(نيويورك، 30 يناير/كانون الثاني 2008) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن فتحي الجهمي السجين السياسي الليبي البارز يعاني من حالة مرضية جسيمة ويحتاج للرعاية الطبية المستقلة.
ودعت هيومن رايتس ووتش إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الجهمي، وطالبت السلطات الليبية بتركه يقابل طبيباً خاصاً.
وقال جو ستورك القائم بأعمال المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "فتحي الجهمي مريض للغاية ويحتاج لرعاية طبية عاجلة". وتابع قائلاً: "ويجب إخلاء سبيله على الفور ويجب السماح له بمقابلة طبيب خاص".
والجهمي – 66 عاماً – رهن الاحتجاز منذ أربعة أعوام تقريباً دون محاكمة. ومن رآه من الأشخاص قالوا إن لون جلده تغير، وفقد بعض الوزن، وإن ساقيه متورمتين. كما أنه بلغ من الضعف درجة عدم القدرة على التحدث.
ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد من التقرير الخاص بصحة الجهمي، لكن أطباء مستقلين قاموا بزيارته في عام 2005 وشخصوا إصابته بالسكري وارتفاع ضغط الدم والقلب (http://physiciansforhumanrights.org/library/documents/reports/medical-assessment-of-fathi-el-jahmi.pdf).
ولم تتم الإجابة على طلبات هيومن رايتس ووتش وجماعات حقوقية أخرى تم إرسالها إلى الحكومة الليبية بشأن أوضاع الجهمي.
وقال جو ستورك: "تريد ليبيا أن يعتقد العالم أنها تغيرت، لكن احتجاز فتحي الجهمي غير القانوني والمعاملة السيئة المنهجية التي يتلقاها تُلحق الخزي بالدولة التي تريد قبول المجتمع الدولي لها".
خلفية
اعتقلت قوات الأمن الداخلي الجهمي لأول مرة – وهو حاكم إقليمي سابق – في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2002، بعدما انتقد الحكومة والزعيم الليبي معمر القذافي، وطالب بإبطال العمل بالكتاب الأخضر الخاص بالقذافي، وبالانتخابات الحرة في ليبيا وبحرية الصحافة وإطلاق سراح السجناء السياسيين. وحكمت عليه إحدى المحاكم بالسجن خمسة أعوام.
وفي 1 مارس/آذار 2004 قابل السيناتور الأميركي جوزيف بيدين القذافي وطالب بإخلاء سبيل الجهمي. وبعد تسعة أيام حكمت محكمة استئناف بتجميد الحكم بمدة عام وأمرت بالإفراج عنه في 12 مارس/آذار.
وفي اليوم نفسه أجرى الجهمي مقابلة في محطة الحرة التلفزيونية الممولة من الولايات المتحدة، وكرر في المقابلة دعوته بالتحول الديمقراطي في ليبيا. وأجرى مقابلة أخرى لنفس المحطة بعد أربعة أيام، وأطلق فيها على القذافي وصف الديكتاتور وقال: "كل ما تبقى له أن يفعله هو أن يُسلمنا سجادة صلاة ويسألنا أن نسجد أمام صورته ونعبده".
وبعد أسبوعين – في 26 مارس/آذار – اعتقلت عناصر أمنية الجهمي وزوجته وابنهما الأكبر. واحتجزت سلطات الأمن الداخلي ثلاثتهم في موقع غير معروف لستة أشهر، دون زيارات من الأقارب أو المحامين. وأطلقت السلطات سراح ابن الجهمي في 23 سبتمبر/أيلول 2004، ثم زوجته في 4 نوفمبر/تشرين الثاني.
ويحتجز جهاز الأمن الداخلي الجهمي منذ ذلك الحين. وقال رئيس الجهاز لـ هيومن رايتس ووتش في عام 2005 إن الجهمي مُحتجز في مركز خاص لحمايته ولأنه "مضطرب عقلياً".
وقال العقيد تهامي خالد: "أنا مسؤول عن رعايته الصحية واحتجازه وأريد أن أقول: إذا لم يكن هذا الرجل رهن الاحتجاز لأنه استفز الناس، كان ليتعرض للمهاجمة في بيته". وأضاف: "ولهذا فهو يخضع للمحاكمة... إنه في مركز احتجاز خاص لأنه مضطرب عقلياً ونحن قلقون من أنه قد يسبب لنا مشكلة".
وزارت هيومن رايتس ووتش الجهمي في مايو/أيار 2005 في مركز احتجاز الأمن الداخلي الخاص في طرابلس. وقال حينئذ إنه يواجه ثلاث اتهامات بناء على المادتين 166 و167 من قانون العقوبات الليبي، وهي محاولة قلب نظام الحكم، وإهانة القذافي، والاتصال بسلطات أجنبية. والتهمة الثالثة – على حد قوله – بسبب محادثات أجراها مع دبلوماسي أميركي في طرابلس.
وبموجب المادة 166 من قانون العقوبات يمكن فرض عقوبة الإعدام على أي شخص يتحدث أو يتآمر مع مسؤول أجنبي بغرض التحريض على أو الإسهام في هجوم ضد ليبيا. والمادة 167 تقضي بفرض عقوبة الإعدام جراء التآمر مع مسؤولين أجانب للإضرار بالموقف العسكري أو السياسي أو الدبلوماسي الليبي.
ومثل الجهمي للمحاكمة في أواخر عام 2005، لكن إجراءات التقاضي توقفت فجأة دون أي تفسير حكومي أو إعلان للاتهامات المنسوبة إليه. وقال محاميه الذي عينته الحكومة لـ هيومن رايتس ووتش في يناير/كانون الثاني 2006 إن الهجمي قد يواجه عقوبة الإعدام جراء مناصرة أو الدعوة لتأسيس تنظيم أو جمعية يحظرها القانون.
وينتهك احتجاز الجهمي ومعاملته السيئة القانونين الليبي والدولي، حسبما قالت هيومن رايتس ووتش.
والمادة 31 من الإعلان الدستوري الليبي لعام 1969 تنص على أن الأشخاص أبرياء حتى ثبوت الذنب ويجب أن يحصلوا على دفاع عادل، وكذلك ألا يتعرضوا للضرر النفسي أو البدني. والمادة 2 من شسيبشسيب تحظر أي عقاب من شأنه أن ينتهك كرامة وسلامة الإنسان. وللإعلان الدستوري والميثاق قوة الدستور.
وليبيا دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وفي اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، والميثاق الأفريقي الإقليمي لحقوق الإنسان والشعوب. ومن هنا، فإن ثمة التزامات قانونية متعددة ومُلزمة تجاه ضمان ألا يتعرض أحد للاحتجاز التعسفي أو يُحرم من إجراءات التقاضي السليمة وأن من هم رهن الاحتجاز لا يتعرضون للمعاملة اللاإنسانية أو المهينة، بل أن يُعاملوا بما يحترم الكرامة الإنسانية، بما في ذلك الحصول على الرعاية الصحية والعلاج الطبي الضروريين. وكما جاء في مجموعة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بحماية جميع الأشخاص
الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، فإن مسؤولية الدولة عن الخاضعين للاحتجاز لديها تشمل توفير الرعاية الصحية والعلاج الطبي لهم كلما كان هذا ضرورياً.
لمزيد من تغطية هيومن رايتس ووتش للأوضاع في ليبيا، يُرجى زيارة:
https://www.hrw.org/doc?t=mideast&c=libya