايتس ووتش السلطات إلى الجرائم الجسيمة التي ترتكبها بعض الميليشيات من مدينة مصراتة، ومنها إساءة معاملة المحتجزين طرف الميليشيات، وقلنا إنه من الممكن تحميل قيادة مصراتة المسؤولية عن هذه الجرائم، وأن المحكمة الجنائية الدولية قد تكون الطرف الذي سيحملها هذه المسؤولية. وقام مجلسا مصراتة، العسكري والمدني، بالكتابة إلى هيومن رايتس ووتش، وما زلنا على اتصال مع الطرفين بشأن هذه القضية.

 

كما تعرفون، أرسلنا إليكم نسخاً من هذه الرسالة ودعوناكم إلى فتح هذه القضايا مع السلطات الوطنية المختصة قبيل بعثتكم الثانية إلى ليبيا في أبريل/نيسان 2012، بما في ذلك من خلال مناقشة هذه القضايا وجهاً لوجه مع قيادة مصراتة إن أمكن.

 

المطلوب محاسبة على هذه الانتهاكات وغيرها من الانتهاكات الجسيمة التي تشهدها ليبيا. لكن لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق أعربت عن القلق بشأن التطبيق غير المتساوي للقانون والفشل في محاسبة القوات المعارضة للقذافي التي ارتكبت انتهاكات جسيمة. فضلاً عن ذلك، فقد دعت ليبيا صراحة إلى "ضمان أن تلتزم أية عملية للعفو بالتزامات ليبيا بموجب القانون الدولي، من خلال محاسبة جميع الجناة المتورطين في جرائم جسيمة".

 

خلال جلستكم أمام مجلس الأمن في 16 مايو/أيار 2012، أثارت عدة وفود أهمية المساواة في تطبيق القانون، وشددت على الحاجة للتحقيقات المستقلة والمحايدة في جميع الجرائم المزعوم وقوعها في ليبيا. هناك وفد ألقى الضوء على أنه لا يمكن منح أي عفو على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وهي بالطبع جرائم تدخل في نطاق الاختصاص القضائي للمحكمة الجنائية الدولية.

 

وفي تقريركم إلى المجلس، أشرتم إلى أن الحكومة الليبية التزمت بخطة شاملة للتصدي لجميع الجرائم ولإنهاء الإفلات من العقاب في ليبيا، بما في ذلك عن طريق تنظيم تحقيقات وملاحقات قضائية في الجرائم الجسيمة بغض النظر عن الجناة.

 

لكن للأسف، لم تتمكن الحكومة الليبية من كبح جماح الانتهاكات المرتكبة على يد ميلشيات المعارضة، ناهيك عن محاسبة المسؤولين عن وقوعها، كما تعهدت. والأفدح أنه يبدو من تبني القانونين رقم 35 و38، أن هذه بادرة واضحة على أن السلطات الليبية غير مستعدة للتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها جميع الأطراف على قدم المساواة. القانون 38 تحديداً يقنن شكلا من أشكال "عدالة المنتصر"، وهو ضار للغاية بمبدأ الحيادية، المبدأ المركزي في استعادة الثقة بسيادة القانون. مع وجود قانون يسعى بصراحة لحماية طرف من أطراف المعادلة السياسية والعسكرية من العدالة، فإننا نرى أن عليكم التحرك في هذا الشأن.

 

في إطار جهودنا للتوعية والدعوة لاحترام حقوق الإنسان، استمرت محاولاتنا للإشارة لأن المحكمة الجنائية الدولية هي صاحبة الاختصاص في التحقيق بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا منذ 15 فبراير/شباط 2011، أخذاً في الاعتبار – بين عوامل أخرى – إن كانت السلطات الليبية مستعدة وقادرة على محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم. كما شددنا على أن أي عفو يُمنح من المجلس الانتقالي ليس ملزماً بموجب القانون للدول الأخرى أو للمحاكم الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية، ذات الاختصاص في التحقيق في الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي.

 

إننا نرحب بالتزامكم بضمان المحاسبة على الجرائم الجسيمة المرتكبة في ليبيا، وبخطط مكتبكم المعلنة باستمرار تقييمه لجهود ليبيا من أجل ضمان إحقاق العدالة. وفي هذا الصدد، ندعو مكتب المدعي العام إلى إعلان قلقه بشأن عدم استعداد ليبيا الظاهر للتصدي للجرائم الجسيمة المرتكبة من جميع الأطراف، مع الإشارة إلى أن هذه الانتهاكات تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية القضائي. كما ندعو مكتب المدعي العام إلى البحث في الجرائم المعفاة حالياً من الملاحقة القضائية بموجب القوانين الصادرة مؤخراً في ليبيا، والتحقيق فيها إذا لزم الأمر.

 

شكراً لكم مقدماً على اهتمامكم بهذه المسألة العاجلة، ويسعدنا مناقشة هذه القضايا معكم.

 

مع خالص التقدير والاحترام،

 

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

 

ريتشارد ديكر

مدير برنامج العدل الدولي

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة