قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم إنه يجب على الحكومة الليبية السماح بإجراء تحقيق مستقل بشأن أعمال القتل الواسعة النطاق التي وقعت في سجن بوسليم بطرابلس قبل عشر سنوات. وقد مضى عقد من الزمان ولم تصدر الحكومة المعلومات التفصيلية المهمة عن الحادث، بما في ذلك عدد الأشخاص الذين قتلوا يومي 28 و29 يونيو/حزيران 1996، وأسماء هم.
وقالت ساره ليه ويتسون، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش "إنه قد قتل، على ما يبدو، المئات من السجناء في سجن بوسليم في يونيو/حزيران 1996؛ ويجب على الحكومة السماح بإجراء تحقيق مستقل في الحادث، ومعاقبة أي شخص يثبت أنه أمر بهذه الجريمة المروعة أو اقترفها."
وقال سجين سابق إنه شهد الحادثة، وروى لمنظمة هيومن رايتس ووتش كيف استمرت قوات الأمن في إطلاق النار على السجناء فقتلت منهم نحو 1200، ثم تخلصت من جثثهم. وأوردت المنظمة إفادته وأدلة أخرى في تقرير يتضمن خلفية عامة عن هذه القضية أصدرته اليوم.
ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد من ادعاء السجين السابق، ولكن الحكومة الليبية اعترفت بأن قوات الأمن قتلت بعض السجناء في اليومين المذكورين في سجن بوسليم؛ كما أن تفاصيل إفادته تتفق أيضاً مع ما جاء في تقرير أصدرته إحدى الجماعات الليبية في الخارج استناداً لرواية شاهد آخر.
وقال الشاهد الذي أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلة معه إن السجناء ثاروا على الحراس في 28 يونيو/حزيران، عام 1996 احتجاجاً على سوء أوضاع السجن، فقتلوا أحد الحراس، وقتلت قوات الأمن سبعة سجناء كانوا قد هربوا من زنزاناتهم؛ وفي اليوم التالي، بعد أن سيطرت قوات الأمن على الأوضاع في السجن، وقامت قوات الأمن المتمركزة على أسطح مباني المعسكر بإطلاق النار على السجناء في ساحات السجن، مستخدمة الرشاشات الثقيلة وبنادق الكلاشنكوف الآلية والمسدسات. وقال إن قوات الأمن قامت خلال الأيام القليلة التالية بدفن الجثث في خندق داخل السجن، ولو أنه يعتقد أنها نقلت الجثث فيما بعد.
وكان عدد المحتجزين في سجن بوسليم آنذاك يتراوح بين 1600 و1700، وقد قتلت قوات الأمن "نحو 1200 شخص"، وفقاً لما ذكره الشاهد الذي كان يعمل في مطبخ السجن، ويعيش الآن في الولايات المتحدة؛ وقد حسب هذا الرقم بعدد الوجبات التي أعدها قبل وبعد الحادث.
وقد اعترف الزعيم الليبي معمر القذافي وغيره من المسؤولين بأن قوات الأمن قتلت بعض السجناء خلال هذين اليومين لردع حادث التمرد في السجن. وفي مايو/أيار 2005، قال رئيس جهاز الأمن الداخلي الليبي لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن الحكومة قد بدأت التحقيق في الحادث، ولكن لا يزال أسلوب إجراء التحقيق وتوقيته غير معروفين؛ وقال إن أكثر من 400 سجين قد فروا من سجن بوسليم في أربعة حوادث هروب منفصلة قبل الواقعة المعنية وبعدها.
ومن الصعب معرفة المزيد من المعلومات عن هذه الواقعة بسبب القيود المفروضة على التحقيقات المستقلة في ليبيا؛ وقد أحجم السجناء الذين لا يزالون قابعين في سجن بوسليم، والذين التقت بهم منظمة هيومن رايتس ووتش، عن التحدث عن هذه الواقعة خوفاً مما قد يحدث لهم فيما يبدو.
وأفادت منظمة "التضامن لحقوق الإنسان" (http://www.lhrs.ch/)، وهي جماعة ليبية تتخذ مقرها في سويسرا، أن السلطات الليبية أبلغت 112 من عائلات السجناء المحتجزين في بوسليم بأن أقاربهم قد لقوا حتفهم في السجن، دون تسليم جثثهم أو تقديم معلومات مفصلة عن سبب وفاتهم. وفضلاً عن هذا، فإن 238 عائلة تزعم أنها فقدت الاتصال بأقاربها الذين كانوا محتجزين في بوسليم.
وقالت ويتسون "إن عائلات السجناء المفقودين من حقهم أن يعرفوا مصير أقاربها، ويجب على الحكومة التعاون في استجلاء حقائق هذا الحادث المفجع".
للاطلاع على تقرير هيومن رايتس ووتش الذي يتضمن خلفية عامة عن سجن بوسليم، انظر الموقع التالي:
https://www.hrw.org/arabic/docs/2006/06/28/libya13641.htm