(القاهرة)- قالت هيومن رايتس ووتش اليوم أن حجب الحكومة المصرية غير المسبوق للانترنت ومعظم شبكات الهاتف الخلوي في البلاد، يشكل تهديداً رئيسياً لحقوق الإنسان الأساسية ويجب أن يُغيّر في الحال .
إن إغلاق شبكة الإنترنت هو ردٌّ واضح لمظاهرات ضخمة في كل أنحاء البلاد ، والتي بدأت تتصاعد بسرعة من احتجاجات ضد تعذيب الشرطة إلى دعوات لوضع نهاية لثلاثة عقود من حكم الرئيس حسني مبارك.
أكّد موظفو هيومن رايتس ووتش في مصر أن مزودي خدمة الانترنت ومقاهي الإنترنت ومعظم شبكات الهاتف الخليوي مُعطّلة .
وقال جو ستورك ، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إن تعتيم مصر للمعلومات هو خطوة متطرفة تهدف إلى تعطيل المسيرات المزمعة، للتعتيم على صور من وحشية الشرطة ، وإسكات المعارضة دفعةً واحدة وإلى الأبد. وأضاف "لكن إغلاق الحكومة المصرية للانترنت وأغلب الاتصالات السلكية واللاسلكية يعني أيضاً أنه يمكن للحكومة أن تتخذ إجراءات غير خاضعة للرقابة ضد مواطنيها، الأمر الذي يشكل تهديداً خطيراً لحقوق الإنسان".
وقد حكم مبارك مصر منذ عام 1981 بموجب قوانين الطوارئ، التي تعطي قوات الأمن سلطة اعتقال وحجز الآلاف تعسفياً بدون تهمة، لفترات غير محدودة من الزمن، بالإضافة إلى حظر المظاهرات.
وقد سهّلت ثقافة الإفلات من العقاب التعذيب المنهجي. وفي ظل هذه الخلفية، وُلِعَ ناشطو انترنت شباب بشكل متزايد باستخدام الانترنت، لتنظيم احتجاجات في الشوارع ولتبادل المعلومات حول القضايا.
وقال ستورك إن "مصر تنتهك بشكل فاضح التزامها بمعاهدة احترام حرية التعبير والمعلومات من خلال هذا الإجراء المتطرف. وأضاف " على الرغم من أن الاحتجاجات كانت في كل أنحاء البلاد، إلا أنها كانت سلميّة بشكلٍ عام ، وهي لا يمكن أن تبرر بأي شكل حجب شبكة الانترنت وخدمة الهاتف الجوال على صعيد الدولة".
ويمكن تقييد حرية التعبير والمعلومات إلى الحد " اللازم في مجتمع ديمقراطي " لحماية الأمن القومي والنظام العام المنصوص عليه في الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية وهي معاهدة أساسية لحقوق الإنسان، ومصر دولة طرف فيها إضافة إلى معظم الدول. ومع ذلك، فإن الاحتجاجات العفوية وحتى تأييد تغيير الحكومة، لا يعتبر تهديداً للسلامة الإقليمية لبلدٍ ما، كما أن الحاجة إلى السيطرة على الحشود لا تُبرّر القطع الشامل للخدمات الأساسية. وقد عاشت مصر منذ عام 1967 في ظل قوانين "حالة الطوارئ" القمعية والمنتقَدة على نطاق واسع، والتي تستخدمها الحكومة لتبرير تقليصها الواسع للحريات المدنية مثل الحق في الاحتجاج.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الإنترنت ووسائل الاتصالات المتنقلة هي أدوات أساسية لحقوق التعبير والمعلومات، وحرية التجمع وتكوين الجمعيات.
ويجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والحكومات الإقليمية المؤثرة اتخاذ خطوات فورية للضغط على مصر لوضع حد لحجب الاتصالات السلكية واللاسلكية على صعيد الدولة.
ويجب على شركات ومزودي خدمات الانترنت في مصر وخارجها، التصرف بمسؤولية لدعم حرية التعبير والخصوصية ،عن طريق الضغط على مصر لوقف الرقابة على منتجاتها وخدماتها.
أوقفت الحكومة المصرية شبكة الإنترنت خلال أسبوع من تصاعد المظاهرات العامة، والتي انطلقت من قبل مجموعة(فيس بوك ) باسم خالد سعيد، وهو رجل (28 عاما)، تعرض في يونيو 2010 للضرب المبرح حتى الموت على أيدي ضباط الشرطة في أحد شوارع الإسكندرية. جاءت قصة سعيد لترمز إلى الاستخدام الشائع مِن قِبل الحكومة المصرية لقانون حالة الطوارئ والتعذيب، والتجاهل الواضح لحقوق الإنسان الأساسية.
وقال ستورك إن "الهجوم الحكومي الموجه ضد الشعب بشأن المعلومات، أمر تقشعر له الأبدان، ويهدد بتشجيع الحكومات الأخرى في المنطقة على اتخاذ إجراءات مماثلة" . وأضاف "يجب على المجتمع الدولي أن يستجيب بسرعة لوضع حد لحجب مصر للمعلومات ولانتهاكاتها لحقوق الإنسان."