قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير ومقال مصور أصدرتهما اليوم إن الجماعات الإسلامية العنيفة في الفيليبين قد تسببت في مقتل وإصابة أكثر من 1700 شخص في عمليات تفجير وغيرها من الهجمات منذ عام 2000. كما شملت الهجمات، وكان معظمها في مينداناو وباسيلان وجولو وغيرها من الجزر الجنوبية، الاختطاف والإعدام والقتل رمياً بالرصاص.
ويناقش تقرير "تدمير الحياة: الهجمات على المدنيين في الفيليبين" – والذي جاء في 28 صفحة – الروايات الشخصية والصور الفوتوغرافية من مواقع التفجير وصور ضحايا الهجمات وذويهم. ويصف التقرير كيف تسببت الهجمات في مقتل الأطفال والآباء والأزواج والزوجات، وتسببت في معاناة شديدة كابدها الناجون من الحوادث وأقارب الضحايا. وادّعت كل من جماعة أبو سياف وحركة راجه سليمان، اللتان تعملان في جنوب الفيليبين، المسؤولية عن معظم الهجمات التي يعرضها التقرير.
وقال جون سيفتون، كبير باحثي الإرهاب ومكافحة الإرهاب في هيومن رايتس ووتش: "تسببت الجماعات المسلحة المتطرفة في نشر الرعب بين المدنيين في الفيليبين، وقاموا بتفجير الحافلات التي تنقل العمال، وأسواق الطعام حيث يبتاع الناس أغراضهم، والمطارات حيث ينتظر الأقارب ذويهم، والزوارق التي تقل العائلات".
وتربو الإصابات التي وقعت منذ عام 2000 على عدد يفوق من قُتلوا وأُصيبوا في عمليات التفجير التي وقعت خلال نفس الفترة في أندونيسيا المجاورة (تشمل تفجيرات بالي عام 2002)، وأكثر بكثير من عدد الذين قتلوا وأصيبوا في عمليات التفجير في أي من المغرب أو إسبانيا أو تركيا أو المملكة المتحدة. إلا أن نطاق العنف الواسع هذا لم ينتبه له أحدٌ من خارج المنطقة.
وحمّلت هيومن رايتس ووتش الحكومة الفيليبينية مسؤولية عدم ملاحقة المسؤولين عن الهجمات قضائياً. وبرغم القبض على عدة مشتبه بهم في عمليات التفجير منذ عام 2000، فإن هيومن رايتس ووتش تقول إن عدداً قليلاً منهم هم من مثلوا أمام المحكمة، وتأخرت الملاحقة القضائية في بعض الحالات لأكثر من أربع سنوات.
كما وجهت هيومن رايتس ووتش الانتقاد إلى قانون مكافحة الإرهاب الجديد "قانون الأمن البشري" والذي يشمل أحكاماً فضفاضة خطيرة تنتهك معايير حقوق الإنسان وتوسع من السلطات الحكومية في احتجاز المشتبه بهم في أعمال إرهابية لفترات غير محددة. وقالت هيومن رايتس ووتش إن القوانين الجنائية القائمة كانت أكثر من كافية لملاحقة الأفعال الإرهابية قضائياً.
وقال جون سيفتون: "ليست الفيليبين بحاجة إلى قانون جديد لمكافحة الإرهاب ينطوي على انتهاكات". وأضاف: "ولا تستخدم الحكومة القوانين التي لديها بالفعل، إذن فما حاجتها لأحكام قانونية جديدة تنتهك حقوق الإنسان؟"
ويعرض تقرير هيومن رايتس ووتش معلومات جديدة مؤكدة عن هجمات كثيرة وقعت في الأعوام الأخيرة. فعلى سبيل المثال، يشمل التقرير مقابلات مع الناجين من عملية تفجير الزورق سوبرفيري 14 في 27 فبراير/شباط 2004، وهو زورق ركاب سريع كان في طريقه من مانيلا إلى مينداناو. وتسببت القنبلة التي انفجرت في الزورق وهو على مقربة من ميناء مانيلا، في مقتل 116 شخصاً على الأقل. ويشمل القتلى 15 طفلاً، ستة منهم كانوا تحت سن الخامسة. وعانت 12 أسرة على الأقل من فقد أكثر من شخص منها، وتوفي 20 زوجاً وزوجة على الأقل معاً. وكان ستة من الأطفال الذين لاقوا حتفهم في الانفجار طلبة مدرسيين يمثلون مدارس شمال مينداناو، للمنافسة في مسابقة للصحافة في مانيلا.
كما يعرض التقرير تفاصيل عمليات تفجير 14 فبراير/شباط 2005 "عيد فالنتاين" في مانيلا ومدينتين آخريين في مينداناو. وقابلت هيومن رايتس ووتش مارك غيل بيغبيغ، وهو طالب يبلغ 31 عاماً، كان يأكل في مطعم للمأكولات الخفيفة في مدينة جنرال سانتوس حين انفجرت قنبلة بالخارج، وقال: " أعترتنا الدهشة... وأخذ الناس يصيحون: إنها قنبلة! ونظرت للأسفل فرأيت دمائي تجري على الأرض تحتي، وسقطت على الأرض". وأصيب بيغبيغ بإصابات خطيرة في ساقيه بسبب الشظايا والزجاج المكسور، واليوم، أكثر من عامين بعد الهجوم، لا يمكنه السير دون عكاز.
ويشرح التقرير كيف يعاني أيضاً الناجون الذين لحقت بهم إصابات بدنية طفيفة. فمثلاً أوريليا إسبيرا، وهي إحدى ضحايا هجوم في 2003، أخبرت هيومن رايتس ووتش دامعة عن رؤية جسديّ طفليها، وأحدهما انفصل عنه رأسه، وكذلك أم زوجها: "لا يمكنني نسيان هذا الحادث ما حييت، رأيت طفليّ راقدين في الطريق".
وادعى أعضاء من جماعة أبو سياف وحركة راجه سليمان المسؤولية عن الكثير من هذه الهجمات. وجماعة أبو سياف هي مجموعة إسلامية متطرفة انشق أعضاؤها في التسعينيات عن جماعات مورو المتمردة التي تعمل في جنوب الفيليبين حيث الأغلبية من المسلمين (وكلمة "مورو" هي مصطلح فيليبيني يعني مسلم). وحركة راجه سليمان هي مجموعة من المتحولين إلى الإسلام، وعلى صلات وثيقة بجماعة أبو سياف. وتهدف الجماعتان إلى إخراج المسيحية من مينداناو وجزر سولو و"استعادة" الحكم الإسلامي في الفيليبين.
وقال جون سيفتون: "ارتكبت جماعة أبو سياف وحركة راجه سليمان جرائم على نطاق هائل الاتساع"، وتابع قائلاً: "وقاموا بتفجير المدنيين عمداً واختطفوا عمال عاديين وذبحوهم، وابتزوا أصحاب الأعمال الصغار وأخذوا منهم النقود".
ولجماعة أبو سياف وحركة راجه سليمان صلات بأعضاء حاليين أو سابقين من الجماعة الإسلامية، وهي المجموعة الإسلامية الأندونيسية المسلحة المسؤولة عن عمليات تفجير بالي عام 2002. ويزعم مسؤولو الحكومة الفيليبينية أن عناصر من جبهة مورو الإسلامية للتحرير وجبهة مورو الوطنية للتحرير، قد وفروا المأوى والمساعدة على مدى السنوات الماضية، لأعضاء جماعة أبو سياف وحركة راجه سليمان والجماعة الإسلامية.
ولكن منذ عام 2003 يبدو أن زعماء جبهة مورو الإسلامية والوطنية قد قطعوا الصلات بالجماعة الإسلامية وأعلنوا نبذ العنف ضد المدنيين (وعلى الأخص نبذوا هجمات أبو سياف وراجه سليمان)، وقدموا دعماً نشطاً للقوات العسكرية الفيليبينية في إجراء عمليات ضد هذه الجماعات الثلاث. ويقدم الجيش الأمريكي دعماً واسعاً لهذه العمليات.
وقالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه من المحتمل أن الزعماء "المارقين" بجبهة مورو الإسلامية والوطنية، وكذلك "الزعماء المفقودين" كما يُطلق عليهم، قد وفروا المأوى والدعم لعناصر أبو سياف وراجه سليمان والجماعة الإسلامية خلال السنوات القليلة الماضية.
وقد ناشدت هيومن رايتس ووتش جبهة مورو الإسلامية وجبهة مورو الوطنية بأن تستمران في إدانة الهجمات المسلحة على المدنيين، والتي تشنها جماعة أبو سياف وحركة راجه سليمان والجماعة الإسلامية، وأن تستمر في التعاون مع السلطات على القبض على المسئولين عن هذه الهجمات العنيفة.
وقال سيفتون: "يستحق زعماء مورو الإشادة للنأي بأنفسهم عن الجماعات المسلحة التي تهاجم المدنيين". وتابع: "لكن عليهم التأكد من أنهم يفرضون سلطتهم على أعضاء جماعتهم".
وقالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن عدم تمكن الحكومة من ملاحقة المشتبه بهم في الهجمات قضائياً قد أسهم في ظهور ثقافة نظرية المؤامرة في الفيليبين، خاصة في الجنوب. وصدق زعماء مورو وغيرهم من القادة السياسيين المتشككين المزاعم القائلة بأن الحكومة نفسها مسئولة عن التفجيرات.. وهي ادعاءات تراها هيومن رايتس ووتش غير مستندة إلى دليل يدعمها. وناشدت هيومن رايتس ووتش وزارة العدل الفيليبينية بالسعي إلى الملاحقة القضائية مجدداً وعقد محاكمات عادلة وعلنية.
كما دعت هيومن رايتس ووتش الولايات المتحدة وغيرها من الدول المعنية إلى تقديم الدعم لمفاوضات السلام القائمة بين الحكومة الفيليبينية وزعماء مورو، للمساعدة على ضمان أن الاتفاقيات بين الحكومة الفيليبينية من جانب، وجبهة مورو الإسلامية وجبهة مورو الوطنية من الجانب الآخر، ستستمر قائمة، والترويج لحقوق الإنسان، ومنها الحق في حماية السكان المدنيين.
وقال جون سيفتون: "لكي يوضع حد للتفجيرات والاختطاف وغيرها من أشكال العنف، على الحكومات أن تضغط على قادة الفيليبين، في كل من مانيلا ومينداناو، حتى يركزوا أكثر على حماية أرواح المدنيين".
يوجد تقرير: "تدمير الحياة: الهجمات على المدنيين في الفيليبين"على رابط:
https://www.hrw.org/backgrounder/english/philippines0607
وللاطلاع على مزيد من تقارير هيومن رايتس ووتش عن الفيليبين، يرجى زيارة:
https://www.hrw.org/doc?t=asia&c=philip
وللاطلاع على مزيد من تقارير هيومن رايتس ووتش عن الإرهاب، يرجى زيارة:
https://www.hrw.org/doc/?t=terrorism