Skip to main content

الولايات المتحدة: اعتقال عشراتٌ المسلمين دون توجيه اتهام

وزارة العدل تسيء استخدام قانون الشاهد الجوهري في سعيها لمحاربة

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش والاتحاد الأمريكي للحريات المدنية في تقريرٍ ينشر اليوم أن وزارة العدل الأمريكية تقوم، عاملةً خلف ستارٍ من السرية، بزج عشرات من الرجال المسلمين المقيمين في الولايات المتحدة في عالمٍ "كافكويٍّ" من الاعتقال غير محدد المدة دون تهمة، إلى جانب اتهامات لا أساس لها بوجود روابط لهم بالإرهاب.

قامت وزارة العدل باعتقال الرجال السبعين، وكلهم مسلمون عدا واحد، بموجب قانون فيدرالي ضيق التطبيق يسمح باعتقال "الشاهد الجوهري" الذي تكون لديه معلومات هامة عن الجريمة، واحتجازه لفترةٍ وجيزة، إذا كان من المحتمل أن يفر بهدف تجنب الإدلاء بشهادته أمام هيئة المحلفين أو أمام المحكمة. ورغم أن المسؤولين الفيدراليين يشتبهون بتورط هؤلاء الرجال في الإرهاب، فإنهم يحتجزونهم كشهودٍ جوهريين وليس كمشتبهٍ بهم.
ولم يتم عرض ما يقارب نصف هؤلاء الشهود على هيئة المحلفين أو المحكمة، للإدلاء بالشهادة. وقد اعتذرت حكومة الولايات المتحدة لثلاثة عشر منهم بسبب اعتقالهم بشكلٍ خاطئ. ولم يتم توجيه تهم تتعلق بالإرهاب إلا لحفنةٍ قليلة من هؤلاء المعتقلين.
قال جيمي فلنر، مدير برنامج الولايات المتحدة في هيومن رايتس ووتش: "إن هؤلاء الرجال ضحايا لوزارة العدل التي أرادت الاحتيال على القانون. إن من يشتبه بأنهم مجرمون يعاملون بطريقةٍ أفضل من الطريقة التي عومل بها أولئك الشهود الجوهريون".
ويقدم التقرير المؤلف من 101 صفحة، والمسمى "شاهدٌ على الانتهاكات: انتهاكات حقوق الإنسان في ظل قانون الشاهد الجوهري منذ 11 أيلول"، توثيقاً حول كيف حرمت وزارة العدل الشهود من الضمانات الأساسية للإجراءات السليمة. ولم يجر إعلام كثير منهم عن سبب اعتقاله، ولم يسمح لهم بالوصول الفوري إلى محاميهم، ولا برؤية الأدلة المستخدمة ضدهم. لقد تجنبت وزارة العدل كلاًّ من تقديم الحماية الأساسية للمشتبه بهم، وتوفير المتطلبات القانونية الخاصة بالشهود المعتقلين. وجرت المحاكمة خلف أبوابٍ مغلقة، كما جرى إبقاء وثائقها طي الكتمان.
لقد رفضت وزارة العدل الكشف عن عدد الشهود الجوهريين الذين اعتقلتهم ضمن تحقيقاتها المضادة للإرهاب؛ وقد تجاهلت إلى حدٍّ كبير التحقيقات التي تمت في الكونغرس. وبعد عامٍ من البحث المركز، توصلت منظمة هيومن رايتس ووتش والاتحاد الأمريكي للحريات المدنية إلى تحديد هوية سبعين من هؤلاء الشهود الجوهريين؛ وقد كان 65 منهم ينحدرون من الشرق الأوسط أو جنوب آسيا، وكان 17 منهم مواطنين أمريكيين، وكانوا مسلمين جميعاً عدا واحداً منهم.
وقالت أنجانا مالهوترا، كاتبة التقرير وزميلة في هيومن رايتس ووتش وفي الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية: "لقد لعب التعجل وانعدام الكفاءة والتحامل دوراً في هذه الاعتقالات. حيث جرى اعتقال الرجال المسلمين لأسبابٍ لا تتعدى كثيراً ترددهم على نفس الجامع الذي تردد عليه أحد مرتكبي 11 أيلول، أو لمجرد حيازتهم سكيناً صغيرة".
يورد التقرير تفاصيل عن كيفية اعتماد وزارة العدل الأمريكية على أدلة كاذبة أو واهية أو غير ذات صلة بالأمر لإصدار مذكرات توقيف بحق هؤلاء الرجال، ولإقناع المحاكم بوجود احتمال لفرارهم مما يوجب توقيفهم. وفي الواقع، فقد تعاون معظم هؤلاء الرجال مع السلطات الفيدرالية قبل اعتقالهم. وقد أثبت كثيرٌ منهم عدم حيازتهم معلومات ذات صلة بأية محاكمةٍ جنائية.
وقال لي غيليرنت، وهو محامٍ كبير يعمل مع مشروع حقوق المهاجرين التابع للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية: "على الجبهة الداخلية، قد يكون الاستخدام غير القانوني لصفة الشاهد الجوهري من قبل وزارة العدل أكثر الانتهاكات الحكومية التي أعقبت 11 أيلول تطرفاً، وإن كان أقلها شهرةً. إن الانتهاكات المتعلقة بالشهود الجوهريين مثالٌ ساطعٌ على ما يحدث عندما تغيب الرقابة الشعبية على الأفعال الحكومية".
كان الشهود يعتقلون تحت تهديد السلاح، ويوضعون طوال الوقت في الحبس الانفرادي، ويخضعون للشروط القاسية والمهينة المتعلقة بإجراءات الأمن المشددة التي عادةً ما تستخدم مع السجناء المتهمين أو المدانين بأكثر أنواع الجرائم خطورةً. وقد قام العاملون في أماكن الاحتجاز بمضايقة المعتقلين، بل وبالإساءة إليهم جسدياً في بعض الحالات.
ووجد التقرير أن ثلث الشهود الجوهريين السبعين قد اعتقلوا فترات لا تقل عن شهرين. لا بل سجن بعضهم أكثر من ستة أشهر، وأمضى واحدٌ منهم أكثر من عامٍ كامل خلف القضبان. وتبعاً لما قاله التقرير، فإن وزارة العدل قد استخدمت، وبشكلٍ واضح، صفة الشاهد الجوهري بقصد كسب الوقت من أجل البحث عن أدلة تبرر اعتقالها هؤلاء الأشخاص بموجب اتهامات جرمية أو اتهامات تتعلق بالهجرة. وعند عدم توفر هذه الأدلة، عمدت وزارة العدل إلى احتجازهم بموجب قانون الشاهد الجوهري ريثما تتأكد من أنها لم تعد بحاجةٍ لوجود المعتقل، أو ريثما يأمر أحد القضاة بإخلاء سبيله.
كما يوثق التقرير أيضاً الآثار بعيدة المدى لسياسة "الشاهد الجوهري" المتبعة من قبل وزارة العدل على هؤلاء الشهود وعلى أسرهم. ففي الوقت الذي يمضيه الشاهد للشفاء من الأذيات الناتجة عن الاعتقال في ظروفٍ قاسية، فإنه يعيش تحت شبح الريبة، ويواجه في محيطه الاجتماعي أسئلةً لا تنتهي عن علاقته بالإرهاب، وذلك حتى عندما تقوم الحكومة بالاعتذار منه. لقد أدى ذلك إلى فقدان الكثيرين فرص عملهم، كما اضطر البعض إلى الانتقال إلى محيط اجتماعي آخر ليبدأ حياته من جديد.

يمكن الإتطلاع التقرير في الموقع الآتي:
https://www.hrw.org/reports/2005/us0605

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.