قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم أن تدخل الحكومة في استقلالية القضاة الذين يحاكمون صدام حسين وسبعةً من المتهمين الآخرين يهدد عدالة هذه المحاكمة، التي من المقرر أن تعقد جلسة جديدة لها في بغداد يوم الأحد.
وقال ريتشارد ديكر، مدير برنامج العدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش: "لم تكن المطالبة بتنحية رئيس المحكمة رزكار أمين، والتي أدت إلى استقالته، إلا هجوماً على استقلالية القضاء".
وطالب برلمانيون من أعضاء الحزب الحاكم بتنحية القاضي أمين، في حين وجه كبار المسؤولين الحكوميين نقداً علنياً لكيفية إدارته هذه المحاكمة وألقوا عليه باللائمة لتساهله مع صدام حسين. لكن هذا لم يمنع نفس المسؤولين من الإصرار، في مناسباتٍ أخرى، على أن المحكمة تعمل مستقلةً عن الضغوط السياسية.
وقد اعترضت هيئة اجتثاث البعث في العراق على تعيين القاضي سعيد الهماشي خلفاً لأمين. وعمدت إلى الطعن بأهلية الهماشي في ترؤس المحكمة بالادعاء أنه كان عضواً في حزب البعث؛ وبالتالي فقد أبعد الهماشي عن المحكمة.
وقال ديكر: "لقد عكس إبعاد القاضي الهماشي عن المحاكمة صورةً لمحكمةٍ تخضع للتدخل السياسي بصفةٍ مستمرة؛ إذ لا يمكن تغيير القضاة كما لو أنهم مقاعد متحركة".
وتمنع المادة 33 من قانون إنشاء المحكمة الجنائية العراقية العليا أي عضو سابق في حزب البعث من العمل فيها. لكن، وبفعل تعليق هذا الشرط بحكم الأمر الواقع، فقد جرى تعيين بعثيين سابقين في المحكمة. وفي تصريحٍ أصدرته في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2005، انتقدت هيومن رايتس ووتش المادة 33 بوصفها تدخلاً في استقلالية القضاء لأنها تجعل كثيراً من القضاة عرضةً للعزل في أي وقت بغض النظر عن سلوكهم الفعلي في الماضي.
وفي شهر يوليو/تموز 2005، طالبت هيئة اجتثاث البعث بتنحية أكثر من 20 من القضاة ومن الموظفين القضائيين الآخرين بسبب ما تدعيه من عضويتهم السابقة في حزب البعث. ولم يحل دون تنحيتهم إلا تدخل الرئيس جلال الطالباني ورئيس الوزراء إبراهيم الجعفري.
إن الأنباء غير المؤكدة، والقائلة بأن إبعاد الهماشي عن محاكمة صدام حسين كان ثمرة تسويةٍ سياسية بين هيئة اجتثاث البعث ورئاسة الوزراء والمحكمة العليا، تبعث قلقاً جدياً بشأن قدرة المحكمة على حماية استقلالها. فقد أدت التدخلات السابقة لهيئة اجتثاث البعث إلى إجبار المحكمة على مناوراتٍ مماثلة تجنباً لتنحية قضاةٍ آخرين.
إن مبادئ استقلال القضاء التي اعتمدتها الأمم المتحدة عام 1985 تضمن للقضاة اتخاذ قراراتهم "دون أي قيد، ودون أن يتأثروا بأي نفوذ أو إغراءات أو ضغوط أو تهديدات أو تدخلات، سواءٌ كانت مباشرةً أو غير مباشرة، ومهما يكن مصدرها أو سببها". كما لا يجوز وجود أي تدخل غير ملائم أو غير مشروع في العملية القضائية.
وقال ديكر: "إن استقالة القاضي أمين وإبعاد القاضي الهماشي تعنيان أن اثنين من القضاة الخمسة الذين استمعوا إلى الشهود قد صاروا خارج القضية الآن. وسيكون من الصعب على القضاة الجدد تقييم الشهادات التي لم يستمعوا إليها على نحوٍ غير متحيز؛ وهذا يضر بنزاهة المحاكمة".
إن صدام حسين وسبعة من المسؤولين العراقيين السابقين رهن المحاكمة منذ 19 أكتوبر/ تشرين الأول بسبب جرائم وقعت في بلدة الدجيل الواقعة على مسافة 50 ميلاً إلى الشمال من بغداد عام 1982. حيث قتلت قوات الأمن التابعة للحكومة أكثر من 140 شخصاً من تلك البلدة انتقاماً لمحاولة اغتيال صدام حسين أثناء مرور موكبه فيها.