Skip to main content

العراق: تقاعس الولايات المتحدة عن اتخاذ أي إجراء بشأن المقابر الجماعية

معلومات جديدة عن موقع مقبرة جماعية شمالي بغداد

اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة الأمريكية اليوم بأنها كانت تعرف منذ الثالث من مايو/أيار بوجود مقبرة جماعية في الحلة ولكنها لم تتخذ أي إجراء لحماية هذا الموقع

ففي الثالث من مايو/أيار طلب عمدة الحلة العون من مشاة البحرية الأمريكية لحماية الموقع. وفي الخامس من مايو/أيار أبلغ المحققون التابعون لمكتب إعادة الإعمار والمعونة الإنسانية التابع للبنتاغوون السلطات في واشنطن بأن المقبرة تفتقر إلى الحماية الكافية، وأوصوا بإنشاء فرق متنقلة من خبراء الطب الشرعي لزيارة الموقع. وفي السابع من مايو/أيار أبلغ مكتب إعادة الإعمار واشنطن بأن المقبرة الجماعية ربما بضعة آلاف من الجثث. وقال بيتر بوكيرت كبير الباحثين المختصين بالطوارئ بمنظمة هيومن رايتس ووتش
"إن الحكومة الأمريكية لم تتخذ أي إجراء حيال المعلومات الهامة الخاصة بالمقابر الجماعية في العراق؛ ونتيجة لذلك فإن الأسر اليائسة تحاول حفر الموقع بنفسها - الأمر الذي يمثل عبثا بالأدلة التي يمكن أن يستخدمها خبراء الطب الشرعي لإثبات هوية الضحايا بالطرق المتخصصة".
كما أكدت هيومن رايتس ووتش اليوم وجود مدافن سرية تضم قبورا مرقمة لأكثر من ألف سجين أعدمتهم الحكومة العراقية، وتقع على بعد 40 كيلومترا شمالي بغداد في قرية محمد سكران. وقال بوكيرت
"إن هذا الاكتشاف قد يكون خطوة هامة في الجهود الرامية إلى العثور على المفقودين في العراق، بشرط ألا تتعرض للأدلة للتلف أو التدمير؛ فإذا لم تتم حماية الموقع، ولم يصل خبراء المعمل الجنائي سريعاً، فإن الأدلة هامة ستتعرض سريعا للضياع".
ويضم موقع المقبرة، الذي يقع على حافة جبّانة مدنية رفات أكثر من ألف سجين أعدموا فيما بين 1979 و1999، وذلك طبقا للتحقيق المبدئي الذي أجرته هيومن رايتس ووتش. وكانت جثث المعدومين قد دفنت في قبور منفردة ضحلة، ووضعت عليها علامات معدنية مرقمة.

ودعت هيومن رايتس ووتش التحالف الذي تتزعمه الولايات المتحدة إلى اتخاذ خطوات فورية لتأمين موقع المقبرة في محمد سكران، وتقديم المساعدات اللازمة في مجال الطب الشرعي لتحديد هوية أصحاب الرفات والحفاظ على الأدلة لصالح التحقيقات الجنائية في عمليات الإعدام.

وقال بوكيرت
"طبقا للتقديرات المتحفظة، يوجد على الأقل 290 ألف شخص مفقودين في العراق، وأغلب الظن أن الدليل الذي سوف يقود إلى مكانهم يكمن في هذه القبور، ولذلك يجب على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أن يضطلع بدور ريادي لا في تأمين مواقع المقابر فحسب، بل في المبادرة بالإعلان عن الالتزام باستخراج الرفات وتحديد هوية أصحابه".
ويضم الضحايا المدفونون في مقبرة محمد سكران الكثير من المدنيين الذين اعتُقلوا ثم أعدموا في مطلع الثمانينيات للاشتباه في عضويتهم في "الحزب الشيوعي العراقي" المحظور و"حزب الدعوة الإسلامي"؛ ومن بين الضحايا الذين تم التعرف على هويتهم الكثيرون من الشيعة العراقيين والأكراد، فضلاً عن بعض النساء. ويبدو أن بعض المقابر يحتوي على أكثر من جثة، حسبما أفاد حفّارو القبور الذي قاموا باستخراج رفات الضحايا. وطبقا لما ذكره حارس مدافن البلدية في محمد سكران، فإن هذه القبور حفرها أفراد أجهزة الأمن العراقية الذين دأبوا على المجيء يأتون إلى القرية ومعهم رفات آدمي؛ وكانوا يأمرون أهل القرية بالبقاء بعيداً عن المنطقة، ويخبرونهم بأنه هذه الجثث لأناس توفوا وليس لهم أقارب معروفون، أو بأنها جثث منقولة من بعض المنشآت الطبية. وفيما بعد تعرف حارس المدافن على ثلاثة من أبناء عمومته بين الضحايا.

وقد أتاحت المعلومات المستقاة من ملفات أجهزة الاستخبارات العراقية الفرصة للأقارب لمضاهاة ما لا يقل عن 80 من الضحايا المدفونين في محمد سكران بالمواقع المرقمة، وفي بعض القبور كانت الأشرطة البلاستيكية الملفوفة حول أذرع الضحايا مدفونة معهم. وبدأت بعض أسر الضحايا تستخرج الرفات من المقابر المعروفة، وتم استخراج 16 جثة على الأقل حتى الآن ونقلت لدفنها في أماكن أخرى.

إلا أن معظم علامات القبور المرقمة في الموقع تآكلت بشدة بحيث غدا تحديد هوية الأفراد عن طريقها مستحيلا حتى الآن. وقد وصل هادي عاشور، وهو من الشيعة الأكراد "الفيليين"، يبلغ من العمر 66 عاما، إلى الموقع اليوم بحثا عن 12 من أقاربه الذين قبض عليهم جميعا في عام 1980 واتهموا بالانتماء إلى "حزب الدعوة الإسلامي". وبعد زيارة عدة مواقع محيطة ببغداد، حيث تجري مراجعة ملفات أجهزة الأمن السابقة بحثاً عن معلومات عن المفقودين، وجد هادي عاشور ملفا يثبت أن جمع هؤلاء الرجال أعدموا في 28 يونيو/حزيران 1983، مع 12 آخرين من الأكراد "الفيليين"، ودفنوا في محمد سكران. وعلى الرغم مما عرفه عاشور فإنه لم يتمكن من تحديد موقع قبر واحد من قبور أقربائه.

كما وصل إلى الموقع رياض سكران حسين، البالغ من العمر 30 عاماً، بحثاً عن أبيه سكران حسين الشمري الذي كان قد اعتُقل في الثالث من سبتمبر/أيلول 1980 بتهمة العضوية في "الحزب الشيوعي العراقي". وكان رياض قبل ذلك ببضعة أيام قد وجد اسم أبيه على قائمة الأشخاص الذين أعدموا في مبنى الأمن العام في المسيب في جنوبي بغداد، واكتشف أن أباه المتوفى دفن في مدافن محمد سكران، لكنه لم يتمكن من تحديد مكان قبره.

أما فايق عبود، وهو رجل أعمال بغدادي عمره 41 عاما، فقد وصل إلى مدافن محمد سكران بحثا عن أخيه فارس الذي كان قد قبض عليه واختفى عام 1983. وقال عبود لهيومن رايتس ووتش "لم تصلنا أي أخبار عن مصيره منذ عام 1983 حتى يومين مضيا عندما وجدنا قائمة أسماء في إحدى الصحف الجديدة في بغداد، وكان اسمه بينها". ولم يتمكن عبود بدوره من تحديد موقع قبر أخيه.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.