Skip to main content

لبنان: يجب تفعيل مشروع قانون العنف الأسري لحماية النساء

يجب تجاوز معارضة رجال الدين وضرب نموذج تحتذي به المنطقة

(بيروت، 6 يوليو/تموز 2011) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على البرلمان اللبناني أن يتبنى مشروع قانون من شأنه أن يجرم تحديداً العنف ضد المرأة. مشروع القانون الذي يجرم الإساءات البدنية والنفسية والجنسية والاغتصاب الزوجي وما يُسمى جرائم الشرف، تمت الموافقة عليه من مجلس الوزراء السابق بتاريخ 6 أبريل/نيسان 2010، وأحيل إلى لجنة برلمانية خاصة. وما زال مشروع القانون هناك منذ مايو/أيار 2010، وجزء من الأسباب يعود لأن لبنان ظل بلا حكومة لمدة شهور.

وفي أواخر يونيو/حزيران 2011، قالت كل من دار الفتوى - أعلى سلطة إسلامية سنية في لبنان - والمجلس الأعلى الإسلامي الشيعي، أنهما يعارضان مشروع القانون على أساس أن الشريعة الإسلامية تحمي دور ووضع المرأة وتضم أحكاماً تنظم المسائل القانونية الخاصة بالأسرة المسلمة. ومع وجود حكومة جديدة على وشك البدء في تفعيل التشريعات، يستمر الجدل حول مشروع القانون. وقد رفض تحالف من المنظمات الداعمة لمشروع القانون هذه المعارضات.

وقالت نادية خليفة، باحثة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المعنية بحقوق المرأة في هيومن رايتس ووتش: "جميع النساء اللبنانيات، مثل النساء في جميع أنحاء العالم، لهن الحق في الحماية من الانتهاكات والعنف، بغض النظر عن الانتماء الديني لأي منهن. على رجال الدين أن يستعينوا بما لديهم من سلطة أخلاقية في إدانة العنف ضد المرأة".

مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري يقضي بتكليف مدعي عام في كل من محافظات لبنان الست بتلقي الشكاوى والتحقيق في قضايا العنف. كما أن مشروع القانون ينص على وحدات خاصة للتعامل مع العنف الأسري ضمن قوة شرطة لبنان الداخلية، للتحقيق في الشكاوى. كما يحدد مشروع القانون العقوبات على المخالفين، وتشمل الغرامات وأحكاماً بالسجن.

يطالب مشروع القانون مراكز الرعاية الصحية العامة والخاصة بالإبلاغ عن الحالات التي تُعالج فيها نساء وتدل على وقوع إساءات. كما يسمح القانون للنساء وأطفالهن بالسعي لاستصدار أوامر عدم تعرض من قبل الشخص المزعوم ارتكابه للإساءات، ويوجه مشروع القانون الادعاء بكل محافظة أو محكمة باتخاذ قرار في ظرف 48 ساعة من الشكوى.

منذ 2007 قامت منظمة "كفى" (كفى عنف واستغلال) بالعمل على صياغة والترويج لمشروع قانون العنف الأسري، وراح تحالف من 41 منظمة حقوقية ومنظمات معنية بحقوق المرأة، بينها كفى، تدفع من أجل فرض تدابير حماية قانونية ضد العنف ضد المرأة.

وفي عام 2008 دعت لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة - وهي هيئة من خبراء الأمم المتحدة تشرف على تنفيذ الاتفاقية - دعت لبنان إلى العمل سريعاً على تفعيل تشريع خاص بالعنف ضد المرأة، ، على أن يشمل ذلك العنف الأسري. وقالت اللجنة إن ضحايا العنف لابد أن يُتاح لهن بشكل فعال سبل إنصاف وحماية، وأنه لابد من عقاب الجناة وملاحقتهم قضائياً.

أصدرت دار الفتوى بياناً في 28 يونيو/حزيران، ترفض فيه مشروع القانون، معلنة أن الشريعة الإسلامية تتعامل مع العنف في الأسرة على النحو الملائم، عن طريق توجيه الإرشاد والمشورة وغيرها من الإجراءات اللازمة للحفاظ على سلامة الأسرة. ترى دار الفتوى بأن مشروع القانون سيقلص من سلطة الأب في الأسرة ومن قدرته على تنشئة الأبناء. وترفض تحديداً تعريف مشروع القانون للأسرة، قائلة بأن هذا سيؤدي إلى "إرباك النظام القانوني اللبناني" وظهور جرائم جديدة مثل "الاغتصاب الزوجي". ترى الدار بأن مشروع القانون سيؤدي إلى "تفكيك التركيبة الاجتماعية للأسرة... وجعلها على الطريقة الغربية التي لا تلائم قواعد وقيم مجتمعاتنا".

في 29 يونيو/حزيران 2011، أفادت وسائل إعلام لبنانية أن المجلس الأعلى للشيعة يدعم موقف دار الفتوى، قائلاً بأن مشروع القانون يمثل تهديداً على العائلات. مكتب الإعلام بالمجلس الشيعي قال لـ هيومن رايتس ووتش في 1 يوليو/تموز أن المجلس يدعم موقف دار الفتوى ويعمل بالتعاون مع الجهات السنية الدينية.

ذكرت دار الفتوى المادة 9 من الدستور اللبناني في بيانها، والتي تدعم حرية المعتقد الديني وتعارض تشريعات الدولة في الأمور التي تعتبرها المجتمعات الدينية تابعة لها. وورد في البيان أن على الدول احترام جميع الأديان والمعتقدات وأن تضمن وتحمي الحق في ممارسة جميع الشعائر الدينية التي لا تتعرض للنظام العام. كما تكفل الأحوال الشخصية والمصالح الدينية للسكان، بغض النظر عن طوائفهم الدينية.

وقالت نادية خليفة: "للأسف فإن المجتمعات الدينية استغلت بشكل غير ملائم وبشكل متكرر أيضاً هذه المادة من الدستور لمقاومة أي تحسين على أحوال المرأة اللبنانية". وتابعت: "بدلاً من محاولة نزع المصداقية عن تدابير الحماية التي يكفلها مشروع القانون هذا للنساء بصفتها "غربية"، على رجال الدين أن يرحبوا بهذه التدابير".

في 29 يونيو/حزيران، أصدر التحالف الداعم لقانون العنف الأسري بياناً رداً على بيان دار الفتوى، قال فيه إن مشروع القانون، بعيداً تماماً عن كونه مفروض من جهات غربية، يعتبر نتاج بيئتنا المحلية التي نعيش فيها، ولا يعارض أي فهم ديني.

أشار التحالف إلى أن المحاكم الدينية - المختصة بالنظر في الأحوال الشخصية مثل الطلاق والوصاية على الأطفال والمواريث - غير مكلفة بحماية النساء من العنف. على سبيل المثال، في قضايا الطلاق أو الانفصال، قد تنظر المحاكم الدينية إلى أعمال العنف بصفتها دليل داعم لطلب الطلاق، لكن هذه المحاكم غير مكلفة من الدولة بفتح قضايا جنائية ومعاقبة المسيئين.

هناك دول قليلة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثل الأردن وإسرائيل، لديها قوانين شاملة عن العنف الأسري.

وقالت نادية خليفة: "على لبنان أن يُظهر التزامه بحماية الفتيات والنساء من العنف عن طريق إصدار قانون العنف الأسري. فهو من شأنه أن يكفل للنساء اللبنانيات الحماية المستحقة لهن وأن يضرب مثلاً تحتذي به دول الجوار".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة