Skip to main content

معالي الوزير أيمن عودة

وزير العدل

عمان

المملكة الأردنية الهاشمية

معالي الوزير أيمن عودة،

تكتب إليكم هيومن رايتس ووتش للإشادة بقراركم تخصيص محكمة متخصصة للنظر في قضايا "الشرف" - حسبما يُطلق عليها - في المملكة الأردنية الهاشمية. ونقر بأن هذا الجهد المبذول من قبل محكمة الجنايات هو مبادرة صادقة لضمان المحاكمة في جرائم الشرف بأسلوب متسق، وضمان المساواة في الأحكام التي تُنزل بالجناة في تلك الجرائم.

لقد تكرر إبداء هيومن رايتس ووتش لقلقها الجدّي إزاء الأحكام المخففة على الرجال الذين يقتلون أقارب لهم من النساء في الأردن، في تقريرنا الصادر في أبريل/نيسان 2004 بعنوان "تكريم القتلة" (انظر أدناه). والأحكام التي أنزلتها محكمة الجنايات الأردنية كانت بعيدة عن العدالة. على سبيل المثال، في 8 يوليو/تموز 2009، حكمت محكمة الجنايات بالسجن على رجل أردني يبلغ من العمر 29 عاماً قتل شقيقته بـ 12 رصاصة لأنها تعرضت للاغتصاب، حكمت عليه بالسجن سبعة أعوام ونصف العام، بعد التخفيف من العقوبة الأصلية المقدرة بخمسة عشر عاماً الواجبة على جريمته. وقد خفضت المحكمة العقوبة إلى النصف لأن بعض أقارب الضحية أسقطوا الاتهامات بحقه. وفي 3 فبراير/شباط 2009 حكمت محكمة على أردني آخر تبين قتله لشقيقته جراء حبها لرجل سوري، بالحبس ستة أشهر لا غير.

وقلقنا إزاء جرائم "الشرف" في الأردن مستمر، إذ تحصد هذه الجرائم حياة 25 امرأة تقريباً كل عام، بناء على دراسة حديثة (يونيو/حزيران 2009) بعنوان "جرائم الشرف في الأردن والعالم العربي" أجرتها المحامية لوبان دواني نمري. وحتى يوليو/تموز 2009 كانت 13 امرأة في المملكة قد تعرضت للقتل هذا العام. وثلاث من هذه الجرائم وقعت في شهر يوليو/تموز وحده. وتعكس هذه الأرقام الجرائم المُبلغ عنها فقط، وربما هي أقل بكثير عن النطاق الحقيقي للمشكلة. وعدد الضحايا غير المتغير - وربما كان في زيادة بسيطة - في جرائم "الشرف" يُظهر أن جهود الأردن المبذولة فيما مضى لمكافحة هذه الجريمة لم تكن بالجهود المثمرة.

ولكي يجدي أي نظام، فيجب أن يكون مُجهّزاً بما يكفي من الموارد من حيث البنية التحتية والعاملين. ومن واقع خبرة هيومن رايتس ووتش فإن إنشاء نظام قضائي موازي للتصدي لنوع معين من الجرائم - مثل المحكمة الخاصة لجرائم "الشرف" في الأردن - يمكن أن يصبح عائقاً يحول دون تحقيق المطلوب. وكثيراً ما تكون المحكمة الجديدة قليلة الموارد إلى حد كبير، أو إذا كانت جيدة الموارد، فقد تمتص الموارد والعاملين المطلوبين من نظام القضاء العادي. وأيا كانت الحالة، فضمان المساواة في إتاحة التقاضي تتطلب المراقبة الجيدة للعدالة في نظم المحاكم المتخصصة والعادية في الأردن. كما أن تشكيل محكمة خاصة يجب ألا يكون سبباً لتفادي ضمان أن القضاة وغيرهم من العاملين في نظام القضاء العادي - ممن ما زالوا يتعاملون مع جرائم الشرف في مجرى عملهم - يتصدون لهذه الجرائم بإنصاف ودون تمييز.

من ثم فإن هيومن رايتس ووتش توصي بأن تحصل المحكمة المتخصصة والعاملين المتخصصين فيها على التدريب والتعليمات لكافة القضاة، فيما يخص العنف ضد المرأة، لا سيما جرائم "الشرف". ونحن نعرف بأن المدعين العامين في الأردن تلقوا التدريب على العنف ضد المرأة من أجل القضاء على التمييز ضد المرأة في التعامل بجميع القضايا، من ثم فإن هؤلاء المدعين يمكنهم الإقرار بجدية العنف ضد المرأة وطبيعته الإجرامية، بما في ذلك ما يُدعى بـ "جرائم الشرف"، في نظام المحاكم العادية. وخليق بتدريب مماثل للقضاة بأن يحسن من استجابة نظام العدالة الجزائية في هذه النوعيات من الجرائم.

كما تعرب هيومن رايتس ووتش عن قلقها من أنه دون إصلاحات في القانون الجزائي، فإن نظام العدالة الجزائية قد لا يتمكن من الانتصاف على النحو الفعال من الجناة أمام القضاء. فعلى مدار سنوات، ضغط النشطاء الحقوقيون في الأردن من أجل إلغاء المادة 340 من القانون الجزائي، والتي تنص على عقوبة مخففة للقريب الرجل الذي يقتل قريبة له متورطة في عمل جنسي غير مشروع، وكذلك المادة 98 التي تنص على عقوبات مخففة إذا كانت جريمة القتل قد وقعت في حومة غضب الجاني. وفي أحكام أخرى، توجد عقوبات مخففة في حالة عدم مطالبة أقارب الضحية لما يُدعى "الحقوق الخاصة". وفي حالة جرائم "الشرف" داخل الأسرة فإن الضحية والجاني بالطبع من أعضاء الأسرة نفسها. وقد منع مجلس النواب الأردني في عدة مناسبات مثل هذه الإصلاحات في القانون الجزائي.

ويعتبر العنف ضد المرأة انتهاك لحقوق الإنسان، وهو جريمة يعاقب عليها القانون. في عام 2004 ذكرت اللجنة الثالثة للجمعية العامة بالأمم المتحدة في جلستها الـ 59 أن "الدول عليها التزام باليقظة في رصد ومنع والتحقيق في ومعاقبة الجناة في الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات تحت اسم الشرف". وفي عام 1992 ورد في التوصية رقم 19 للجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وجوب أن تشمل الإجراءات الموضوعة للقضاء على العنف الأسري تشريعاً يلغي الدفاع عن الشرف فيما يخص الاعتداء بالقتل على إحدى القريبات. والمادة 5 (أ) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ورد فيها تحديداً أن على الدول أن تغير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الإعتقاد بكون أى من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر. وبعد تصديق الأردن على الاتفاقية بسبعة عشر عاماً، في أغسطس/آب 2007، نشرت نص الاتفاقية في الجريدة الرسمية الأردنية، مما حولها إلى قانون داخلي واجب التطبيق.

وقد دعت لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، في جلستها الـ 39 المعقودة في أغسطس/آب 2007 والخاصة بمراجعة تقدم الأردن بمجال حقوق المرأة، دعت الأردن إلى ضمان معاملة "جرائم الشرف" على نفس درجة الجدية في معاملة الجرائم العنيفة الأخرى. كما دعت الأردن إلى "تعديل الأحكام المطبقة في القانون الجزائي دونما تأخير".

وفي تقرير "تكريم القتلة" أوصت هيومن رايتس ووتش الحكومة الأردنية بـ:

  • إلغاء مادة 340 من القانون الجزائي والتي تنص على أن الرجل الذي يقتل أو يجرح قريبة له متورطة في عمل جنسي غير مشروع يُعفى من أية عقوبة أو يستفيد من تخفيف العقوبة.
  • إلغاء المادة 98 من القانون الجزائي، والتي تسمح بالقتل إذا كان في "نوبة من الغضب"، دون عقوبات مخففة.
  • إلغاء الأحكام من القوانين التي تسمح للأقارب بإسقاط الاتهامات في جرائم "شرف" ينتج عنها تخفيف العقوبة.
  • القضاء على التمييز ضد المرأة بواسطة منع جرائم "الشرف" والتحقيق فيها ومقاضاة الجناة فيها.
  • تدريب القضاة على العنف ضد المرأة وجرائم "الشرف" على الأخص. بالإضافة إلى أن تدريب القضاة يجب أن يشمل تعليمات عن تضييق تعريف "الغضب" في الدفاع عن المدعى عليهم والذي يستعين بالمادة 98 من أجل تخفيف الأحكام بحق الجناة الذين قتلوا في "نوبة من الغضب".
  • توفير التدريب المتخصص لمدعين عامين بعينهم، في كل منطقة من المناطق، من أجل النظر في قضايا العنف ضد المرأة، ومنها "جرائم الشرف". بالإضافة إلى أن هيومن رايتس ووتش توصي بأن هؤلاء المدعين يجب أن يكونوا مسؤولين عن النظر في قضايا العنف ضد المرأة في جميع المحاكم بمناطق اختصاصهم.

وهذه المحاكم المتخصصة المعنية بجرائم "الشرف" التي سيتم إنشاءها قريباً يُستشف منها وعي الحكومة بأن عليها فعل المزيد للتصدي للجرائم القاسية والتمييزية بحق المرأة. إلا أنه ومن واقع خبرة هيومن رايتس ووتش، فإن الجهود المستدامة والشاملة فقط - وليس محكمة خاصة - هي التي قد تؤدي إلى تحقيق هدف إفشاء الحساسية من العنف ضد المرأة في مجرى نظام التقاضي العادي. ويجب أن يبدأ مثل هذا الجهد من الإصلاحات القانونية للقانون الجزائي، وأن يشمل أيضاً التدريب الملائم للقضاة.

إننا نتطلع قدماً للاطلاع على خططكم في هذا الشأن.

مع بالغ الاحترام والتقدير،

لايزل غيرنهولتز

المديرة التنفيذية لقسم حقوق المرأة

هيومن رايتس ووتش

نسخة إلى: القاضي نايف السمارات، رئيس محكمة الجنايات

             معهد القضاء الأردني

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.