Skip to main content

البحرين: الفشل في تنفيذ التزامات إصلاحية هامة

مئات الأشخاص مازالوا في السجون بسبب التعبير عن الرأي وكبار الضباط لم يطلهم العقاب

(بيروت) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن الحكومة البحرينية لم تنفذ أهم التوصيات التي قدمتها اللجنة المستقلة التي بحثت في انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت على نطاق واسع خلال حملة قمع المحتجين المطالبين بالديمقراطية في عام 2011.

وكانت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، التي أنشأها الملك حمد بن عيسى آل خليفة وترأسها شريف بسيوني، الخبير القانوني من أصل مصري ـ أمريكي، قد نشرت النتائج التي توصلت إليها في نوفمبر/تشرين الثاني 2011. وفي ذلك التوقيت، وعد الملك بتنفيذ جميع التوصيات الصادرة عن اللجنة وأنشأ لجنة وطنية لمتابعة التنفيذ. وفي 20 مارس/آذار 2012، أعلنت هذه اللجنة أن تنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائقلامست جميع المجالات الحياتية في البحرين. ولكن هيومن رايتس ووتش قالت إن بعض الشكوك التي أعربت عنها اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، مثل المحاسبة على جرائم التعذيب، والتعويض للأشخاص الذين سُجنوا ظُلمًا، لم يقع التطرق إليها على نحو كاف.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "اتخذت مملكة البحرين بعض الخطوات الإيجابية، ولكن لا يمكن لحكومة البحرين التحدث عن تنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق في وقت مازال فيه مئات الأشخاص خلف القضبان بسبب التعبير عن الرأي والمطالبة بتغيير الحكومة. ويبدو أنه لم يتم التحقيق مع أي ضباط من أصحاب الرتب العالية في الدور الذي لعبوه في انتشار التعذيب وعمليات القتل غير القانونية".

وفي إحدى الخطوات الايجابية التي أوصت بها اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، جرّدت الحكومة البحرينية جهاز الأمن الوطني من سلطة اعتقال الأشخاص واحتجازهم. كما قام الملك باستبدال رئيس هذا الجهاز الشيخ خليفة بن عبد الله آل خليفة، قبل أن يعينه أمينًا عامًا لمجلس الدفاع الأعلى، ومستشارا لدى الملك للأمن القومي برتبة وزير.

وتوصل تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق إلى أن جهاز الأمن الوطني لعب دورًا محوريًا في اعتقال 2929 شخصًا خلال فترةتطبيق حالة السلامة الوطنية التي دامت عشرة أسابيع، من منتصف مارس/آذار إلى بداية يونيو/حزيران السنة الماضية، وكانت أغلب الاعتقالات تتم في غارات ليلية على المنازل. وقال تقرير لجنة تقصي الحقائق إن جهاز الأمن الوطني وقوات الأمن الأخرى قامت "بشكل متعمد بتحطيم الأبواب، واقتحام المنازل عنوة وفي بعض الأحيان سلبها" واستعملت "إهانات لفظية طائفية"، وعاملت أفراد العائلات بشكل مهين، وروّعت الأطفال. كما قال التقرير إن نمط الاعتقالات "يشير [إلى] تواجد نمط سلوكي منهجي" صاحبه "سلوك مثير للرعب" في الأشخاص الذين تم اعتقالهم.

وخلُصت اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق إلى أن عمليات الاعتقال والاحتجاز التي تمت خلال فترة حالة الطوارئ "لم تكن لتحدث دون علم الرتب العليا في تسلسل القيادة داخل وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني". كما قالت اللجنة إن عددًا كبيرًا من مجموع 179 شخصًا ممن تم اعتقالهم على يد جهاز الأمن الوطني زعموا أنهم تعرضوا للتعذيب.

وقال جو ستورك: "كان يتعين على الحكومة الرد بإيقاف الشيخ خليفة بن عبد الله آل خليفة على ذمة التحقيق لدوره كرئيس لجهاز الأمن الوطني أثناء الحملة. إن مكافأته بمنصب وزاري تُسلط الضوء على فشل العائلة الحاكمة في التعامل بجدية مع موضوع مساءلة جميع الأشخاص في جرائم حقوق الإنسان".

ودعت اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق الحكومة إلى التحقيق في مزاعم بتورط قوات الأمن في ممارسة التعذيب "بما في ذلك تلك الموجودة في سلسلة القيادة العسكرية والمدنية". يُذكر أن الحكومة شرعت في محاكمة العديد من ضباط الأمن الذين لهم صلة بوقوع حالات وفاة بسبب التعذيب أثناء الاحتجاز وعمليات قتل غير قانونية، ولكن هيومن رايتس ووتش لا تعلم بأية جهود مبذولة لمحاسبة ضباط أصحاب رتب عالية، وهو ما أسماه تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق بـ "ثقافة الإفلات من العقاب".

وفي موضوع متصل، قال تقرير اللجنة الوطنية للمتابعة إن الحكومة أصدرت مدونة سلوك للشرطة تتماشى مع المعايير الدولية، ووضعت برامج تدريب موسع "لقوات الأمن على الحقوق الأساسية للإنسان"، ونقلت التحقيقات في مزاعم التعذيب من وزارة الداخلية إلى مكتب النائب العام، وأنشأت "وحدة تحقيق خاصة" في مكتب النائب العام للتحقيق مع "[المسؤولين الحكوميين] الذين ارتكبوا أعمالا مخالفة للقانون وتسببوا بإهمالهم في حالات القتل والتعذيب وسوء معاملة المدنيين". وجاءت هذه الإجراءات بعد توصية قدمها خمسة محامين دوليين قاموا بتقديم النصح إلى الحكومة حول تنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق.

وتساءلت هيومن رايتس ووتش عما إذا كان إشراف مكتب النائب العام على التحقيقات يستجيب لمتطلبات "الاستقلالية، والحياد، والفاعلية" التي أكد عليها المستشارون الدوليون ما لم يتم إصلاح هذا المكتب بشكل جذري بما يجعله مستقلا عن الحكومة وملتزمًا بمبدأ المحاسبة الشاملة والمحايدة. وقامت هيومن رايتس ووتش في العديد من التقارير بتوثيق فشل مكتب النائب العام بشكل متواصل في التحقيق في مزاعم خطيرة حول التعذيب وسوء المعاملة، والأمر بإجراء فحوصات طبيةعلى المعتقلين الذين يزعمون ذلك. كما تسبب مكتب النائب العام في محاكمات استندت إلى اعترافات تم التأكد من أنها انتزعت بالقوة. وقال تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق إن اللجنة تلقت أدلة تشير الى انه في بعض الحالات لم تقم النيابة او القضاء بأتخاذ الاجراءات اللازمة لمحاسبة المسؤولين.

أعلن النائبالعام في البحرين أن وحدة التحقيقات سوف يترأسها "شخص برتبة رئيس نيابة" ويساعده "سبعة نواب عامين"، ولكنه لم يتم تسمية أي شخص في هذا المنصب. وفي رسالة تلقتها هيومن رايتس ووتش، قال النائب العام: "لا شيء يحول دون اتخاذ تدابير ضد أي مسؤول ثبت تورطه في الأحداث، بغض النظر عن وظيفته أو رتبته".

واستنادًا إلى النائب العام، قامتالنيابة، بعد صدور تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، بالتحقيق في دعاوى ضد 50 ضابطًا بشأن مزاعم عن ضلوعهم في 107 قضايا تتعلق بتعذيب وسوء معاملة المدنيين، بما في ذلك عدة حالات وفاة أثناء الاحتجاز وعمليات قتل غير قانونية. واستنادًا إلى تقارير إخبارية، فإن أعلى رتبة ضمن الأشخاص الذين تشملهم المحاكمة هو شرطي برتبة ملازم، أما البقية فأغلبهم من غير البحرينيين العاملين في رتب صغيرة في وزارة الداخلية.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن فشل السلطات إلى الآن في محاكمة المسؤولين عن وقوع انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بغض النظر عن رتبهم، يقوّض التزام البحرين بتحقيق إصلاحات هامة.

ومن بين أهم التوصيات الأخرى التي قدمتها اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق والتي لم يتم تنفيذها بعد هي القيام بمراجعة شاملة للأحكام التي طالت أشخاصًا بسبب جرائم التعبير، وإلغاء الإدانات التي صدرت في محاكمات جائرة.

ومنذ بداية أبريل/نيسان 2011، أدانت محاكم عسكرية خاصة مئات الأشخاص، وفي أغلب الأحيان استنادًا إلى تهم يبدو أنها تنتهك حقوق الإنسان الأساسية، من قبيل حرية التعبير والتجمع، وتوجيه انتقادات إلى الملك ورئيس الوزراء، وحضور "اجتماعات غير قانونية"، و"التحريض على الكراهية ضد النظام". ورغم أن الملك قام برفع حالة الطوارئ منذ بداية يونيو/حزيران، واصلت المحاكم العسكرية الخاصة إدانة ومقاضاة الأشخاص إلى أواخر أكتوبر/تشرين الأول.

واستنادًا إلى المجلس الأعلى للقضاء، هيئة يرأسها الملك، قامت المحاكم العسكرية بإدانة 502 متهمًا. واعتمادًا على مراجعة ما توفر من وثائق من المحاكم وتقارير إخبارية، توصلت هيومن رايتس ووتش إلى أنه تمت إدانة ما لا يقل عن 204 متهمًا على خلفية تهم سياسية واضحة تتعلق بممارسة حرية التعبير والتجمع، وأنه تمت إدانة 116 من هؤلاء بهذه التهم دون سواها.

وتم احتجاز أغلب المتهمين بمعزل عن العالم الخارجي لمدة أسابيع، وأحيانًا أشهر، دون أن يتمكنوا من الاتصال بمحامييهم أو أفراد عائلاتهم. وفي العديد من الحالات، اعتمد الادعاء والقضاة العسكريون فقط على اعترافات الأشخاص لإدانتهم، وزعم العديد من المتهمين أن الاعترافات انتزعت منهم بالقوة.وقال تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق إن "عدم محاسبة المسئولين داخل المنظومة الأمنية قد أدى إلى انتشار ثقافة عدم المسألة ة الثقة". كما قال التقرير إن المزاعم المتكررة بحصول تعذيب أمر "يشير إلى وجود مشكلة منهجية، لا يمكن حله إلا بشكل منهجي".

ودعت اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق إلى مراجعة جميع الأحكام القضائية التي أصدرتها المحاكم العسكرية الخاصة، التي انتهكت عديد المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، وحثت السلطات على "إلغاء الأحكام والعقوبات التي صدرت في حق جميع الأشخاص الذين اتهموا بارتكاب جرائم ذات صلة بالتعبير السياسي ولا تنطوي على الدعوة إلى العنف"، وإسقاط أي اتهامات من هذا النوع.

وفي 12 ديسمبر/كانون الأول، قال النائب علي بن فضل البوعينين إن الحكومة سوف تقوم بإسقاط التهم المتعلقة "بالتعبير الذي يكفله الحق في حرية التعبير عن الرأي" في 43 قضية تشمل 334 شخصًا. وفي رسالة وجهها إلى هيومن رايتس ووتش بتاريخ 26 مارس/آذار، قال علي بن فضل البوعينين إن 334 شخصًا استفادوا من هذا الإجراء، بينما تمت إدانة 19 آخرين فقط "بتهم تتعلق بممارسة حرية التعبير"، وأنه أطلق سراحهم جميعًا.

درست هيومن رايتس ووتش بشكل مفصّل سجلات المحكمة المتعلقة بمحاكمة 21 ناشطًا بارزًا، بمن فيهم إبراهيم شريف، وعبد الوهاب حسين، وعبد الهادي الخواجة، وحسن مشيمع، وعبد الجليل السنكيس، وآخرين ممن يبدو أنهم أدينوا فقط بسبب ممارستهم لحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات. ويبدو واضحًا أن المراجعة لم تشمل الإدانات والأحكام القضائية بالسجن لفترات طويلة، ومنها المؤبد، الصادرة في حقهم.

وقال جو ستورك: "يجب على البحرين أن لا تتجاهل تلك التوصيات التي تعتبر أساسية للغاية في مواجهة أزمة حقوق الإنسان المتواصلة هناك. ويتعين على السلطات إطلاق سراح جميع الأشخاص المسجونين ظلمًا، ودون تأخير، بمن فيهم الأشخاص الذين قادوا المظاهرات، وأن تضمن أن تطال التحقيقات الجنائية في التعذيب وعمليات القتل بشكل غير قانوني أعلى درجات سُلّم القيادة".

 

تقرير اللجنة الوطنية للمتابعة

أوصت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بـ"تكوين لجنة وطنية مستقلة ومحايدة تضم شخصيات مرموقة من حكومة البحرين والأحزاب السياسية والمجتمع المدني لمتابعة تنفيذ توصيات هذه اللجنة".

وفي 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، أنشأ الملك حمد اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق. قوام اللجنة الوطنية 19 عضوًا معينًا، ومنهم وزير في الحكومة من العائلة الحاكمة، وخمسة أعضاء من مجلس الشورى المعين من قبل الديوان الملكي، ومدير جريدة مساندة للحكومة، ورئيس غرفة التجارة والصناعة. كما يوجد في تركيبة اللجنة خمسة أعضاء من مجلس النواب المنتخب، وجميعهم باستثناء واحد منهم لا يمثلون المعارضة.

وقال أحد نواب حزب الوفاق المعارض لـ هيومن رايتس ووتش إن الحكومة قامت في البداية بتخصيص أربع مقاعد من أصل 19 مقعدًا للمعارضة، اثنان منهم لحزب الوفاق. وأضاف أن أحزاب المعارضة رفضت الالتحاق باللجنة لأنها اعتبرت أن المعارضة والمجتمع المدني غير ممثلين بشكل كاف وأن اللجنة لا تتمتع بأية سلطة لتنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، بل فقط لمتابعة الخطوات التي سوف تتخذها الحكومة.

وفي 20 مارس/آذار، قدمت اللجنة الوطنية تقريرها إلى الملك حمد. وقالت وكالة الأنباء الرسمية في البحرين إن التقرير تطرق إلى إصلاح قطاع الأمن، والإجراءات القانونية، والسياسة الاجتماعية، والتربية والإعلام، والمساءلة، والمصالحة.

وقامت الحكومة بتقييد قدرة هيومن رايتس ووتش على زيارة البحرين ومراقبة التطورات، ولذلك فإن المنظمة ليست في وضع يسمح لها بتقييم جميع الجوانب التي تضمنها التقرير. ولكن الحكومة البحرينية فشلت بشكل واضح في تحقيق خطوات ملموسة في مجالين اثنين: إلغاء إدانات الأشخاص المحكوم عليهم بالسجن لفترات طويلة بسبب تهم سياسية وإطلاق سراحهم، وإرساء نظام محاسبة على جميع المستويات فيما يتعلق بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان مثل التعذيب.

 

إلغاء أحكام الإدانة غير العادلة

بعد إعلان حالة الطوارئ في منتصف مارس/آذار 2011، قامت قوات الأمن باعتقال قرابة ثلاثة آلاف من المتظاهرين والمارة، وأحالت مئات الآخرين إلى محاكم عسكرية خاصة.

قامت بعض المحاكم العسكرية الخاصة بتبرئة بعض المتهمين بينما قام المدعون بإسقاط بعض التهم الموجهة إلى آخرين، وكانت مرتبطة بالتعبير السياسي السلمي. ولكن المحاكم قامت بإدانة العديد من المتهمين بتهم انتهكت حقوق الإنسان، مثل المشاركة في مظاهرات سلمية. وكانت العديد من الأحكام الصادرة في حق 520 ممن أدانتهم المحاكم العسكرية أحكامًا مطولة، ومنها أحكام بالإعدام تم بعد ذلك التراجع عنها. وخلُصت اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق إلى أن المحاكم العسكرية أدانت قرابة 300 شخص عملا بأحكام قانون العقوباتالتي تنتهك أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يكفل حرية التعبير والتجمع.

وتوصلت هيومن رايتس ووتش إلى أن السلطات البحرينية انتهكت القوانين البحرينية والدولية باحتجاز المعتقلين بمعزل عن العالم الخارجي لمدة أسابيع ومنعهم من الاتصال بمحامين وعائلاتهم. ومثلت الاعترافات، التي زعم العديد من الأشخاص أنها انتزعت بالإكراه، مثلت الأدلة الوحيدة التي استعملها القضاة ضد المتهمين. كما خلصت اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق إلى أن العديد من المعتقلين تعرضوا إلى سوء المعاملة وأجبروا على التوقيع على اعترافات تم استعمالها ضدهم أثناء المحاكمات الجنائية.

وقامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق عدة انتهاكات لإجراءات التقاضي السليمة في المحاكم العسكرية. ولم تسمح النيابة العامة للمتهمين ومحامييهم بالاطلاع على الأدلة، بينما اعتمدت المحاكم على اعترافات تم انتزاعها بالقوة ولم تأمر بفتح تحقيقات مستقلة في المزاعم المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة. وقال أحد محامي الدفاع لـ هيومن رايتس ووتش "لم نكن نمارس وظيفتنا كمحاميي دفاع، كنا فقط شهودًا على انتهاكات حقوق الإنسان".

ودعت اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق السلطات البحرينية إلى مراجعة الإدانات الصادرة عن المحاكم العسكرية الخاصة "التي لم تأخذ في الاعتبار المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة، بما في ذلك الاستعانة بمحام استعانة كاملة وفورية، وعدم قبول الأدلة التي انتزعت بالإكراه". كما أوصت لجنة تقصي الحقائق بـ "إلغاء الأحكام والعقوبات التي صدرت في حق جميع الأشخاص الذين اتهموا بارتكاب جرائم ذات صلة بالتعبير السياسي ولا تنطوي على الدعوة إلى العنف، وإسقاط التهم التي لم يتم البت فيها ضدهم".

وعلى إثر صدور تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، دعت هيومن رايتس ووتش البحرين إلى إطلاق سراح جميع الأشخاص الذين تمت إدانتهم فقط بجرائم تتعلق بالتعبير عن الرأي، وإسقاط الإدانات، ومنها الصادرة في حق زعماء المعارضة والناشطين إبراهيم شريف، وعبد الهادي الخواجة، وعبد الوهاب حسين، وعبد الجليل السنكيس، والشيخ محمد علي المحفوظ.

وقالت اللجنة الوطنية إنه "تتم حاليًا مراجعة جميع القضايا التي عُرضت أمام محاكم السلامة الوطنية في المحاكم العادية لضمان حقوق المحاكمة العادلة"،  و"سيتم إسقاط التهم... المتعلقة بحرية التعبير". وفي بداية يناير/كانون الثاني، أنشأ المجلس الأعلى للقضاء لجنة قضائية للإشراف على مراجعة الأحكام الصادرة في حق الأشخاص المتهمين بجرائم تتعلق بالتعبير السياسي.

ولكن المجلس الأعلى للقضاء، الذي يرأسه الملك، أعلن في فبراير/شباط أنه سوف يقوم بمراجعة 30 قضية فقط (فيها 31 إدانة) لأن المحاكم المدنية بصدد مراجعة مطالب استئناف في 135 من أصل  165 قضية. واستنادًا إلى ما ذكره النائب العام في رسالته إلى هيومن رايتس ووتش بتاريخ 26 مارس/آذار، أوصت لجنة القضاة بتخفيف الأحكام الصادرة في حق ستة متهمين وإطلاق سراح أربعة آخرين كنتيجة لإلغاء إدانات متعلقة بالتعبير عن الرأي.

وأكد السير نيجال رودلي، أحد مفوضي اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق والمقرر الخاص للأمم المتحدة سابقًا المعني بالتعذيب، أكد لـ هيومن رايتس ووتش أن المفوضين قصدوا بدعوة الحكومة إلى مراجعة الإدانات إطلاق سراح الأشخاص الذين تمت إدانتهم بسبب ممارستهم لحقوقهم الأساسية.

وفي 12 ديسمبر/كانون الأول، قال المدعي علي بن فضل البوعينين إن الحكومة سوف تقوم بإسقاط التهم المتعلقة "بالتعبير الذي يكفله الحق في حرية التعبير عن الرأي" في 43 قضية تشمل 334 شخصًا. وفي رسالة وجهها إلى هيومن رايتس ووتش بتاريخ 26 مارس/آذار، قال علي بن فضل البوعينين إن 334 شخصًا تمتعوا بهذا الإجراء، بينما تمت إدانة 19 آخرين فقط "بتهم تتعلق بممارسة حرية التعبير"، وأنه أطلق سراحهم جميعًا.

 

المحاسبة على انتهاكات قوات الأمن

دعا تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق إلى "وضع آلية مستقلة ومحايدة" للتحقيق في تعذيب وسوء معاملة المدنيين على يد قوات الأمن، "بمن فيهم ذوي المناصب القيادية، مدنيين كانوا أم عسكريين". كما دعا التقرير إلى إنشاء "هيئة مستقلة ومحايدة" للتحقيق في المزاعم المتعلقة بمسؤولية قوات الأمن في وفاة مدنيين. وأخيرًا دعت اللجنة الحكومة إلى تكوين "هيئة مستقلة دائمة" للتحقيق في شكاوى التعذيب وسوء المعاملة، والاستخدام المفرط للقوة، وأشكال سوء المعاملة الأخرى على يد السلطات.

واستنادًا إلى الحكومة البحرينية، وتبعًا لما قالت إنه توصية من خبراء القانون الخمسة الذين تعاملت معهم، يقوم النائب العام، وليس "هيئة مستقلة ومحايدة"، بالتحقيق مع 48 ضابطًا في مزاعم تتعلق بتورطهم في 107 قضايا تعذيب وسوء معاملة للمدنيين، وهي قضايا شملت وفاة أربعة أشخاص.

وتقول السلطات إنها قامت إلى الآن بمحاكمة عشرة ضباط لهم صلة بوفاة ستة أشخاص، اثنان منهم توفيا نتيجة التعذيب رهن الاحتجاز واثنان أثناء قمع المظاهرات. ويواجه سبعة متهمين تهمًا بالقتل غير العمد وعقوبة أقصاها سبع سنوات سجن، عملا بالمادة 136 من قانون العقوبات. وتم توجيه تهم إلى ثلاثة آخرين بعدم الإعلام عن الجريمة ويواجهون عقوبات بالسجن أو غرامات مالية.

ومن بين العشرة متهمين يوجد خمسة باكستانيين يعملون في قوات الأمن ووجه إليهم النائب العام تهمًا بتعذيب وقتل علي عيسى إبراهيم صقر وزكريا العشري أثناء الاحتجاز في أبريل/نيسان 2011. ويواجه اثنان منهم تهمة القتل غير العمد بينما يواجه الثلاثة الآخرون تهمة عدم إبلاغ رؤسائهم بوقائع التعذيب.

إضافة إلى ذلك، ذكرت تقارير أن السلطات تقوم بمحاكمة ضابطين بحرينيين من جهاز الأمن الوطني على صلة بوفاة رجل الأعمال المعروف عبد القاسم فخراوي في 5 مارس/آذار 2011. وقالت اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق إن جهاز الأمن الوطني فشل في إجراء تحقيق فعّال في وفاة السيد عبد الكريم فخراوي،يستجيب للالتزامات ذات الصلة بالقانون الدولي.

ووجه النائب العام تهمًا إلى ملازم شرطة بحريني، أعلى رتبة لضابط وُجهت إليه تهم إلى حد الآن، بإطلاق النار وقتل هاني عبد العزيز جمعة في مارس/آذار 2011. وتوصل تحقيق هيومن رايتس ووتش في حالة الوفاة آنذاك إلى أن الشخص أو الأشخاص الذين قاموا بمهاجمة الضحية أطلقوا عليه النار عدة مرات من مسافة قريبة. وأثناء جلسة محاكمة جرت أواخر فبراير/شباط 2012، قال محامي الضابط المتهم للمحكمة إن موكله "كان بصدد الدفاع عن نفسه".

وأوصت اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق بإنشاء "هيئة مستقلة ومحايدة" للتحقيق في مزاعم التعذيب والقتل غير القانوني التي ارتكبتها قوات الأمن البحرينية، و"هيئة دائمة ومستقلة" للتحقيق في دعاوى التعذيب مستقبلا. وفي كلتا الحالتين، قال تقرير اللجنة الوطنية إن الحكومة نقلت التحقيقات في التعذيب من وزارة الداخلية إلى مكتب النائب العام، وأنشأت "وحدة تحقيق خاصة" في مكتب النائب العام للتحقيق "مع المسؤولين الحكوميين الذين ارتكبوا أعمالا مخالفة للقانون أو تسببوا بإهمالهم في حالات القتل والتعذيب وسوء معاملة المدنيين". وجاءت هذه التوصية بعد توصية أخرى تقدم بها خمسة محامين دوليين استعانت بهم الحكومة.

وتساءلت هيومن رايتس ووتش عما إذا كان إشراف مكتب النائب العام على التحقيقات يستجيب لمتطلبات "الاستقلالية، والحياد، والفاعلية" التي أكد عليها المستشارون الدوليون ما لم يتم إصلاح هذا المكتب بشكل جذري يجعله مستقلا عن الحكومة وملتزمًا بمبدأ المحاسبة الشاملة والحياد.

وقامت هيومن رايتس ووتش في العديد من التقارير بتوثيق فشل مكتب النائب العام بشكل متواصل في التحقيق في مزاعم خطيرة حول التعذيب وسوء المعاملة، والأمر بإجراء فحوصات طبيةعلى المعتقلين الذين يزعمون بتعرضهم للتعذيب والمعاملة السيئة. كما تسبب مكتب النائب العام في محاكمات استندت إلى اعترافات تم التأكد من أنها انتزعت بالقوة. وقال تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق إن اللجنة تلقت أدلة تشير الى انه في بعض الحالات لم تقم النيابة او القضاء بأتخاذ الاجراءات اللازمة لمحاسبة المسؤولين.

وقالت اللجنة الوطنية إن النائب العام أنشأ وحدة تحقيقات خاصة يترأسها شخص برتبة رئيس نيابة ويساعده سبعة وكلاء نيابة، ولكن السلطات لم تعلن بعدُ عن أسماء الأشخاص الذين سوف يعملون في هذه الوحدة.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة