Skip to main content

  إسماعيل هنيه

رئيس الوزراء

قطاع غزة

معالي رئيس الوزراء إسماعيل هنيه،

نكتب إليكم على ضوء قرار مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي صدّق على تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة. ونرى في تقرير القاضي غولدستون خطوة أساسية للأمام، ونحو ضمان المساءلة لصالح الضحايا المدنيين في الحرب من جميع الأطراف. ومن العناصر الأساسية في التقرير دعوته جميع أطراف النزاع إلى إجراء تحقيقات داخلية موثوقة خلال ستة أشهر.

إننا نرحب بتصريح وزارة خارجيتكم في 15 أكتوبر/تشرين الأول، الذي ورد فيه أنكم ستجرون التحقيقات في المزاعم بحق جناح حماس المسلح وغيره من الجماعات الفلسطينية المسلحة. ومن ثم فإننا ندعو حماس إلى إجراء تحقيقات مستفيضة ومستقلة ونزيهة في خروقات القانون الإنساني الدولي المزعومة من قبل أعضاء كتائب القسام وغيرها من الجماعات المسلحة في قطاع غزة، وندعو حماس أيضاً إلى مقاضاة من تتبين مسؤوليتهم عن الهجمات الصاروخية التي استهدفت مراكز تجمع المدنيين الإسرائيليين - حسبما أوصى تقرير غولدستون - على أن تتم الملاحقة القضائية بما يتفق والمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

وتقر هيومن رايتس ووتش بأن عمليات الجيش الإسرائيلي أسفرت عن أضرار أكبر بكثير على أرواح وممتلكات المدنيين، مما أدت إليه العمليات التي شنتها الجماعات الفلسطينية أثناء نزاع ديسمبر/كانون الأول - يناير/كانون الثاني. وقد اتسم النزاع بتباين شاسع في القدرات العسكرية للطرفين، وقد وثقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب ارتكبتها القوات الإسرائيلية، ومنها الاستخدام غير القانوني للفسفور الأبيض، وقتل المدنيين بالصواريخ التي تطلقها طائرات الاستطلاع (الزنانة)، ومقتل مدنيين كانوا يحملون أعلاماً بيضاء.

إلا أن هذه الانتهاكات وعدد الوفيات الكبير في قطاع غزة لا يقلل من الحاجة لفحص الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب من قبل جميع الأطراف. ولا يمكن أن يبرر السابق انتهاكات حركة حماس. إن انتهاكات قوانين الحرب لا تُقاس بحجم الخسائر في صفوف المدنيين، بل بما إذا كان كل من أطراف النزاع قد اتخذ جميع الاحتياطات المستطاعة لتقليص الإصابات في صفوف المدنيين. واستخدام أسلحة غير متطورة لا يبرر الإخفاق في احترام قوانين الحرب؛ ولا يعني استخدام الخصم لأسلحة متطورة أن للطرف الآخر الحق في تجاهل تلك القوانين. الخسارة غير الضرورية في أرواح المدنيين لا يمكن تقليلها إلا إذا أقر الطرفان واحترما التزاماتهما بقوانين الحرب، بغض النظر عن درجة تطور أو بدائية الأسلحة لديهما.

كما يعن لـ هيومن رايتس ووتش أن تطلب من معاليكم التوضيح بشأن التصريحات في الآونة الأخيرة التي أدلى بها متحدثون رسميون باسم حماس، عن الهجمات الصاروخية لحماس على جنوب إسرائيل، كونها تستهدف قواعد عسكرية إسرائيلية وليس المدنيين الإسرائيليين. فقد ورد في تصريحات سابقة لقيادات من حماس، وحسبما تُبيِّن أبحاثنا، ما يشير إلى أن الهجمات الصاروخية التي شنتها حماس وجماعات فلسطينية مسلحة أخرى تعمدت استهداف المدنيين الإسرائيليين، أو تم إطلاقها نحو مراكز تجمع المدنيين الإسرائيليين بشكل عشوائي لا يميز بين المدنيين والعسكريين. تقرير غولدستون انتهى إلى أن حماس مسؤولة عن ارتكاب انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب، ومنها جرائم حرب، وربما جرائم ضد الإنسانية، على صلة بالهجمات الصاروخية التي استهدفت المدنيين الإسرائيليين.

وطبقاً لوكالة معاً الإخبارية، في حوار بتاريخ 1 أكتوبر/تشرين الأول، قال أحمد يوسف الاستشاري لوزير الخارجية بحماس: "قالت حماس طوال الوقت إنها كانت تستهدف القواعد العسكرية. ربما لأن الأسلحة المستخدمة بدائية، وهي صواريخ يدوية الصنع، فربما أخطأت بعض الصواريخ أهدافها، وبعضها سقطت قبل أن تصل إلى هدفها". وطبقاً لخدمات ميديا لاين الإخبارية، فقد أدلى يوسف بتعليقات مماثلة في 21 سبتمبر/أيلول: "في حماس قلنا إننا لن نتعمد استهداف المدنيين أبداً أثناء الحرب. هذه الصواريخ يدوية الصنع وتستهدف القواعد العسكرية، لكن بعضها أخطأ هدفه وأدى إلى [وفاة] ثلاثة إسرائيليين وإصابات قليلة".

وفي الماضي، أعرب مسؤولون من حماس وبعض الجماعات المسلحة الأخرى علناً عن نيتهم الظاهرة لاستهداف المدنيين الإسرائيليين، ساعين لتبرير هجماتهم على أنها أعمال ثأر قانونية من الهجمات الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين. على سبيل المثال، أبو عبيدة، المعروف بكونه المتحدث باسم كتائب القسام، قال في تسجيل فيديو مُسجل مسبقاً وتم بثه في 5 يناير/كانون الثاني 2009 إن "استمرار الغزو لن يؤدي إلا لزيادة مدى صواريخنا. سوف نضاعف عدد الإسرائيليين المعرضين لإطلاق النار". ولم يميز في كلمته على الإطلاق بين المدنيين والقوات العسكرية. وفي كلمة تم بثها في اليوم نفسه، قال محمود زهار: "العدو الإسرائيلي... قصف كل سكان غزة. قصفوا الأطفال والمستشفيات والمساجد، وبعملهم هذا فقد منحونا شرعية ضربهم بنفس الطريقة". وبموجب قوانين الحرب، فالأعمال الثأرية ضد المدنيين محظورة.

فضلاً عن أنه يبدو أن قيادات حماس زعموا أن الهجمات الصاروخية ضد المدنيين الإسرائيليين مبررة كجزء من أساليب المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. ففي مقابلة بتاريخ 5 مايو/أيار، يبدو أن رئيس المكتب السياسي بحماس، خالد مشعل، أقر بأن هجمات حماس الصاروخية تستهدف عمداً المدنيين الإسرائيليين. ففي معرض توضيحه لماذا قررت حماس وقف الهجمات الصاروخية في تلك الآونة، قال مشعل:

عدم استهداف المدنيين هو جزء من تقييم الحركة لخدمة مصالح الناس. إطلاق هذه الصواريخ وسيلة وليس غاية. وحق مقاومة الاحتلال حق مشروع، لكن كيفية ممارسة هذا الحق تقررها قيادة الحركة.

أي طرف يشارك في أعمال القتال، بغض النظر عن تبريره لحقه في المشاركة، يجب أن يلتزم بقوانين الحرب التي تنص على حماية المدنيين من الهجمات وتحظر توجيه الهجمات إلى الأهداف المدنية والهجمات التي من شأنها ألا تميز بين المدنيين والعسكريين أو تصيب الأعيان المدنية بشكل غير متناسب.

وطبقاً لموقع كتائب عز الدين القسام، فإن الكتائب أطلقت 345 صاروخ قسام و213 صاروخ غراد، وكذلك قذائف هاون وغيرها من الذخائر من 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 إلى 18 يناير/كانون الثاني 2009. موقع كتائب القسام يزعم المسؤولية عن وفاة المدنيين الإسرائيليين الثلاثة جراء الهجمات الصاروخية أواخر ديسمبر/كانون الأول 2008، وقد حققت هيومن رايتس ووتش في هذه الوفيات.

وقد أشارت تصريحات سابقة لكتائب القسام أيضاً إلى نية استهداف المناطق المدنية. ففي بيان لكتائب القسام بتاريخ 11 يونيو/حزيران 2006، ورد أنه رداً على هجوم إسرائيلي استهدف مجموعة من المقاتلين، فقد نفذت المجموعة هجوماً صاروخياً على سديروت وسوف تستمر في مهاجمة سديروت "إلى أن يفر سكانها رعباً. وسوف نحول سديروت إلى مدينة أشباح".

غياب القوات المسلحة الإسرائيلية من المناطق المصابة بالصواريخ يشير إلى أن الكثير من تلك الهجمات كانت تستهدف عمداً إصابة المدنيين والأعيان المدنية الإسرائيلية.

علاوة على أن الصواريخ التي أطلقتها حماس والجماعات المسلحة الأخرى لا يمكن تصويبها بدقة. فالأعيان المدنية التي تضررت في إسرائيل جراء الصواريخ منذ 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 شملت حضانة أطفال ومعبد ديني ومنازل للمدنيين. إن عدم القدرة على تسديد هذه الصواريخ بدقة أسفرت عن إصابة الصواريخ لمناطق في قطاع غزة أيضاً: ففي 26 ديسمبر/كانون الأول 2008 أصاب صاروخ فلسطيني منزلاً في بيت لاهيا، فأسفر عن مقتل فتاتين فلسطينيتين، تبلغان من العمر 5 و12 عاماً. وبموجب القانون الإنساني الدولي المُطبق، فالأسلحة من هذا النوع عشوائية بطبيعتها حين تُوجه إلى مناطق مأهولة بالمدنيين.

كما انتهكت حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة قوانين الحرب بإطلاقها الصواريخ من داخل مناطق مأهولة بالسكان. فأثناء القتال في مناطق حضرية، من غير المقبول بموجب قوانين الحرب إطلاق الصواريخ من أو بالقرب من مناطق مأهولة بالسكان مثل مناطق المدنيين الفلسطينيين، إذ يعرضهم هذا للهجمات المضادة الإسرائيلية، وهو انتهاك لالتزام وارد في قوانين الحرب، باتخاذ جميع الاحتياطات المستطاعة لتجنيب وضع الأهداف العسكرية بالقرب من أو في مناطق كثيفة السكان، وحماية السكان المدنيين من الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية.

إن توصيات تقرير غولدستون تُعد فرصة لسلطات غزة كي تكف عن الهجمات غير القانونية على المدنيين الإسرائيليين في المستقبل، وأن تفي بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بالتحقيق في الهجمات السابقة وتقديم المسؤولين عنها للعدالة. هيومن رايتس ووتش من جانبها لا تعرف بأية تحقيقات قامت بها السلطات الفلسطينية في مثل هذه الهجمات، وتدعوكم من ثم إلى إجراء تحقيقات مستفيضة ونزيهة على وجه السرعة.

مع بالغ الاحترام والتقدير،

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية

قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

هيومن رايتس ووتش

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.