جهدت الولايات المتحدة في تجاوبها مع الاحتجاجات التي اجتاحت الشرق الأوسط من تونس وحتى إيران في السعي إلى تحقيق التوازن بين مبادئ حقوق الإنسان ومواطن اهتمامها الاستراتيجية ، متخلفة في الكثير من الحالات عن مسار منحنى الأحداث.
فلقد بدا قدر من التحلل من تلك المبادئ في حالة البحرين، وهي مرفأ إيواء الأسطول الخامس الأمريكي، حين انقض النظام الملكي الذي يتزعمه السنة، مدعوماً بالدبابات السعودية، على احتجاجات الغالبية الشيعية بالبلاد، والتي اتسمت إلى حد بعيد بالسلمية، فقابلتها استجابة أمريكية صامتة.
ينعت الرئيس الأمريكي باراك أوباما رد فعل سوريا تجاه المحتجين السوريين بكونه "مدعاة للاشمئزاز"، غير أنه يقف صامتاَ إذا ما تعلق الحديث بحالة البحرين. ومن الواضح أن الرئيس يذعن لإرادة العربية السعودية التي يبدو حكامها عاقدون العزم على سحق أي نظام ديموقراطي في الجوار يكون بمنأى عن سيطرتهم فيما قد يكون متأثراَ بالنفوذ الإيراني.
يتعين على إدارة أوباما أن تعمل ما في وسعها لئلا يصور المحتجون في سبيل الحرية واشنطن باعتبارها أداة تمكين للمملكة، وبخاصة بعد أن أخذ النظام الملكي في فقدان شرعيته في نظر الغالبية من أفراد شعبه.
ويتوجب كذلك على واشنطن أن تعلن بوضوح، في مواجهة منها للتكتيكات الوحشية للدولة البوليسية في البحرين، أنه لم يعد من الممكن استمرار تعاون الولايات المتحدة معها في المجال العسكري أو سواه.
لقد مضت البحرين على امتداد العقد المنصرم في تسويق نفسها بصفتها مملكة دستورية. ولقد أرسى الملك حمد بن عيسى آل خليفة عقب توليه السلطة في عام 1999أسس إصلاحات على قدر من الأهمية. إلا أن حكومته قد أخذت على مدى الأعوام الأخيرة الماضية في فرض المزيد والمزيد من القيود على المجتمع المدني، كما وأنها قد أحيت من جديد استخدام أسلوب التعذيب.
ويشكو سكان البلاد من الشيعة، وهم في ذلك على حق، من تمييز متغلغل. فمثلاً يمتنع على الشيعة الخدمة بالقوات المسلحة أو الأجهزة الأمنية، فيما تعتمد الحكومة على المجندين الأجانب.
كذلك قام الملك بتقسيم الدوائر الانتخابية بصورة تضمن ألا يتمكن المرشحين الذين يمثلون الشيعة من بلوغ حد الأغلبية في مجلس شورى النواب البحريني مطلقاً.
وفي أغسطس/آب 2010 قامت الحكومة بتوقيف العديد من المنشقين البارزين، إلى جانب المئات سواهم، بناء على اتهامات ملفقة بالإرهاب. وقد أخذت دعاوى التعرض للتعذيب في الظهور، فيما قام بعض المدعى عليهم بالكشف في قاعات المحاكمة عن جروح قالوا أنها نجمت عن انتهاكات وقعت إبان احتجازهم. كذلك قامت الحكومة بحل إحدى جماعات حقوق الإنسان وحجب مواقع تخص حزب المعارضة.
قمت بإجراء مقابلات مع العديد ممن تم توقيفهم، وكانوا يسألونني بصفة اعتيادية لماذا لم تقم واشنطون باتخاذ موقف علني مناوئ لتلك التكتيكات القمعية. ولم تكن أسئلتهم تعكس نزعة مناهضة لأمريكا ولكن بالأحرى استشعاراً لحالة من التخلي. أحد الناشطين قال " الآن لن يمد لنا أحد يد العون" واستطرد قائلاً "إننا بمفردنا".
خرج البحرينيون في فبراير/شباط من العام الحالي على خلفية الاحتجاجات التي جرت في كل من مصر وتونس مطالبين سلمياً بقدر مقبول من المشاركة السياسية، إلا أن قوات الأمن قتلت سبعة منهم على الأقل إضافة لأصابتها مئات آخرين بجروح.
وعقب إعراب واشنطون عن قلقها بصورة علنية، واتصال أوباما مباشرة بحمد، قامت الحكومة بسحب قواتها، كما دعا الملك لإجراء "حوار وطني".
وعلي الرغم من أن المباحثات عبر قنوات الاتصال الخلفية قد تلت ذلك، إلا أنه لم تكن هناك لقاءات رسمية. وقد سمحت السلطات للمظاهرات بالاستمرار لفترة من الزمن. غير أنه في يوم 15 مارس/آذار وفي أعقاب التدخل السعودي تم الإعلان عن سريان الأحكام العسكرية، ومازالت مستمرة.
جشوا كولانغلو برايان محامي بأحد المكاتب المهنية الخاصة في نيويورك وهو واحد من مستشاري هيومن رايتس ووتش.