Skip to main content

لبنان: ضرورة حماية المدنيين من القذائف غير المنفجرة

المدنيون وعمال الإغاثة يتعرضون لخطر القذائف غير المنفجرة

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم أن ثلاثةً وثلاثين يوماً من القتال العنيف في لبنان خلّفت كميةً ضخمة من القذائف غير المنفجرة التي تهدد ببتر أطراف المدنيين وقتلهم. وتشكل هذه البقايا الحربية القاتلة، ومن بينها القنابل الضخمة التي تلقيها الطائرات وقذائف المدفعية والصواريخ والقنابل العنقودية، خطراً على المدنيين المشردين العائدين إلى جنوب لبنان وعلى منظمات الإغاثة العاملة على توزيع المعونات الإنسانية.

وقالت هيومن رايتس ووتش أنه لابد من بذل جهودٍ عاجلة لتأمين وتعليم ومراقبة المناطق التي تنتشر فيها هذه القذائف، والعمل على وضع خططٍ لإزالتها بأسرع ما يمكن. وأن على كلٍّ من القوات الإسرائيلية وحزب الله تقديم معلومات عن المناطق المستهدفة والأسلحة المستخدمة إلى السلطات المحلية ومنظمات الأمم المتحدة التي يقوم عملها على حماية المدنيين والعمليات الإنسانية في جنوب لبنان من هذا الخطر المميت.

وقال مارك غارلاسكو، المحلل العسكري الرئيسي في هيومن رايتس ووتش: "لم يكد الناس يباشرون العودة إلى ديارهم حتى صرنا نتلقى تقارير عن إصابات بين المدنيين. لقد تحولت القذائف غير المنفجرة إلى مشكلةٍ هائلة في جنوب لبنان. وعلى جميع أطراف النزاع، بعد أن بدأ وقف إطلاق النار، واجب المساعدة في حماية السكان المدنيين من بقايا الحرب المتفجرة هذه".

وتبين خبرة هيومن رايتس ووتش الناتجة عن عملها في مناطق النزاع مثل كوسوفو وأفغانستان والعراق أن ثمة خطراً حقيقياً يتمثل في قتل وتشويه الآلاف إذا لم يجر التعامل مع هذه المشكلة على وجه السرعة من جانب الأطراف المتقاتلة والمنظمات الإنسانية.

ويعود النصيب الأكبر من هذه المشكلة إلى القصف الإسرائيلي والغارات الجوية، فقد ألحقا أضراراً شاملة بالطرق والقرى والتجمعات في جنوب لبنان وجنوبه الغربي وشرقه. وتنتشر القذائف غير المنفجرة في أرجاء هذه المناطق الآن. وقد بدأت فرق إزالة الألغام بتعليم هذه المناطق وتنظيفها، بما فيها مواقع وجود القنابل العنقودية غير المنفجرة. كما ساهم حزب الله أيضاً في خلق هذه المشكلة، وإن بقدرٍ أقل.

وتدعو هيومن رايتس ووتش الأطراف الموجودة في المنطقة إلى اتخاذ جميع التدابير المعقولة لتحذير الأشخاص الذين يعيشون أو يعملون في جنوب لبنان من هذا الخطر، وكذلك العمل على إبعاد المدنيين عن المناطق التي فيها قذائف غير منفجرة. وتتضمن هذه التدابير قيام الأطراف بتعليم ومراقبة المناطق المصابة الواقعة تحت سيطرتها؛ وكذلك توعية الناس بأهمية الامتناع عن العبث بالقذائف غير المنفجرة؛ إضافةً إلى تقديم جميع أطراف النزاع ما لديها من معلومات عن أنواع وكميات ومواقع الذخائر المستخدمة بغية تسهيل إزالتها.

وورد في آخر تقديرٍ لخطر القذائف غير المنفجرة صادرٍ عن الأمم المتحدة:

  • ألقى جيش الدفاع الإسرائيلي يومياً ما معدله 200 – 300 قنبلة على المناطق المحاذية للحدود، إضافةً إلى كميةٍ لا تقل عنها على بقية مناطق جنوب لبنان، إلى جانب القصف المكثف لضاحية بيروت الجنوبية ووادي البقاع. وقد خلّفت هذه القذائف خطراً كبيراً ناجماً عن القذائف غير المنفجرة ذات القوة التدميرية الكبيرة بما فيها القذائف من عيار 250 و500 و1000 كغ؛
  • أطلقت طائرات جيش الدفاع الإسرائيلي يومياً ما معدله 200 – 300 صاروخاً على المناطق المحاذية للحدود، إضافةً إلى كميةٍ لا تقل عنها على بقية مناطق جنوب لبنان؛
  • كما أطلق جيش الدفاع الإسرائيلي قرابة 2000 رشقة مدفعية يومياً على المناطق المحاذية للحدود، إضافةً إلى كميةٍ لا تقل عنها على بقية مناطق جنوب لبنان؛
  • استخدم حزب الله أسلحةً من قبيل مدفعية الهاون التي تتصف قذائفها بنسبة مرتفعة من العطالة؛
  • جرت اشتباكاتٌ أرضيةٌ كبيرة بين جيش الدفاع الإسرائيلي وحزب الله، وتركزت أساساً في قرى مروحين وبنت جبيل/مارون الراس والخيام وكفر كلا/الطيبة. واستخدم الجانبان الأسلحة التقليدية الصغيرة والصواريخ الخفيفة. وقد أدى استهداف الجيش الإسرائيلي أسلحة حزب الله ومستودعاته، ومع تمكنه من تدمير كثيرٍ منها، إلى نشر بعض القذائف غير المنفجرة في جوار تلك المواقع.

لمحة عامة

أدت الحرب الحالية إلى تفاقم مشكلة القذائف غير المنفجرة التي يعيشها لبنان منذ زمنٍ بعيد. فمنذ بداية الحرب الأهلية حتى نهاية الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 2000، استخدمت القوات المسلحة التابعة لدولٍ عديدة كلبنان وإسرائيل وسوريا والولايات المتحدة، إضافةً إلى كثيرٍ من الجماعات المسلحة، القذائف المتفجرة والألغام الأرضية استخداماً كثيفاً في أوقاتٍ مختلفة من هذه الفترة. ونتيجةً لذلك أصبحت الألغام المضادة للأفراد والعربات، والقذائف غير المنفجرة (بما فيها القنابل العنقودية) منتشرةً في أنحاء البلاد. وفي عام 2004 وحده خصصت الحكومة اللبنانية، إضافةً إلى مجموعة المانحين الدوليين، 13.6 مليون دولار للكشف عن الألغام والقذائف غير المنفجرة وإزالتها والتوعية بمخاطرها ومساعدة من أصابتهم أضرارها. وقد زاد النزاع الحالي من حجم هذه المشكلة.

وفي عام 2003، خرج "المسح الوطني لأثر الألغام" الذي قامت به المجموعة الاستشارية الخيرية البريطانية حول الألغام بنتيجةٍ تقول أن الألغام الأرضية و/أو القذائف غير المنفجرة موجودةٌ في 22 من أصل 24 قضاءاً في لبنان، وأنها تغطي مساحةً إجماليةً قدرها 137 كم2. ويقول المسح أن انتشار القذائف والألغام في هذه المناطق يؤدي إلى عرقلة التنمية الاجتماعية الاقتصادية ويلحق ضرراً بأكثر من 30% من سكان البلاد البالغ عددهم 3.7 مليوناً. ويوجد ما يقدر بنسبة 75% مما يزيد عن 400000 لغم يشتبه بوجودها في الأرض ضمن المناطق المجاورة مباشرةً للخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة عند الحدود بين لبنان وإسرائيل؛ وهي تضر بأكثر من 90 ألفاً من السكان. أما الكمية الباقية، وهي 100000 لغم، فهي منتشرةٌ في أنحاء البلاد.

وقد سجل تقرير مراقبة الألغام لعام 2005 وقوع 14 إصابة جديدة ناجمة عن الألغام والقذائف غير المنفجرة في لبنان خلال عام 2004، وقتل في هذه الإصابات شخصان وجرح 12 غيرهم. وكان جميع الضحايا من المدنيين بمن فيهم أنثى واحدة وثلاثة أطفال لم يبلغوا 18 عاماً. وفي يونيو/حزيران 2005، قال الجيش اللبناني أن عدد الإصابات المسجلة الناجمة عن الألغام منذ عام 1970 بلغ 3975 إصابةً (1835 قتيلاً و2140 جريحاً). وتراوحت أعمار 34% من المصابين بين 31 و40 عاماً. ومن الضروري جداً توعية المدنيين اللبنانيين بالأخطار المديدة للقذائف غير المنفجرة في جنوب لبنان، كما لابد من بدء العمل فوراً على إزالة هذه القذائف.

للإطلاع على "تقرير مراقبة الألغام الأرضية لعام 2005 ـ لبنان"، ترجى زيارة الرابط:
http://www.icbl.org/lm/2005/lebanon.html

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة