Skip to main content
تبرعوا الآن

مصر: يجب بدء الملاحقات القضائية ضد من اعتدوا جنسياً على المتظاهرات

يجب معاقبة المعتدين من الجيش والشرطة

(بيروت) – قالت هيومن رايتس ووتش إن القاهرة شهدت تصعيداً في الاعتداءات البدنية من قبل أفراد الجيش والشرطة المصرية على المتظاهرات والمتظاهرين والصحفيين والنشطاء، وبعض الاعتداءات كانت جنسية. وتعتبر التقارير الإخبارية والصور الخاصة بالمتظاهرين والمتظاهرات في القاهرة الذين تعرضوا للضرب والسحل في الشوارع خلال الأيام القليلة الماضية، هي الوقائع الأخيرة ضمن هذا النمط من الاعتداءات.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزارة الداخلية الأمر فوراً بوقف هذه الاعتداءات. على النائب العام والسلطة القضائية المدنية أن يفتحا سريعاً التحقيق بشكل شفاف وفعال في الاعتداءات التي استهدفت المتظاهرين، من قبل الشرطة والجيش والمدنيين، مع ملاحقة المسؤولين عن هذه الأعمال أمام القضاء، من أجل وضع حد لحالة الإفلات من العقاب على الجرائم الجنسية.

وقالت نادية خليفة باحثة حقوق المرأة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "صور الجيش والشرطة وهم يعرّون ويتحرشون ويضربون المتظاهرات والمتظاهرين أرعبت العالم وركزت الصورة على العنف والقسوة الجنسية التي تواجهها المرأة المصرية في الحياة العامة. على السلطات العسكرية والمدنية أن توقف الهجمات الإجرامية على المتظاهرات بشكل قاطع ونهائي".

في 16 ديسمبر/كانون الأول 2011، هاجمت قوات الأمن وضربت المتظاهرات والمتظاهرين المحتجين أمام مجلس الوزراء. قالت وزارة الصحة في 19 ديسمبر/كانون الأول إن 500 شخص بين متظاهرين ومارة قد أصيبوا منذ 16 ديسمبر/كانون الأول، وقُتل 12 شخصاً. وفي اليوم نفسه، بدأت المنافذ الإعلامية في بث تغطيات إخبارية للشرطة العسكرية المصرية وهي تضرب المتظاهرات والمتظاهرين وتطأهم بالأقدام وتنهال عليهم بالعصي، وبينهن سيدة محجبة تم تجريدها من ثيابها، فانكشف الجزء العلوي من جسدها.

وفي 19 ديسمبر/كانون الأول علق اللواء عادل عمارة على الاعتداء الذي استهدف السيدة المحجبة، وقال للصحفيين: "أيوه، هذا المشهد حصل، بنحقق فيه... وهنعلن الحقائق كاملةً. إحنا معندناش حاجة نخبيها"

. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه لا يمكن للجيش أن يحقق في مخالفاته بأي قدر من الاستقلالية، وأن التحقيق الذي تقوم به السلطة القضائية المدنية بالتعاون الكامل مع الجيش هو الوحيد القادر على تعويض وإنصاف جميع المتظاهرين والمتظاهرات.

هناك مؤسسات حقوقية معنية بحقوق المرأة – منها مؤسسة المرأة الجديدة – عكفت على توثيق الاعتداءات على المتظاهرات، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن تسع سيدات على الأقل تعرضن للاعتقال أثناء التظاهرات نهاية الأسبوع الماضي، وقالت بعض المنظمات إن قوات الأمن اعتدت على المتظاهرات بدنياً وشفهياً.

سلمى النقاش، منسقة برنامج المدافعات عن حقوق الإنسان في مركز نظرة للدراسات النسوية، وهي مجموعة بحثية، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن هناك نمطاً تلجأ إليه قوات الأمن والمدنيين لمنع السيدات من ممارسة حقهن في التظاهر والاحتجاج. قالت سلمى النقاش إن قوات الأمن وأفراد من المدنيين عرضوا المتظاهرات لإهانات شفهية وبدنية، وهددوهن بالاغتصاب في الاحتجاز، وقاموا بتعريتهن في الشوارع لردعهن عن التظاهر.

قالت غادة كمال عبد الخالق، 28 سنة، في مقطع فيديو تم نشره على اليوتيوب إن نحو 10 من جنود الأمن ضربوها بعنف في الشارع المجاور لمجلس الوزراء في 16 ديسمبر/كانون الأول فيما كانت تشارك في احتجاج فهرعت لمساعدة سيدة مصابة ومضروبة على الأرض. قالت إنها احتُجزت، وتعرض لها ضابط واحد على الأقل بالعنف البدني والإهانة اللفظية أثناء احتجازها، بما في ذلك توجيه تهديدات جنسية إليها. قالت إن قوات الأمن ضربتها على مختلف أنحاء جسدها، وقام الجنود بشد شعرها والوقوف على وجهها وصدرها، بالإضافة إلى سبها. قالت عبد الخالق إنها رأت سيدات أخريات محتجزات ينزفن من جراح في الرأس وأن السيدات قلن لها إن قوات الأمن قامت أيضاً بإهانتهن بالسب مع تهديدهن.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن السيدات في الأماكن العامة في مصر، سواء كُن متظاهرات أو صحفيات أو ناشطات أو من المارة، في شؤونهن اليومية، يتعرضن كثيراً للتحرش الجنسي والاعتداءات الجنسية. ولقد استمر المجلس العسكري الحاكم على نهج إدارة مبارك المخلوعة إذ أخفق في منع هذه الهجمات والتحقيق فيها ومعاقبة مرتكبيها.

وبينما هناك أحكام في قانون العقوبات الذي عدله المجلس العسكري بشأن الاعتداءات الجنسية، وتم التعديل في مارس/آذار بغرض تغليظ العقوبات على الاغتصاب والتحرش، فقد أخفقت السلطات في تنفيذ القانون القائم في حالات تقارب مرحلة الاغتصاب، مما سمح بمرور التحرش الجنسي بلا عقاب وهيأ لحالة الإفلات من العقاب، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

بصفة مصر دولة طرف في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فهي مُلزمة بأن تبذل الجهد في منع والتحقيق في والمقاضاة لحالات العنف ضد النساء، وأن تتخذ الإجراءات اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. هيئة الأمم المتحدة المسؤولة عن مراقبة تنفيذ هذه الاتفاقية أعربت عن قلقها الجسيم إزاء العنف ضد المرأة في مصر، بما في ذلك انتشار ثقافة الصمت والإفلات من العقاب بالنسبة لهذه الجرائم. مصر هي واحدة من أربع دول أعضاء في الاتحاد الأفريقي لم توقع بعد أو تصدق على بروتوكول مابوتو الخاص بحقوق المرأة في أفريقيا، وهو معاهدة أفريقية هامة خاصة بحقوق المرأة.

وقالت نادية خليفة: "في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصر، لابد أن تكون المرأة قادرة على المشاركة في المظاهرات والانتخابات دون خوف". وتابعت: "اعتداءات قوات الأمن المُخزية وإخفاق الحكومة الأشمل في التصدي للعنف الجنسي والتحرش الجنسي ليس بالبادرة الجيدة على احترام حقوق المرأة المصرية".

نمط اعتداءات قوات الأمن على السيدات

في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2011، قامت قوات الأمن المركزي المصرية باعتقال عدة صحفيات وناشطات من منطقة ميدان التحرير في القاهرة، وقامت بالاعتداء جنسياً على اثنتين منهن على الأقل مع ضربهما. لم تقم النيابة بعد بفتح التحقيق في هذه الهجمات، ولم تعلن قوات الأمن عن أية إجراءات تأديبية مُتخذة ضد المعتدين.

وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني قام الأمن المركزي بالقبض على سناء يوسف أثناء مظاهرة في شارع محمد محمود، على مقربة من ميدان التحرير، وأخذوها وراء خطوط الشرطة الأمامية. كتبت يوسف على مدونتها فيما بعد:

"أفاجأ انني وسط ما يقرب من 25 او 30 فردا ما بين بلطجية بزي الامن المركزي وبلطجية بزي مدني فتحرك احد الظباط الممسكين بي ورفع يده ملوحا لهم " محدش يلمسها " ولكن ما حدث كان عكس ما أمرهم به تمام .. ولوهلة شعرت انها كلمة السر منه لهم اي " افعلوا بها ما شئتم " وبمجرد انتهائه من هذه العبارة تلقيت صفعة قوية علي وجهي وركلات متتالية من اخر بقدمه وثالث جذبني بشدة من شعري ولم استطع تحريك رأسي يمينا او يسارا او حتي الي الامام فهو جذب متواصل ثابت لشعري ليتيح لمن يصفعني علي وجي القدرة علي صفعي ويا ليت اقتصر الامر علي الضرب لكان الامر هينا ولكن بكل الاسف والالم والضيق والمرارة اعترف ان اياديهم لم ترحم جسدي فاخذوا يتحرشون بي بكل قذارة ووحشية وانعدام للضمير وانحطاط وانتحار اخلاقي بشع وفيما احاول جاهدة تفادي ضرباتهم وستر نفسي من تحرشاتهم فزاد الامر تعقيدا والموقف مرارة ووحشية  ان اثنان منهم تجاذبا اطراف الشال حول رقبتي كل واحد اجتذب طرف واخذوا يجذبونه كل عكس الاخر وسرعان ما شعرت بالاختناق فأخذت اجذب الشال من منتصف الرقبة لاضعف جذبهم له تاركة الاخرين مستمرين في التحرش بي.

منى الطحاوي الصحفية المصرية المقيمة في الولايات المتحدة، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن في 23 نوفمبر/تشرين الثاني قبض عليها جنود من الأمن المركزي في شارع محمد محمود، ثم قام أربعة رجال على الأقل بضربها والاعتداء عليها جنسياً. قالت الطحاوي لـ هيومن رايتس ووتش:

ضربوني بالعصي. رفعت ذراعي اليسرى لحماية نفسي لكنهم ضربوني عليها، فانكسرت. فيما كانوا يضربوني أمسكوني من ثديي ومن خصري، وأدخلوا أيديهم في بنطلوني. رحت أقول توقفوا توقفوا وهم يشتموني ويقولوا: يا عاهرة، يا بنت الـ.... ثم جذبوني من شعري نحو وزارة الداخلية وهم ما زالوا يلامسون ويمسكون أي شيء تصل إليه أيديهم. وكأنهم قطيع من الحيوانات المتوحشة.

قالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات العسكرية والمدنية المصرية أخفقت في الرد على هذه الحوادث بالجدية الكافية. نقلت صحيفة النيويورك تايمز عن المقدم إسلام جعفر لدى سؤاله عن مهاجمة الطحاوي:

اشتكت من تعرضها للضرب والاعتداء الجنسي من قوات الأمن المركزي... لكن ماذا كانت تتوقع؟ كانت في وسط الشارع، وسط المصادمات، وليس معها بطاقة صحفية أو أي إثبات شخصية. المركز الصحفي لم يعطها الإذن بالنزول للشوارع كصحفية. البلد في حالة حساسة. نحن مهددون. ربما كانت جاسوسة.

كما قام ضباط وجنود من الجيش – بينهم جنود من الشرطة العسكرية ووحدات عسكرية أخرى – بمهاجمة متظاهرات سلميات وفي بعض الحالات تم الاعتداء عليهن جنسياً. هناك سيدة شاركت في مظاهرة 9 أكتوبر/تشرين الأول قالت لـ هيومن رايتس ووتش: "قاموا (جنود الجيش) بضربنا بالعصي والعصي الكهربائية... ضربونا على ظهرنا... وأنا أسقط سمعت من يهتف: دعوهم... لكن هناك شخص [من قوات الأمن] رد: هؤلاء كلاب وعاهرات".

 ورفضت السلطات العسكرية فى التسعة شهور الماضية الكشف عما إذا كان هناك تحقيقات حقيقية مع أي من ضباط وجنود الجيش الذين أجروا "اختبارات العذرية" – شكل آخر من أشكال الاعتداء الجنسي – ولا هي لاحقتهم قضائياً، وكانت سيدات قد تم احتجازهن في السجن الحربي في الهايكستب يوم 10 مارس/آذار قد أجريت عليهن هذه الاختبارات.. وفي 20 ديسمبر/كانون الأول قال اللواء عادل مرسي في مؤتمر صحفي "أما عن الواقعة المعروفة إعلامياً بالكشف عن العذرية، فبعد استيفاء التحقيقات وسـؤال شهود الواقعة تمت إحالة الواقعة للمحكمة العسكرية العليا وهى حالياً متداولة في الجلسات".تقدم محامون حقوقيون يمثلون واحدة من الضحايا، هي سميرة إبراهيم، بشكوى في 23 يونيو/حزيران لمكتب النيابة العسكرية. تقدم محامو سميرة إبراهيم بدعوى مدنية بالنيابة عنها أمام مجلس الدولة للطعن في عدم تحرك النيابة العسكرية. طعنت القضية في القرار الإداري الخاص بإجراء اختبارات العذرية في السجن الحربي. من المتوقع صدور قرار في القضية في 27 ديسمبر/كانون الأول.

وقالت نادية خليفة: "قامت قوات الأمن بالاعتداء جنسياً على السيدات في الشوارع، والمسؤولون يهزون أكتافهم ويتجاهلون ما يحدث". وتابعت: "لقد أظهرت النيابة العسكرية أنها غير قادرة على إصدار أوامر بتحقيقات فعالة وشفافة، من ثم فعلى النيابة العامة أن تأمر فوراً بفتح تحقيق في الاعتداءات على المتظاهرات، بمن فيهن منى الطحاوي ونساء أخريات، وأن تُحمل المعتدين المسؤولية".

الاعتداءات الجنسية من قِبل مدنيين

على مدار العام الماضي، أفادت سيدات كثيرات بالتعرض للتحرش الجنسي اللفظي والبدني من قبل مدنيين في ميدان التحرير. قابلت هيومن رايتس ووتش عدة سيدات شاركن في مسيرة بميدان التحرير في 8 مارس/آذار احتفالاً باليوم العالمي للمرأة وقام بالاعتداء عليهن جنسياً رجال في ثياب مدنية. قالت سيدة: "راحت مجموعة الرجال تقترب منّا، ثم أمسكوا بكل جزء من جسدي تصل إليه أيديهم... قام حوالي 15 رجلاً بتجريدي من ثيابي... خلعوا قميصي وبنطلوني... كنا عشرين سيدة... لم يحاول أحد مساعدتنا".

أخفقت السلطات المصرية في إدانة أو التحقيق في عدة حالات اعتداء جنسي معروفة في الإعلام، منها الاعتداء جنسياً على الصحفية الأمريكية لارا لوغان في 11 فبراير/شباط من قِبل مجموعة من الرجال في ميدان التحرير. في 23 نوفمبر/تشرين الثاني اعتدت مجموعة رجال على الصحفية الفرنسية كارولين سينز في ميدان التحرير. لا تعرف هيومن رايتس ووتش بأية تحقيقات مفتوحة في ذلك الهجوم. قالت سينز لوكالة الأنباء الفرنسية:

كُنا نصوّر في شارع محمد محمود عندما اعتدى علينا شبان يبلغون من العمر 14 إلى 15 عاماً... ثم اعتدى علينا حشد من الرجال. ضربتني مجموعة من الصغار والبالغين قاموا بتمزيق ثيابي و[تحرشوا بي بطريقة تعتبر] اغتصاب... حاول بعض الناس مساعدتي لكن فشلوا... دام الأمر ثلاثة أرباع الساعة، قبل أن أخرج من بينهم. حسبت أنني سأموت.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة