Skip to main content

بيان هيومن رايتس ووتش الشفهي عن ليبيا إلى مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة

تُرحب هيومن رايتس ووتش بتقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق في ليبيا، والذي ألقى الضوء – عن حق – على مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان الماضية والقائمة. إننا ندعم ما توصلت إليه اللجنة من نتائج عن "ارتكاب قوات القذافي لجرائم دولية، تحديداً جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب".

كما أكدت بحوث هيومن رايتس ووتش نتيجة اللجنة بأن القوات المعارضة للقذافي قد "ارتكبت انتهاكات جسيمة، بينها جرائم حرب وخروقات للقانون الدولي لحقوق الإنسان". وندعم اللجنة في استنتاجها بوقوع جرائم ضد الإنسانية تتمثل في أعمال تعذيب وقتل على يد القوات المعارضة للقذافي في مصراتة.

ونشير من واقع قلق عميق إلى تقارير عن التعذيب وإساءة المعاملة في منشآت احتجاز تديرها ميليشيات، مما أدى أحياناً إلى وفيات. كما تورطت جماعات مسلحة في عمليات احتجاز تعسفي واعتداءات انتقامية على أفراد دعموا أو من المتصور أنهم دعموا حكومة القذافي.

تقوم السلطات الليبية ببطء بالسيطرة على مراكز الاحتجاز، وهو الأمر الذي يستحق الترحيب. إلا أن الميليشيات ما زالت تحتجز دون وجه حق ما يتراوح بين 5 إلى 6 آلاف محتجز، وأغلبهم لم يخضعوا لأية مراجعة قضائية لاحتجازهم. على الحكومة أن تُضاعف جهودها الرامية لإخضاع هؤلاء المحتجزين لسيطرتها، وأن تمنحهم مراجعة قضائية فورية أو أن تفرج عنهم. على الحكومة الليبية أن تُرسل رسالة واضحة مفادها أن المؤسسات الأمنية الرسمية وحدها هي المختصة بإجراء الاعتقالات، وأنها – الحكومة – لن تقبل بالاحتجاز غير القانوني أو التعذيب.

إن تشكيل هيئة وزارية للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان مسألة تستحق الترحيب. إلا أن المشكلة تتطلب عمل مُركز ومُكثف، بما في ذلك ملاحقة كل من يخالفون القانون أمام القضاء.

ومن بواعث القلق الأخرى، مصير 35 ألف شخص من تاورغاء ، منعتهم ميليشيات من مصراتة من العودة إلى ديارهم. هذه الميليشيات تتهم سكان تاورغاء بارتكاب أعمال وحشية ضد مصراتة مع قوات القذافي، إلا أن هذا يعتبر عقاباً جماعياً، ويُرجح أن يكون جريمة ضد الإنسانية، أن يتم منع سكان بلدة بالكامل من العودة إلى مساكنهم. فضلاً عن ذلك، فإن سكان تاورغاء النازحين إلى غرب ليبيا يتعرضون لمضايقات واعتداءات في الوقت الحالي، بما في ذلك اعتداء في الشهر الماضي على مخيم في جنزور، أسفر عن مقتل سبعة أشخاص. على الحكومة أن تدعم على الفور الاحتياطات الأمنية في المخيمات التي يقيم فيها المُهجرون، وأن تنفذ خططاً لضمان سلامتهم حال عودتهم إلى ديارهم.

وبالنسبة لهذه الانتهاكات وغيرها من الانتهاكات الجسيمة المرتكبة في ليبيا، فلابد من توفر المحاسبة والمساءلة. قرار مجلس الأمن رقم 1970 منح المحكمة الجنائية الدولية اختصاصها القائم بالنظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة على الأراضي الليبية منذ 15 فبراير/شباط 2011.

سوف تتطلب الانتخابات الحرة والنزيهة في ليبيا المقرر عقدها في يونيو/حزيران قوانين تحمي حقوق الليبيين في انتقاد قادتهم والشخصيات العامة الأخرى، وتحمي الحق في التجمع وتكوين الجمعيات كما يشاءوا، دون خوف من ملاحقة قضائية أو أي أعمال انتقامية أخرى. إن كفالة استقلال المجتمع المدني والمشاركة الفعالة للمرأة ركن أساسي من أركان انتقال ليبيا نحو الديمقراطية. كما تعرب هيومن رايتس ووتش عن قلقها إزاء احتمالات استخدام عملية مراجعة لمنع بعض المرشحين من الترشح بناء على معايير فضفاضة ومبهمة التعريف.

لقد أصدرت ليبيا قوانين خاصة بالعدالة الانتقالية والعفو، وهي خطوات هامة وضرورية. إلا أن على الحكومة الإعلان على نطاق واسع عن هذه القوانين، بحيث يمكن فهمها وتنفيذها بما يتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وعليها أيضاً أن تعلن عن جميع عقود النفط والغاز، بحيث يعرف الليبيون كيفية إدارة ثروتهم الوطنية.

ومن أجل حماية حقوق المرأة، على الحكومة الانتقالية أن تسحب جميع تحفظاتها المستمرة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وأن تُصلح قوانين الأحوال الشخصية التي تميز ضد النساء، ومنها قوانين المواريث والزواج والطلاق وحضانة الأطفال، وأن تتبنى قوانين تحمي النساء والفتيات من العنف ضد المرأة.

ترى هيومن رايتس ووتش أن على ليبيا التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، ويسمح البروتوكول لدى توقيعه بإجراء عمليات تفتيش مستقلة على منشآت الاحتجاز.

ومع احتمالية استمرار الجرائم الحالية ضد الإنسانية في ليبيا، فإن المسؤولية الأساسية الخاصة بحماية السكان تقع على كاهل الحكومة الليبية. إلا أن المجتمع الدولي عليه بدوره دور يلعبه، وهو مساعدة الحكومة بسرعة وبشكل كامل، على أن تنفذ مسؤوليتها الخاصة بالحماية ووضع حد لهذه الجرائم.

نظراً لجسامة التحديات التي ما زالت تواجه ليبيا، فإن على مجلس حقوق الإنسان إعداد آلية دولية، مثلاً تكليف خبير مستقل، لمساعدة ليبيا على التخلي عن ممارسات الماضي المسيئة للحقوق وتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، وكتابة تقارير منتظمة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن التقدم المُحرز والتحديات.

وأخيراً، فإن هيومن رايتس ووتش تدعو حلف الناتو إلى التحقيق في حالات وفاة المدنيين الليبيين بسبب هجمات الحلف أثناء حملة العام الماضي، كما أوصت لجنة تقصي الحقائق. لقد اتخذ الناتو احتياطات موسعة لتقليص الخسائر اللاحقة بالمدنيين، ويعتبر عدد الضحايا قليلاً نسبياً. إلا أن هذا لا يعني رفع الالتزام القانوني بإجراء التحقيق في الحالات المثيرة للشك. على حلف الناتو أيضاً أن يعوض الضحايا المدنيين لحملته.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.