Skip to main content

مذكرة منظمة هيومن رايتس ووتش إلى حكومة المملكة العربية السعودية بشأن أولويات حقوق الإنسان في المملكة

إن غياب الضمانات القانونية واحدٌ من الأسباب الرئيسية الكامنة وراء المشكلات الخطيرة في مجال حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. فمن غير ضمانات قانونية محددة، لا تستطيع الحكومة ولا القضاة، فضلاً عن المواطنين العاديين، معرفة ما هو مسموح وما هو ممنوع بشكلٍ مؤكد. وبالنتيجة، فغالباً ما تخرق الممارسات الحكومية الحقوق الأساسية، وكثيراً ما تتصرف السلطة القضائية من غير إنصاف، ولا يتمكن المواطنون والمقيمون من السعي لإنصافهم من الخروقات التي يعانونها.

الضمانات القانونية

إن غياب الضمانات القانونية واحدٌ من الأسباب الرئيسية الكامنة وراء المشكلات الخطيرة في مجال حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. فمن غير ضمانات قانونية محددة، لا تستطيع الحكومة ولا القضاة، فضلاً عن المواطنين العاديين، معرفة ما هو مسموح وما هو ممنوع بشكلٍ مؤكد. وبالنتيجة، فغالباً ما تخرق الممارسات الحكومية الحقوق الأساسية، وكثيراً ما تتصرف السلطة القضائية من غير إنصاف، ولا يتمكن المواطنون والمقيمون من السعي لإنصافهم من الخروقات التي يعانونها.

ومن الواضح أن المسؤولين الحكوميين ليسوا محيطين دائماً بالجوانب الأساسية في القانون الوطني. وأثناء دراسة لجنة الأمم المتحدة الخاصة بمناهضة التعذيب تقرير المملكة العربية السعودية لعام 2000، صرّح ممثل المملكة أنه "ما من شيءٍ يمنع المرأة من أن تصير محاميةً أو قاضيةً أو ضابط شرطة". وفي العام نفسه، قال المسؤولون الحكوميون للمقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين أن "المذهب الحنبلي المعمول به في المملكة، لا يسمح بتولي المرأة القضاء". ولا توجد أية قاضية في المملكة العربية السعودية.

وخلال العقد الماضي، انضمت المملكة العربية السعودية إلى أربع معاهدات لحقوق الإنسان: اتفاقية حقوق الطفل (1996)، والاتفاقية الدولية لإزالة جميع أشكال التمييز العنصري (1997)، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (1997)، واتفاقية جميع أشكال التمييز ضد المرأة (2000). وفي الآونة الأخيرة، أكدت الحكومة عزمها على أن تكون دولةً عضو في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR). لكن تحفظات الحكومة على المعاهدات التي انضمت إليها تجعل من التزام المملكة العربية السعودية بحقوق النساء والأطفال وبالتحرر من التمييز العنصري والتعذيب أمراً مشكوكاً فيه.

وتعارض المملكة العربية السعودية أية أحكامٍ في هذه المعاهدات يمكن أن تتعارض مع تفسيرها لأحكام الشرع الإسلامي. وفي ظل غياب قوانين وقواعد سابقة مقننة للشريعة، فإن هذه التحفظات تمنح الحكومة والسلطة القضائية مجالاً شديد الاتساع لتفسير التزاماتها بموجب القانون الدولي بما يقوّض المبدأ الأساسي الخاص بالمساواة أمام القانون. وقد قال المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين في تقريره الذي صدر بعد زيارته إلى المملكة عام 2002: "يمثل اتساق القرارات القضائية الصادرة في القضايا المتماثلة جانباً أساسياً من جوانب النظام القانوني القائم على مبدأ المساواة. فإذا عوملت القضايا المتماثلة على نحوٍ غير متساوٍ يصبح النظام القانوني تعسفياً في تطبيق القانون".

وقد حاولت المملكة العربية السعودية تقنين بعض الحقوق الأساسية، لكن هذه القوانين قاصرة عن المعايير الدولية. إن على الحكومة القيام بالخطوات التالية لتوسيع مجال الحقوق الإنسانية التي يحميها القانون. أولاً، عليها أن تنضم من غير تأخير إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وإلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ICESCR). ثانياً، على الحكومة أن تُدخل القانون الدولي لحقوق الإنسان ضمن قانونها المحلي. ثالثاً، على المملكة العربية السعودية أن تحسِّن حماية حقوق الإنسان عن طريق التحقيق الفعال في تجاوزات المسؤولين الحكوميين والملاحقة القضائية لهذه التجاوزات، وعن طريق تدريب القضاة على تطبيق قانون حقوق الإنسان. إن النقطة الأخيرة حاسمة الأهمية: تواصل الحكومة والمحاكم السعودية تجاهلها المنتظم حتى للحماية المحدودة التي يضمنها القانون السعودي للمواطنين الآن؛ وعلى سبيل المثال، يجري إنكار حق المتهم بوجود من يمثله قانونياً قبل المحاكمة وأثنائها، كما يتم احتجاز الأشخاص على نحوٍ تعسفي.

الحقوق المدنية والسياسية

حرية التعبير

كثيراً ما يقوم القضاة والمسؤولون الحكوميون بالانتقاص من حرية التعبير من خلال تفسيرهم العملي لمواد القانون الأساسي للمملكة ومواد قانون المطبوعات والنشر الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2000 (26/9/1421 هجرية). وعلى سبيل المثال، فإن ما تشترطه المادة 39 من القانون الأساسي على وسائل الإعلام بأن تكون "مهذبة ومنصفة" وألا تنشر ما من شأنه "الإضرار بأمن الدولة أو صورتها العامة، أو يسيء لكرامة الإنسان أو حقوقه" مصاغٌ بكلماتٍ غامضة. فقد تفسر السلطات كشف انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة على أنه "مسيء لصورة الدولة". وقد أقيل محررون وصحفيون مرموقون، مثل جمال الخاشقجي رئيس التحرير السابق لصحيفة الوطن، ووجيه الهويدر المراسل السابق لـِ Arab News، من مناصبهم بعد كتاباتٍ نقدية تناولت السياسات الحكومية. كما لم يستطع كتّاب آخرون نشر مقالاتهم بعد أن تلقى رؤساء التحرير أو الناشرون مكالماتٍ هاتفية من وزارة الإعلام أو من مسؤولين آخرين. وقد أدى ترافق القوانين ذات الصياغة الفضفاضة مع الانتقام الذي توحي به الحكومة بوضوح إلى نشوء جو سيء من الرقابة الذاتية.

وتشترط المادة 9 من قانون المطبوعات والنشر على المنشورات التي تتناول قضايا الأمن الوطني ألا "تسيء إلى أمن البلاد أو نظامها العام، أو تخدم المصالح الأجنبية التي تتعارض مع المصلحة الوطنية". وفي 21 أبريل/نيسان 2004، تم اعتقال الصحفي السعودي فارس بن حزام واحتجازه في الدمّام عدة أيام من غير توجيه تهمة، وذلك طبقاً للجنة حماية الصحفيين (CPJ). وتقول اللجنة أن زملاء هذا الصحفي يظنون أن الحكومة قد احتجزته بسبب مقالاته عن الإرهاب والتطرف. وقد منعت وزارة الإعلام الصحف السعودية مؤخراً من نشر كتاباته. وفي يناير/كانون الثاني 2005، قام رجال الأمن باعتقال محمد العوشان رئيس تحرير صحيفة المحايد الأسبوعية لأسبابٍ لم تُفصح الحكومة عنها، لكن من المعتقد أن احتجاز العوشان قد جاء بسبب نشاطاته لصالح السجناء السعوديين في غوانتانامو.

ولا يقتصر أثر الاعتداء على الحق في حرية التعبير على الكتّاب وحدهم. فقد أفادت الأنباء أن الحكومة منعت داعية الإصلاح البارز في جدة محمد سعيد الطيب من الاستمرار في منتدى النقاش الذي يديره كل يوم خميس، وذلك بعد حبسه لفترةٍ وجيزة في عام 2004 بسبب مناصرته العلنية للإصلاحات الدستورية والتعليمية والاقتصادية.

وفي ما يخص التوازن بين الحق في حرية التعبير وبين المخاوف المشروعة على الأمن الوطني، تقدم مبادئ جوهانسبرغ خطوطاً عامةً أساسية، وهي المبادئ التي وضعتها عام 1996 مجموعة من خبراء القانون الدولي والأمن القومي وحقوق الإنسان. وقد جرى الاعتراف بمبادئ جوهانسبرغ بوصفها شرحاً معتمداً للعلاقة بين الحق في حرية التعبير وبين المصالح المشروعة الأخرى للدولة والمجتمع، وبوصفها انعكاساً لجملةٍ متناميةٍ من الآراء القانونية الدولية. وهي دليلٌ عمليٌّ مفيد لبيان الحدود المسموحة للقيود على حرية الكلام عندما تعتبر تلك القيود ضروريةً. وتعتبر مبادئ جوهانسبرغ أن القيود النابعة عن الأمن القومي لا تكون شرعيةً إلا إذا كان "هدفها الأساسي وغايتها الواضحة" هما "حماية وجود البلاد أو سلامة أراضيها" من خطرٍ خارجي أو داخلي من قبيل "التحريض على الإطاحة بالحكومة عن طريق العنف". ولا يمكن اعتبار أن الخطر على الأمن الوطني للمملكة العربية السعودية الذي تمثله قضية ابن حزام أو قضية العوشان يعادل الإجراءات التي اتخذتها الدولة لإسكات هاذين الناقدَين.

وبموجب مبادئ جوهانسبرغ، لا تكون القيود على أشكال التعبير التي يمكن أن تهدد الأمن القومي مشروعةً إلا إذا لم يكن المقصود منها "حماية الحكومة من الإحراج أو من افتضاح ما ترتكبه من مظالم، أو إخفاء معلومات بشأن عمل مؤسساتها العامة". إن المملكة العربية السعودية تفرض قيوداً يبدو أنها تفعل تلك الأمور تحديداً، وهي بالتالي مخالفةٌ لحق المرء في اعتناق أي رأي من غير تدخل وحقه في البحث عن المعلومات والأفكار وتلقيها وتشاركها مع الآخرين، وهو الحق الذي يضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يجوز فرض القيود على الحقوق الأساسية بطريقةٍ تعسفية لا تفرضها الضرورة القصوى، أو بطريقةٍ تهدد وجود الحق بذاته.

حرية الاجتماع

لا يضمن القانون الأساسي في المملكة العربية السعودية حق الاجتماع السلمي. وقد فرقت قوات الأمن بعنف عدداً من التجمعات، مثل مظاهرة أكتوبر/تشرين الأول 2003 في الرياض وغيرها من المدن، كما اعتقلت عدداً من ممن حاولوا الاحتجاج سلمياً. وفي 12 يناير/كانون الثاني 2005، أكدت محكمةٌ في جدة الحظر غير الرسمي للمظاهرات العامة بأن حكمت على 15 شخصاً بالحبس والجلد جراء مشاركتهم في مظاهرة أكتوبر/تشرين الأول 2004 في تلك المدينة. إن الاجتماع السلمي حقٌّ أساسيٌّ وثيق الارتباط بممارسة الحقوق السياسية من قبيل حق الكلام والمشاركة في إدارة الشؤون العامة.

ويجب أن ينص القانون المحلي صراحةً على الحق في حرية الاجتماع السلمي. ولا تسمح المعايير الدولية، كتلك المتضمنة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بوضع أية قيود على ممارسة حق الاجتماع إلا ما كان ضرورياً منها في مجتمعٍ ديمقراطي، ولما فيه مصلحة الأمن القومي والسلامة والنظام العامين، وكذلك لما فيه حماية الصحة والأخلاق العامة وحماية الحقوق والحريات التي يكفلها القانون للآخرين. ويجب أن يكون أي قيد مفروض على حرية الاجتماع في خدمة هذه الغايات. كما يجب أن يكون الحظر المسبق للتجمعات، أو تفريقها عند انعقادها، إجراءً استثنائياً مرتكزاً على مخاوف معللة تماماً تتعلق بالأمن والسلامة العامة. وحتى يكون التقييد منسجماً مع مبادئ القانون الدولي والإنصاف، فإن عليه أن يوازن بين شدة الإجراءات وبين الأسباب الداعية للانتقاص من الحقوق. ولا يشكل منع الأشخاص من التحدي السلمي لأعمال الحكومة أو سياساتها أرضيةً معقولة لفرض حدود على تمتع الناس بحقوقهم الأساسية كحق الاجتماع.

حق التنظيم

يحوي العهد الدولي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ضمانات بشأن الحق في حرية الكلام والتجمع والتنظيم. وقد كان من شأن إدخال هذه المعايير ضمن القوانين السعودية، ثم التطبيق الصحيح لها، أن يمنع الاعتقال التعسفي لثلاثة عشر من دعاة الإصلاح في الرياض في 16 مارس/آذار 2004، أو نحو ذلك؛ وقد اجتمع هؤلاء الأشخاص في ذلك اليوم في فندقٍ وعبروا علناً عن رغبتهم بتشكيل جمعية لحقوق الإنسان. وفي شهر أغسطس/آب 2005، أصدر الملك عبد الله عفواً عن الأربعة الباقين في السجن من تلك المجموعة، وهم متروك الفالح وعبد الله الحامد وعلي الدميني (والذين صدرت بحقهم أحكام تتراوح من ست سنوات إلى تسعة بسبب نشاطاتهم) وعبد الرحمن اللاحم (الذي كان ينتظر محاكمته) وهو محاميهم وزميلهم في المطالبة بالإصلاحات.

وفي الوقت الحاضر، لا يضمن القانون السعودي حق التنظيم. وقد منع غياب هذا الحق من تشكيل منظمات تراقب حقوق الإنسان في المملكة وتدعو إليها. كما تواصل السلطات السعودية رفض الطلب الذي تقدمت به جماعةٌ محلية في نوفمبر/تشرين الثاني 2002 لكي تقام على نحوٍ قانوني، وهي جماعة "حقوق الإنسان أولاً". وفي سبتمبر/أيلول 2005، أوضح أحد كبار مسؤولي وزارة الداخلية أن الوزارة تعارض منح هذه المنظمة إذناً بالعمل ككيانٍ قانوني. ومن غير ذلك الإذن، لا يسمح القانون السعودي لمنظمي جماعة "حقوق الإنسان أولاً" بفتح حساب مصرفي باسمها ولا بتلقي التبرعات أو النشاط بوصفها منظمةً.

الحرية والتمييز الدينيين

تمنع المملكة العربية السعودية الممارسة العامة لشعائر أي دين غير الدين الإسلامي. وكثيراً ما تناقض الحكومة ادعاءاتها بأن الناس أحرار في ممارسة دياناتهم في بيوتهم. فقد قامت الشرطة الدينية السعودية بمضايقة واعتقال غير المسلمين بسبب ممارستهم شعائرهم الدينية في أماكن خاصة. وفي واحدةٍ من الحالات الكثيرة حديثة العهد، دمرت الشرطة الدينية في 29 مارس/آذار معبداً هندوسياً مقاماً في أحد المنازل الخاصة واعتقلت عدداً من الأشخاص الذين جرى ترحيلهم فيما بعد. وفي 22 أبريل/نيسان، قامت الشرطة الدينية باعتقال أربعين مسيحياً باكستانياً لفترةٍ قصيرة بسبب ممارستهم العبادة في أماكن خاصة. وفي 27 أبريل/نيسان، اعتقلت الشرطة أيضاً ثلاثة إثيوبيين واثنين من الإريتريين المسيحيين لنفس السبب، ولم تطلق سراحهم إلا في 30 مايو/أيار أي بعد خمسة أسابيع من اعتقالهم.

تعترف المملكة العربية السعودية رسمياً بمذهبٍ إسلاميٍّ واحدٍ لتفسير الإيمان والالتزام الديني والفقه. كما أن معظم ضحايا الاضطهاد الديني في المملكة العربية السعودية هم من المسلمين المنتمين إلى مذاهب أو فرق إسلامية أخرى، بمن فيهم الشيعة والإسماعيليون الذين يتعرضون إلى تمييز ديني واقتصادي يحظى بحمايةٍ رسمية. ومن الناحية العملية، لا يوجد أي شيعي في المناصب ذات السلطة في الحكومة أو القضاء أو المؤسسات التعليمية، وذلك حتى في المنطقة الشرقية التي يغلب عليها الشيعة.

وحتى بالنسبة للمسلمين السنة، فإن الكلام النقدي في الدين يمكن أن يؤدي إلى عقوبةٍ قضائية. فقد أدانت محكمة ابتدائية في الرياض حمزة المزيني الأستاذ في جامعة الملك سعود في 19 مارس/آذار وأصدرت حكمها عليه في تهمٍ جنائية تتعلق "بالسخرية من الدين"، وذلك بعد أن كتب مقالةً أكد فيها أن مظهر رجال الدين بلحاهم الطويلة يدل على قلة عقولهم؛ لكن وزارة الداخلية أبطلت قرار المحكمة فيما بعد استناداً إلى مرسوم ملكي جديد ينص على عدم الولاية القضائية للمحاكم فيما يخص قضايا الإعلام. وقد وقع اثنان من المدرسين مؤخراً ضحية الشجب الصارم في البلاد للتفسيرات الدينية الأخرى. فقد اتهم حمود الحربي، وهو مدرس كيمياء في المرحلة الثانوية، "بالهزء من الإسلام" لأنه ناقش مع طلابه في غرفة الصف موضوع اليهود والتوراة والإرهاب. وقد صدر عليه الحكم في نوفمبر/تشرين الثاني 2005 بالحبس 3 سنوات والجلد 750 جلدة. وقبل ذلك، في أبريل/نيسان 2004، حكم على مدرسٍ آخر في الرياض، وهو السحيمي، بالحبس ثلاث سنوات والجلد 300 جلدة بسبب "التشجيع على الزنا واللواط" و"التشجيع على الغناء والتدخين"، "والقول بأن على المرء أن يحب الله لا أن يخشاه"، وذلك من خلال دروسه. وكان نائب وزير الدفاع والطيران السعودي الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز قد أمر بدايةً باعتقال السحيمي بناءً على شكاوى من شخصياتٍ دينيةٍ محافظة.

التمييز ضد النساء

تمتنع الحكومة عن أداء التزاماتها بموجب اتفاقية إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) التي انضمت إليها في سبتمبر/أيلول 2000. وقد منعت الحكومة النساء من الانتخاب والترشيح في الانتخابات البلدية التي جرت في وقتٍ سابقٍ من هذا العام، وهذا مخالفٌ للاتفاقية المذكورة التي تضمن للمرأة الحق "بالتصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة وأهليتها لأن تُنتخب إلى جميع الهيئات المنتخبة". ولم تسمح الحكومة للنساء بالمشاركة في صياغة السياسات الحكومية على قدم المساواة مع الرجال. وعلى سبيل المثال، تُستبعد النساء من المجلس الأسبوعي الذي يستمع فيه أفرادٌ من الأسرة المالكة إلى شكاوى المواطنين السعوديين واقتراحاتهم. ومن غير الممكن وجود إصلاح سياسي جدي ومستدام دون المساهمة الكاملة للمرأة كناخبة ومرشحة ومشاركة في الحياة العامة.

ولا تزال النساء في المملكة العربية السعودية تعانين من التمييز الحاد في أماكن العمل والمنازل والمحاكم، ومن تقييد حريتهن بالحركة. فليس للمرأة الحق في مغادرة منزلها دون مرافقة أحد الأقارب الذكور أو دون إذنٍ خطي من ولي أمرها، وهو إذنٌ مطلوبٌ أيضاً للتسجيل في المدرسة أو الجامعة ولالتماس المساعدة الطبية أو فتح حساب مصرفي. وثمة تقارير تفيد بأن بعض المؤسسات الحكومية ترفض قبول بطاقة الهوية الشخصية الجديدة للنساء وتصر على رؤية بطاقة الأسرة أيضاً. وقد وجدت دراسةٌ حديثة للبنك السعودي الأمريكي أن "تعويض الذكر السعودي يعادل ضعفي تعويض الأنثى السعودية عند تساوي سوية التعليم". وقد امتنعت الحكومة حتى الآن عن العمل بموجب التوصية الصادرة عن "الحوار الوطني" المعين من قبل الحكومة والتي دعت إلى تعيين قاضيات في المحاكم العائلية.

وتسمح المادة 149 من قانون العمل الجديد المُقَر في أواخر سبتمبر/أيلول 2005 للمرأة بالعمل في جميع المهن "المناسبة لطبيعتها"، وهذا شكلٌ واضحٌ من أشكال التمييز إذ لا توجد أية قيودٍ على الميادين التي يمكن أن يعمل بها الرجل من ناحية "طبيعته". وتمنع المادة 150 تحديداً المرأة من العمل ليلاً، كما تمنح المادة 149 وزير العمل سلطة إعلان مهنٍ معينة "مهناً خطرة"، وبالتالي فهي غير مناسبة للنساء. إن هذه المواد تُبقي الحظر على عمل المرأة في القانون والهندسة والعمارة.

يجب أن تكون المرأة حرةً في تقرير العمل الذي يناسبها. وتضمن اتفاقية إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة "الحق في نفس فرص العمل، بما في ذلك تطبيق نفس معايير الاختيار في الأمور المتعلقة بالاستخدام". كما أن المملكة العربية السعودية دولةٌ عضو في اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 111 الخاصة بالتمييز فيما يتعلق بالاستخدام والوظيفة، والتي تحرّم أي "استبعاد... يكون من شأنه... خرق مبدأ تكافؤ الفرص أو المعاملة المتساوية في الاستخدام".

التمييز ضد العمال المهاجرين

لازال العمال المهاجرون يعانون التمييز من الناحيتين القانونية والعملية. إن ساعات العمل الطويلة والاحتجاز على مدار الساعة يعرضان العمال المنزليين إلى خطر إساءة المعاملة. أما عدم دفع الأجور لعدة أشهر ومصادرة جوازات السفر وأوراق الإقامة بشكل غير قانوني فهي من الانتهاكات الشائعة. ومازالت أبواب المدارس العامة موصدةً في وجه أبناء العمال المهاجرين. ولا يكاد العمال المهاجرون الفقراء يتوصلون إلى لاستفادة من نظام العدالة بسبب قلة إمكانياتهم وأميّتهم وضعف لغتهم العربية. وقد كان نصف من صدرت بحقهم أحكام قضائية فيما انقضى من عام 2005 من العمال المهاجرين رغم أنهم يمثلون أقل من ثلث السكان.

وكما فعل القانون القديم، فإن قانون العمل الجديد يستثني العمال المنزليين الأجانب تحديداً. وقد وعدت الحكومة بإصدار أحكام تشمل العمال المنزليين من خلال ملحق خاص للقانون. ونحن ندعو الحكومة إلى منح العمال المنزليين نفس حقوق العمال الآخرين بما فيها حق اللجوء إلى المحاكم العمالية التي أقيمت بموجب القانون الجديد. وقد ذكرت صحيفة الخليج تايمز في 17 أغسطس/آب أن وزارة العمل قد أنشأت مديرية لحماية العمال المنزليين. ونحن نوصي أن تقوم هذه المديرية بإبلاغ العمال الأجانب بحقوقهم بلغةٍ يفهمونها، وبالنشر العلني لأسماء الأشخاص الذين منعهم القضاء من حق الكفالة، وبنشر نتائج تحقيقاتها بشأن الكفلاء الذين يحتجزون جوازات السفر وأوراق الإقامة والرواتب والذين يحتجزون العمال المنزليين وغيرهم على نحوٍ تعسفي.

تعليق عقوبة الإعدام والعقوبات الجسدية

إذا استمر الحال في هذا العام كما هو، فستعدم المملكة العربية السعودية أكثر من 100 شخص في عام 2005، وهو أول عام تفعل فيه ذلك منذ عام 2000. إن القوانين الدولية لحقوق الإنسان، وخاصةً العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تحظّر استخدام عقوبة الإعدام إلا في أخطر أنواع الجرائم. وتفهم المم المتحدة تعبير "أخطر أنواع الجرائم" على أنه لا يتجاوز "جرائم العمد التي تنتج عنها الوفاة أو غيرها من العواقب شديدة الخطورة". وتفرض المملكة العربية السعودية عقوبة الإعدام على الجرائم المتعلقة بالمخدرات وعلى جرائم السلب التي لا يجوز اعتبارها، مبدئياً، من بين أخطر أنواع الجرائم.
كما أن اتفاقية حقوق الطفل (والمملكة أحد أطرافها) تحظر أيضاً فرض عقوبة الإعدام في "الجرائم التي يرتكبها أشخاصٌ تحت سن 18 عاماً". وقد حكمت محكمةٌ سعودية بالدمام في يوليو/تموز 2005 على أحمد عبد المرضي محمد الدكاني بالإعدام، وهو الذي لم يتجاوز الثالثة عشر من العمر وقت وقوع الجريمة. وقد طلبت هيومن رايتس ووتش من الملك، في رسالةٍ مستقلة، تخفيف ذلك الحكم.

كما أن المحاكم السعودية كثيراً ما تحكم على المتهمين بعقوبات جلد شديدة. وقد أفادت الأنباء أن إحدى محاكم الاستئناف في مكة قد صادقت في أغسطس/آب على الحكم القاضي بالجلد 8000 جلدة بحق امرأة أدينت باختطاف طفل. وليس الحكم بآلاف الجلدات أمراً نادراً في المملكة العربية السعودية. وقد لاحظ المقرر الخاص المعني بالتعذيب في تقريره المقدم إلى الجمعية العامة في 30 أغسطس/آب 2005 أن "أي شكل من أشكال العقوبة الجسدية يعتبر مخالفةً للحظر المفروض على التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة".

على المملكة العربية السعودية أن تعلق فرض عقوبة الإعدام فوراً، إضافةً إلى العقوبات الجسدية كالجلد والرجم والبتر، وذلك انسجاماً مع التزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة