Skip to main content
تبرعوا الآن

المصريون تخلصوا من الخوف ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء

نُشر في: The Times - English

ها هو الجيش يعيد الجماهير بقوة إلى ميدان التحرير بما يمارسه من قوة غاشمة. لم يتمكن المسؤولون عند المشرحة ليلة الأمس من تجاهلنا، إذ تجمع الأهالي في انتظار خروج جثث 22 متظاهراً شاباً ماتوا إثر الإصابة بالرصاص في ميدان التحرير في وقت مبكر من اليوم. وراحت سيدة تصرخ: "تعالوا شوفوا عملوا في شباب البلد أيه". ابنها الراحل شهاب البالغ من العمر 21 عاماً، وهو طالب جامعي، كان من النشطاء الشباب الذين قادوا مظاهرات يناير.

هناك إحساس قوي بأن كل ما يحدث الآن في ميدان التحرير قد شوهد من قبل، في مظاهرات يناير.. صوت قنابل الغاز وصفارات الإسعاف التي لا تكل ولا تمل، والغضب المتزايد من الهجمات التي تستهدف المتظاهرين والتصميم الصلب على الصمود. لكن الهتاف هذه المرة ضد العسكر.

لقد خرج المتظاهرون إلى الميدان بهدف معارضة محاولة الجيش إحكام قبضته على السلطة بواسطة المبادئ فوق الدستورية التي من شأنها منع الإشراف المدني على ميزانية الجيش والتشريعات الخاصة به والقرارات المتعلقة بالدفاع عن الدولة. ردت الشرطة بالعصي والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، ثم الذخيرة الحية، التي أطلقتها على المتظاهرين. وبدأت جثث المتظاهرين القتلى بالرصاص تتدفق على المستشفيات، إذ بلغ تعداد الضحايا حتى يوم الاثنين نحو 28 ضحية.

ما لم يفهمه الحكام العسكريون هو أن هناك نواة صلبة من المصريين تخلصوا من خوفهم في يناير. وهم الآن مصممون على الإصلاح الحقيقي: الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ووقف انتهاكات حقوق الإنسان. وتم بث مشاهد لأشخاص فارقوا الحياة يتم سحلهم على الأرض، على الإنترنت وعلى قنوات التلفزيون غير الحكومية. بعد ذلك خرج الآلاف إلى الميدان، وطالبوا هذه المرة بسقوط الحكم العسكري.

كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة على مدار شهور يتجاهل النشطاء الذين راحوا يعودون للميدان للاحتجاج مرة تلو الأخرى. حاكم الآلاف أمام محاكم عسكرية بتهمة البلطجة، ثم اتهم حركة شباب 6 أبريل بالعمالة لأطراف خارجية، وفتح التحقيق في التمويل الأجنبي لمنظمات حقوق الإنسان، وسجن النشطاء والصحفيين بتهمة إهانة القوات المسلحة.

لم تكن هذه التطورات مفاجئة. أول قضية تعذيب على يد الجيش قمت بتوثيقها منذ بدء احتجاجات التحرير كانت في 2 فبراير، ولقد استمرت هذه الأساليب الغاشمة. أعمال القتل الأخيرة ليست أكثر من جزء من نمط موجود وقائم بقوة. ولقد رأينا هذه المشاهد في 9 مارس، عندما اعتقل ضباط الجيش 190 متظاهراً وعذبوهم داخل المتحف المصري وعرضوا سبع سيدات لـ "اختبارات عذرية" جبرية، ثم في 9 أكتوبر عندما دهست المدرعات 13 متظاهراً وأطلق الجيش النار على 14 شخصاً آخرين.

ورغم هذه القسوة والبطش، كان من الواضح أن العسكر يربحون معركة العلاقات العامة مع الشعب. فلقد نجحوا في تصوير أنفسهم على أنهم حماة الثورة منذ ذلك اليوم في يناير، عندما أعلنوا رفض إطلاق النار على المتظاهرين. ولقد ربحوا الدعم من جميع الأحزاب السياسية على خارطة طريق "إدارة" المرحلة الانتقالية التي وضعوها دون مشاورة أحد، كما جاءهم التأييد من أطراف دولية، أهمها الولايات المتحدة.

التأييد الموسع للمجلس العسكري أعطاه دفعة للاستمرار في نظام مبارك الاستبدادي، رغم إخفاقه في تنفيذ الإصلاحات المؤسسية الهامة وتأخره في خطط الانتخابات البرلمانية.

إلا أن الأعمال الوحشية المرتكبة هذا الأسبوع أدت إلى وقفة من الجميع، وبثت الحرارة والقوة في مطامح الانتقال الحقيقي نحو حكم مدني.

إن الأعداد المتزايدة في الميدان تؤكد أنه لا عودة إلى الوراء. لا توجد وصفات سهلة للعلاج. لقد تظاهرت المؤسسة العسكرية على مدار شهور بأن الحكومة المدنية القائمة تتمتع ببعض الاستقلال، بينما يعرف كل مصري أنه ليس لرئيس الوزراء أي سلطة على إصدار قرارات دون موافقة المجلس العسكري. هذه المظاهرات تعلن بوضوح وبقوة انتهاء الثقة في العسكر. كما أنها تعكس الغضب الشعبي من استمرار قمع الجيش ومن الشلل الاقتصادي والسياسي الذي أصاب البلاد.

لابد أن يفهم المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن ليس بإمكانه تجاهل طلبات التحرير وأنه لا يمكنه اعتبارها طلبات من أقلية لا تمثل الشعب. لقد حان الوقت لانتقال حقيقي إلى الحكم المدني، تقوده حكومة توافقية يؤيدها الشارع.

*هبه مُرايف: باحثة في هيومن رايتس ووتش معنية بالشأن المصري*

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة