محمود جبريل
رئيس الوزراء الانتقالي للمجلس الوطني الانتقالي
بنغازي، ليبيا
سيادة رئيس الوزراء محمود جبريل،
بعد الكثير من التضحيات والكفاح، ربما تتاح للشعب الليبي أخيراً فرصة بناء أمة تحترم حقوق الإنسان وسيادة القانون بالكامل. إننا نشيد بجهود المجلس الوطني الانتقالي الرامية لضمان التزام الكفاح الثوري الليبي بهذه المبادئ. ونقدر لكم ولقادة آخرين من المجلس الوطني الانتقالي بشكل خاص تصريحاتكم القوية التي أدليتم بها خلال الأيام الماضية التي دعوتمفيها مؤيدي المجلس الانتقالي إلى تفادي أعمال الانتقام، وإلى الحفاظ على مؤسسات الدولة الهامة، وإلى السعي للتسوية والمصالحة.
ومع عمل المجلس الوطني الانتقالي على تأمين طرابلس والتحضير للفترة الانتقالية، فهناك بعض المقترحات المحددة التي نود طرحها.
حماية المنشآت والأفراد المعرضين للخطر: نأمل أن يعمل المجلس الانتقالي فوراً على تحديد مجموعة من الوحدات الأمنية القادرة والمؤهلة، ومنحها سلطة وتفويض إجراء المهام الآتية:
- تأمين جميع منشآت الاحتجاز التي ربما تحتجز فيها حكومة القذافي سجناء سياسيين. والإفراج عن جميع الأفراد الذين ربما تم القبض عليهم بشكل غير عادل، وتحديد مصير المفقودين. ولقد أطلعنا المجلس على قائمة بالمنشآت التي قد تضم سجناء من هذا النوع.
- تأمين مراكز الشرطة، والبنايات التابعة لمؤسسات الأمن، وغيرها من المنشآت الحكومية التي كانت تعتبر من رموز قمع حكومة القذافي، والتي قد يرغب الناس في تدميرها أو نهبها. فمن المرجح أن هذه المنشآت تحتوي على وثائق وأدلة أخرى على جرائم لابد من حفظها، حتى تتمكن ليبيا من إعداد سجل بانتهاكات الماضي، وتقديم من ارتكبوها للعدالة.
- تأمين مخازن الأسلحة والذخيرة، ومنها التي قذفتها الناتو، حتى لا يتمكن من هم ليسوا من أفراد القوات المسلحة التابعة للمجلس من أخذ أسلحة وذخائر قد تؤدي لانعدام سيادة القانون أو أعمال التمرد. وكما تعرفون، فهناك العديد من المنشآت تم نهبها في مناطق شرق ليبيا، وفي الجبل الغربي، وتناقلت التقارير أن هذا حدث أيضاً أثناء الاقتراب من طرابلس.
- حماية المدنيين، ومنهم أولئك الذين اضطروا للنزوح إلى طرابلس من مناطق أخرى من ليبيا، والذين ربما يُشتبه في أنهم من مؤيدي القذافي أو مقاتليه، بغض النظر عن مدى صدق هذا الظن. فهناك مجموعات من الأشخاص النازحين المعرضين للخطر يعيشون في عدة أماكن في شتى أنحاء طرابلس، ومنها فنادق ومنتجعات وإسكان تابع للشركات. ومن المهم للغاية أن يستمر قادة المجلس في الدعوة لعدم ارتكاب أي أعمال عنف من أي طرف ضد هؤلاء الافراد، وأن يتم توصيل هذا التوجيه بكل السبل الممكنة، عن طريق رجال الدين، والتلفزيون والإذاعة، ووسائل الاتصال الاجتماعية، والرسائل النصية. في حال وقوع أي أعمال عنف من هذا النوع ، فلابد من القبض على مرتكبيها وملاحقتهم قضائياً.
إتاحة حق زيارة السجناء طرف المجلس الوطني الانتقالي: لقد تكرر ذكركم عدة مرات على أنه يتعين على قوات المجلس أن تعامل جميع السجناء بشكل إنساني، بما يتفق مع اتفاقيات جنيف والقانون الدولي لحقوق الإنسان. إننا نأمل في أن تضمنوا للجنة الدولية للصليب الأحمر زيارة جميع السجناء الذين يتم أسرهم خلال القتال في طرابلس – لا سيما كبار المسؤولين إذا تم القبض عليهم، مثل معمر القذافي وأفراد أسرته – في أسرع وقت ممكن بعد احتجازهم. لابد من مثول المحتجزين أمام قاضٍ وقتما تيسر ذلك. هناك فريق من هيومن رايتس ووتش يعتزم زيارة طرابلس قريباً، ونأمل أن نتمكن بدورنا من زيارة السجناء، وكذلك أن يسمح لنا المجلس بزيارة السجناء في مناطق أخرى من ليبيا.
المراقبة الدولية: فيما مضى، تحدث المجلس عن الدور المحتمل للأمم المتحدة في المساعدة على تنظيم الانتخابات في ليبيا عهد ما بعد القذافي. إننا نأمل أن تستمروا في التشاور مع الأمم المتحدة فيما يخص لعب أدوار إضافية. على سبيل المثال، يمكن للأمم المتحدة نشر ضباط شرطة مدنية في إطار قوة شرطية متعددة الجنسيات للمساعدة في مراقبة وتدريب الشرطة المحلية في ليبيا. ويمكنها أيضاً نشر مراقبين مدنيين لحقوق الإنسان في تلك المناطق من البلاد (مثل طرابلس وتاجوراء وسرت) حيث قد تظهر توترات جسيمة خلال الشهور المقبلة. هؤلاء المراقبون قادرون على المساعدة في ردع ووقف الانتهاكات والإبلاغ عنها إذا وقعت، مع إعطاء جميع الليبيين – سواء ناصروا الثورة أو عارضوها – الثقة في أن حقوقهم ستبقى محفوظة أثناء هذا الفترة الحساسة. إننا نشجع المجلس على مناقشة هذه النقطة مع أعضاء مجموعة الاتصال الليبية التي ستقابلوها في باريس هذا الأسبوع.
التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية: تعهد المجلس فيما مضى بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وكما تعرفون، فقد طلبت المحكمة توقيف معمر القذافي وسيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي. إننا نفهم أن الكثير من الليبيين يودون محاكمة هؤلاء القادة على الجرائم التي ارتكبوها، داخل الأراضي الليبية. لكن إذا تم القبض على المذكورين، فإننا نشجع المجلس على تسليمهم للمحكمة الجنائية الدولية. هذا القرار يتسق مع قرار مجلس الأمن رقم 1970، ومع رغبة المجلس في أن تنضم ليبيا في عهدها الديمقراطي الجديد إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية. وهناك أسباب عملية لهذا المسار أيضاً، إذ أن ليبيا ستستغرق فترة زمنية لبناء مؤسسات قضائية موثوقة ومستقلة بما يكفي لعقد محاكمات على هذا القدر الكبير من الأهمية والحساسية. في هذه الأثناء، فإن احتجاز مثل هؤلاء المشتبهين الهامين في بلد يتمنى فيه الناس الانتقام منهم، سيكون أمراً صعباً. إحالتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية ستخفف عن الحكومة الانتقالية هذا العبء، مع السماح لها بالتركيز على تحديات أخرى معقدة لا حصر لها، ومنها إحالة مشتبهين آخرين إلى العدالة، والبدء في عملية التسوية والمصالحة. ونود أيضاً الإشارة إلى أن المحكمة الجنائية الدولية قادرة على عقد المحاكمة داخل ليبيا، إذا كانت الظروف الأمنية تسمح، وإذا كان هذا ما يريده الشعب الليبي. كما نأمل أن تفوا بوعدكم بالتصديق على نظام روما المنشئ للمحكمة في أسرع وقت ممكن.
شكراً لكم مجدداً على اهتمامكم بهذه المقترحات. ونأمل في الالتقاء بكم وبزملائكم في طرابلس في أقرب فرصة.
مع بالغ التقدير والاحترام،
توم مالينوسكي
مدير مكتب واشنطن
هيومن رايتس ووتش