Skip to main content

نكتب إليكم بمناسبة زيارتكم المرتقبة إلى إسرائيل لندعوكم إلى الضغط عبر ما لديكم من تأثير من أجل وضع حد لسياسة إسرائيل الخاصة بحصار قطاع غزة، وكذلك من أجل إعلان الولايات المتحدة أنها تنأى بنفسها عن هذه السياسة. إذ أن قيود إسرائيل الشاملة على حركة السلع والأشخاص، بما في ذلك الوقود وغيرها من الضروريات اللازمة للمدنيين، تسببت في أزمة إنسانية واقتصادية حادة ذات آثار مُدمرة على غزة. وتُعتبر هذه القيود عقاباً جماعياً يستهدف سكاناً مدنيين، وهو ما يُعد مخالفة جسيمة للقانون الإنساني الدولي.

وإثر استيلاء حماس على السلطة في غزة في يونيو/حزيران 2007، نفذت إسرائيل حصاراً أكثر تشدداً على حدود غزة. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2007 بدأت في تقليل شحنات البنزين ووقود الديزل وغيرها من أنواع الوقود الواردة إلى غزة. وكانت نية إسرائيل المُعلنة هي الضغط على حماس والجماعات المسلحة الفلسطينية الأخرى لكي توقف هجماتها الصاروخية ضد إسرائيل.

وكل من هيومن رايتس ووتش وغيشا (مركز للدفاع عن حرية الحركة) وأطباء لحقوق الإنسان – إسرائيل، تدين بالكامل الهجمات الصاروخية الفلسطينية وغيرها من الهجمات التي تشنها أطراف فلسطينية على السكان المدنيين الإسرائيليين، مثل هجمة قذائف الهاون التي تسببت في مقتل أحد المدنيين في كفار عزة في 9 مايو/أيار، إذ أن هذه الهجمات تخالف الحظر الدولي على شن هجمات تتعمد استهداف المدنيين أو تلحق بهم الضرر عشوائياً. إلا أن الهجمات غير القانونية التي يشنها أحد أطراف النزاع لا تبرر ارتكاب الطرف الآخر لأفعال غير قانونية أخرى، والمتمثلة في فرض العقاب الجماعي في هذه الحالة.

وتُعد قدرة هذه السياسة الإسرائيلية على الحد من تأثير الجماعات المسلحة في غزة وتنفيذها لهجماتها، من الموضوعات الخلافية التي لا يمكن الاتفاق عليها، وبعض المسؤولين العسكريين الإسرائيليين شككوا صراحةً في فعالية هذه السياسة. أما ما هو واضح ولا خلاف عليه، فهو أن سكان غزة المدنيين يكابدون آثار سياسة الحصار التي شلت الاقتصاد في غزة وكذلك غالبية الخدمات الأساسية.

ويُعلي من وجوب وفاء الجانب الإسرائيلي بالتزاماته القانونية حقيقة احتلال إسرائيل لقطاع غزة في الوقت الحالي. فقد سحبت إسرائيل قواتها العسكرية من غزة في سبتمبر/أيلول 2005، إلا أنها ما زالت تسيطر فعلياً على المنطقة عن طريق سيطرتها على الحدود البرية لغزة، ومجالها الجوي ومياهها الإقليمية ونظام جمع الضرائب والسجل المدني الخاص بالسكان. كما أن إسرائيل هي المصدر الأساسي للكهرباء – بما أنه ليس مسموحاً لسكان غزة بالحصول على الوقود إلا عبر إسرائيل – كما أن إسرائيل هي المصدر الوحيد للوقود المطلوب لتشغيل وسائل النقل ولتشغيل شبكات المياه والمجاري والصرف الصحي والمنشآت الطبية. ويمكن للقوات المسلحة الإسرائيلية أن تدخل غزة متى شاءت، وهو ما تفعله بالفعل وبانتظام.

وبصفة إسرائيل القوة المُحتلة لغزة، يُحظر عليها مهاجمة أو تدمير أو مصادرة ضروريات الحياة الخاصة بالسكان المدنيين. فمثل هذه الأعمال تخرق واجب إسرائيل الخاص بحماية صحة وسلامة السكان الخاضعين للاحتلال. وبموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، الحاكمة لمعاملة المدنيين أثناء الحرب والخاضعين للاحتلال العسكري، فعلى إسرائيل الالتزام بحماية حقوق الفلسطينيين الخاصة بحرية التنقل، وضمان قدرتهم على الحصول على الرعاية الصحية والتعليم، والعيش في ظروف حياة طبيعية.

وفي خرق لهذه الالتزامات، كان منع إسرائيل الصارم لإمدادات الوقود والطاقة وغيرها من الضروريات عن قطاع غزة؛ ذات أثر بالغ على الخدمات الأساسية والبنية التحتية، مثل مستشفيات غزة ومحطات ضخ المياه ومنشآت الصرف الصحي. وقد شلت هذه القيود من وسائل النقل، سواء العامة أو الخاصة. وتدرك المنظمات الموقعة أدناه بأنه أثناء شهر أبريل/نيسان كان لهجمات الجماعات الفلسطينية المسلحة على المعابر الحدودية وإضراب موزعي الوقود والتظاهرات التي حالت دون استلام الوقود القادم من إسرائيل، أبلغ الأثر على مضاعفة الضرر الناجم عن نقص الوقود، لكن السبب الرئيسي للنقص هو قيود إسرائيل المُشددة على كميات الوقود المسموح بدخولها إلى غزة.

واضطرت منظمة الأونروا إلى قطع إمدادها وتوزيعها للطعام على ما يُقدر بـ 650000 من سكان غزة مرتين، في الفترة بين 24 إلى 28 أبريل/نيسان 2008، وفي 5 مايو/أيار 2008، وهذا لأنها لم يكن لديها ما يكفي من وقود لتشغيل أسطول عرباتها.

وقد أدت القيود الإسرائيلية على الوقود، وكذلك القيود على تصدير قطع الغيار الخاصة بمحطات معالجة المياه، إلى إيقاف معالجة المياه منذ يناير/كانون الثاني 2008؛ مما اضطر مصلحة بلديات مياه الساحل إلى التخلص من 10 إلى 40 مليون لتر من مياه الصرف في البحر يومياً. وفي الوقت الحالي تمنع إسرائيل أيضاً دخول وخروج الأشخاص إلى غزة ومنها، باستثناء حالات محدودة تسمح بها لما تعتبره ضروريات إنسانية؛ في حين يتم منع الفلسطينيين الذين يسعون للخروج من غزة أو دخولها للعمل أو للحصول على الرعاية الطبية أو للدراسة. كما قامت إسرائيل تعسفاً بمنع وتأخير ومضايقة سكان غزة من ذوي الاحتياجات الطبية الطارئة، من الحصول على العلاج خارج قطاع غزة. وطبقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن 32 شخصاً على الأقل ممن حُرموا من الحصول على تصاريح خروج قد لاقوا مصرعهم، وهذا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2007.

أما الأثر التراكمي لعملية الحصار هذه فهو تدهور الأوضاع الاقتصادية "على نحو يصعب معه التعافي من الأزمة"، حسب ما ذكر البنك الدولي. وفي مارس/آذار أفاد البنك الدولي بأن القيود أدت إلى إيقاف وتجميد 95 في المائة من العمليات الخاصة بأعمال الصناعة في غزة.

السيد الرئيس، ندرك أن إجراءات إسرائيل العقابية موجهة ظاهرياً نحو حكومة حماس الفعلية في غزة، وكذلك نحو الجماعات المسلحة. لكن هذه الإجراءات تسببت في ضرر جسيم لحق بمليون ونصف المليون من المدنيين ممن يسكنون في غزة. وباعتبار الولايات المتحدة حليف قوي لإسرائيل، يمكنكم من موقع قوة مطالبة إسرائيل بوضع حد لحالة الحصار غير القانونية التي تفرضها على قطاع غزة. ونشدد عليكم في الدعوة إلى إيضاح أن الولايات المتحدة الأميركية لا يمكنها دعم مثل هذا الانتهاك الواضح للقانون الإنساني الدولي، ولا أن تكون طرفاً فيه.

مع بالغ التقدير والاحترام،

جو ستورك
نائب المدير التنفيذي
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
هيومن رايتس ووتش

ساري بشي
المدير التنفيذي
غيشا

هداس زيف
المدير التنفيذي
أطباء لحقوق الإنسان - إسرائيل

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة