تهيب بكم منظمة هيومن رايتس ووتش (مراقبة حقوق الإنسان) أن تعدلوا حكم الإعدام الصادر بحق أحمد الد.، وهو صبيٌّ مصري يقطن في الدمام، أدين بجريمةٍ ارتكبها عندما كان في الثالثة عشرة من العمر.
28 سبتمبر/أيلول 2005
جلالة الملك عبد الله ابن عبد العزيز ألسعود
ملك المملكة العربية السعودية
القصر الملكي
الرياض 11111
المملكة العربية السعودية
جلالة الملك:
تهيب بكم منظمة هيومن رايتس ووتش (مراقبة حقوق الإنسان) أن تعدلوا حكم الإعدام الصادر بحق أحمد الد.، وهو صبيٌّ مصري يقطن في الدمام، أدين بجريمةٍ ارتكبها عندما كان في الثالثة عشرة من العمر. لقد حكمت محكمة سعودية عليه بالقصاص في شهر يوليو/تموز 2005 لإقدامه في أبريل/نيسان 2004 على قتل جارته ولاء عادل عبد البديع، وهي مواطنةٌ مصرية كانت تبلغ ثلاث سنوات من العمر وتقيم في الدمام أيضاً. وترفض أسرة الضحية إنقاذ حياته بقبول الدية حتى الآن. وستعرض القضية الآن أمام محكمة التمييز السعودية ومجلس القضاء الأعلى قبل عرضها عليكم لإبداء الرأي النهائي فيها. وقد تميزت هذه القضية بخروقاتٍ خطيرة لحق المتهم في محاكمة عادلة وغيره من حقوق الإنسان الأساسية. ونحن نهيب بكم أن تمنعوا حدوث مزيدٍ من الانتهاكات عن طريق قيامكم بمساعٍ طيبة وإصداركم لتعديل للحكم الصادر بحق أحمد.
إن اتفاقية حقوق الطفل، التي صدقت عليها المملكة العربية السعودية في 1996، تحرم قطعياً استخدام عقوبة الإعدام في الجرائم التي يرتكبها أشخاصٌ دون الثامنة عشرة من العمر (المادة 37). ويصف التحريم المذكور ضعف القدرات لدى الطفل كما يلي: إن من لم يبلغ الثامنة عشرة يفتقر إلى التجربة والحكم السليم والنضج وضبط النفس، وهي صفات يتمتع بها الراشد. ولهذا لا يجوز اعتباره مسئولاً كالراشد، حتى في حالة ارتكابه أخطر الجرائم. وقد صرحت المملكة العربية السعودية في تقريرها المقدم في نوفمبر/تشرين الثاني 2004 إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الطفل أن "عُرِّف الحدث في القوانين الجزائية المبينة في لائحة الإيقاف ولائحة دور الأحداث الصادرة عام 1395هـ (1975م) / بأنه كل إنسان لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر"، كما أن "الشريعة الإسلامية المطبقة في المملكة لا تفرض أبداً عقوبة الإعدام بحق الأشخاص الذين لم يبلغوا سن الرشد".
إن منظمة هيومن رايتس ووتش قلقةٌ أشد القلق بسبب عدم حماية حقوق أحمد أثناء استجوابه واحتجازه ومحاكمته وصدور الحكم بحقه. فهو لم يلق أية مساعدةٍ أو تمثيلٍ قانوني أثناء الاستجواب والاحتجاز والمحاكمة، كما بقي في الحبس الانفرادي ثلاثة أشهر عقب اعتقاله. وصدر الحكم عليه كونه راشداً بعد أن جرى تقرير نضجة بطريقةٍ يشوبها خللٌ خطير.
إن الانعدام الكلي للمساعدة القانونية أثناء الاستجواب والمحاكمة يثير القلق الشديد، نظراً لخطورة التهمة وفداحة العقوبة المتوقعة. وقد ترافق ذلك مع امتناع محققي الشرطة والمحكمة والقنصلية المصرية عن إعلام أحمد بحقوقه أثناء الاستجواب، ومنها ألا يجبر على الاعتراف بالذنب. والواقع، أن أحمد لم يكن على الأرجح مدركاً لعواقب الاعتراف الصارمة بجريمة القتل. وتبعاً لمقابلةٍ أجريت معه ونشرت في عدد 27 أغسطس/آب 2005 من نشرة اليوم الإلكتروني، فإن أحمد لم يقدم المعلومات طوعاً ولم يدل باعترافه إلا في الاستجواب الثالث أمام الشرطة، حيث قال: "استسلمت بعد أن خارت قواي وعجزت عن الإنكار". إن اتفاقية حقوق الطفل تضمن لكل طفلٍ متهمٍ بجريمةٍ حقه بالحصول على المساعدة القانونية، أو أية مساعدة أخرى مناسبة، أثناء إعداد وتقديم دفاعه وأثناء المحاكمة؛ كما يضمن عدم إجباره على الإدلاء بالشهادة أو الاعتراف بالذنب [المواد 40 (2) (ب) و37 (د)].
إن منظمة هيومن رايتس ووتش قلقةٌ بشأن السلامة النفسية لأحمد وبشأن قدرته على الاستفادة من الخدمات الطبية والنفسية المناسبة أثناء احتجازه. وفي مقابلته مع نشرة اليوم الإلكتروني، صرح أحمد بأنه كان "يبكي من الخوف والوحدة"، وأنه لازال يعاني من عدم القدرة على النوم "من الكوابيس والأحلام المفزعة "، وذلك أثناء احتجازه في دار الملاحظة الاجتماعية بالدمام، وهو مركزٌ لاحتجاز الأحداث. إن قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم تحرم "الحبس في زنزانة ضيقة أو انفراديا، وأي عقوبة أخرى يمكن أن تكون ضارة بالصحة البدنية أو العقلية للحدث المعنى".
الحالة النفسية لأحمد، الآن كما في وقت ارتكاب الجريمة أيضاً، تخلق شكاً في أهليته للمحاكمة وللدفاع عن نفسه، وخاصةً في ظل عدم وجود المساعدة القانونية. لقد كانت أسرة أحمد وأسرة ولاء جارتين وقت الجريمة. وكان والد ولاء، وهو مدرسٌ، أستاذاً لأحمد. وطبقاً لبعض ما أوردته الصحف، فقد وجه والد ولاء التوبيخ لأحمد البالغ ثلاثة عشرة عاماً بسبب ضعف قدراته، وذلك قبل ما ادعي من قيامه باستدراج الطفلة إلى الحديقة المجاورة ثم طعنها وقتلها. وهذا ما يوحي بإمكانية أن يكون قد تصرف أثناء نوبةٍ من الغضب. وطبقاً لرواياتٍ صحفية أخرى، فقد وقعت الجريمة بعد أن غضب أحمد من الفتاة غضباً شديداً لأنها كانت تفسد ألعابه على الدوام. وصرح قائد شرطة الدمام العميد عبد العزيز الوطبان لصحيفة اليوم السعودية، بعد الجريمة بوقتٍ قصير، أنه "مزيج من الدوافع وليس دافعا واحدا... يدخل فيها قسوة والد القتيلة عليه عندما كان يعطيه دروسا في اللغة الإنجليزية ونفسية الطفل المريضة والمعقدة التي تتميز باللؤم والخبث خاصة أنه كان يعترف ووجهه تغطيه ابتسامة عريضة."
يشير هذا الكلام إلى طفل يعاني من اضطرابٍ عميق ويحتاج إلى الرعاية وإعادة التأهيل، وليس إلى راشدٍ كامل المسؤولية عن أفعاله. لكن المحكمة لم تحاول جدياً، فيما يظهر، أن تنظر في تحديد المسؤولية القانونية لأحمد، بما في ذلك حالته العقلية والعاطفية وقت ارتكاب الجريمة، وكذلك مدى نضجه النفسي. كما أنها لم تطلب أبداً إجراء تقييمٍ نفسي له، وذلك طبقاً للمعلومات التي قدمها والده لهيومن رايتس ووتش. وبدلاً من هذا اعتمدت المحكمة على الفحص الجسدي الذي قام به قضاتها، إلى جانب فريقٍ من الأطباء الشرعيين، بغية تقرير مدى النضج القانوني لدى أحمد بما يسمح بمحاكمته والحكم عليه كراشد. وقالت صحيفة الرياض في أغسطس/آب 2005 أن ذلك الفحص اعتمد على "خشونة صوت" أحمد وعلى "ظهور الشعر" لاعتباره راشداً. إن قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة النظام القانوني للأحداث تدعو جميع الدول إلى تقرير أمر توفر صفة الرشاد اعتماداً على "النضج العاطفي والعقلي والفكري"، وليس اعتماداً على مدى النضج الجسدي للطفل (القاعدة 4).
إن منظمة هيومن رايتس ووتش تدعو المملكة العربية السعودية، وبشكلٍ عاجل، إلى اتخاذ الخطوات التالية:
• تعديل حكم الإعدام الصادر بحق أحمد إلى عقوبةٍ تتناسب مع جريمته، وتتفق مع مسؤوليته وعمره ومقتضيات إصلاحه ومتابعة تعليمه.
• التصريح علناً وبشكلٍ واضح، بالانسجام مع الالتزامات القانونية للمملكة بموجب اتفاقية حقوق الطفل، بأن المملكة العربية السعودية لا تفرض ولا تنفذ عقوبة الإعدام على الجرائم المرتكبة من قبل الأشخاص الذين لم يتموا الثامنة عشرة من العمر وقت ارتكاب الجريمة.
• تسهيل زيارة أحمد من قبل أفراد أسرته والمسئولين القنصليين والمحامين.
نشكر اهتمامكم بهذه القضية الهامة.
مع فائق الاحترام
سارة ليا ويتسون
المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقية
لويس ويتمان
المديرة التنفيذية لقسم حقوق الأطفال