قالت هيومن رايتس ووتش اليوم أن محكمة جنائية في الجيزة أصدرت هذا الأسبوع حكما بالسجن لمدة ثلاثة سنوات على عماد الكبير، وهو سائق الميكروباص البالغ من العمر 21 عاما الذي كان قد تعرض للتعذيب والاغتصاب على يد عناصر من الشرطة في العام الماضي، بتهمة مقاومة السلطات والاعتداء على شرطي. والآن يواجه عماد خطر الرجوع إلى نفس قسم الشرطة الذي تم فيه تعذيبه على يد عناصر الشرطة الذين قاموا بعدها بتوزيع مشاهد اغتصابه في تسجيل فيديو.
وقال عماد الكبير لـ هيومن رايتس ووتش أن عنصرين بملابس مدنية احتجزاه يوم 18 يناير/كانون الثاني 2006 بعد تدخله في مشاجرة بين هذين العنصرين وبين ابن عمه واقتاداه على إثرها إلى قسم شرطة بولاق الدكرور حيث قام رجال الشرطة بضربه وتقييد يديه وساقيه واغتصابه بعصا بينما كان أحدهم يصور المشهد بهاتفه المحمول. ويظهر التسجيل عماد أثناء اغتصابه وهو يصرخ ويتوسل إليهم طالبا الرحمة .
وفى تقرير للشرطة صدر في 18يناير/كانون الثاني 2006 ورد أن عماد اُحتجز بسبب "مقاومة السلطات" والاعتداء على موظف أثناء تأدية عمله. وفى 9 يناير/كانون الثاني 2007 وتقريبا بعد انقضاء شهر من تقدم عماد بشكوى إلى النيابة العامة حول الإيذاء الذي تعرض له في الحجز، حكم القاضي سمير عبد المعطى على عماد بالسجن لمدة ثلاث أشهر.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "على السلطات المصرية تحمل مسئولية سلامة عماد الكبير في السجن". وأضافت: "يتعين على السلطات ألا ترسل عماد مرة ثانية إلى الحجز ليواجه مزيد من الأذى والترهيب وأن تتخذ خطوات فورية لمحاكمة الأشخاص الذين قاموا بتعذيبه".
وقال عماد الكبير أن رجال الشرطة قالوا له أنهم وزعوا التسجيل المصور على بقية سائقي الميكروباصات في الحي "لكسر عينه". وكان التسجيل قد نُشر في المدونات المصرية على الإنترنت في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني فأثار اهتماما صحفيا كبيرا وغضبا شعبيا عارما.
وفى أوائل ديسمبر/كانون الأول تعرف عماد الكبير على عنصرين من عناصر الشرطة الذين قاموا بتعذيبه وهما النقيب إسلام نبيه والعريف رضا فتحي من قسم شرطة بولاق الدكرور ورفع شكوى إلى النيابة العامة. واستدعت النيابة عماد في 12 ديسمبر/كانون الأول للاستجواب بشأن شكواه وفى 24 ديسمبر/كانون الأول تم احتجاز العنصرين للتحقيق. وفى جلسة منفصلة عُقدت في 9 يناير/كانون الثاني رفض القاضي عبد المعطى، وهو نفس القاضي الذي حكم على عماد الكبير بالسجن، إطلاق سراح عنصري الشرطة بكفالة ومن المقرر أن تبدأ محاكمتهما في مارس/آذار.
قالت ويتسن: "يقع على الدولة التزام بحماية عماد الكبير باعتباره شاهدا في قضية تعذيب". وأضافت: "إن إرساله مرة أخرى إلى نفس المكان الذي عُذب فيه بناء على اتهامات قدمها ضده المتهمان بتعذيبه يثير قلقا بالغا بشأن سلامته".
وتقضى اتفاقية مناهضة التعذيب، والتي صادقت عليها مصر في 1986، بحماية أي شخص يدعى تعرضه للتعذيب وجميع شهود وقائع التعذيب إذ تنص على "ضمان حماية مقدم الشكوى والشهود من كافة أنواع المعاملة السيئة والتخويف نتيجة لشكواه ولأي أدلة تقدم". وتنص الاتفاقية ذاتها على أن مصر ملزمة بحظر أي شكل من التعذيب وسوء المعاملة وحماية الضحايا من خلال إجراء تحقيقات سريعة وشاملة ونزيهة في جميع مزاعم التعذيب وبتوجيه التهم الجنائية في الحالات التي تستوجب ذلك.
وتنص المادة 42 من الدستور على أن أي شخص محتجز "يجب معاملته بما يحفظ كرامة الإنسان، ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا". ومع ذلك تقدم المادة 126 من قانون العقوبات المصري تعريفا ضيقا إذ تعتبر أن التعذيب إساءة جسدية لا تحدث إلا عندما يكون الضحية "متهما" وعند استخدامه كوسيلة لانتزاع الاعتراف. وهذا التعريف يستبعد (على نحو خاطئ) حالات الإساءة النفسية والعقلية، كما يستبعد الحالات التي يُرتكب فيها التعذيب ضد شخص "غير متهم" وبغرض آخر غير انتزاع الاعتراف.
وكثيرا ما طالبت هيومن رايتس ووتش والمشرعون المصريون الحكومة بتعديل قانون العقوبات بحيث يتضمن التزامات مصر المنبثقة عن القانون الدولي لحقوق الإنسان، وإجراء تعديلات على القوانين التي تجيز حبس المحتجزين انفراديا لشهور كاملة. وقالت هيومن رايتس ووتش أن الحبس الانفرادي ييسر من إساءة معاملة المشتبه بهم في ظل مناخ الإفلات من العقاب ويجعل من التعذيب في مقار الاحتجاز في مصر أمرا معتادا.
وقالت ويتسن: "إن إقدام الأشخاص الذين عذبوا عماد الكبير على تصوير جريمتهم في تسجيل فيديو يوحى بأنهم ظنوا أنهم سيفلتون من العقاب". وأضافت: "على الحكومة المصرية إنهاء البيئة السائدة للإفلات من العقاب الذي فضحها التسجيل".