تعبر الشبكة الأورو- متوسطية لحقوق الإنسان ومرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان (وهو برنامج مشترك بين الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب) ومنظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة حقوق الإنسان أولا عن قلقها العميق إزاء الاعتقال التعسفي والمحاكمة غير العادلة لاثني عشر عضوا من المجلس الوطني لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي. وتحث المنظمات الموقعة أدناه السلطات السورية على إيقاف المحاكمة وإطلاق سراح ناشطي حقوق الإنسان والناشطين السياسيين الاثني عشر فورا ودون قيد أو شرط.
الدكتور أحمد طعمة، السيد جبر الشوفي، السيد أكرم البني، الدكتورة فداء الحوراني، السيد علي العبد الله، الدكتور وليد البني، الدكتور ياسر تيسير العيتي، السيد فايز سارة، السيد محمد حجي درويش، السيد رياض سيف، السيد طلال أبو دان والسيد مروان العش هم جميعاً أعضاء المجلس الوطني لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، وهو تجمع معارض مؤيد للديمقراطية يضم أكثر من مائة وستين ناشطاً سياسياً ومدافعاً عن حقوق الإنسان ومفكراً وفناناً سورياً.
أُسس المجلس الوطني لإعلان دمشق في الأول من أيلول/سبتمبر 2007 بوصفة هيئة لمتابعة إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي الصادر في السادس عشر من تشرين الأول/أكتوبر 2005. وعقب نشر البيان الختامي للمجلس الوطني، تعرض المجلس لإجراءات صارمة وتضييق من قبل السلطات. وابتداء من تاريخ التاسع من أيلول/سبتمبر 2007، قامت مخابرات أمن الدولة السورية باعتقال أربعين عضوا من أعضاء المجلس ولا يزال الأعضاء الاثنا عشر الذين سبق ذكرهم من أصل الأربعين هؤلاء رهن الاحتجاز.
وفي الثامن والعشرين من كانون الثاني/يناير 2008، مثل الأعضاء الاثنا عشر أمام قاضي التحقيق بموجب تهم تتعلق بمواد قانون العقوبات السوري التالية: المادة 285 ("إضعاف الشعور القومي") والمادة 286 ("نشر أنباء كاذبة تضعف الشعور القومي") والمادة 306 (إنشاء جمعية "بقصد تغيير كيان الدولة الإقتصادي والإجتماعي") والمادة 307 ("أي عمل أو قول أو كتابة يُقصد منها إثارة النعرات المذهبية أو الحض على النزاع بين الطوائف"). وفي السادس والعشرين من آب/أغسطس 2008، ثبّت المدعي العام هذه التهم بينما نفى المُدعى عليهم جميع هذه الاتهامات قائلين بأن الهدف من وراء إعلان دمشق هو خلق حوار حول عملية الإصلاح الديمقراطي والسلمي في سوريا.
وسيترافع محامو الدفاع في الجلسة المقبلة أمام قاضي محكمة الجنايات الأولى والتي ستعقد يوم الرابع والعشرين من أيلول/سبتمبر 2008. ومن المتوقع أن يصدر الحكم في القضية بعد بضعة أسابيع. ويواجه المُدعى عليهم الاثنا عشر عقوبات بالسجن تصل مدتها إلى خمسة عشر عاماً.
ونذكر، نحن المنظمات الموقعة أدناه، بأن ما فعله الناشطون السياسيون ونشطاء حقوق الإنسان الاثنا عشر بتوقيعم على إعلان دمشق ومشاركتهم في تأسيس المجلس الوطني لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي ما هو إلا ممارسة سلمية لحقوقهم الأساسية التي كفلها الدستور السوري والقانون الدولي. إذ تنص المادة 38 من بين العديد من المواد الأخرى على أن "لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير الأخرى". وعليه فإن المحاكمة المنعقدة لدى محكمة الجنايات السورية تنتهك هذه الضمانات الدستورية.
كما أننا نخشى بأن المُدعى عليهم الاثنا عشر لن يتمتعوا بحقهم في الحصول على محاكمة عادلة. إن أحكام مواد قانون العقوبات مبهمة وفضفاضة إلى حد كبير بما يتيح للسلطات استخدامها في التضييق على المعارضين السلميين ونشطاء حقوق الإنسان. وعلاوة على ذلك، هنالك مخاوف جدية بأن المُدعى عليهم تعرضوا وسيتعرضون إلى معاملة سيئة أثناء احتجازهم. ورغم ادعاء ثمانية من المُدعى عليهم أمام قاضي التحقيق بأنهم تعرضوا للضرب أثناء استجوابهم وأُرغموا على التوقيع على اعترافات كاذبة، إلا أنه لم يجر فتح أي تحقيق مستقل فيما يتعلق بادعاءاتهم تلك. ومن المرجح أن تُستخدم هذه الاعترافات القسرية ضدهم في قاعة المحكمة. وبشكل عام، فإن تبعية القضاة والمدعين العامين السوريين للسلطات التنفيذية وانعدام استقلال القضاء لا يترك لنا سوى أمل ضئيل في أن تكون هذه المحاكمة عادلة تجري وفق المعايير الدولية.
وأخيرا، فإننا نشعر بقلق بالغ إزاء الوضع الصحي لبعض المُدعى عليهم المحرومين من الحصول على الرعاية الصحية المناسبة: السيد رياض سيف رئيس مكتب الأمانة العامة لإعلان دمشق والذي يعاني من سرطان البروستات محروم من الحصول على العلاج الكافي؛ الدكتورة فداء الحوراني رئيسة المجلس الوطني لإعلان دمشق والمحرومة من الرعاية الطبية التي يقتضيها مرض القلب الذي تعاني منه؛ السيد علي العبد الله، وهو صحافي مستقل، يُزعم أنه قد فقد السمع في أذنه اليسرى نتيجة للضربات التي تلقاها أثناء الاستجواب. وفي الثامن والعشرين من كانون الثاني/يناير 2008، فحص أحد الأطباء السيد علي العبد الله ولكنه رفض إصدار تقرير بذلك ومنذ ذلك الحين لم يحصل السيد علي العبد الله على أي علاج طبي. وإضافة إلى ذلك، نُقل السيد علي قبل ما يزيد عن الشهرين إلى جناح العقوبات في سجن عدرا في ظل ظروف أقسى بكثير عقابا له لامتناعه عن الوقوف أثناء محاورته أحد الحراس.
بناء عليه ندعو، نحن المنظمات الموقعة أدناه، السلطات السورية إلى:
سحب التهم ووقف المحاكمة الجارية لدى محكمة جنايات دمشق بحق كل من الدكتور أحمد طعمة، السيد جبر الشوفي، السيد أكرم البني، الدكتورة فداء الحوراني، السيد علي العبد الله، الدكتور وليد البني، الدكتور ياسر تيسير العيتي، السيد فايز سارة، السيد محمد حجي درويش، السيد رياض سيف، السيد طلال أبو دان والسيد مروان العش وإطلاق سراحهم فورا ودون قيد أو شرط؛
حماية المُدعى عليهم الاثني عشر وضمان سلامتهم الجسدية والنفسية لحين إطلاق سراحهم وذلك وفقا لقواعد الأمم المتحدة الدنيا لمعاملة السجناء، وكذلك ضمان إجراء تحقيق مستقل وتام بسرعة فيما يتعلق بادعاءات المُدعى عليهم بشأن إساءة معاملتهم وإكراههم على الاعتراف قسرا؛
وفي حال عدم سحب التهم، ضمان حق المُدعى عليهم في الحصول على محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة ونزيهة بما يتفق وما صادقت عليه سوريا من التزامات لا سيما المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة عام 1948، والمادة 14.1 و 14.5 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الأمم المتحدة عام 1966، وكذلك ضمان أن تكون إجراءات المحاكمة تلك منسجمة مع المعايير والمبادئ المعتمدة لدى هيئات الأمم المتحدة بما فيها المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية الصادرة عام 1985، والمبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة والصادرة في 1990.
وبوجه عام، فإننا نحث السلطات السورية على:
احترام التزاماتها فيما يختص بحقوق الإنسان كما حددها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة وكما تنص عليها الصكوك الدولية التي صادقت عليها سوريا لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية، وكما يكفلها الدستور السوري؛ وبناء على ذلك احترام حقوق المواطنين وصونها بشكل كامل فيما يتعلق بشكل خاص بالتمتع بحرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والحق في التجمع السلمي؛
الامتثال لأحكام إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة عام 1998 وتحديدا المادة الأولى منه والتي تنص على أنه ("من حق كل شخص، بمفرده وبالاشتراك مع غيره، أن يدعو ويسعى إلى حماية وإعمال حقوق الإنسان والحريات الأساسية على الصعيدين الوطني والدولي") والمادة الخامسة ("لغرض تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، يكون لكل شخص الحق، بمفرده وبالاشتراك مع غيره، على الصعيدين الوطني والدولي، في: أ- الالتقاء أو التجمع سلمياً ؛ ب- تشكيل منظمات أو جمعيات أو رابطات أو جماعات والانضمام إليها والاشتراك فيها ؛ ج- الاتصال بالمنظمات غير الحكومية أو بالمنظمات الحكومية الدولية").
وبناء على ذلك، وقف جميع أشكال المضايقة والترهيب والتهديد والهجمات المتعمدة بما فيها تلك التي تتم من خلال القضاء ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في سوريا، والإفراج الفوري عن جميع المحتجزين حاليا دون قيد أو شرط.
رفع حالة الطوارئ وإلغاء قانون الطوارئ السوري إضافة إلى تعديل كافة القوانين التي تجرم ممارسة حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات كي تتوافق مع التزامات سوريا في مجال حقوق الإنسان.
ضمان حق جميع المواطنين في الوصول الفعال إلى العدالة وكذلك الحق في الحصول على محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة ومحايدة.
كما ندعوا مؤسسات الاتحاد الأوروبي إلى:
إيصال استنكارها شديد اللهجة لمحاكمة الناشطين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان الاثني عشر إلى السلطات السورية على أرفع المستويات، وطلب إيقاف المحاكمة وإطلاق سراحهم فورا ودون قيد أو شرط؛
ربط أي تقدم مستقبلي على صعيد علاقاتها مع سوريا، لا سيما إدخال اتفاقية الشراكة المبرمة في السابع عشر من كانون الأول/ديسمبر عام 2004 حيز التنفيذ، بإدخال تحسينات حقيقية ودائمة على حالة حقوق الإنسان في سوريا وكذلك بالالتزامات الملموسة والقابلة للقياس التي تأخذها سوريا على عاتقها من أجل تحسين سياساتها في هذا المجال؛
احترام التزاماتها فيما يتعلق بحقوق الإنسان في إطار علاقاتها مع سوريا مستذكرين بأن المادة السادسة من معاهدة الاتحاد الأوروبي تنص على أن "الاتحاد قائم على مبادئ الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وسيادة القانون" ومستذكرين كذلك بأنه يتعين على جميع السياسات والإجراءات التي تتخذها مؤسسات الاتحاد الأوروبي أن تكون مبنية على هذه المبادئ؛
الامتثال لأحكام المبادئ التوجيهية للاتحاد الأوروبي بشأن المدافعين عن حقوق الإنسان عند تعاملها مع سوريا.
وأخيرا فإننا ندعو جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى:
إيصال استنكارها شديد اللهجة عن المحاكمة إلى السلطات السورية على أرفع المستويات، وطلب إيقاف المحاكمة وإطلاق سراح الناشطين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان الاثني عشر المذكورين أعلاه فورا ودون قيد أو شرط؛
وبشكل أكثر عموما:
ربط أي تقدم مستقبلي على صعيد علاقاتها الثنائية مع سوريا بإدخال تحسينات حقيقة ودائمة على حالة حقوق الإنسان في سوريا وكذلك بالالتزامات الملموسة والقابلة للقياس التي تأخذها سوريا على عاتقها من أجل تحسين سياساتها في هذا المجال؛
إرساء تواصل وإدامته مع المدافعين عن حقوق الإنسان المعرضين للخطر في سوريا من أجل توثيق انتهاكات حقوق الإنسان وتقديم الدعم عند الضرورة.
كمال جندوبي
رئيس الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان
ماثيو ايستن
مدير -- برنامج المدافعين عن حقوق الإنسان
جمعية حقوق الإنسان أولا
سارة ليا ويتسون
المديرة التنفيذية
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
هيومن رايتس ووتش
مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
سهير بلحسن
رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان
إريك سوتا
رئيس المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب