Skip to main content

الأردن: عاملات المنازل اللاتي تعرضن لانتهاكات غير قادرات على العودة لبلدهن

السلطات تمنع عاملات سريلانكيات من العودة لبلدهن

(ميونخ) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات الأردنية أن تسمح فوراً لـ 24 سريلانكية يشتغلن بالعمل المنزلي - والكثيرات منهن ادّعت بالتعرض للإساءات على أيدي أصحاب العمل - بالعودة إلى بلدهن. العاملات المذكورات عالقات في عمّان منذ يناير/كانون الثاني 2011 غير قادرات على دفع الغرامات التي فرضتها الحكومة عليهن، مع تهديدهن بالطرد.

قالت هيومن رايتس ووتش إن المادة 12.2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية - التي أصبحت قانوناً نافذاً في الأردن منذ عام 2006 - تكفل لأي شخص الحق في مغادرة أي بلد، وهو الحق الذي حُرمت منه العاملات السريلانكيات بلا مبرر نتيجة نظام تغريم من يتجاوزون مدد إقامتهم في الأردن. ولم تكن عاملات المنازل المذكورات مسؤولات عن التأخر في توثيق الإقامة اللازم، ولم يُتح لهن فرصة تعديل أوضاعهن، كما أنهن فقيرات بشكل لا يتسنى معه دفع الغرامات.

وقال كريستوف ويلكى، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "الأردن يقوم فعلياً بمعاقبة العاملات على الفرار من بيوت تعرضن فيها للإساءات، والعقاب يتمثل في غرامات تراكمية ثقيلة تحول دون عودتهن إلى ذويهن. في الوقت نفسه، فإن أصحاب العمل الذين أساءوا إلى هؤلاء السيدات، والذين يطالبهم القانون بدفع الغرامات، قد أفلتوا من أي عقاب".

في 24 يناير/كانون الثاني، خرجت 37 عاملة منازل سريلانكية من ملجأ داخل سفارتهن احتجاجاً على تحديد إقامتهن هناك، وما وصفنه بأنه إخفاق السفارة في تيسير عودتهن إلى سريلانكا. العاملات موجودات في الأردن لفترات تتراوح بين عامين و11 عاماً. وأمضين ما بين بضع شهور وعام ونصف العام في مأوى السفارة بانتظار العودة، بعد أن هجرن البيوت التي يعملن بها. تم ترحيل بعضهن وتمت إعادة أخريات بعد أن قامت جهات خيرية بتسديد غراماتهن، فيما تبقى 24 عاملة في الأردن.

الأسباب وراء فرار العاملات من أماكن عملهن تشمل عدم تلقيهن للأجور، أو رفض أصحاب العمل أو مكاتب الاستقدام للعمل شراء تذاكر السفر المطلوبة لهن للعودة إلى بلدهن، أو التعرض للضرب أو العمل لساعات زائدة. قابلت هيومن رايتس ووتش بعض العاملات في يناير/كانون الثاني واطلعت على معلومات تفصيلية من منظمة تمكين - وهي منظمة أردنية غير حكومية تساعد عاملات المنازل الوافدات وتقوم بتمثيلهن قانونياً.

آسيا أمة نورالدين، على سبيل المثال، قالت لتمكين إنها ظلت في عملها لمدة 11 عاماً دون تلقيها أجر، قبل أن تفر إلى سفارتها في 4 سبتمبر/أيلول 2010. لم تتمكن من العودة لسريلانكا لأن أصحاب عملها لم يتقدموا بالنيابة عنها مطلقاً بطلب تصاريح إقامة وعمل، المطلوبة بموجب القانون، فتراكمت عليها غرامات تُقدر بآلاف الدنانير الأردنية.

يتعرض الأجانب في الأردن من غير الحائزين على تصاريح إقامة لغرامة بمقدار 1.5 دينار أردني (2.1 دولاراً) عن كل يوم إقامة بصفة غير قانونية، ويتعين عليهم دفع الغرامة المتراكمة عليهم قبل السماح لهم بمغادرة البلاد. طبقاً لنموذج عقد العمل الموحد الخاص بالعمالة المنزلية ولائحة وزارة العمل لعام 2009، فإن صاحب العمل مسئول عن التقدم بطلب تصاريح العمال، ومسئول عن دفع الغرامات المترتبة عليه إذا أخفق العامل في دفعها. كما أن صاحب العمل مسئول إذا غادر العامل بسبب عدم تلقيه لأجره، أو إذا لم يوفر له صاحب العمل تذكرة عودة لبلده بعد أن يعمل لمدة عامين ثم تصبح إقامته وعمله غير قانونية.

إلا أن إدارة شئون الإقامة والأجانب بوزارة الداخلية أخفقت في تحميل أصحاب العمل مسئولية عدم دفع الغرامات، على حد قول هيومن رايتس ووتش، بناء على تحقيقها في حالات الـ 37 عاملة وبحوث أخرى أجرتها فيما يخص أوضاع العمالة المنزلية الوافدة في الأردن على مدار العامين الماضيين.

وبدلاً من السماح للعمال الأجانب بمغادرة الأردن مع ملاحقة صاحب العمل المُهمل، فإن الوزارة تمنع العاملة من المغادرة. مكتب الجوازات على الحدود لا يسمح للأفراد المترتبة على تأشيراتهم غرامات لتجاوز مدد الإقامة القانونية بالمرور - كما حدث في حالات أخرى حققت فيها هيومن رايتس ووتش. قال أصحاب عمل نورالدين لـ"تمكين" إنهم لا يمكنهم دفع الغرامات ويأملون في تنازل الحكومة عنها. في الوقت نفسه، ما زالت نورالدين غير قادرة على مغادرة البلاد.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن الحكومة لا تحاسب مكاتب الاستقدام للعمل التي تستغل عاملات المنازل. في حالة أخرى من الحالات الـ 24 المذكورة، حضّر أصحاب عمل المدعوة و. م. سودارما سيبالي لإعادتها لسريلانكا بعد أن أتمتّ عقد عملها بمدة عامين، ولأنهم سينتقلون إلى قطر. أعطاها أصحاب العمل نقوداً لشراء تذكرة العودة لبلدها وأعطوها جواز سفرها، وأنزلوها ومعها أمتعتها عند مكتب الاستقدام. قالت سيبالي لتمكين إن المكتب لم يعيدها إلى بلدها، بل ألزمها بالعمل بدوام جزئي في عدة بيوت قبل أن تفر إلى السفارة في أغسطس/آب 2010. تراكمت عليها غرامات منذ وصلت إلى السفارة ولا يمكنها تحمل تسديد الغرامات ومن ثم لا يمكنها العودة إلى سريلانكا.

وفي حالة مشابهة، قام أصحاب عمل سانثا ماليكا بإعادتها إلى مكتب الاستقدام ومعها جواز سفرها ونقود تذكرة العودة، ونقود لتسديد الغرامات المستحقة عليها لتجاوزها مدة الإقامة القانونية، وقد تراكمت عليها هذه الغرامات لن الأسرة التي كانت تعمل لديها لم تستصدر لها مطلقاً تصريح إقامة. جاءت ماليكا للأردن في 13 أغسطس/آب 2008، وعملت لأكثر من عامين، المدة المطلوبة بموجب العقد لاستحقاق ثمن تذكرة العودة. لكن مكتب العمل جعلها تعمل بدوام جزئي بدلاً من السماح لها بالعودة إلى بلدها، فذهبت إلى السفارة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2010.

وفي يوليو/تموز 2010، عقد الأردن لجنة للعمالة المنزلية الوافدة في وزارة العمل، قوامها ممثلين من جميع الهيئات الحكومية المعنية، ومنها وزارة الداخلية، وسفارات الدول الراسلة للعمالة، ومكاتب العمل، والمركز الوطني لحقوق الإنسان، وهي هيئة حقوقية شكلتها الحكومة لكنها مستقلة. رغم الإلمام بشكل كامل منذ يناير/كانون الثاني بوضع العاملات السريلانكيات اللايت غادرن السفارة، فلم تتمكن اللجنة من تسوية حالة واحدة، حسب ما قالت تمكين لـ هيومن رايتس ووتش.

وقال كريستوف ويلكى: "يُخفق مسؤولو وزارة العمل ووزارة الداخلية في الاضطلاع بواجبهم الذي ينص عليه القانون الأردني، إزاء العاملات السريلانكيات". وتابع: "يجب أن يتنازلوا على الفور عن أي مسئولية تترتب على العاملات فيما يخص هذه الغرامات، وأن يسعوا بهمّة وراء المسؤولين الحقيقيين عن خرق القانون".

كانت هيومن رايتس ووتش قد كتبت في 27 يناير/كانون الثاني إلى سمير الرفاعي، رئيس الوزراء في ذلك التوقيت، تدعوه إلى إعفاء العاملات من الغرامات على الفور ودون شرط. أعلن الأردن في 15 مارس/آذار إنه سيعفي عاملات المنازل الوافدات من 50 في المائة فقط من الغرامات.

وفي رسالتها، ذكّرت هيومن رايتس ووتش أيضاً الأردن بأنه طالما ظلّت العاملات في المملكة، فإن الدولة مسئولة عن ضمان إتاحة المأوى الملائم لهن، بحسب المادة 11.1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والأردن طرف فيه. وقد أقامت العاملات أغلب فترة الشهرين ونصف الشهر الماضية في شقة من غرفتين تخص أحد المعارف، لكن صاحب المنزل قال لـ هيومن رايتس ووتش في 7 أبريل/نيسان إنه سيطلب منهن المغادرة بسبب شكوى الجيران. لا يوجد مكان آخر يمكن أن تلجأ العاملات إليه، ولا يوجد في الأردن دور رعاية حكومية.

وقال كريستوف ويلكى: "على الحكومة واجب يتمثل في ضمان حصول هاته النساء على الإسكان الملائم، على نفقة الحكومة إذا استدعى الأمر".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة