Skip to main content
تبرعوا الآن

مصر: يجب التحقيق مع الضباط الذين هاجموا المتظاهرين السلميين

المتظاهرون كانوا يحتجون على قسوة الشرطة

(نيويورك، 28 يونيو/حزيران 2010) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات المصرية أن تكف عن أعمال الضرب والقبض التعسفي على المتظاهرين السلميين وأن تحقق مع المسؤولين عن هذه الأعمال. ففي ثلاث مناسبات على الأقل على مدار الأيام الماضية، في 10 و13 و20 يونيو/حزيران 2010، قام رجال شرطة بضرب متظاهرين سلميين - والقبض عليهم تعسفاً - كانوا يحتجون سلمياً على ما عُرف عن ضرب الشرطة لشاب في الإسكندرية أفضى لوفاته، في 6 يونيو/حزيران.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "هذه الدائرة المفرغة من ضرب الأمن للمتظاهرين السلميين والقبض عليهم لساعات أو أيام ثم الإفراج عنهم دون نسب اتهامات إليهم، هذه الدائرة يجب أن تنتهي". وتابع: "يجب على مسؤولي الأمن أن يتعلموا كيف يؤدون عملهم دون انتهاكات جسيمة ترقى لمستوى العقاب بمعزل عن القضاء".

ومنذ انتشار صور لجثمان خالد سعيد المشوه على الإنترنت في الأيام التي أعقبت وفاته، وصف  شهود عيان  كيف شاهدوه وهو يتعرض للضرب المبرح إثر القبض عليه من قبل رجلي شرطة في ثياب مدنية. ونظم الناشطون في القاهرة والإسكندرية عدد من المظاهرات لإبداء الغضب على تعذيبه وقتله. وتم إنشاء صفحة خاصة بالواقعة على موقع الفيس بوك الاجتماعي بلغ عدد الأعضاء فيها 241 ألف شخص.

وتم تنظيم أكبر مظاهرة إلى الآن في 25 يونيو/حزيران بمدينة الإسكندرية، وشارك فيها أكثر من ألف متظاهر، منهم محمد البرادعي، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمرشح الرئاسي المحتمل.

وفي 20 يونيو/حزيران، قبض أفراد الأمن على 55 متظاهراً على الأقل، وتحفظوا عليهم نحو 4 ساعات قبل أن يفرجوا عنهم. وكان من المقرر عقد المظاهرة في الخامسة مساءً في ميدان التحرير بوسط القاهرة، لكن الحضور الأمني المكثف حال تماماً دون تنظيم أي تجمهر. فلجأ المتظاهرون للوقوف بالقرب من ميدان باب اللوق، وسارت مجموعة قوامها نحو مائة شخص من هناك عبر شوارع وسط البلد وهم يرددون شعارات ضد وزارة الداخلية قائلين بأنها مسؤولة عن وفاة خالد سعيد ومطالبين بالمحاسبة. وكان المتظاهرون يسيرون في شارع شريف عندما توقفت ثلاث سيارات أمن مركزي وبدأت عناصر شرطة مكافحة الشغب وضباط الأمن المركزي في دفع المتظاهرين للخلف.

وشاهد عاملون في هيومن رايتس ووتش أعمال ضرب أفراد الأمن وتفريقهم وقبضهم على المتظاهرين والصحفيين والمارة. وفي حالات كثيرة قامت شرطة مكافحة الشغب وأفراد الأمن في ثياب مدنية بضرب المتظاهرين، رجالا ونساء، لإجبارهم على التراجع للخلف. وحتى بعد حصار الأمن للمجموعة في شارع جانبي، استمرت قوات الأمن في ضربهم. وقبض الأمن على 55 متظاهراً على الأقل وابتعدوا بهم في عربات الشرطة الكبيرة. واستهدف الضباط من كانوا يرددون الشعارات فضلاً عن أعمال قبض عشوائية بحق متظاهرين آخرين. وكان سيد تركي الاستشاري لدى هيومن رايتس ووتش في صفوف المقبوض عليهم، ومعه عماد مبارك، مدير جمعية حرية الفكر والتعبير، وهي منظمة حقوقية غير حكومية، وكانا في المظاهرة لمراقبة مجرياتها.

وقال سيد تركي: "دخلت إلى الشارع الجانبي برفقة بعض المتظاهرين، ورأيت ضابط في ثياب مدنية يضرب إحدى المتظاهريات فحاولت التدخل لمنعه فقام خمسة رجال بجرجرتي وألقوا بي في عربة الشرطة". وأضاف: "وكان في العربة 29 شخصاً".

راح أفراد الأمن يتنقلون بالـ 55 متظاهراً المقبوض عليهم لساعات في العربات، ثم بدأوا في الإفراج عنهم على الطرق السريعة على مشارف القاهرة.

كما هاجم مسؤولو الأمن الصحفيين والناشطين الذين كانوا يُصوّرون المظاهرة وصادروا آلتي تصوير على الأقل. سارة كار، الصحفية المصرية البريطانية وتعمل في صحيفة "ديلي نيوز إيجبت"، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إنها كانت تُصوّر المظاهرة عندما أمسك رجل أمن بحزام الكاميرا المعلقة في كتفها وجذبها فسقطت على الأرض. وشاهد عاملون في هيومن رايتس ووتش رجل أمن يضرب ويركل فيليب رزق الناشط، عندما رأى الأخير يصور الأمن بكاميرا فيديو وهو يقبض على متظاهرين آخرين ويضربهم.

وقال جو ستورك: "على الأمن المصري أن يعرف أن هناك أساليب أخرى للحفاظ على النظام العام غير أعمال الضرب والاعتقالات التعسفية بحق المتظاهرين السلميين".

وفي 13 يونيو/حزيران، دعت مجموعة ناشطين شبان باسم 6 أبريل إلى عقد مظاهرة أمام مقر وزارة الداخلية. وهناك أيضاً منع تواجد أمني كثيف النشطاء من التجمع، لكن تمكن 200 شخص من الوقوف بالقرب من ميدان لاظوغلي، وهي منطقة مزدحمة تشغل وزارة العدل جانباً منها.

وقال أحد المتظاهرين لـ هيومن رايتس ووتش:

عندما وصلت إلى ميدان لاظوغلي كان هناك عدد ضخم من رجال الأمن المركزي، لكنهم تركونا نسير في أرجاء الميدان،  كنا نحو 200 شخص. رحنا نردد شعارات ضد وزارة الداخلية مطالبين بالعدالة لخالد. وبعد نحو نصف ساعة بدأوا في التجمع في كوردون للقبض على المتظاهرين الذين يرددون الشعارات، وقبضوا على أربعة أو خمسة أشخاص في أول هجمة.

وقبضت قوات الأمن على 36 متظاهراً ذلك اليوم، وأفرجت عنهم جميعاً في المساء نفسه. وكلما حاول أي من المقبوض عليهم المقاومة أو حاول الفرار، كان رجال الأمن يضربونه ويضربون الآخرين الذين يحاولون حمايته من التعرض للاعتقال. وقال أحد المقبوض عليهم لـ هيومن رايتس ووتش:

أمسكوا بي من بين صفوف مجموعة المتظاهرين ولكموني مرتين عندما حاولت الابتعاد. ثم دفعوني إلى عربة الأمن، وكان فيها في ذلك الحين 16 متظاهراً. صادروا هواتفنا المحمولة وبطاقاتنا الشخصية. ورأيتهم يصفعون ويركلون المتظاهرين داخل العربة.

ومنع ضباط الأمن الصحفيين من التقاط الصور أو التصوير بكاميرات الفيديو، وقبضوا لفترة قصيرة على ناشط واحد على الأقل، راح يصور أعمال الضرب بكاميرا هاتفه المحمول.

وفي 10 يونيو/حزيران، تجمع نحو 30 شخصاً أمام قسم شرطة سيدي جابر في الإسكندرية، مطالبين بإجراء تحقيق في وفاة خالد سعيد. قبضت الشرطة على 10 أشخاص، منهم سيدتين ومحامي أسرة خالد سعيد، إسلام العبيسي. ثم قبضوا على صحفيين اثنين لعدة ساعات. وأفرج الأمن عن خمسة متظاهرين فيما استجوبت النيابة العامة الخمسة المتبقين في الليل، واتهمتهم بتكدير السلم العام وإهانته والإضرار بسير المواصلات العامة، والمشاركة في مظاهرة غير قانونية.

وتسمح السلطات أحياناً بالمظاهرات في بعض الأماكن، مثل المظاهرات على سلم نقابة الصحفيين، أو أمام النيابة العامة أو مجلس الشعب. لكن المظاهرات العامة لا يُسمح بها إلا بموافقة مسبقة من مسؤولي الأمن، الذين لا يسمحون بالمسيرات مطلقاً. على سبيل المثال، سمحت السلطات بمظاهرة في 3 مايو/أيار من قبل نواب برلمانيين ضد تمديد قانون الطوارئ في جانب من ميدان التحرير، تم حصاره من قبل رجال الأمن.

مدونة سلوك الأمم المتحدة المعنية بمسؤولي إنفاذ القانون ورد فيها أن "لا يحق لقوات إنفاذ القانون استخدام القوة إلا في حالة الضرورة وبالدرجة المطلوبة لأداء الواجب". ومبادئ الأمم المتحدة الأساسية الخاصة باستخدام القوة والأسلحة النارية ورد فيها: "في أثناء تفريق التجمعات غير القانونية غير العنيفة في الوقت نفسه، يتعين على مسؤولي إنفاذ القانون تجنب استخدام القوة، وإذا لزم استخدامها، فيجب أن تقتصر القوة المستخدمة على الحد الأدنى المطلوب". كما ورد في المبادئ أن "على الحكومات ضمان أن الاستخدام المسيئ للقوة والأسلحة النارية من قبل مسؤولي إنفاذ القانون يُواجه بالعقاب كجريمة، بموجب قوانين الدولة".

قوات الأمن المصرية، في ضربها للأفراد واعتقالها إياهم في 20 يونيو/حزيران في شارع شريف، أخفقت في اتباع الأنظمة المصرية الخاصة بتنظيم أعمال إنفاذ القانون، بالأساس القرار الوزاري رقم 193 لسنة 1955. هذا النظام "المتعلق بالتجمعات العامة والمظاهرات في المحافل العامة"، يطالب السلطات بتحذير الأفراد بصوت مسموع من التجمع، وتحديد مهلة كافية من أجل التفرق عن المكان وذكر الطرق والاتجاهات التي يمكن سلوكها للمغادرة. وورد في هذا الأمر أنه في حالة عدم تفرق المتجمعين، فيجب إعطاء تحذير ثاني مفاده أن قوات الأمن قد تستخدم قنابل الغاز المسيل للدموع والهراوات لتنفيذ أمر التفرق. لكن هذا النظام يبدو في حد ذاته أنه تنويع على مبادئ إنفاذ القانون المذكورة، لتصريحه باستخدام الأسلحة النارية الخفيفة "مع التصويب على السيقان" إذا "رفض الحشد أن يتفرق".

وقال جو ستورك: "التزام مصر بضمان الحق في حرية التجمع يعني أن على السلطات تيسير استخدام الأماكن العامة للتظاهر وأن تغير اتجاه سير المرور إذا لزم الأمر".

وقد قام مسؤولو الأمن بخرق المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 11 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، ومصر طرف في المعاهدتين، لقيامهم بالقبض على المتظاهرين السلميين الذين كانوا يحاولون ممارسة حقهم في حرية التجمع. يمكن بموجب القانون تقييد هذا الحق، لكن بالدرجة اللازمة والضرورية "في المجتمع الديمقراطي". وأي قيود يجب أن تقتصر على المطلوب والمتناسب من أجل تحقيق هدف مشروع، ويجب ألا يتم اللجوء لمنع التجمع أو تفريقه إلا عندما يكون هذا ضرورياً من أجل الوفاء بهذا الغرض المشروع.

وقال جو ستورك: "للمظاهرات وظيفة ديمقراطية وعلى الدول الالتزام بحماية الحق في التجمع". وأضاف: "وحقيقة أن هؤلاء المتظاهرين كانوا يحتجون على قسوة الشرطة تعني زيادة أهمية احترام الحكومة لذلك الحق".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة