Skip to main content

يجب على الولايات المتحدة التصديق على تقرير غولدستون الخاص بغزة

يجب مساندة إحقاق العدالة للضحايا من الجانبين

(واشنطن) - قالت هيومن رايتش ووتش اليوم إن على إدارة الرئيس أوباما أن تصدق بالكامل على تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة، بإشراف القاضي ريتشارد غولدستون، وأن تطالب بالعدالة لضحايا الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب في سياق النزاع.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن التقليل من شأن تقرير غولدستون بأكمله أو أجزاء منه يعني وجود تناقض بين التزامات الرئيس باراك أوباما المُعلنة بشأن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، وسوف تكشف عن سياسة للكيل بمكيالين في منهج واشنطن إزاء العدل الدولي، في توقيت غير ملائم. كما أن هذا يعني أيضاً تقويض جهود إحياء عملية السلام.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "الإخفاق في المطالبة بإحقاق العدل إزاء الهجمات التي استهدفت المدنيين في غزة وجنوب إسرائيل من شأنه أن يكشف عن نفاق في السياسة الأميركية". وتابعت قائلة: "لا يمكن لإدارة أوباما أن تطالب بالمساءلة على الانتهاكات الجسيمة في أماكن مثل السودان والكونغو ثم تغض النظر عن حلفاء مثل إسرائيل وتدعهم يفلتون بلا مساءلة. مثل هذا المنهج يدعم الحكومات المسيئة التي تتحدى جهود العدل الدولي".

وانتهت بعثة تقصي الحقائق الأممية الخاصة بنزاع غزة، بتكليف من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إلى أن كلاً من إسرائيل وحركة حماس قد ارتكبا انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب في سياق حملة الاثنين وعشرين يوماً أواخر ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني الماضيين، وبعضها يرقى إلى جرائم حرب، وربما دخل منها ضمن ما يُعتبر جرائم ضد الإنسانية. وقال التقرير إن أيا من الطرفين لم يجر تحقيقات كافية ونزيهة في مزاعم انتهاكات قوانين الحرب المفترض أن قوات كل طرف قد ارتكبتها.

ويوصي تقرير غولدستون بمنح مهلة ستة أشهر للحكومة الإسرائيلية ولحماس كي تُظهر خلالها أنها ستجري تحقيقات مستقلة ونزيهة. وورد في التقرير أن على مجلس الأمن أن ينشئ مجموعة من الخبراء المستقلين لمراقبة الوضع والكتابة عن مدى اتخاذ الطرفين لإجراءات على مسار التحقيقات الفعالة والنزيهة.

وحتى الآن، تكشف تصريحات المسؤولين الأميركيين عن التقليل من أهمية تقرير غولدستون. فالسفيرة سوزان رايس، الممثلة الأميركية الدائمة في الأمم المتحدة، قالت إن حكومتها لديها "بواعث قلق جدية إزاء الكثير من توصيات التقرير". وتحدثت هي ومسؤولون أميركيون آخرون عن أن التقرير "غير متزن والولاية المنشئة لبعثة التقصي كانت أحادية الجانب" وقالوا إن الولايات المتحدة تريد أن تبقى مناقشة التقرير في دوائر مجلس حقوق الإنسان، وألا تنتقل إلى هيئات أممية أخرى مثل مجلس الأمن.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن الولاية الأصلية للبعثة كانت بالفعل أحادية الجانب، لأنها كانت تُكلف البعثة بالبحث في انتهاكات مزعومة من طرف إسرائيل فقط. لكن ومع إصرار من غولدستون، وهو قاض دولي بارز وكبير الادعاء السابق في محاكم جرائم الحرب الأممية الخاصة برواندا ويوغوسلافيا، تمت مراجعة الولاية كي تشمل التحقيق في انتهاكات جميع أطراف النزاع. والتقرير بدوره يتصدى لإساءات ارتكبتها إسرائيل وحماس وجماعات فلسطينية مسلحة أخرى، بشكل تفصيلي، وكذلك انتهاكات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

وقالت سارة ليا ويتسن: "إن تقرير غولدستون، الذي لم يترك كبيرة ولا صغيرة في انتقاداته للجانبين، هو أفضل دليل على أن ولاية البعثة لم تكن - عملاً - متحيزة أو مجحفة". وأضافت: "إصرار الولايات المتحدة على أن يبقى التقرير في دوائر مجلس حقوق الإنسان وألا يصل إلى مجلس الأمن هو محاولة واضحة لاستخدام النفوذ من أجل تفادي اللجوء لآليات العدالة".

وزعم الولايات المتحدة بأنه يمكن الاعتماد على إسرائيل في التحقيق في أخطائها يتجاهل نسق الإفلات من العقاب جيد التوثيق في إسرائيل، ذات التاريخ من الانتهاكات للقانون الإنساني الدولي، حسبما قالت هيومن رايتس ووتش.

وقالت سارة ليا ويتسن: "أظهرت إسرائيل مراراً أن ليس لديها الإرادة السياسية الكافية للتحقيق في أعمالها بشكل محايد". وتابعت: "وسجل حماس الخاص بالتحقيقات الداخلية أسوأ من سجل إسرائيل".

وتقرير غولدستون، إذا تبناه مجلس الأمن، يوفر فرصة مواتية لكسر هذا النسق من الإفلات من العقاب، حسبما قالت هيومن رايتس ووتش. ومن المقدر أن تبدد الولايات المتحدة هذه الفرصة إذا هي حصرت مناقشة التقرير على مجلس حقوق الإنسان، لأن تركيز المجلس غير المحايد على إسرائيل يجعل من السهل على إسرائيل وغيرها من الأطراف أن تتجاهل التقرير. وقد تذرعت إسرائيل بالفعل بسجل المجلس غير المتوازن في تبريرها لرفضها التعاون مع تحقيق غولدستون.

وقالت سارة ليا ويتسن: "إذا كان الهدف هو إقناع إسرائيل أخيراً بإجراء تحقيقات نزيهة ومحايدة في مسلكها في غزة، فإن حصر الأمر على مجلس حقوق الإنسان يُعد خطوة غير سليمة بالمرة". وتابعت: "مجلس الأمن وحده هو الجهة التي لديها ما يكفي من سلطات ونفوذ كافية لإقناع إسرائيل بأن تأخذ على محمل الجد الحاجة لإجراء تحقيقات حقيقية".

كما وخففت رايس من الحاجة إلى العدالة باقتراحها بأنها قد تتعارض مع عملية السلام. وأرادت الحكومة الأميركية "ألا تنظر إلى الماضي بل إلى المستقبل [لأن] أفضل سبيل لوقف المعاناة والانتهاكات هو الخروج بحل طويل الأمد والوصول إلى السلام"، حسب قولها. وفي واقع الأمر، فإن استمرار الهجمات على المدنيين من الطرفين هو أكبر إعاقة ممكنة لإرساء الثقة المطلوبة للتقدم على مسار عملية السلام، حسبما قالت هيومن رايتس ووتش.

وقالت سارة ليا ويتسن: "الولايات المتحدة تخالف الواقع". وتابعت: "فإن وضع حد للإفلات من العقاب على الهجمات على المدنيين أمر مطلوب للتحرك إيجابياً على مسار عملية السلام".

ودعت هيومن رايتس ووتش الولايات المتحدة إلى دعم قرار يصدر من مجلس حقوق الإنسان للتصديق على تقرير بعثة تقصي الحقائق كاملاً، بما في ذلك التوصيات التي قدمها للهيئات الأممية المعنية كي تتابعها. وسوف يعرض مجلس حقوق الإنسان تقرير غزة في جنيف في 29 سبتمبر/أيلول.

وعلى النقيض من الماضي، فإن الحكومات التي كانت ترفض انتقاد حركة حماس يبدو الآن أنها مستعدة بالسماح بالتصديق الإجمالي على تقرير غولدستون في مجلس حقوق الإنسان، شريطة أن يتخذ مساندو إسرائيل الخطوة نفسها.

وقالت سارة ليا ويتسن: "إذا بدأت الولايات المتحدة وغيرها من حليفات إسرائيل في اختيار وانتقاء ما تريده من بين توصيات تقرير غولدستون، فسوف تقوض بعملها هذا فرصة تاريخية لوضع مجلس حقوق الإنسان على مسار أكثر استقامة".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة