Skip to main content

الأردن: توضيحات بشأن التقرير العالمي 2008

رد هيومن رايتس ووتش على انتقاد وزارة الخارجية

قرأنا باهتمام ردكم التفصيلي على الفصل الخاص بتطورات حقوق الإنسان الكبرى التي وقعت في عام 2007 وهذا ضمن التقرير العالمي لـ هيومن رايتس ووتش لعام 2008. وردكم – وعلى الأخص التفاصيل التي قدمتموها – هو من بين المراسلات الأكثر فائدة التي تلقتها هيومن رايتس ووتش رداً على تغطيتها للأحداث. ونحن على ثقة بأن هذا بمثابة علامة على الجدية التي تتعامل بها المملكة الأردنية مع حماية حقوق الإنسان، ونأمل أن يسمح هذا المنهج الذي انتهجتموه، بالحوار الصادق بشأن القضايا الخلافية.

ونأمل أن نتمكن قريباً من الكتابة عن نتائج إيجابية ناتجة عن مبادرات الأردن نحو مزيد من الحماية لحقوق الإنسان في المجالات التي ذكرتموها، بما في ذلك مراجعة قانونيّ الاجتماعات العامة والجمعيات الخيرية، وتحسين مستوى المحاسبة جراء ارتكاب المسؤولين لإساءات بحق المحتجزين. ونعتزم أن تعكس هذه الرسالة العلنية التنويه بالجهود الأولية للأردن في هذه المجالات.

ونريد أن نذكر عدة نقاط رداً على تعليقاتكم. وفي البداية نريد الإشارة إلى أن النقطة الزمنية التي توقفنا لديها عن سرد الأحداث في التقرير السنوي هي أوائل شهر نوفمبر/تشرين الثاني؛ نظراً لاعتبارات الإنتاج الخاصة بالتقرير. ولهذا فلم نتمكن من إضافة التعديل الهام على المادة 208 من قانون العقوبات التي أصبح بموجبها تتم معاملة التعذيب والمعاملة السيئة للمحتجزين على أنها جرائم في الأردن، كذلك ما توافر من معلومات في ذلك الحين حول السماح للمراقبين المستقلين بدخول مراكز الاقتراع.

وقد أخذنا بأرقام الحكومة الخاصة بالحبس الاحتياطي، التي جاءت في التقريرين الحكوميين الدوريين الثالث والرابع المقدمين إلى لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بتاريخ 10 مارس/آذار 2006. وفي هذا التقرير تذكر الحكومة أن "الأعداد التراكمية السنوية الإجمالية للنساء الموضوعات رهن الحبس الاحتياطي بين عامي 1997 و2004 تتراوح بين 400 إلى 800 امرأة". وأثناء زيارة إلى الجويدة في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2007 – في وقت متأخر للغاية على ذكر ما تمت معرفته فيه ضمن التقرير العالمي – وجدنا 73 امرأة رهن الاحتجاز الإداري، وتصنف الحكومة 5 نساء منهنّ فقط باعتبارهن رهن الحبس الاحتياطي. إلا أن بعض المحتجزات الإداريات الأخريات كنّ محتجزات في ظروف مماثلة لظروف احتجاز النساء المحتجزات من أجل حمايتهن.

عن الاعتقالات التعسفية وإجراءات التقاضي السليمة والتعذيب:

من حيث المبدأ، ما زلنا قلقون بشأن استمرار الاحتجاز التعسفي لعصام العتيبي (أبو محمد المقدسي) في مركز احتجاز دائرة المخابرات العامة. وفي قرار تم الإعلان عنه على الملأ في 8 يناير/كانون الثاني 2008، خلص الفريق العامل بالأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي إلى أن: "حرمان السيد عصام محمد طاهر برقاوي العتيبي من الحرية يعتبر حرماناً تعسفياً" لكنه ظل رهن الاحتجاز في الحبس الانفرادي دون محاكمة لفترة تتجاوز حتى الآن ثلاثة أعوام. وفي يوم الجمعة 15 فبراير/شباط 2008 منعت دائرة المخابرات العامة أقاربه من زيارته، وكان العتيبي مضرباً عن الطعام منذ 4 فبراير/شباط احتجاجاً على احتجازه لأجل غير مسمى. واستمرار احتجاز العتيبي قائمٌ رغم وعود تمت الإفادة بالتقدم بها بإخلاء سبيله وكذلك في خط معاكس لاتجاه التطور الواقع في الأردن في يناير/كانون الثاني 2008 إزاء مشكلة محتجزين آخرين محتجزان منذ فترة طويلة دون محاكمة.

وتأكيدكم على أنه لا يتم اعتقال أحد في الأردن دون أمر اعتقال ليس بالتأكيد الذي يمكننا قبوله، بناء على مقابلات مع أكثر من مائة سجين حالي وسابق أكدوا أن السلطات القائمة بالاعتقال لم تعرض عليهم مثل هذا الأمر قط. ومن الممكن بالطبع أن هذه الأوامر موجودة، لكن لم يتم إظهارها للأشخاص الصادرة بحقهم. وفي هذه الحالة فإن الضمانة التي يكفلها أمر الاعتقال ضد الاعتقال التعسفي تعتبر ضمانة لاغية، بما أن الأمر ربما تتم كتابته بعد وقوع الاعتقال نفسه. فضلاً عن عناصر أن الادعاء العام الأردني، وهم ليسوا مسؤولين قضائيين مستقلين، وكما تقتضي قواعد حقوق الإنسان الدولي، يحكمون على قانونية احتجاز الشخص وبوسعهم إعادة المحتجزين إلى الاحتجاز، مما يزيل عن الأشخاص طبقة أخرى من تدابير الحماية. وأثناء مقابلاتنا مع رجال الادعاء العام الأردنيين، لم يتمكنوا من وصف المعيار الخاص بالدليل – إذا وجد – الذي يطبقونه لدى إصدار أمر اعتقال. وبهذا يمكن إصدار أمر اعتقال بناء على دليل ضعيف للغاية.

كما أنه لم يتم اعتقال أي محتجز بناء على أوامر اعتقال، ضمن حالات المحتجزين الإداريين التي حققنا فيها.

ومشكلة الاعتقالات بناء على أدلة ضعيفة واتهامات باطلة هي مشكلة حادة للغاية في دائرة المخابرات العامة. وقد أكدتم أن المحتجزين في دائرة المخابرات العامة هم محتجزون قانونيون. إلا أن القانون الدولي يتطلب أن يتم إخطار المحتجز بسبب اعتقاله، وأن يتم إخطاره على وجه السرعة بأية اتهامات منسوبة إليه، أو يُمنح حق التواصل مع العالم الخارجي. وعلى الرغم من هذا، كان أحد الأشخاص الذين قابلناهم في زيارة هيومن رايتس ووتش في أغسطس/آب 2007 لمركز احتجاز دائرة المخابرات العامة، لا يعرف أين هو. وكان محتجز آخر لا يعرف الاتهامات المنسوبة إليه. وحين أخطرته بها هيومن رايتس ووتش كان رد فعله هو الصدمة التامة. ويظهر أن اعتقال شخص ثالث لم يكن على صلة بقضية أمن وطني بالمرة، بل نتيجة لشكوى أم ارتابت في مقابلة ابنتها لهذا الشخص وفي وجود علاقة تربطها به.

ويمكن أن تساعد قدرة المحتجزين بدائرة المخابرات العامة على مقابلة المحامين فعلياً على التخفيف من مشكلة الاعتقالات التعسفية. ونوجه انتباهكم إلى رسالتنا بتاريخ 4 ديسمبر/كانون الأول 2007 الموجهة للسيد رئيس الوزراء نادر الذهبي، بشأن الاعتقال التعسفي لعصام العتيبي، إذ ستجدون في هذه الرسالة أمثلة على المعوقات التي تفرضها دائرة المخابرات العامة والادعاء العسكري على المحتجزين من حيث القدرة على تعيين ومقابلة المحامين. والحرمان من التمثيل القانوني في قضية العتيبي لم يكن واقعة منعزلة لم تقع للمحتجزين في دائرة المخابرات العامة. وقد طالب محتجز آخر هناك بأن يقابل محاميه، لكنه حُرم من مقابلته. كما لم يتمكن المحتجزون الستة التابعون لجبهة العمل الإسلامي وقت زيارة هيومن رايتس ووتش، من مقابلة محاميهم لفترة طويلة للغاية.

وتشيد هيومن رايتس ووتش بزيادة دائرة المخابرات العامة تقبلها لزيارات جماعات حقوق الإنسان. فمثل هذه الزيارات تبدو مناسبة على نحو استثنائي بما أن عمليات التفتيش القضائي البالغ عددها 35 عملية لم تكن فعالة في ضمان الالتزام الكامل بالقوانين. واعترف أحد هؤلاء المفتشين، في مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، بأنه لم يقض وقتاً وحده مع المحتجزين للاستماع إلى شكاواهم أثناء جولات التفتيش، بل كان يسأل مدير مركز الاحتجاز بالأساس عن شكاوى المحتجزين. ومثل "عمليات التفتيش" هذه لا يمكن أن تتبين وقوع الإساءات.

وقد تبيّنت هيومن رايتس ووتش وجود معاملة سيئة للمحتجزين أثناء زيارة دائرة المخابرات العامة في أغسطس/آب 2007، بما في ذلك التهديدات غير القانونية بالاحتجاز مدى الحياة، والتي يوجهها محققو دائرة المخابرات العامة للمحتجزين، وتهديدات بالترحيل العاجل دون اتباع الإجراءات، وإهانة المحتجزين بإجبارهم على تقليد سلوك الحيوانات، والتهديد باستخدام العنف على أفراد الأسرة والإضرار بهم. وثمة مشكلة منهجية تتمثل في الحبس الانفرادي بشكل منتظم للمحتجزين لدى دائرة المخابرات العامة. وإذا كان الاحتجاز في دائرة المخابرات العامة عرضة لقانون مراكز الإصلاح والتأهيل، كما أكدتم وأكد مسؤولو دائرة المخابرات العامة؛ فيجب أن يقتصر الحبس الانفرادي على حد أقصى سبعة أيام، وليس لشهور وسنوات كما يحدث لبعض المحتجزين حالياً.

ونحن مهتمون بمعرفة ما تم إنجازه بشأن الوحدة الجديدة بمديرية الأمن العام التي تم تأسيسها لتلقي شكاوى النزلاء بمراكز الاحتجاز وملاحقة المسؤولين المتهمين قضائياً. ولم نتلق بعد إحصاءات وتفاصيل حول ملاحقة مسؤولي مديرية الأمن العام التي وعدنا الأمين العام لوزارة الداخلية بها في أكتوبر/تشرين الأول 2007. أما متابعتنا مع مديرية الأمن العام في عام 2007 بشأن الإجراءات القضائية الخاصة بالقضايا الفردية بالتعذيب التي وثقناها، والتي لم يتم نشرها بعد، لا توحي بالثقة في أن قسم الشؤون القضائية بمديرية الأمن العام يسعى بهمة لمحاسبة المسؤولين. وظهر أن مديرية الأمن العام تسير بوتيرة بطيئة في قضيتي تعذيب ولم ترد على قضية تعذيب أخرى أرسلتها هيومن رايتس ووتش إلى السلطات الأردنية.

عن حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات:

هيومن رايتس ووتش مهتمة كثيراً بمعرفة التقدم الذي أحرزته الحكومة بمجال مراجعة قانون العقوبات والمواد الخاضعة للمراجعة فيه الخاصة بتجريم حرية التعبير. وعلى النقيض من تأكيدكم، فإن إبطال حبس الصحفيين في قانون الصحافة والمطبوعات لا يمنع "نهائيا" احتمال الاعتقال جراء التعبير المشروع عن الرأي. ويضم تقريرنا العالمي أمثلة على الحبس جراء التعبير المشروع عن الرأي.

وتؤكدون أن الاجتماعات مع الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية والاتحادات المهنية والغرف التجارية، وجهات أخرى، لا تتطلب إذن مسبق من المحافظ بموجب القانون القمعي الساري. وكنّا لنضم هذه المعلومات لتقريرنا لو كان محافظ عمان رد بمثل هذه المعلومات على رسالة أرسلناها له بتاريخ 21 يونيو/حزيران 2007 ندعوه فيها لعفو المنظمات غير الحكومية من السعي لطلب الإذن بعقد الاجتماعات العامة. إلا أنه يبدو أن الاجتماعات ضمن نطاق هذه المجموعات لا يمكن عفوها من وجوب طلب الإذن إلا بتشريع خاص. واجتماعات المجموعات العامة، مثلاً في أماكن مؤجرة بالفنادق، ما زالت بحاجة لإذن مسبق من المحافظ.

كما نلفت انتباهكم لتقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2007 "إقصاء المنتقدين". وقد تم توثيق حالات فيه يظهر منها رفض المحافظ لمنح المنظمات غير الحكومية وغيرها من الجماعات الإذن بعقد اجتماعات عامة، وأن هذا لم يكن مستنداً إلى اعتبارات تخص الأمن أو سلامة الأشخاص أو الممتلكات، كما تزعمون. وقد أخبرتمونا للمرة الأولى بأن رفض المحافظ يمكن الطعن فيه بالقضاء. ولتقييم فعالية مثل هذا الطعن، يُرجى أن تمدونا بالسند القانوني الذي يسمح بمثل هذا الطعن، وكل قضايا المحاكم الخاصة بمثل هذا الطعن منذ يونيو/حزيران 2001، وما انتهت إليه المحاكم من أحكام، ومنطق المحاكم في تأييد أو إلغاء الرفض بمنح الإذن، وحجج المحافظين التي تقدموا بها لتبرير قراراتهم بعدم منح الإذن.

وجراء الأسباب المتعلقة بالتوقيت المذكورة أعلاه، فلم نتمكن من الإشادة بوعد رئيس الوزراء نادر الذهبي في 8 يناير/كانون الثاني بتعديل قانون الاجتماعات العامة، وبسحب مشروع قانون الجمعيات الخيرية من البرلمان. ونتطلع قدماً لرؤية مشاريع قوانين جديدة كفيلة بحماية الحق في التجمع وتكوين الجمعيات. ونأمل أن يظهر قانون جديد بعد المراجعة يحمي استقلال المنظمات غير الحكومية ويمنع تكرار تدخل الحكومة في عام 2006 في عمل منظمتين غير حكوميتين كبيرتين، هما الاتحاد العام للجمعيات الخيرية وجمعية المركز الإسلامي. وهذه التدخلات تجاوزت أي أمر يمكن أن يتم بناء على تقصٍ قضائي فيما ارتكبت المنظمتان من تجاوزات إدارية ومالية.

عن اللاجئين العراقيين:

وأخيراً، تريد هيومن رايتس ووتش أن تطمئن الحكومة الأردنية لاعترافها بتحمل الأردن عبر عدة أعوام لعبء غير متناسب يتمثل في استضافة عدد كبير من اللاجئين العراقيين. ونستمر في دعوة الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي والبلدان المجاورة للأردن الواقعة جنوباً، إلى استضافة المزيد من اللاجئين العراقيين ودعم الأردن مالياً.

لكننا ننتقد السياسات من قبيل حرمان العراقيين في الأردن من وضعية اللاجئ، والإغلاق الفعلي للحدود في وجه طالبي اللجوء، وكما حدث في مرات عديدة على امتداد العامين الماضيين؛ إيقاف التعاون مع جهود المجتمع الدولي الرامية لمساعدة اللاجئين العراقيين في الأردن. وأثر السياسات الأردنية، مقترناً بسياسات الدول الغربية التي تفضل توفر الدعم المالي على قبول أعداد مناسبة من اللاجئين، يؤدي إلى تحويل العراقيين الفارين بحياتهم إلى أوراق تفاوض بين الأردن والولايات المتحدة وبريطانيا. وندعو الأردن بالالتزام بالقانون الدولي للاجئين بالاعتراف باللاجئين ممن لهم مطالب لجوء حقيقية صادقة وحمايتهم، بغض النظر عن وضعهم من حيث تصاريح الإقامة.

ونشكركم على اهتمامكم بهذه القضايا، ونتطلع قدماً لتلقي ردكم.

مع خالص التقدير والاحترام،

/s/

كينيث روث
المدير التنفيذي
هيومن رايتس ووتش

نسخة إلى: معالي الوزير ناصر جودة، وزير الخارجية بالوكالة
إبراهيم عواودة، مدير إدارة حقوق الإنسان والأمن الإنساني

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة