فخامة الرئيس ياسر عرفات
رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية
مدينة غزة ـ قطاع غزة
فخامة الرئيس
إن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" يساورها قلق بالغ لأن إحدى محاكم أمن الدولة التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية في نابلس قد أصدرت خلال الأسبوع الحالي أحكاماً بالإعدام ضد أربعة أشخاص بتهمة الخيانة العظمى والتعاون مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية. فقد حكمت المحكمة اليوم بالإعدام على أحمد أبو عيشة بتهمة تزويد جهاز الأمن العام الإسرائيلي بمعلومات أفضت إلى اغتيال صلاح دروزة، وهو أحد الناشطين البارزين في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)؛ وورد أن جلسة المحكمة استغرقت تسعين دقيقة. وفي وقت متأخر من يوم الثلاثاء، الموافق 31 يوليو/تموز، حُكم بالإعدام على ثلاثة فلسطينيين آخرين، هم: سمير أبو زينة وأمجد حفرزة وحسين أبو عليون، بزعم تورطهم في مقتل ثابت أحمد ثابت، أحد زعماء حركة "فتح"، في طولكرم في 31 ديسمبر/كانون الأول 2000.
ويتطلب تنفيذ أحكام الإعدام في هؤلاء الرجال الأربعة رمياً بالرصاص مصادقتكم على الأحكام بصفتكم رئيس السلطة الفلسطينية؛ ومنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" تحثكم بكل قوة على تخفيف هذه الأحكام.
كما أننا نهيب بكم أن تشجبوا بكل وضوح وجلاء عمليات قتل الأشخاص المزعوم تعاونهم مع السلطات الإسرائيلية، التي يرتكبها الأفراد أو الجماعات بدافع الاقتصاص الفوري من المجرمين، وإصدار الأوامر للسلطات بتقديم المسؤولين عن أعمال القتل هذه إلى ساحة القضاء. فقد ورد أن فلسطينيين قُتلا رمياً بالرصاص ليل الأربعاء الموافق الأول من أغسطس/آب الجاري، فيما أصيب ثالث بجروح خطيرة. وقُتل فلسطيني آخر من المشتبه في تعاونهم مع المخابرات الإسرائيلية يوم الثلاثاء الموافق 31 يوليو/تموز. ووفقاً لما جاء في تقارير الصحف، فإن زعماء الميليشيا المرتبطين بحركة "فتح" قد ادعوا مسؤوليتهم عن بعض أعمال القتل المشار إليها، وهددوا بتنفيذ المزيد منها.
وقد أفادت الأنباء الواردة بأن جلسة النطق بالحكم في القضية المتعلقة بثابت أحمد ثابت، التي جاءت في أعقاب جلستين سابقتين في الثامن والعشرين والثلاثين من يوليو/تموز، قد استغرقت عشر دقائق؛ وكان من المقرر أصلاً أن تجري يوم الأربعاء ولكن تم التعجيل بها في أعقاب الهجوم الصاروخي الذي شنته مروحية إسرائيلية على مكتب في نابلس، مما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص من بينهم اثنان من القادة السياسيين لحركة حماس، وصحفيان، وطفلان، وعن إصابة خمسة عشر آخرين بجروح. وصرح محافظ نابلس محمود علول لوسائل الإعلام بأن موعد جلسة النطق بالحكم قد تم تغييره حتى يتسنى الإعلان عن الحكم قبل تشييع جنازة القتلى الثمانية يوم الأربعاء.
وقد نجا متهم آخر في قضية ثابت من عقوبة الإعدام لحداثة سنه، وهو محمد عبد الرحمن البالغ من العمر سبعة عشر عاماً، فحُكم عليه بدلاً من ذلك السجن خمسة عشر عاماً. كما أخلي سبيل متهم خامس يدعى حسام عفيف خليل بسبب اختلال قواه العقلية. وذكر خالد القدرة، المدعي العام لمحاكم أمن الدولة، لوكالة رويترز للأنباء في 9 يوليو/تموز أن السلطة الفلسطينية سوف تسعى لتوقيع عقوبة الإعدام على ثلاثة من المتهمين في إطار قضية قتل ثابت.
هذا، وقد استنكرت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" سياسة "التصفية" التي تنتهجها إسرائيل ومقتل ثابت ثابت، ودعت إلى إجراء تحقيق في الأمر وملاحقة جميع الأشخاص المسؤولين عن شن هجمات على المدنيين. وتعارض المنظمة في جميع الظروف والأحوال استخدام عقوبة الإعدام باعتبارها انتهاكاً للحق في الحياة، وذلك بسبب القسوة المتأصلة في طبيعتها، وبسبب ما تنطوي عليه من احتمال إعدام أفراد أبرياء أدينوا خطأً بجرم لم يرتكبوه. ومما يبعث على انزعاجنا أيضاً لجوء السلطة الفلسطينية إلى عقوبة الإعدام في أعقاب محاكمات جرت أمام محاكم أمن الدولة والمحاكم العسكرية، ولا تتمشى مع المعايير الدولية الأساسية للمحاكمة العادلة، ومن المحتمل أن تكون الأحكام الصادرة عنها قد تأثرت باعتبارات سياسية.
وفي الثالث عشر من يناير/كانون الثاني، وبعد وقف تنفيذ أحكام الإعدام لمدة اثنين وعشرين شهراً، نُفذت عقوبة الإعدام علناً في كل من علام بني عودة في نابلس ومجدي مكاوي في غزة؛ وكان كلاهما قد أدين أمام محكمة أمن الدولة بتهمة التعاون مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وذلك عقب محاكمات مقتضبة لم يُسمح لهما خلالها بالاستعانة بمحامين، أو استئناف الأحكام الصادرة ضدهما، مما يشكل انتهاكاً لأبسط المعايير الأساسية للمحاكمة العادلة. وتم إعدامهما بعد أن قمتم بالتصديق على الحكمين الصادرين ضدهما.
وفي 13 يناير/كانون الثاني أيضاً حكمت محكمة أمن الدولة العليا في بيت لحم بالإعدام على كل من محمد ضيف علام الخطيب وحسام الدين موسى حامد بتهمة التعاون مع السلطات الإسرائيلية في مقتل حسين عبيات، أحد قادة حركة "فتح"، وذلك بعد محاكمة استغرقت خمس ساعات، ولم تستدعِ فيها المحكمة سوى شاهد واحد. وفي 11 فبراير/شباط، حُكم بالإعدام على مسؤول أمني فلسطيني يدعى حسن محمد حسن مسلم، بعد أن أدانته محكمة عسكرية في الخليل بتهمة التعاون؛ ونحن نطلب منكم تأكيداً بأن أحكام الإعدام هذه لم ولن تُنفَّذ.
وكحد أدنى، ينبغي ضمان الحقوق التالية المعترف بها دولياً للأشخاص المتهمين بالتعاون والخيانة، وكذلك جميع المشتبه فيهم الذي يمثلون أمام أي محكمة فلسطينية:
* افتراض براءة المتهم حتى تثبت إدانته
*محاكمة المتهم أمام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة
* إعلام المتهم بطبيعة وأساس التهم الموجهة إليه
*إتاحة وقت كافٍ للمتهم لإعداد دفاعه وتقديم دفوعة رداً على التهم الموجهة إليه، واستدعاء شهود النفي
* توكيل محامٍ للدفاع عن المتهم، تتكفل الدولة بأتعابه إذا اقتضت الضرورة ذلك
* فحص الأدلة واستجواب شهود الإثبات
* عدم إكراه المتهم على الشهادة ضد نفسه، أو الاعتراف بالجرم
* السماح باستئناف حكم الإدانة والعقوبة أمام محكمة أعلى درجة وفقاً للقانون
ومن ثم، فإننا نحث فخامتكم على تخفيف أحكام الإعدام الصادرة، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع أعمال القتل التي ترتكبها الجماعات أو الأفراد بدافع الاقتصاص الفوري من المجرمين. ومن بواعث القلق البالغ لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أن السلطة الفلسطينية قد عادت إلى سياسات تناقض التوجه العالمي نحو إلغاء عقوبة الإعدام، وذلك بإصدار وتنفيذ أحكام الإعدام. ونحن نطلب منكم اتخاذ التدابير الكفيلة بالحد التدريجي من استخدام عقوبة الإعدام بغية استئصالها من القانون الفلسطيني.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
هاني مجلي
المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"