Skip to main content

رسالة إلى وزير الداخلية زرهوني عن الحق في حرية التجمع

 

 

 

السيد/ نور الدين يزيد زرهوني

وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية

قصر الحكومة

الجزائر العاصمة، الجزائر

معالي الوزير،

تكتب إليكم هيومن رايتس ووتش لنُعرب لمعاليكم عن قلقها بشأن الحظر المفروض على مظاهرة نُظمت في عين البنيان، وهي مدينة صغيرة تابعة لولاية الجزائر العاصمة، يوم 24 أبريل/نيسان للاحتفال بالذكرى 30 لـ "ربيع الأمازيغ".

ووفقا لمعلوماتنا، فإن المجموعات التي نظمت المسيرة، والتي كانت تضم تجمع-حركات-شباب Rassemblement-Actions-Jeunesse، والحركة الديمقراطية الاجتماعية وعدة أشخاص آخرين، تقدموا بطلب رسمي إلى الولاية لتنظيم المظاهرة، لكن المسؤولين هناك طلبوا منهم توجيه طلبهم، بدلا من ذلك، إلى رئيس  المجلس المحلي للمدينة (المجلس الشعبي البلدي). وكان المنظمون قد تقدموا يوم 13 أبريل/نيسان بطلب إلى المجلس الشعبي البلدي، مُحددين أن الهدف من المسيرة هو المطالبة بالحريات السياسية وإحياء ذكرى "الربيع الأمازيغي"، وهو مصطلح يعني ضمنا الموسم الذي احتج فيه الأمازيغ بشكل جماعي، قبل ثلاثة عقود، للمرة الأولى منذ استقلال الجزائر للمطالبة بالاعتراف بلغتهم وثقافتهم.

وقال لنا المنظمون إنهم لم يحصلوا قط على إجابة عن الطلب الذي تقدموا به. وفي 24 أبريل/نيسان، وهو اليوم المقرر لذلك الحدث، رأوا الشرطة تنتشر بأعداد كبيرة في عين البنيان. وبمجرد ما بدأ المتظاهرون المحتملون، نحو 30 مشاركاً، المسيرة مُرددين الشعارات، تدخلت الشرطة وبدأت في اعتقالهم. وسعى عدد قليل من المشاركين إلى اللجوء إلى مطعم قريب، لكن الشرطة تبعتهم وألقت القبض عليهم. ونقلت الشرطة الذين ألقت القبض عليهم وكان من بينهم ما يقارب جميع المشاركين الثلاثين، إلى مركز الشرطة في بلدية الشراقة المجاورة حيث استجوبهم الضباط الواحد تلو الآخر، وجعلوا كل واحد يُوقع محضرا قبل الإفراج عنهم بعد احتجازهم لعدة ساعات. ولم تصدر حتى الآن أي تهمة في حق أي واحد منهم في حدود علمنا.

إن الحق في التجمع السلمي مكفول بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صدقت عليه الجزائر في عام 1989. المادة 21 منه تنص على:

يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

كما يكفل الدستور الجزائري هذا الحق في المادة 41، التي تنص على أن "حريات التعبير، وإنشاء الجمعيات، والاجتماع، مضمونة للمواطن" والمادة 11 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب، والذي تُعتبر الجزائر طرفا فيه، تضمن أيضا الحق لكل إنسان "أن يجتمع بحرية مع آخرين".

ومع ذلك، فإن التشريعات الداخلية للجزائر وما يقرب من عقدين من "حالة الطوارئ" تقوض هذا الحق عن طريق وضع قيود فضفاضة وتعسفية على الحق في التجمع. ويشترط القانون 91/19 لـ 2 ديسمبر/كانون الثاني 1991، بشأن الاجتماعات والتجمعات العامة على منظمي التجمعات والمسيرات والمواكب في الأماكن العامة تقديم طلب للحصول على إذن مسبق من مسؤولي وزارة الداخلية قبل ثمانية أيام من الحدث. ويسمح القانون لهؤلاء المسؤولين برفض الترخيص إذا كان الاجتماع أو المظاهرة "يُعارض الثوابت الوطنية ... أو يمس رموز ثورة 1 نوفمبر، أو النظام العام، أو الآداب العامة".

إن قوانين حالة الطوارئ في البلاد تُعيق أكثر الحق في التجمع. فبموجب المادة 7 من مرسوم حالات الطوارئ (المرسوم الرئاسي رقم 92-44 في 9 فبراير/تشرين الثاني 1992)، "تؤهل وزير الداخلية والجماعات المحلية، والوالي المختص إقليميا، للأمر عن طريق قرار، بالإغلاق المؤقت لقاعات العروض الترفيهية، وأماكن الاجتماعات مهما كانت طبيعتها، وبمنع كل مظاهرة يحتمل فيها الإخلال بالنظام والطمأنينة العمومية". (مرسوم وافق عليه مجلس الوزراء في عام 2001 يحظر جميع المظاهرات العامة في الجزائر حتى إشعار آخر).

تشير أبحاثنا إلى أن السلطات في الممارسة، تحظر أو تُفرق المظاهرات السلمية في جميع أنحاء البلاد بشكل متكرر أكثر مما تسمح لها بالحدوث، كلما كان الدافع وراء المظاهرة هو نقل رسالة تُعتبر انتقادا للحكومة. هذه هي الحالة بغض النظر عما إذا كان منظمو المظاهرة قد أخطروا السلطات مسبقا بالحدث المُزمع تنظيمه. وقال لنا بعض النشطاء إنهم عادة لا يطلبون إذنا للتظاهر لأنهم لا يحصلون على أي رد حسب تجربتهم؛ بل يمضون في تنظيم الحدث، ويأملون أن يتم التسامح معه. وعلى النقيض من ذلك، عادة لا تقمع أو تتدخل السلطات في المسيرات الموالية للحكومة أو غير السياسية، مثل تلك التي يُنظمها مشجعو كرة القدم.

وفي رأينا، إن قيود الجزائر الفضفاضة و القائمة على المحتوى المفروضة على المظاهرات العامة، فضلا عن الحظر المطلق المفروض على المظاهرات التي جرت في الجزائر العاصمة، تنتهك التزامات الجزائر بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لضمان الحق في التجمع. ويوضح العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن القيود المفروضة على المظاهرات السلمية ينبغي أن تكون استثنائية ويُسمح بها بشكل ضيق لتكون "ضرورية في مجتمع ديمقراطي" وللحفاظ على "الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، وحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم". علاوة على ذلك، يجب على السلطات في معرض احترام الطابع الأساسي للحق في التجمع السلمي، أن تُعلن عن السبب وراء قرار منع التظاهرات وأن توفر آلية للطعن فيه.

وترصد هيومن رايتس ووتش ممارسة حق التجمع في الجزائر. وبالتالي سنكون ممتنين لتلقي ملاحظات معاليكم حول هذا الموضوع بشكل عام، فضلا عن تفسيركم الخاص لكيف أن تفريق مظاهرة عين البنيان يوم 24 أبريل/نيسان ينسجم مع التزامات الجزائر بموجب المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 11 من الميثاق الأفريقي.

شكرا على اهتمامكم. و تقبلوا فائق التقدير،

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

هيومن رايتس ووتش

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة