(نيويورك) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم قبل اجتماع جامعة الدول العربية في 8 يناير/كانون الثاني لمناقشة بعثة المراقبة في سوريا إن على الحكومة السورية الالتزام بجميع شروط اتفاقها مع جامعة الدول العربية.
وينبغي أن تعلن جامعة الدول العربية في حال استمرار سوريا في الإخفاق في اتخاذ إجراءات وقف القمع التي وافقت عليها وإن كانت مستمرة في عرقلة عمل بعثة المراقبة؛ أنها ستدعو مجلس الأمن إلى فرض حظر على الأسلحة على سوريا وعقوبات ضد الأفراد المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يبدو أن سوريا مصممة على إجهاض جهود الجامعة العربية من أجل وقف القمع. على الجامعة العربية أن ترسم خطوطاً واضحة لمسؤوليات الحكومة السورية بموجب الاتفاق والشروط التي ينبغي على السلطات السورية أن تفي بها حتى يؤدي مراقبو الجامعة عملهم على النحو الواجب".
في الاتفاق الذي وقعته الحكومة السورية مع جامعة الدول العربية في 19 ديسمبر/كانون الأول تعهدت بأن تضع حداً للعنف ضد المتظاهرين السلميين، وبأن تفرج عن المتظاهرين المحتجزين وأن تسحب العناصر المسلحة من المدن والمناطق السكنية، وأن تسمح للإعلام العربي والدولي بالتواجد في جميع أنحاء سوريا بلا إعاقة. كما تعهدت سوريا في الاتفاق بمنح مراقبي الجامعة العربية حق التواصل بلا إعاقة وبشكل مستقل مع جميع الأفراد الذين يرغب المراقبون في مقابلتهم، للتثبت من تنفيذ سوريا لهذه الإجراءات، بمن فيهم الضحايا والمحتجزين والمنظمات غير الحكومية. ضمنت سوريا عدم تعرض الشهود لأعمال انتقامية.
طبقاً لأمين عام الجامعة العربية السيد نبيل العربي، فقد اتخذت سوريا بعض الخطوات نحو تنفيذ الاتفاق، فسحبت الأسلحة الثقيلة من المدن السورية وأفرجت عن نحو 3500 سجين.
لكن هيومن رايتس ووتش خلصت إلى أن سوريا لم تنفذ أغلب تعهداتها بموجب الاتفاق مع الجامعة العربية. تناقلت التقارير هجمات قوات الأمن على المتظاهرين السلميين يومياً منذ بدأت بعثة الجامعة العربية. وأثناء الأسبوع الذي بدأ بوصول المراقبين في 26 ديسمبر/كانون الأول، قتلت قوات الأمن 199 مدنياً، طبقاً لقوائم أعدها مركز توثيق الانتهاكات، وهو جهة رصد سورية مستقلة تنسق مع لجان التنسيق المحلية، وهي شبكة من النشطاء السوريين.
في حي الميدان بدمشق، في 27 ديسمبر/كانون الأول، أطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين وهم يخرجون من مسجد وقت الظهر، على حد قول أحد السكان ممن شاركوا في التظاهرة لـ هيومن رايتس ووتش. جاء المراقبون حوالي السادسة مساءً، لكن "وقتها كانت قوات الأمن قد خرجت من المنطقة"، على حد قول الرجل، الذي أضاف: "لم يسمعوا مطالبنا ولم يشهدوا على استخدام القوة ضد المتظاهرين".
تشير التقارير لأن الحكومة السورية منذ توقعيها اتفاق جامعة الدول العربية، احتجزت النشطاء تعسفاً، ومنهم محمد أنور الدباس، صهر غيث مطر، الناشط الذي كشفت هيومن رايتس ووتش عن وفاته رهن الاحتجاز في سبتمبر/أيلول الماضي.
كانت هيومن رايتس ووتش قد وثقت ما يبدو أنه جهود من الحكومة السورية لخداع مراقبي جامعة الدول العربية. بموجب الاتفاق، وافقت سوريا على إمداد المراقبين بحق زيارة السجون كاملة، ومراكز الاحتجاز ومراكز الشرطة والمشافي. إلا أن السلطات نقلت مئات المحتجزين إلى مراكز احتجاز أعدت على عجل في مواقع عسكرية في محاولة ظاهرة لإخفائهم عن أعين المراقبين. نقلت صحيفة الإنديبندنت البريطانية اليومية في لندن يوم 21 ديسمبر/كانون الأول عن وزير الخارجية وليد المعلم قوله أنه لن يُسمح للمراقبين الدوليين بزيارة بعض المواقع العسكرية "الحساسة".
كما أصدرت السلطات أوراق هوية شُرَطية لضباط جيش في محاولة ظاهرة لإعطاء الانطباع بأن القوات العسكرية قد انسحبت من مناطق المدنيين، وهو من شروط الاتفاق مع جامعة الدول العربية.
كما يبدو أن سوريا انتهكت تعهدها بموجب اتفاق حماية الأفراد الذين يتواصلون مع المراقبين من الانتقام. على سبيل المثال، قالت إحدى ساكنات حي المعظمية في دمشق لـ هيومن رايتس ووتش في 3 يناير/كانون الثاني إنها بعد أن تحدثت وصديقة لها إلى مراقبي الجامعة العربية في 1 يناير/كانون الثاني، احتجزت قوات الأمن صديقتها في 2 يناير/كانون الثاني.
أوضحت أنه عندما اتجهت حافلتهم إلى المعظمية، أوقفتها نقطة تفتيش عسكرية، وقالت: "أخذوا بطاقات الهوية منّا وكانت معهم صورة لها، وقال لها أحد الضباط: أنت من تحدثت مع المراقبين. بعد ذلك صوبوا بنادقهم نحوها وأمروها بالنزول من الحافلة. عندما كنا نتحدث مع المراقبين، قمت بتغطية وجهي، لكنها لم تفعل، ولهذا تعرفوا عليها. أخذوها معهم في سيارة للأمن. كانت سيارة ميتسوبيشي دون لوحة أرقام".
على جامعة الدول العربية أن تحقق في التقارير الموثوقة عن الانتقام من السوريين الذين يتواصلون مع المراقبين وأن تتخذ إجراءاتها لحماية من تقابلهم من أفراد، بما في ذلك أن ترفض السماح لأعوان الحكومة السورية بمراقبة المقابلات، وأن تصيغ نظماً لتأمين المعلومات لحماية سرية المعلومات التي يقدمها الضحايا والشهود الذين تقابلهم البعثة، وأن تعلن استنكارها لأعمال الانتقام علناً.
دعت هيومن رايتس ووتش جامعة الدول العربية إلى تحسين أداء بعثة المراقبة عن طريق نشر مراقبين أصحاب خبرة في حقوق الإنسان والطب الشرعي، وأن تسعى للحصول على الدعم الفني للبعثة من مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان.
قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الإجراءات من شأنها تحسين مصداقية البعثة، التي شابها تعيين رئيسها، اللواء محمد أحمد الدابي، وهو قيادي سابق في المخابرات العسكرية السودانية. أشرف الدابي على وكالة استخباراتية معروفة بانتهاكاتها في السودان وهو حليف مقرب من الرئيس السوداني، عمر البشير، الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية بحقه أمر توقيف بسبب الاتهام بجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
ودعت هيومن رايتس ووتش الجامعة العربية إلى الكشف عن المعايير التي تستخدمها في اختيار المراقبين المشاركين في البعثة، وأن تعلن عن تقارير المراقبة حتى تدعم شفافية البعثة وقابليتها للمحاسبة.
وقالت سارة ليا ويتسن: "من المهم للغاية أن تنجح بعثة جامعة الدول العربية". وتابعت: "لكن حين تكون البعثة هي الطرف الدولي الوحيد صاحب الحضور على الأرض في سوريا، فسوف يعتمد نجاحها على القدرة على توثيق الأحوال اليومية للسوريين والكشف عن محاولات الخداع من الحكومة السورية وجرائمها المستمرة وإخفاقها في الالتزام بما عليها من التزامات".