Skip to main content

مصر: استمرار تعذيب المتظاهرين ضد الحرب

لا بد من إجراء تحقيق مستقل وعاجل

قالت ثلاث من أهم المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان اليوم إنه يجب على السلطات المصرية اتخاذ إجراءات فورية لوضع حد لما يكابده المتظاهرون ضد الحرب من الاعتقالات وصنوف التعذيب المستمرة.

فقد دعت منظمة هيومن رايتس ووتش ولجنة المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمة الأطباء المدافعين عن حقوق الإنسان الحكومة المصرية إلى ضمان سلامة جميع المعتقلين، وتقديم العلاج الطبي العاجل لجمع المعتقلين الذين أصيبوا بجروح أثناء القبض عليهم أو احتجازهم، وإجراء تحقيق وافٍ بشأن ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة.

كما دعت المنظمات الثلاث الحكومة المصرية إلى الامتناع عن إحالة أي من قضايا المعتقلين إلى محاكم أمن الدولة التي لا يجوز الطعن في أحكامها بالطرق العادية؛ وحثت الحكومة على إلغاء مثل هذه المحاكم جميعاً، وإلغاء قانون الطوارئ القمعي الذي لا يزال سارياً في البلاد. وقالت هذه المنظمات
"نحن نخشى على صحة وسلامة الأشخاص الذين لا يزالون رهن الاعتقال، ويساورنا قلق بالغ بشأن مغزى هذه الاعتقالات والاعتداءات بالضرب على المعتقلين، إذ تنطوي على رسالة مؤداها أن أي معارضة في مصر سوف يتم قمعها بالبطش الوحشي".
هذا، وقد استمرت موجة الاعتقالات منذ اعتقال المئات من النشطاء والمتظاهرين، بالإضافة إلى المتفرجين والمارة، أثناء المظاهرات المتفرقة المناهضة للحرب التي جرت في شتى أنحاء القاهرة يوم الجمعة الموافق 21 مارس/آذار الجاري؛ وردت الشرطة على المظاهرات باستخدام القوة المفرطة، حيث تعدت بالضرب على الكثيرين من المشاركين فيها، واعتقلت أعداداً كبيرة منها. كما احتلت الشرطة مقر نقابة المحامين نحو ست ساعات، واعتقلت المحامين خارج المقر وداخله؛ واقتيد المعتقلون إلى معسكر الأمن المركزي في حي الدراسة وإلى المقر الرئيسي لمباحث أمن الدولة في حي لاظوغلي. وقد أُفرج عن بعض هؤلاء المعتقلين، فيما أحيل 68 آخرون إلى النيابة العامة أو نيابة أمن الدولة. غير أن عدداً غير معروف من الأشخاص لا يزالون رهن الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي، مما يشكل انتهاكاً لما ينص عليه القانون من ضرورة إحالة المعتقلين إلى مكتب النيابة في غضون 24 ساعة منذ القبض عليهم.

ولا يزال العدد الإجمالي للمعتقلين ومكان اعتقالهم طي المجهول؛ فمن المحتمل أن يكون بعضهم لا يزالون محتجزين في معسكر الأمن المركزي بالدراسة، ويُعتقد أن البعض الآخر محتجزون في سجن طرة المحكوم؛ وثمة آخرون من المحتمل أن يكونوا محتجزين في مختلف أقسام الشرطة بالقاهرة. ومن بين المعتقلين ما لا يقل عن ثلاثة أطفال دون الخامسة عشرة وجهت إليهم نيابة قصر النيل الاتهامات يوم 22 مارس/آذار، بالإضافة إلى فتاة في السادسة عشرة من عمرها وجه إليها مكتب نيابة الأزبكية الاتهام. وقد تلقت منظمة هيومن رايتس ووتش في 21 مارس/آذار معلومات من المحامي جمال عيد، أثناء احتجازه في معسكر الأمن المركزي بالدراسة، مفادها أن ثمة أطفالاً في الخامسة عشرة من عمرهم محتجزين في زنزانة واحدة مع الكبار.

وفي 23 مارس/آذار، اعتقلت السلطات المزيد من الناشطين، اقتيد الكثيرون منهم من منازلهم، ومن بينهم اثنان من النواب المعارضين في مجلس الشعب المصري. وأحيل سبعة من المقبوض عليهم، من بينهم النائبان المعارضان، في نفس اليوم إلى مكتب نيابة أمن الدولة. وفي صباح الثلاثاء الموافق 25 مارس/آذار، اعتُقل عدد غير معروف من طلاب جامعة القاهرة، واقتيدوا إلى فرع مباحث أمن الدولة بشارع جابر بن حيان في الجيزة. وادعى طالب أخلي سبيله أن بعض الآخرين الذين لا يزالون محتجزين هناك تعرضوا للتعذيب لإجبارهم على الكشف عن مكان كمال خليل، وهو من النشطاء ضد الحرب.

وأعربت المنظمات الثلاث عن بالغ قلقها بشأن ما ورد من أقوال تفيد بتعرض المتظاهرين للضرب أثناء القبض عليهم ثم أثناء احتجازهم. وفيما يلي أمثلة من ذلك:

تعرضت الناشطة منال خالد والمحامي زياد عبد الحميد العليمي للضرب المبرح عند القبض على كل منهما في 21 مارس/آذار. وذكرت منال خالد أيضاً أن ضابط أمن الدولة العميد حسام سلامة هددها بالاغتصاب عقب القبض عليها. وقد التقى طبيب من مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، وهو من المنظمات غير الحكومية المصرية، بكلا المعتقلين في قسم شرطة الأزبكية يوم 22 مارس/آذار، وقال لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن منال خالد أصيبت إصابة خطيرة في إحدى عينيها، بينما كان العليمي مصاباً بكسر في الذراع. وقالت منال خالد للمحامين والنشطاء في 25 مارس/آذار إنها حرمت من حقها في أن تُعرض على طبيب شرعي لإثبات الإصابة؛ وقال لها مفتش صحة إنها مصابة بتجمع دموي أسفل العين اليمنى، ونصح بعرضها على طبيب عيون، ولكنه لم يعالجها ولم يتحقق من تلقيها الرعاية الطبية اللازمة. وذكر زياد عبد الحميد العليمي أن أحد مفتشي الصحة قال له إن ذراعه مصاب بثلاثة شروخ، ولكنه لم يعالجه ولم يتحقق من حصوله على الرعاية الطبية اللازمة. وقد تعرض كلاهما للضرب مرة أخرى لاحقاً في قسم شرطة الخليفة (انظر ما يلي).
مثل 12 متهماً - من بينهم منال خالد وزياد العليمي - أمام نيابة الأزبكية في 22 مارس/آذار، ثم نُقلوا في نفس الليلة إلى قسم شرطة الخليفة؛ وتعدى ضباط الشرطة عليهم جميعاً بالضرب المبرح بالعصي والأحزمة. والتقى المحامون بمنال خالد أثناء اقتيادها من قسم الشرطة؛ فقالت لهم، والدموع تنهمر من عينيها، إنها تعرضت لـ"علقة موت"، وإن الرجال يُسحقون سحقاً بالداخل. وفي وقت لاحق، قالت منال خالد للمحامين إن ضباط قسم الخليفة هددوها هي ومعتقلتين أخريين بالاغتصاب. وذكر أحد المتهمين، وهو جمال عيد، للمحامين في جلسة تجديد أمر اعتقاله إن الضباط ضربوه ضرباً شديداً بعصا حتى انكسرت على جسمه؛ كما قال إنه اشتبه في وجود كسر في ساعده فطلب عرضه على طبيب، ولكنه حُرم من الرعاية الطبية.
ورد أن خمسة معتقلين على الأقل قد تعرضوا للتعذيب بالصدمات الكهربائية في مقر مباحث أمن الدولة بلاظوغلي بين منتصف الليل والثانية والنصف من صباح السبت الموافق 21 مارس/آذار 2003. · تعرضت نورهان ثابت، وهي طالبة حامل بجامعة القاهرة، للركل أثناء القبض عليها في 22 مارس/آذار 2003، وأثناء احتجازها لدى الشرطة معصوبة العينين ومقيدة اليدين.

وقد حثت منظمة هيومن رايتس ووتش ولجنة المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمة الأطباء المدافعين عن حقوق الإنسان، الحكومة المصرية على الإعلان عن أسماء جميع المعتقلين الذين احتُجزوا في إطار الأحداث التي شهدتها الأيام الأخيرة، والكشف عن أماكن اعتقالهم فوراً، والشروع في تحقيق مستقل بشأن الانتهاكات التي تعرض لها المتظاهرون وغيرهم من المعتقلين، ونشر نتائج هذا التحقيق على الملأ. وفي خطابين منفصلين لوزير الداخلية المصري اللواء حبيب العدلي والنائب العام المستشار ماهر عبد الواحد، أوضحت منظمة هيومن رايتس ووتش بواعث القلق هذه وغيرها، وحثت السلطات المصرية على اتخاذ إجراء فوري بشأنها.
خلفية
من بين المعتقلين الثمانية والستين الذين أحيلوا إلى النيابة حتى الآن، عُرض 12 على نيابة الأزبكية، وصدر أمر باعتقالهم أربعة أيام على ذمة التحقيقات في 22 مارس/آذار؛ وتم تمديد اعتقالهم لمدة أسبوع آخر في 25 مارس/آذار. وأحيل 49 إلى نيابة قصر النيل ونيابة الجمالية، وصدرت بحقهم أوامر اعتقال لمدة 15 يوماً. أما المعتقلون السبعة الباقون فقد أحيلوا إلى نيابة أمن الدولة في 23 مارس/آذار؛ وصدرت ضد السبعة جميعاً أوامر اعتقال لمدة 15 يوماً، ومن المحتمل إحالتهم إلى محكمة أمن الدولة التي لا يجوز استئناف أحكامها، ولا يمكن نقضه إلا بأمر من رئيس الجمهورية.

وقد وُجِّهت إلى جميع المعتقلين الثمانية والستين الذين أحيلوا إلى النيابة تهمة المشاركة في تجمهر لأكثر من خمسة أشخاص، بموجب قانون التجمهر الذي يرجع إلى عام 1914. ومن بين التهم الأخرى الموجهة إليهم إتلاف الممتلكات العامة، وتعطيل حركة المرور، وبث دعاية من شأنها تكدير السلم العام، والإضرار بالمصلحة العامة، والتعدي على الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون. وقد ادعى المتظاهرون أن جانباً كبيراً من الدمار الذي لحق بالممتلكات أثناء المظاهرات، بما في ذلك إحراق سيارة مطافئ بالقرب من ميدان التحرير، وقع بفعل رجال الشرطة.
شهادات عن التعذيب في الحجز
جمع المحامون والناشطون الشهادات التالية في 25 مارس/آذار، أثناء مثول المعتقلين الاثني عشر الذين أحيلوا إلى نيابة الأزبكية أمام قاضي التجديد الذي أصدر قراراً بتمديد حبسهم على ذمة التحقيقات؛ وقد نشرت منظمات حقوق الإنسان المصرية هذه الشهادات:

جمال عيد، عضو في لجنة الحريات بنقابة المحامين، وناشط في مجال حقوق الإنسان، ومستشار لمنظمة هيومن رايتس ووتش:
منال خالد، من النشطاء المعارضين للحرب
زياد العليمي، محامٍ

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة