Skip to main content

رسالة إلى الوزيرة هيلاري كلينتون عن حصار إسرائيل لقطاع غزة

الوزيرة هيلاري كلينتون،

أكتب إليكم بشأن تعليقاتكم بتاريخ 22 أبريل/نيسان على حصار إسرائيل لقطاع غزة. فإن وصفكم للسياسات الإسرائيلية يقلل كثيراً من أثر إغلاق الحدود، وهو لما يرقى لمستوى العقاب الجماعي لسكان غزة المدنيين، وهذا بمثابة انتهاك جسيم للقانون الدولي. وبدلاً من التقليل من شأن تبعات هذا الحصار، فإن هيومن رايتس ووتش تسألكم استخدام نفوذ الولايات المتحدة ونفوذ وزارتكم للضغط على إسرائيل من أجل الكف عن هذه السياسة التي تعاقب عمداً المدنيين لأجل الضغط على حماس. كما ندعوكم إلى الضغط على مصر، التي تعاونت كثيراً مع الحصار الإسرائيلي، من أجل السماح بمرور المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، الذي تسيطر عليه.

وتُقر هيومن رايتس ووتش بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد هجمات الجماعات المسلحة الفلسطينية في غزة، كما تدين هيومن رايتس ووتش على الدوام الهجمات الصاروخية المستمرة ضد المدنيين الإسرائيليين والأعيان المدنية الإسرائيلية. لكل السبل المشروعة للدفاع عن النفس لا تشمل الإضرار بالمدنيين في غزة. وترى هيومن رايتس ووتش أن الولايات المتحدة - الحليف السياسي والعسكري والمالي الأهم لإسرائيل - عليها التزام بالانتقاد القوي للسياسات التي تُشكل عقاباً جماعياً غير مشروع، وأن تعلن - الولايات المتحدة - أنها تتبرأ من هذه السياسات.

وفي جلسة للجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس بتاريخ 22 أبريل/نيسان، ورداً على أسئلة من النائب كيث إليسون، بشأن الوضع في غزة، كان ردكم: "المعابر لم تعد مغلقة تماماً وثمة مواد مختلفه  يتم نقلها عبر المعابر". وقلتم إنكم "دعوتم الحكومة الإسرائيلية إلى فتح المعابر قدر الإمكان وبالشكل المتناسب مع الاحتياجات الأمنية المشروعة لإسرائيل". إلا أنكم أضفتم: "وتوجد حالياً مواد اخرى يتم نقلها عبر المعابر" إلى غزة، و"الكثير مما قيل عنه إنه لم يُسمح بعبوره هي أقوال غير دقيقة لا أكثر".

وقولكم بأن الحصار على غزة ليس حاداً "كما قيل"، يبدو أنه يعكس رغبة للتقليل من شأن حدة أزمة الحصار التي تستمر في الإضرار أشد الضرر بمدنييّ غزة. وقد أجرى باحثو هيومن رايتس ووتش مؤخراً مهمة لتقصي الحقائق في غزة وشاهدوا بأنفسهم هذه الآثار الضارة، لا سيما على النساء والأطفال. وبعد شهور من الحملة العسكرية الإسرائيلية التي دامت 22 يوماً، يستمر المدنيون المعرضون للضرر في مكابدة آثار التضييق على الاحتياجات الأساسية وغيرها من الإمدادات الضرورية.

على سبيل المثال، فإن القيود الحدودية الإسرائيلية، التي تم تشديدها في الـ 22 شهراً المنقضية، تحول دون إعادة بناء المباني المدنية والأعيان المدنية التي تم تدميرها أو لحقت بها أضرار بليغة أثناء أعمال القتال الأخيرة. ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية يُقدر أن القتال أدى لتدمير والإضرار أشد الضرر بـ 21 ألف مبنى سكني، والآلاف من الأشخاص ما زالوا مشردون بلا منازل حتى الآن بسبب الحظر الإسرائيلي على مواد البناء، بما في ذلك أسمنت الخرسانة.

وثمة قيود أخرى أشد تعسفاً ولا يوجد ما يبررها من منطلق الاعتبارات الأمنية المشروعة. اليونسيف على سبيل المثال، تنتظر في الوقت الحالي موافقة إسرائيل على ثماني فئات من المواد التعليمية المطلوبة في غزة، ومنها معدات موسيقية، ومعدات لمادة الرياضيات، وملابس رياضية. وتفيد وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية بأنه خلال الشهر الماضي منع الجيش الإسرائيلي جمعية مزارعي الخضراوات الإسرائيلية من نقل شحنات من القرع والكيوي والأفوكادو إلى غزة. ودخول الطعام إلى غزة مستمر في المعاناة من التضييق الخانق، مع عدم تطبيق الجيش الإسرائيلي لقرار صادر من الوزارة الإسرائيلية بتاريخ 22 مارس/آذار 2009، يقضي بالسماح بدخول الطعام إلى غزة بناء على أسانيد غير مُحددة.

وفي بعض الحالات، تُعرِ         ض القيود الإسرائيلية على ما يمكن دخوله إلى غزة، المدنيين الإسرائيليين لقدر أكبر من الخطر. فطبقاً لجهاز نزع الألغام بالأمم المتحدة، فإن فرق نزع الألغام ما زالت غير قادرة على أن تُدخل إلى غزة المتفجرات التي تحتاجها لتدمير المتخلفات غير المتفجرة الباقية منذ الحرب. وبالنتيجة، فإن جماعات مسلحة في غزة، يبدو أنها من حماس، قد استولت على نحو 5 آلاف طن من الأسلحة غير المتفجرة التي أطلقها الجيش الإسرائيلي أثناء القتال، ومنها متفجرات شديدة التفجير، قبل أن تتمكن فرع نزع الألغام من تدمير هذه الذخائر. والمتفجرات داخل هذه الأسلحة يمكن استخدامها ضد المدنيين في إسرائيل.

وكما تعرفون، فإن إسرائيل مستمرة في ممارسة السيطرة الكاملة على حدود غزة ومجالها الجوي، باستثناء معبر رفح المشترك مع مصر. وفيما يحق لإسرائيل التفتيش على السلع الداخلة إلى غزة، فإن أي قيود يجب أن تكون لاعتبارات أمنية واضحة وليس لمجرد حجب المساعدات الإنسانية أو السلع المدنية الضرورية الأخرى. والقيود الموسعة بشكل مبالغ فيه على مثل هذه السلع الأساسية ى تعد انتها ك للقانون الإنساني الدولي، الذي يحظر على الحكومات التي تسيطر على إقليم معين أن تمنع دخول السلع الضرورية لبقاء المدنيين في هذا الإقليم على قيد الحياة.

كما تخرق القيود واجب إسرائيل بصفتها قوة محتلة، والخاص بكفالة صحة ورفاهية السكان المُحتلين، ويرقى لكونه عقاباً جماعياً بحق السكان المدنيين.

وقد أخفقت إسرائيل على طول الخط في ذكر مبررات أمنية محددة لرفضها السماح بدخول سلع أساسية كثيرة إلى غزة، أو في تبرير قيودها على دخول أنواع وكميات بعينها من السلع المدنية.

كما لا تفسر الاعتبارات الأمنية رفض إسرائيل فتح معبر كارني أو صوفا. وإذا تم فتح معبر كارني بالكامل، فيمكن أن يمر عبره شحنات من المساعدات يومياً أكثر من أي معبر آخر، بفضل الكواشف الأمنية التي تبرعت بها هيئة المعونة الأميركية، والتي تقبع حالياً بلا عمل. كما لم تذكر إسرائيل المنطق الأمني وراء حظرها للصادرات من غزة لأكثر من عام كامل، باستثناء عدة شحنات من الزهور مرت إلى أوروبا.

والمدنيون المتأثرون بالحصار الإسرائيلي منهم 750 ألفاً من أطفال غزة. وقد دمرت الهجمات الإسرائيلية سبع مدارس في شمال غزة وألحقت الأضرار بـ 157 مدرسة أخرى، طبقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ولا يمكن إجراء الإصلاحات الأساسية ما لم تسمح إسرائيل بدخول مواد البناء إلى غزة. وطبقاً للأونروا فإن 14 في المائة من عينات المياه المفحوصة في غزة ملوثة، وعدد حالات الأطفال تحت 3 أعوام المصابين بالإسهال الحاد فاقت مستوى "الخطر" في مارس/آذار. وأكثر من 22 ألف طفل في غزة ما زالوا لا تصلهم المياه عبر مواسير المياه.

كما تبقى احتياجات جرحى الحرب والمرضى المزمنين مثيرة للقلق بشكل خاص. وفي 21 أبريل/نيسان، أفادت الأمم المتحدة أن 64 "عقاراً طبياً ضرورياً" ما زالت نافدة من متجر غزة الأساسي للعقاقير الطبية، بما في ذلك أدوية للأمراض المُزّمنة. وفي فبراير/شباط، قابلت هيومن رايتس ووتش شخصاً مبتورة ساقيه يعاني من "ألم بتر الأطراف" من ساقيه، وابن عمه الصيدلاني، قال إنه بحاجة لعقاقير لتخفيف الألم ى التي لم تعد متوّفرة.

وفي المتوسط، عبرت 132 شاحنة مُحمّلة بالسلع إلى غزة يومياً في شهر مارس/آذار، وربع هذا العدد كان مساعدات إنسانية. ويُعد هذا بمثابة تحسن على نسبة الـ 17 في المائة في شهر فبراير/شباط، لكنه ما زال تحت معدل الـ 475 شاحنة يومية التي كانت تدخل غزة قبل استيلاء حماس على السلطة في يونيو/حزيران 2007. وطبقاً لتقارير إعلامية صدرت مؤخراً، فإن المئات من الشاحنات المحملة بالمساعدات "تتعفن" على الجانب المصري من الحدود.

والمساعدات الإنسانية ومواد البناء التي تدخل غزة بعيدة كل البعد عن كونها كافية، وثمة حاجة للضغط الأميركي كي تفي إسرائيل بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ولكي تساعد مصر في تسليم المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المُحتاجين.

سيدتي الوزيرة، إن مدنييّ غزة يعانون من تبعات حصار إسرائيل الذي يشل الحياة، وهم يستحقون اهتمامكم. وبدلاً من التقليل من شأن معاناتهم، فإننا نأمل أن تستخدموا ما بوسعكم من نفوذ للضغط على إسرائيل كي توقف حصارها، وأن تعكس تعليقاتكم العامة مبعث القلق هذا.

مع بالغ التحية والتقدير،

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية

قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة