Skip to main content

العراق: ردود الأفعال العسكرية الأمريكية تعرض الصحفيين للمخاطر

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم إن ردود الأفعال التي تتسم بالعدوانية المفرطة من جانب القوات العسكرية الأمريكية في العراق تعرض الصحفيين وغيرهم من المدنيين للأخطار بلا ضرورة.

ففي 18 سبتمبر/أيلول أطلق جنود الجيش الأمريكي النار على صحفي ومصور فوتوغرافي بالأسوشيتد برس في مدينة الخالدية الواقعة على بعد 50 ميلاً غربي بغداد. ولم يصب أحد، لكن سيارة المصور لحقت بها خسائر شديدة.

وفي 17 أغسطس/آب أطلقت القوات الأمريكية النار على مازن دعنا المصور التليفزيوني بوكالة رويتر فأردته قتيلا أمام سجن أبو غريب قرب بغداد. وطبقا لما يقوله الجيش الأمريكي، فإن الجنود ظنوا خطأ أن الكاميرا التي يحملها المصور كانت قذيفة صاروخية (آر بي جيه). وقالت السلطات العسكرية الأمريكية لمنظمة هيومن رايتس ووتش يوم 23 سبتمبر/أيلول إنها حققت في هذه الواقعة وخلصت إلى أن الجنود تصرفوا في حدود قواعد الاشتباك المعمول بها. ويعد دعنا الصحفي الثاني عشر الذي يلقى حتفه في خضم القتال في العراق منذ بدء الحرب في مارس/آذار، وذلك وفقا لما أعلنته "لجنة حماية الصحفيين" التي يقع مقرها في نيويورك؛ وقد لقي خمسة من هؤلاء مصرعهم بنيران القوات الأمريكية.
وقال جو ستورك المدير التنفيذي بالنيابة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش
"إن الجنود الأمريكيين في ظل استمرار الهجمات عليهم يلجؤون أحيانا إلى القوة المميتة بطريقة رعناء دون أي تمييز، الأمر الذي يعرض كل المدنيين، وليس الصحفيين فحسب، لخطر شديد".
وأشار ستورك إلى أن الولايات المتحدة بوصفها قوة الاحتلال في العراق ملزمة بضمان السلامة العامة على نحو يتمشى مع القانون الإنساني الدولي ومعايير حقوق الإنسان. ويتضمن هذا الالتزام ضرورة تجنب إلحاق أي أذي بالمدنيين بلا داع.

وفي آخر الحوادث من هذا النوع كان كريم كاظم المصور بالأسوشيتد برس وسائقه قاسم السعيدي في طريقهما إلى بغداد عندما سمعا عن هجوم على القوات الأمريكية في الخالدية حيث اغتيل رئيس الشرطة العراقية قبل ذلك ببضعة أيام. وعندما وصلا شاهدا دبابة أمريكية تسد الطريق. وكان على نافذة السيارة الأمامية لافتة بيضاء ملصوقة مكتوب عليها بحروف سوداء كلمة "صحافة " بعرض ثلاثة أقدام. وفي تلك اللحظة سمعا انفجارا اعتقدا أنه هجوم بقذائف صاروخية على القوات الأمريكية. ووفقا لما قاله السائق قاسم السعيدي فإن دبابة أمريكية صوبت مدفعها الرشاش على سيارته، كما حكى لمنظمة هيومن رايتس ووتش:

"عندما وصلنا رأينا الدبابة فتوقفنا؛ وسمعنا صوت قذيفة صاروخية "آر بي جيه" أخرى في تلك اللحظة، وعندئذ أطلقوا المدفع الرشاش من الدبابة... فاستدرنا بسرعة وفتحنا الأبواب وقفزنا إلى الخارج. وأصابت جميع الطلقات السيارة واخترق بعضها المقاعد... وكان الأمريكيون في حالة من التوتر والخوف الشديد، فهم يعانون من الحيرة والارتياب الشديد في كل شيء".
واختبأ الرجلان على جانب الطريق، وأخيرا وجدا ملجأ لهما في البيوت القريبة منهما. وطبقا لتقرير الأسوشيتد برس عن هذه الواقعة، فقد أطلقت النار على شاب في العشرين من عمره في صدره، ثم نقل بعد ذلك بسيارة أجرة. وأفادت الأسوشيتد برس أن مراسلها طارق العيسوي الذي كان قد وصل بسيارة أخرى في نفس الواقعة أطلقت عليه النار من مدفع رشاش عيار 50 مللي من دبابة أمريكية، ولكنه لم يصب بسوء.

وقد تفقدت منظمة هيومن رايتس ووتش سيارة السعيدي، وهي شيفرولية كابريس كلاسيك لونها أزرق داكن تحمل لوحة رقم 322616 بغداد، فوجدت آثار سبع طلقات على السيارة، بعضها اخترقها إلى الداخل، كما وجدت الإطارات فارغة والزجاج الأمامي محطما. وطبقا للأسوشيتد برس فقد أصيبت السيارة "حوالي 20 مرة".

وقال الجيش الأمريكي إن جنوده تعرضوا للهجوم في ذلك اليوم في الخالدية، حيث ورد أن قنبلة انفجرت على جانب الطريق قرب قافلة، ثم قامت مجموعة من المسلحين بإطلاق النار بعد ذلك على الجنود الأمريكيين؛ كما ووقع هجوم ثان على بعد تسعة أميال غرباً. وأصيب جنديان، ولكن لم يتبين ما إذا كانا قد أصيبا في هذا الهجوم أم ذاك. وأرسلت الأسوشيتد برس خطاب احتجاج إلى السلطات العسكرية الأمريكية في بغداد تطالب بإجراء تحقيق، وقالت إن إطلاق النار لم يكن له ما يبرره وإنه عرض الصحفيين لخطر شديد.

كما تحدثت منظمة هيومن رايتس ووتش مع غيث عبد الأحد وهو مواطن عراقي يعمل مساعدا صحفيا في صحيفة "نيويورك تايمز"، حيث أخبر عبد الأحد المنظمة أن الجنود الأمريكيين طرحوه أرضاً، وقيدوا يديه وأساءوا إليه بالقول. ففي الأول من سبتمبر/أيلول تقريبا كان يقود سيارته على الطريق السريع رقم 1، على بعد 20 ميلا شمال بغداد عندما أقبل على نقطة تفتيش عسكرية أمريكية. وكان انفجار قد وقع لتوه مما أسفر عن مقتل جندي أمريكي وإصابة آخر، ورأى عبد الأحد طائرة هليكوبتر تقوم بنقل المصابين.

وقام جنديان أمريكيان يعتقد عبد الأحد أنهما من فرقة المشاة الرابعة بطرحه أرضا بخشونة، على الرغم من أنه أبرز لهم بطاقته الصحفية قائلا إنه يعمل مع النيويورك تايمز، ثم ما لبثا أن أطلقا سراحه. وبينما كان يقف على بعد 50 مترا وهو يرقب المشهد اقترب منه نفس الجنديين وطرحاه أرضا مرة أخرى، وقيدا يديه وغطيا رأسه بكيس. وقال عبد الأحد
"وضع أحد الجنديين ركبته على رقبتي، وعندما قلت إنني أعمل مع النيويورك تايمز رد قائلا "إذن فأنت تتحدث الإنجليزية" وضغط بركبته على رقبتي أكثر من ذي قبل".
وتشعر منظمة هيومن رايتس ووتش بالقلق الشديد من أن ردود الأفعال المتهورة من الجنود الأمريكيين على النيران المعادية تعرض المدنيين للخطر، وخاصة الصحفيين كما في هذه الحالة. ودعت المنظمة إلى إجراء تحقيق في هجوم 18 سبتمبر/أيلول على صحفيي الأسوشيتد برس.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة