Skip to main content
تبرعوا الآن

مصر: يجب عدم تكريس حالة الطوارئ في الدستور

الاعتداء على المحتجين والصحفيين عشية الاستفتاء

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن التعديلات الدستورية المقترحة التي أقرها مجلس الشعب المصري في 21 مارس/آذار، تلغي من الناحية الفعلية الحمايات الأساسية ضد انتهاك حقوق المصريين في الخصوصية والحرية الفردية وأمن الأشخاص والمساكن ومجرى العملية القضائية. وكان مجلس الشعب وافق بأغلبية ساحقة على تعديل 34 مادة من مواد الدستور المصري عبر تصويتٍ جرى يوم الثلاثاء، والذي عبر في الوقت ذاته عن مواقف الأحزاب من موضوع الاستفتاء. كما قرر الرئيس المصري حسني مبارك إجراء استفتاء شعبي على هذه التعديلات اليوم، أي قبل أسابيع من الموعد المرتقب. وقالت أحزاب المعارضة، إضافةً إلى الإخوان المسلمين، إنها تعتزم مقاطعة الاستفتاء.

وفي الليلة الماضية، اعتقلت قوات الأمن ما لا يقل عن 13 ناشطاً كانوا في طريقهم للمشاركة في الاحتجاج على التعديلات المقترحة. وقال بعض شهود العيان والضحايا لـ هيومن رايتس ووتش، أن عناصر أمنية بالملابس المدنية، تؤازرها شرطة مكافحة الشغب قاموا بتطويق مجموعتين من الناشطين ومدوني الإنترنت في وسط القاهرة حوالي الساعة السابعة مساءً. وقام هؤلاء العناصر بضرب الناشطين ورفسهم، واعتدوا على عددٍ من المتظاهرات، وأخذوا بطاقات الذاكرة من ثلاث آلات تصوير رقمية تعود لصحفيين أجانب. في وقتٍ لاحق أخلت الشرطة سبيل اثنين من الناشطين الثلاثة عشر المحتجزين، لكن السلطات لم تفصح عن أية معلوماتٍ حول مكان احتجاز الباقين. وقال ناطقٌ باسم حزب الغد لـ هيومن رايتس ووتش اليوم أن قوات الأمن حاصرت الليلة الماضية مكاتب الحزب في القاهرة والإسكندرية وكفر الشيخ والبحيرة وبور سعيد، واحتجزت ستةً من أعضاء الحزب.

وكان الناشطون يحتجون على التغييرات المقترحة على المادة 179 من الدستور، وهي تعديلات تلغي الضمانات الدستورية التي تفرض على الحكومة استصدار مذكرةٍ قضائية قبل تفتيش مسكن أي مواطن، أو مراسلاته، أو اتصالاته الهاتفية، أو غيرها من وسائل الاتصال، وذلك عندما ترى أن للنشاط الذي تحقق فيه صلةً بالإرهاب. وفي هذه الحالات يكون من حق الرئيس أيضاً أن يحيل القضية إلى محاكم خاصة "استثنائية" أو إلى القضاء العسكري (وقرارات هذين النوعين من المحاكم غير قابلةٍ للاستئناف) بدلاً من إحالتها إلى المحاكم العادية؛ وهذا ما يمثل خطراً على حقوق الأفراد في المحاكمة العادلة. ومن شأن هذه التعديلات أن تعني أيضاً تفويض الأجهزة الأمنية بممارسة سلطة الاعتقال مما يفضي إلى حالات توقيف تعسفية من غير مدة اعتقال محددة، على الأغلب.

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "ما من استفتاءٍ يمكن أن يضفي الشرعية على هذه التعديلات الدستورية أو يجعلها متفقةً مع التزامات مصر الدولية". وتابعت تقول: "إن حق المصريين في الحماية من التفتيش والمصادرة، وفي استئناف القرارات القضائية، هي من حقوق الإنسان الأساسية التي لا يمكن للحكومة إهدارها من خلال التشريع".

ورغم أن من حق مصر، ومسئوليتها، حماية مواطنيها من العنف ومنع وقوع هجمات إرهابية، فإن لديها سجلاً يمتد لعشرات السنين من الإساءة إلى حقوق الإنسان باسم محاربة الإرهاب، بالاضافة الى سجلها في إحالة المحاكمات ذات الطبيعة الحساسة سياسياً إلى المحاكم الاستثنائية. وقالت هيومن رايتس ووتش إن تعديل المادة 179 يثير قلقاً خاصاً في ضوء التعريفات بالغة العمومية للإرهاب في القانون المصري. فعلى سبيل المثال، تُجرّم المادة 86 (مكرر) من قانون العقوبات المصري (وهو جزءٌ من تشريعات مكافحة الإرهاب التي تم سنها عام 1992) انتماء الشخص إلى أية مجموعة تدعو إلى تعليق الدستور أو القوانين، أو تعتبر "خطرة على الوحدة الوطنية أو السلم الاجتماعي"، أو قيامه بحيازة منشوراتها أو توزيعها.

إن قانون الطوارئ المصري، وهو ساري المفعول دون انقطاع منذ عام 1981، يعلّق أهم الحمايات الدستورية للحقوق الأساسية. وقد تعهّد الرئيس مبارك مراراً بإلغاء هذا القانون وسن قانون لمكافحة الإرهاب يحل محل بعض الأحكام الحالية. لكن التعديلات المقترحة على المادة 179 تسمح لقوانين مكافحة الإرهاب بتجاوز الضمانات الدستورية لحق الخصوصية وكفالة مجرى العملية القضائية.

وقالت ويتسن: "إن نقل السلطات الاستثنائية التي يمنحها قانون الطوارئ إلى السلطة التنفيذية لتصير جزءاً من الدستور لا يجعل هذه السلطات أكثر شرعيةً في نظر القانون الدولي"، مضيفة بأن "التعديلات المقترحة على المادة 179 من الدستور المصري تفرغ وعود الرئيس مبارك بإلغاء قانون الطوارئ من محتواها".

وثمة أحكام كثيرة في الدستور المصري تكفل الحق في عدم التعرض إلى التفتيش والمصادرة التعسفية، وكذلك حرمة المنازل والاتصالات الخاصة. فالمادة 41 من الدستور تؤكد أن:

    "الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون".

وتقول المادة 44 من الدستور المصري إن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقا لأحكام القانون". كما تقول المادة 45:

    "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون. وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الإطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقاً لأحكام القانون".

ومن شأن التعديلات المقترحة على المادة 179 من الدستور أن تلغي هذه الضمانات إلغاءً فعلياً في الحالات التي تعتبرها الحكومة ذات صلةٍ بالإرهاب. ويمكنها أيضاً أن تمنح أجهزة الأمن صلاحيات مطلقة في احتجاز الأشخاص وتفتيش المساكن ومراقبة الاتصالات دون إذنٍ قضائي. كما أنها تسمح للرئيس بإحالة أي مشتبهٍ فيه إلى أية محكمةٍ يراها، بما في ذلك المحاكم الاستثنائية أو العسكرية.

وبما أن مصر طرفٌ في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه عام 1982، فهي ملزمةٌ بكفالة حق كل امرئٍ في الحرية وفي الأمان على شخصه. وتقول المادة التاسعة من هذا العهد: "لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه". وبصفتها طرفاً في هذا العهد أيضاً، يترتب على مصر واجبٌ قانوني في كفالة أنه "لا يجوز تعريض أي شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل في خصوصياته أو شئون أسرته أو بيته أو مراسلاته" (المادة 17). لكن النص المقترح المعدل للمادة 179 من الدستور المصري تخرق هذين الالتزامين معاً.

وقالت ويتسن: "إن موظفي إنفاذ القانون في مصر يملكون جميع الوسائل اللازمة لمكافحة خطر الإرهاب دون تعديل الدستور بطريقة تودي بحقوق المصريين الأساسية في الأمان على مساكنهم وخصوصيتهم وحريتهم وحقهم في الأمن وفي المحاكمة المنصفة". وتابعت تقول: "على الرئيس مبارك أن يقترح تعديلاتٍ جديدة تحمي حقوق المصريين الأساسية على نحوٍ واضح".

يقول محامون من مركز هشام مبارك، "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، ومن مركز نديم لضحايا العنف، إن الأشخاص التالية أسماؤهم كانوا بين الذين احتجزوا في القاهرة يوم 25 مارس/آذار:
1- عمر الهادي (مدون إنترنت)؛
2- محمد جمال (مدون إنترنت)؛
3- أحمد دروبي (خبير بيئي)؛
4- مالك مصطفى (أخلي سبيله بعد ساعاتٍ قليلة)؛
5- كريم الشاعر (مدون إنترنت)؛
6- عمر مصطفى (مدون إنترنت)؛
7- محمد عبد القادر (موظف إتصالات)؛
8- مدحت شاكر (أخلي سبيله بعد ساعاتٍ قليلة)؛
9- أدهم الصفتي (مخرج أفلام)؛
10- محمد راشد؛
11- خالد مصطفى؛
12- أحمد سمير (طالب)؛
13- محسن هاشم (ناشط سياسي)؛
14- جانو شربل (صحفي لبناني، وقد احتجز لفترةٍ قصيرةٍ أيضاً).

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة