12 يناير/كانون الثاني 2009
السيد بان كي مون
الأمين العام للأمم المتحدة
العنوان: New York, NY 10017
سيادة الأمين العام،
أكتب إليكم بعض التوصيات الهامة بمناسبة خروجكم في هذه الرحلة الهامة للتصدي للأزمة في غزة. إننا نرى وجود حاجة ماسة لاتخاذ إجراءات وصياغة آليات لحماية المدنيين وتوفير الإغاثة الإنسانية طويلة المدى وقصيرة المدى وكذلك إعادة التأهيل، ولضمان المحاسبة ولردع الانتهاكات في المستقبل للقانون الإنساني الدولي. من ثم فإننا ندعوكم إلى منح الأولوية لهذه المجالات في نقاشاتكم في المنطقة وضمن دعوتكم العلنية للتحرك والعمل.
حماية المدنيين
نظراً لضرورة حماية المدنيين في غزة، فإننا ندعوكم إلى إرسال عدة رسائل واضحة إلى طرفي النزاع والدول المجاورة. وعلى الأخص ندعوكم إلى:
-
إصدار بيان قوي يشدد على أهمية أن يلتزم الطرفان بالكامل بالقانون الإنساني الدولي. وكل من ينتهكون قوانين الحرب يجب أن يعرفوا أنهم سيُحاسبون في المستقبل جراء أعمالهم، ويمكن أن يساعد تحذير صارم منكم الآن على إنقاذ حياة الأفراد.
-
الإصرار على أن تفعل مصر وإسرائيل كل ما بوسعهما لإدخال المدنيين عبر حدودهما بما أنه لا يوجد مكان آمن للمدنيين داخل غزة. وكما قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريز لمجلس الأمن في الثامن من يناير/كانون الثاني، فإن على إسرائيل ومصر احترام الحق الشامل لمن يفرون من الحرب في التماس الملاذ الآمن في دول أخرى، وكذلك حقهم في العودة لدى انتهاء أعمال القتال.
-
دعوة إسرائيل إلى اتخاذ كل الاحتياطات المستطاعة لتفادي الهجمات غير المتناسبة أو العشوائية، وأن تكف عن الهجمات التي تفترض فيها أن الكيانات السياسية أهداف عسكرية مشروعة، وألا تستخدم الفسفور الأبيض "مادة التمويه" في المناطق المكتظة بالسكان.
-
دعوة حماس والجماعات المسلحة الفلسطينية الأخرى في غزة إلى وقف إطلاق الصواريخ على مراكز تجمع المدنيين في إسرائيل، وتفادي - بقدر المستطاع - نشر القوات أو تخزين الأسلحة في المناطق المأهولة بالمدنيين.
-
دعوة إسرائيل وحماس إلى دعم جهود الأمم المتحدة الرامية لخلق مناطق فيها قدرة أفضل على حماية المدنيين من أعمال القتال الدائرة. واتخاذ كل الإجراءات المستطاعة لتفادي القيام بعمليات عسكرية في مثل هذه الأماكن أو بالقرب منها، مثل مدارس الأونروا أو الأماكن الأخرى التي تستضيف الأشخاص المشردين.
-
دعوة إسرائيل إلى السماح لوسائل الإعلام ومراقبي حقوق الإنسان بالدخول إلى غزة.
-
إيضاح - لإسرائيل - أن أية خطط لهدم المنازل في رفح على امتداد مسار فيلادلفيا من أجل تدمير الأنفاق ينتهك مبدأين أساسيين من مبادئ القانون الإنساني الدولي، هما مبدأ التمييز ومبدأ التناسب. فتدمير مجموعة أخرى من المنازل لن يتسبب إلا في إطالة الأنفاق، ولن يوقف العمل على حفر الأنفاق. وكما أوضحنا في تقرير هيومن رايتس ووتش عام 2004 "هدم رفح" (https://www.hrw.org/en/reports/2004/10/17/razing-rafah-0)، توجد التكنولوجيا اللازمة لتحديد أماكن الأنفاق وتدميرها دون تدمير منازل المدنيين.
الأزمة الإنسانية
واجهت غزة أزمة إنسانية قبيل أعمال القتال الأخيرة نتيجة لحصار إسرائيل لغزة طيلة 19 شهراً، بدعم من مصر. وكان للحصار أثر كارثي على صحة وسلامة السكان المدنيين، إذ حرمهم من الطعام والدواء والوقود وغير ذلك من الضروريات الأساسية، ويشكل عقاباً جماعياً غير قانوني لحق بالسكان المدنيين. والآن أدى القتال لمفاقمة الأزمة، مع تدمير محطات الكهرباء وأنابيب المياه ومنشآت معالجة مياه الصرف.
ومع زيادة الأزمة الإنسانية نوصي بأن تعلن عن النقاط الأساسية والهامة التالية:
-
فترة "التوقف" الإنسانية لمدة 3 ساعات يومياً في الوقت الحالي غير كافية بالمرة لتوصيل وتوزيع المساعدات. وينبغي دعوة إسرائيل وحماس إلى دعم الممرات الإنسانية واتخاذ الإجراءات الأخرى الكفيلة بتوسيع دخول المساعدات الإنسانية إلى كل السكان المعرضين للمخاطر.
- يخضع مئات المدنيين في سائر أنحاء غزة للحصار جراء القتال، وما زالت القوات الإسرائيلية لا تسمح للطواقم الطبية والمنظمات الإنسانية بأداء عملها. وينبغي دعوة إسرائيل إلى تيسير عمل المنظمات الإنسانية، لا سيما طواقم العمل الطبية، بحيث يمكنها الوصول للجرحى والقتلى.
- ينبغي دعوة إسرائيل إلى أن توسع كثيراً من الجهود الإنسانية مع السماح بدخول المزيد من الشاحنات إلى غزة كل يوم، وفتح المزيد من المعابر مع إتاحة المزيد من التوزيع داخل غزة. وتوصيات المنظمات الإنسانية إلى إسرائيل تشمل:
- o منح الأولوية لزيادة الطحين والوقود (الصناعي والعادي) وغاز الطهي والنقود.
- o فتح معبر كارني لتوصيل الطحين.
- o السماح بتدفق الوقود دون إعاقة عبر ناحال عوز، بما في ذلك الديزل الصناعي الذاهب إلى محطة الكهرباء، وكذلك الديزل العادي والبترول وغاز الطهي.
المحاسبة
نرحب بدعوتكم إلى إجراء تحقيق في الانتهاكات الجدية المفترضة للقانون الإنساني الدولي. إلا أن سجلات كل من إسرائيل وحماس يتبين منها أقل القليل من الاستعداد لإجراء تحقيقات نزيهة في سلوك قوات كل من الطرفين. ومن ثم نعتقد أن ثمة حاجة إلى تحقيق دولي محايد للنظر في انتهاكات الطرفين.
والتحقيق الدولي أسلوب هام لإظهار أن الأمم المتحدة مهتمة كثيراً بمصير ضحايا النزاع. ويجب ألا يشمل التحقيق فقط القتال المكثف في الآونة الأخيرة، بل أيضاً سلوك الطرفين على مدار فترة العام ونصف العام الماضية، بما في ذلك هجمات حماس الصاروخية على المدنيين في إسرائيل وحصار إسرائيل لغزة. ولأن إسرائيل منعت الإعلام وجماعات حقوق الإنسان عن دخول غزة، فلا توجد فرصة إلا لتحقيق دولي في هذه اللحظة الحرجة من أجل الكشف عن الحقائق الأساسية ومن ثم تشجيع الطرفين على وقف الإساءات.
ونرى أن مكتبكم هو أفضل جهة لإجراء هذا التحقيق. فهيئات الأمم المتحدة وأقسامها الأخرى لا يمكنها منح التحقيق المكانة الرفيعة والمصداقية التي لا خلاف حولها التي يمكن أن يضفيها مكتبكم على التحقيق.
وفيما نُدرك أن نقطة التركيز في زيارتكم هي التسريع بنهاية للعنف ووقف الأزمة الإنسانية، فإننا نعتقد بأن إعلانكم عن تحقيق دولي هو أمر له نفس القدر من الأهمية وإذا تم تأجيله جراء عوامل سياسية فسوف يؤخر من حماية المدنيين والمحاسبة جراء الجرائم التي تم ارتكابها. وبدعوة الأطراف إلى احترام القانون الإنساني الدولي وتحذيرهم من أن فريقاً دولياً سيحقق في الانتهاكات، فأنتم ترسلون برسالة هامة مفادها أن المجتمع الدولي يراقب، مما سيردع الأطراف عن المزيد من الانتهاكات.
مع بالغ التقدير والاحترام،
كينيث روث
المدير التنفيذي
هيومن رايتس ووتش