Skip to main content

إسرائيل: شهود يشهدون باستخدام القوة المميتة غير الضرورية ضد التظاهرات

شهادات شهود تؤكد أن الجنود أطلقوا النار أولاُ ثم استخدموا الغاز المسيل للدموع

 

(القدس، 10 يونيو/حزيران 2011) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه يتعين على السلطات الإسرائيلية إجراء تحقيق جنائي في إطلاق القوات الإسرائيلية النار على المتظاهرين الذين حاولوا العبور إلى الجولان الذي تحتله إسرائيل، وذلك يوم 5 يونيو/حزيران 2011. وقالت المنظمة إن التحقيق لابد أن ينظر في اللوائح والقوانين التي تسمح للجنود بفتح النار على المتظاهرين، الذين لا يمثلون أي تهديد منظور عليهم.

هذه هي ثاني مرة خلال 3 أسابيع تستعين فيها القوات الإسرائيلية بما يبدو أنه استخدام غير ضروري للقوة المميتة ضد المتظاهرين الذين لم يمثلوا أي تهديد منظور لأرواح الجنود أو آخرين، على حد قول هيومن رايتس ووتش. كانت القوات الإسرائيلية قد قتلت 15 متظاهراً في الجولان وفي لبنان أثناء تظاهرات 15 مايو/أيار، يوم إحياء ذكرى ما يصفه الفلسطينيون بيوم النكبة، ذكرى تشريدهم مع تأسيس دولة إسرائيل. وعلى الجيش الإسرائيلي أن يصدر فوراً "قواعد اشتباك" عامة تحظر استخدام القوة المميتة إلا في حالة الضرورة القصوى لحماية الأرواح، وأن يطالب بإجراء تحقيقات مستقلة في كل عملية قتل لأي من المتظاهرين على يد المؤسسة العسكرية.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إن إسرائيل لا تريد أن يدخل المتظاهرون الجولان من سوريا، لكن استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين الذين لا يفرضون أي خطر منظور على الحياة هو أمر غير قانوني بكل بساطة. أي مسؤول أعطى أوامر بذلك لابد من التحقيق معه بهدف نسب اتهامات جنائية إليه لو ثبتت التهمة".

وقالت هيومن رايتس ووتش إنه بسبب ضعف وعدم جودة التحقيقات العسكرية الإسرائيلية الماضية، فإن على المجتمع الدولي أن يراقب إجراءات المحاسبة من هذا النوع. على قوات مراقبة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة - والمكلفة بمراقبة المنطقة التي وقعت فيها هذه الحوادث - أن تنظر في إجراء تحقيق مستقل بموجب بيان تكليفها.

كانت جماعات منفصلة من المتظاهرين من سوريا قد قامت صباح 5 يونيو/حزيران بالاقتراب من السياج الإسرائيلي في موقعين: بالقرب من قنيطرة، بلدة سورية تقع في منطقة منزوعة السلاح، وبالقرب من بلدة مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، طبقاً لشهود عيان وتقارير إعلامية. طبقاً لأحد المشاركين، فإن المتظاهرين كان بينهم أبناء لاجئين فلسطينيين وسوريين تجمعوا في ذكرى ما يصفه الفلسطينيون بيوم النكسة، وهو يوم هزيمة إسرائيل العسكرية للأردن ومصر وسوريا في يونيو/حزيران 1967.

وقد ظهرت شهادات متعارضة حول عدد الإصابات والقتلى، ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد من جانبها من عدد القتلى أو المصابين. أفادت وسائل الإعلام السورية أنه أثناء أحداث اليوم، قتلت القوات الإسرائيلية 20 متظاهراً وأصابت 325 شخصاً آخرين، وذكرت وكالة أنباء أسوشيتد برس أن مسؤولي المستشفيات السورية أكدوا وقوع 20 قتيلاً. قال الجيش الإسرائيلي أنه أصدر تحذيرات بمكبرات الصوت، وأنه أطلق أعيرة نارية تحذيرية وأطلق على الأجزاء السلفية من أجساد المتظاهرين، لكنه - الجيش - لم يعلق على الخسائر في الأرواح جراء أعمال إطلاق النار.

قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، هو اللفيتانت كولونيل أفيتال ليبوفيتز، إن الأرقام السورية "مبالغ فيها" وأن "نحو عشرة" متظاهرين قُتلوا لاستخدامهم قنابل المولوتوف في منطقة القنيطرة التي أصابت بعض الألغام الأرضية السورية". لم يعلن الجيش الإسرائيلي أن الخسائر في الأرواح في وقائع مجدل شمس كان سببها الألغام.

تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى متظاهر من مخيم لاجئين فلسطينيين في سوريا، وإلى أربعة شهود عيان من مجدل شمس. قالوا إنه لم تقع انفجارات لألغام أثناء التظاهرات وأن القوات الإسرائيلية بدأت في إطلاق النار بعد دخول المتظاهرين إلى المنطقة العازلة بين الحدود. شاهدوا قوات إسرائيلية تطلق النار على 12 متظاهراً على الأقل، منهم 3 سقطوا قتلى ورجل أصيب برصاصة في صدره. قال الشهود إن الجنود الذين راحوا يطلقون النار من وراء السور أطلقوا النار على العديد من المتظاهرين الذين راحوا يحاولون عبور خندق ممتلئ بالأسلاك الشائكة، على مسافة 100 متر أو أكثر من الجنود. كذلك قال شاهدان آخران إن بعض الجنود الإسرائيليين عبروا إلى الجانب السوري من السياج وأطلقوا النار على المتظاهرين من موقع آخر على مسافة مئات الأمتار. شهادات الشهود والتقارير الإخبارية والصور ومقاطع الفيديو الملتقطة للمشهد بالقرب من مجدل شمس تشير إلى أن المتظاهرين - وبعضهم كانت معهم أدوات لقطع الأسلاك الشائكة - كانوا على مسافة بعيدة للغاية من الجنود، بما ينفي أنهم كانوا يمثلون أي خطر منظور على أرواحهم. لم تزعم إسرائيل أن أي من المتظاهرين كانوا يحملون أسلحة نارية.

ورد في التقارير الإخبارية وفي شهادات الشهود أن القوات الإسرائيلية المتمركزة وراء السياج الثاني راحت تهتف من مكبرات الصوت باللغة العربية "أي شخص سيعبر السياج يخاطر بحياته". قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون وشاهد عيان، إن الجنود أطلقوا في البداية طلقات تحذيرية. الشهود من مجدل شمس قالوا إن القوات الإسرائيلية أطلقت الذخيرة الحية على المتظاهرين بشكل متفرق على مدار اليوم، من منتصف النهار تقريباً، وحتى حلول الظلام، ثم بدأوا في إطلاق الذخيرة الحية حوالي الساعة 5 مساءً أو بعد ذلك. لا تعرف هيومن رايتس ووتش بأي تقارير أو مزاعم بإطلاق القوات الإسرائيلية الرصاص المطاطي أو أسلحة أخرى غير مميتة للسيطرة على الحشود قبل استخدامها للذخيرة الحية.

ذكرت أسوشيتد برس قول رجل يبلغ من العمر 29 عاماً كان قد "أصيب في خصره" وقال "كنا نحاول قطع السلك الشائك عندما بدأ الجنود الإسرائيليون في إطلاق النار علينا مباشرة". أفادت أسوشيتد برس أن الكابتن باراك راز، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي "أكد أن المتظاهرين اخترقوا أول مرحلة من السياج الحدودي... لكن لم يتقربوا أكثر من 160 متراً من السياج الأخير".

لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الحصول على معلومات من المصدر بشأن أحداث القنيطرة. وقال صحفي من إسرائيل حاول بلوغ المنطقة إن الجيش الإسرائيلية أعلنها منطقة مغلقة وأبعد الإعلام عنها.

وقالت سارة ليا ويتسن: "يقول الشهود إن القوات الإسرائيلية لجأت للذخيرة الحية سريعاً ضد المتظاهرين الذين دخلوا المنطقة منزوعة السلاح، لكنها لم تستخدم الغاز المسيل للدموع إلا بعد ساعات، وأن المتظاهرين لم يمثلوا مطلقاً أي تهديد منظور". وتابعت: "رد القوات الإسرائيلية على المتظاهرين يبدو مخالفاً تماماً للمطلب القانوني بعدم استخدام القوة المميتة إلا كملاذ أخير لا بديل عنه".

وصف المسؤولون السياسيون والعسكريون الإسرائيليون التظاهرات بأنها من تدبير السلطات السورية، في محاولة لتشتيت الانتباه عن القمع العنيف داخل سوريا للتظاهرات المعارضة للحكومة. ورد في تقرير صدر مؤخراً لـ هيومن رايتس ووتش أن الاستهداف المتفشي من قبل السلطات السورية للمتظاهرين بالقتل قد يرقى إلى كونه جرائم ضد الإنسانية. أحد الشهود ممن شاركوا في التظاهرات بالقرب من مجدل شمس قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه في اليوم التالي أطلقت القوات السورية النار وقتلت المعزين في جنازة لرجل قتلته القوات الإسرائيلية. الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل السلطات السورية لا توفر بالطبع أي مبرر لإسرائيل لأن تستعين بالقوة المميتة غير القانونية.

كما رصدت هيومن رايتس ووتش التظاهرات الفلسطينية في 5 يونيو/حزيران بالقرب نقطة تفتيش قلندية على الطريق بين رام الله والقدس في الضفة الغربية، حيث استخدمت القوات الإسرائيلية الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع. لم تظهر تقارير عن إصابات جسيمة. أفاد الجيش اللبناني بمنعه التظاهرات على الحدود مع إسرائيل بعد أن تناقلت التقارير قتل القوات الإسرائيلية 10 متظاهرين بالقرب من بلدة مارون الراس في 15 مايو/أيار.

هناك شهادات شهود تفصيلية أدناه.

من شهادات الشهود

قال الشهود لـ هيومن رايتس ووتش إن التظاهرات بدأت في التجمع حوالي العاشرة صباح 5 يونيو/حزيران على تبة على الجانب السوري من المنطقة منزوعة السلاح، يبلغ عرضها مئات الأمتار، بالقرب من بلدة مجدل شمس. قدر الشهود أنه كان هناك نحو ألف شخص على التبة. لم يحاول عناصر الأمن السوري لدى نقاط التفتيش وقف الحشود من الاقتراب من المنطقة، على حد قول أحد المتظاهرين. عادة ما يحتاج السكان السوريون لتصاريح لدخول هذه المنطقة.

وصلت أعداد كبيرة من القوات الإسرائيلية إلى المنطقة في الصباح ومكثت هناك طوال اليوم. كان بينهم جنود من الجيش والشرطة وقوات مكافحة الشغب في الزي الواقي، وكذلك رجال شرطة في عربات ونحو 10 أو 12 عربة عسكرية مدرعة، على حد قول الشهود.

في وقت لاحق من الصباح نفسه، بدأ المتظاهرون في النزول من التبة إلى المنطقة الواقعة بين الحدود. سمع سكان مجدل شمس القوات الإسرائيلية تعلن أنه سيتم إطلاق النار على المتظاهرين إذا اقتربوا من السياج. قال متظاهر من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين - بالقرب من دمشق، وسبق أن شارك في محاولة سابقة لعبور الحدود إلى مجدل شمس في 15 مايو/أيار - إن القوات الإسرائيلية بدأت في إطلاق النار على المتظاهرين بعد دخولهم المنطقة العازلة بين الحدود بقليل.

بدأ الإسرائيليون في إطلاق النار فور أن اقتربنا من السياج الأول. رأيت ثلاثة جنود إسرائيليين - كان هناك الكثير غيرهم - دخلوا الجانب السوري من المنطقة، على مسافة 400 متر تقريباً إلى يميننا ونحن نواجه الجانب الإسرائيلي من الحدود. جاء الرصاص من ذلك الاتجاه. ما إن اقتربنا من السياج حتى أطلقوا النار، فأصابوا رجلاً في رأسه واثنين في الصدر، وقُتل الثلاثة. استمر إطلاق النار مرة ومرة مع محاولة الشباب عبور المنطقة العازلة، وكنت أسمع طلقات فردية وطلقات أسلحة آلية متصلة.

سرعان ما دخل مئات المتظاهرين إلى هذه المنطقة العازلة. قال الشهود إن المتظاهرين تقدموا إلى الخندق الممتلئ بالأسلاك الشائكة، على مسافة 100 متر تقريباً من السياج الثاني، وكان الجيش الإسرائيلي قد حفره قبل أسبوعين.

سلمان فخر الدين، من سكان مجدل شمس، قال إنه وصل حوالي منتصف النهار لمشاهدة التظاهرات من الجانب الإسرائيلي من السياج.

راح الإسرائيليون يطلقون النار طوال النهار، بدءاً من وسط النهار أو أول فترة ما بعد الظهر. رأيت إطلاق النار من ثلاث جماعات من الجنود. كان إطلاق النار متفرقاً لكنه كثيف للغاية بشكل عام. جميع الرصاصات كانت مصوبة إلى المتظاهرين الذين كانوا على مسافة 150 متراً تقريباً منهم، في المنطقة العازلة، حيث كان هناك خندق كبير، عرضه 4 أمتار تقريباً وعمقه مترين. حاول المتظاهرون بلوغه، وأطلق الجنود النار على من وصلوا إلى الخندق. رأيت 10 أشخاص على الأقل يُصابون بأعيرة نارية ويحملهم المتظاهرون الآخرون ويبتعدون بهم.

شفاء أبو جبل، محامية من مجدل شمس، وتمت مقابلتها على انفراد، قدمت وصفاً مماثلاً للأحداث، وإن أضافت أن الجنود كان يبدو أنهم يطلقون أعيرة تحذيرية أولاً. قالت إنها رأت رجلاً يُصاب بطلق ناري في صدره، بعد أن بلغ الخندق.

نزار أيوب، باحث كان يراقب التظاهرات لصالح مركز الحق، وهو مركز حقوقي فلسطيني مقره رام الله، قال إن المتظاهرين الذين وصلوا إلى الخندق أحرقوا إطار سيارة لخلق ستار دخاني لرمي الحجارة، "لكنهم كانوا بعيدين عن السياج الإسرائيلي ولم يصل أي شيء إلى القوات الإسرائيلية". الشخص الوحيد الذي رأه يعبر الخندق زرع علماً فلسطينياً، حوالي 3 مساءً، وأطلق عليه النار وأبعده الشبان الآخرون على حد قوله.

تبينت هيومن رايتس ووتش الاتساق في شهادات الشهود بأن القوات الإسرائيلية أطلقت الغاز المسيل للدموع لأول مرة على المتظاهرين حوالي الخامسة أو السادسة مساءً، بعد ساعات من إطلاق الذخيرة الحية.

د. تيسير مرعي، من سكان مجدل شمس، قال إن في ذلك التوقيت تقريباً، بدأ الشباب من مجدل شمس في رمي الجنود الإسرائيليين بالحجارة، لأنه على حد قوله، استمرت القوات في إطلاق النار على المتظاهرين في المنطقة منزوعة السلاح بينما المسعفين من الجانب السوري يحاولون رعاية المصابين. قال متحدثون باسم الجيش الإسرائيلي إن القوات توقفت عن إطلاق النار عدة مرات للسماح للمسعفين بإخلاء الجرحى. تطوع المتظاهر الفلسطيني من الجانب السوري بمساعدة الفرق الطبية، وقال إن المسعفين تفاوضوا على وقف لإطلاق النار لمدة 5 دقائق مع الجيش الإسرائيلي للسماح بإخلاء المصابين.

ثم بدأت القوات الإسرائيلية في إطلاق الغاز المسيل للدموع على الشباب، إلى أن تدخلت مجموعة من الرجال كبار السن من مجدل شمس وكف الشبان عن إلقاء الحجارة، على حد قول الشهود. قال الطبيب إن العيادة المحلية عالجت العديد من سكان البلدة، من إصابات طفيفة لحقت بهم، ومن استنشاق الغاز المسيل للدموع.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة