(نيويورك) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات السعودية أن تُلغي الحُكم الصادر بخمسين جلدة والحبس شهرين على الصحفي الذي كتب عن الغضب الشعبي إزاء انقطاعات الكهرباء.
كانت محكمة قبة العامة شمالي السعودية قد حكمت في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2010 على فهد الجخيدب، مراسل الجزيرة في قبة، وهي صحيفة يومية توُزع على مستوى السعودية. نُسب إليه الاتهام بـ "التحريض على التجمهر أمام شركة الكهرباء" جراء كتابته أن المواطنين يتجمعون للاحتجاج. وطعن في الحُكم وما زال طليقاً.
وقال كريستوف ويلكى، باحث أول في قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "لقد شجع الملك عبد الله المواطنين على إبداء آرائهم في بواعث القلق المشروعة. لكن يبدو أن من يفعل هذا له أن يتوقع الجلد العام والحبس".
الموضوع الذي كتبه الجخيدب وصف المصاعب التي يتعرض لها سكان قبة جراء انقطاع الكهرباء المتكرر، وظهر في صحيفة الجزيرة في 7 سبتمبر/أيلول 2008 بعنوان "سكان (قبة) يتجمهرون لطلب الكهرباء"، ولم يضم الموضوع أي دعوة للتحرك، بل اقتصر على وصف الاحتجاج ومطالب المتظاهرين:
تجمهر مئات المواطنين أمام وحدة الكهرباء بقبة مطالبين الشركة بإصلاح وضع الكهرباء في بلدة قبة حيث الأعطال المتكررة التي تسببت في إتلاف الأجهزة الكهربائية للمنازل والخسائر المادية للمحلات التجارية وإعلان حالات الطوارئ لأهل المرضى وخاصة الأطفال وكبار السن المصابين بالربو.
الحُكم الصادر بحق الجخيدب ورد فيه أن يتلقى 25 جلدة علناً أمام شركة الكهرباء. قال الجخيدب لـ هيومن رايتس ووتش إن أثناء محاكمته، شهد 45 شخصاً من السكان بالأضرار والخسائر التي لحقت بهم على مدار 15 عاماً بسبب غياب الكهرباء المستقرة، وكيف أن مدراء شركة الكهرباء تجاهلوا مطالباتهم بتحسين الخدمة.
وزارة الثقافة والإعلام المسؤولة عن الفصل في الشكاوى المتعلقة بالمطبوعات، لم تتدخل، لأن ادعاء قبة صنف الدعوى من شركة الكهرباء ضد الجخيدب على أنها قضية تحريض "أمنية". الجخيدب يشغل أيضاً منصب مدير مدرسة ثانوية محلية للبنين، بالإضافة لكونه صحفي.
وقال الجخيدب إن القاضي لم يحدد أحكاماً من القانون الوضعي أو الشريعة الإسلامية تنص على حظر التحريض أو المشاركة في التجمهرات العامة، أو الكتابة عنها. ولا يوجد في السعودية قانون عقوبات.
تحظر الحكومة جميع التجمهرات العامة ذات الطبيعة الاحتجاجية من حيث المبدأ. لكن لا توجد قوانين تنظم هذا الحظر، والتحريض على مظاهرة أو الكتابة عنها ليس من ضمن المخالفات الجنائية المعروفة. وللقضاة سلطة واسعة في تصنيف أي عمل على أنه جريمة مع تحديد العقوبة الخاصة به.
يضمن القانون الدولي الحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية التعبير. السعودية واحدة من 30 دولة فقط في جميع أنحاء العالم لم تصدق بعد على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المقننة فيه هذه الحقوق. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص بدوره على هذه الحقوق. وفي أبريل/نيسان 2009 أصبحت السعودية أول دولة عربية تصدق على الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والذي وفي مادتيه 24.و و32 يكفل الحق في التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير، والحق في نقل الأخبار إلى الآخرين بأي وسيلة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2007 حكم القاضي إبراهيم حسني من محكمة بريدة الجزئية، شمالي الرياض، على الأستاذ عبد الله الحامد وشقيقه عيسى الحامد، وهما مدافعان شهيران عن الإصلاح السياسي، بالحبس أربعة أشهر وستة أشهر على التوالي. ونسب الادعاء للأخوين تهمة التحريض على مظاهرة عامة. ورد في حُكم القاضي حسني إن الأخوين يجب أن يُعاقبا لأن أفعالهما أدت إلى وقوع أعمال مُحرمة في الإسلام.
وقال كريستوف ويلكى: "يتساءل المرء ما الذي اعتبره القاضي الذي أدان الجخيدب مبعث خزى أكبر: تجمهر عام للمطالبة بالكهرباء، أو الإعلان عن التجمهر في الإعلام". وتابع: "حرية التجمع وحرية التعبير هما دعامتان هامتان للمجتمعات المفتوحة الخاضعة فيها السلطة للمساءلة، لكنها قليلة في دولة قمعية مثل السعودية".