Skip to main content
تبرعوا الآن

تحقيق يشير إلى نمط من استخدام القوة المفرطة من جانب القوات الإسرائيلية

السلطة الفلسطينية تقاعست أيضاً عن واجب حماية المدنيين

نشرت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" اليوم نتائج تحقيقٍ استغرق أسبوعاً وخلص إلى إدانة الشرطة وقوات الأمن الإسرائيلية ، بما فيها الجيش الإسرائيلي، بانتهاج نمطٍ من استخدام القوة المفرطة المفضية إلى الموت خلال الاشتباكات مع المتظاهرين على مدى الأسبوعين الماضيين. كما انتقدت المنظمة بقوة في تقريرها تقاعس الشرطة الفلسطينية عن العمل بشكل متسق لمنع الفلسطينيي المسلحين من إطلاق النار على أفراد الجيش الإسرائيلي من مواقع يتواجد فيها مدنيون، ومن ثم يصبحون عرضةً لخطر الرد الإسرائيلي.

وفي نفس الوقت الذي صدر فيه التقرير، دعت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" السلطات الفلسطينية والإسرائيلية إلى اتخاذ خطواتٍ عاجلة لمنع المدنيين على الجانبين من استخدام القوة المفضية إلى الموت، وهو الأمر الذي يمثل مشكلة تتزايد خطورتها بصورة مطردة. كما نددت المنظمة بحادث مقتل جنديين إسرائيليين، كانا محتجزين لدى الشرطة الفلسطينية، بصورةٍ وحشية على أيدي جمعٍ من الفلسطينيين يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول.

وقالت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إن تحقيقها، الذي استغرق أسبوعاً في المصادمات التي وقعت في الضفة الغربية وقطاع غزة وإسرائيل، يظهر أن الشرطة وقوات الأمن الإسرائيلية لجأت مراراً إلى استخدام القوة المميتة في ظروفٍ لم يكن فيها أفراد قوات الأمن أو غيرهم عرضةً لخطر الموت أو الإصابة الخطيرة على أيدي المتظاهرين. وفي الحالات التي أطلق فيها فلسطينيون النار على قوات الجيش الإسرائيلي، كانت قوات الجيش الإسرائيلي تجنح، على نحو يبعث على القلق، إلى الرد باستخدام القوة المفضية إلى الموت بدون تمييز. وقد لقي ما لايقل عن 100 فلسطيني مصرعهم كما أُصيب 3500 آخرون في مصادمات مع الشرطة وقوات الأمن الإسرائيلية. ومن ناحية أخرى، أعربت المنظمة عن قلقها بشأن إقدام قوات الجيش الإسرائيلي على استخدام الذخائر من العيار المتوسط المخصصة لاختراق الحواجز الخرسانية وغيرها من الأسطح الصلبة، وذلك ضد متظاهرين عزل في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد كان للذخيرة العسكرية آثار مدمرة بوجه خاص عند إطلاقها على المدنيين.

وأدانت المنظمة أيضاً استهداف قوات الجيش الإسرائيلي، بصورة متكررة على مايبدو، لسيارات الإسعاف والعاملين في مجال الإسعافات الطبية، وكذلك قيام مدنيين فلسطينيين وإسرائيليين بإلقاء الحجارة على سيارات الإسعاف.

والجدير بالذكر أن المعايير الدولية المتعلقة باستخدام القوة من جانب الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون تقضي بأنه لا يجوز استخدام الأسلحة النارية إلا "في حالات الدفاع عن النفس، أو لدفع خطرٍ محدق يهدد الآخرين بالموت أو الإصابة الخطيرة". وحتى في مثل هذه الحالات، فإنه يتعين على الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون "ممارسة ضبط النفس في استخدام القوة، والتصرف بطريقة تتناسب مع خطورة الجرم والهدف المشروع المراد تحقيقه"، وكذلك العمل على "تقليل الضرر والإصابة، واحترام وصون حياة الإنسان".

ويقول هاني مجلي، المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إنه "ينبغي ألا يتعرض المدنيون من كلا الجانبين للقتل في سياق هذا الصراع، ويجب على الإسرائيليين عدم استخدام القوة المفضية إلى الموت إلا عندما يتعذر تماماً تجنبها من أجل حماية الأرواح. كما ينبغي على الطرفين كبح جماح أي شخصٍ يهاجم المدنيين أو يعرضهم للخطر".

وقد لاحظت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أن إطلاق النار من جانب أشخاصٍ فلسطينيين كان أحد العوامل في بعض الحوادث التي أجرت تحقيقاتٍ بشأنها. ويُذكر أنه في الحالات التي يُقدم فيها فلسطينيون من أفراد قوات الأمن أو المدنيين المسلحين على إطلاق النار على جنود إسرائيليين، يتعين على القوات الإسرائيلية، وفقاً للمعايير الدولية، أن توجِّه القوة المفضية إلى الموت إلى مصدر التهديد بصورة محددة، وألا تطلقها بصورة تهدد المدنيين العزل. وتستوجب المعايير الدولية من السلطات الفلسطينية بالمثل أن تمنع المسلحين الفلسطينيين من إطلاق النار من مواقع تعرض المدنيين للخطر.

وأضاف هاني مجلي قائلاً: "إن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني ملزمان معاً بحماية الأرواح"؛ وأعرب مجلي عن أسفه لتزايد الهجمات الشديدة التي يشنها المدنيون من كلا الطرفين على مدنيين آخرين، وطالب الإسرائيليين والفلسطينيين بمعارضة هذه الهجمات بشكلٍ مطلق؛ وقال إنه "يجب على القادة الإسرائيليين والفلسطينيين أن يدينوا هذه الأفعال علناً وبلا مواربة، وأن يصدروا توجيهاتهم إلى أفراد الأمن بوقف هذه الهجمات، وبتقديم مرتكبيها إلى ساحة العدالة".

وقال هاني مجلي إن نتائج التحقيق الذي أجرته منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" تظهر الحاجة الملحة إلى إجراء تحقيق مستقل موثوق به في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي وقعت في سياق تلك المصادمات. وأشار إلى أنه بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، المتعلقة بأوضاع الاحتلال العسكري، فإن الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية يتمتعون بالحماية الدولية، ومن ثم فإن الدول الموقعة على الاتفاقية ملزمةٌ بأن تحترم وتكفل احترام الحقوق والضمانات المنصوص عليها في الاتفاقية.

وأهابت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بلجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، التي تعقد جلسة خاصة في جنيف خلال هذا الأسبوع، أن تكلِّف ماري روبنسون، المفوَّضة السامية لحقوق الإنسان، بتشكيل هيئة دولية من الخبراء، تعمل بالتعاون الوثيق مع الآليات القائمة المختصة بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ومن بينها المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة، وذلك لإجراء تحقيق نزيه في جميع انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها جميع أطراف الصراع. وقال هاني مجلي "إن هذه الهيئة يجب أن تتألف من خبراء معترف بهم دولياً في مجال تنفيذ القانون وحقوق الإنسان؛ وحتى يتوفر لهذه الهيئة أقصى حدٍ من المصداقية والفعالية، ينبغي أن يقوم باختيار أعضائها، لا الحكومات مباشرةً، وإنما المفوضة السامية لحقوق الإنسان".

كما أكدت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" على أن الأزمة الحالية في منطقة الشرق الأوسط تظهر الحاجة إلى قيام الأمم المتحدة بتشكيل هيئة دائمة من المحققين المستقلين المتخصصين في العدالة الجنائية الدولية، حتى يتسنى للأمم المتحدة الاستعانة بهم على وجه السرعة كلما دعت الضرورة إلى إجراء تحقيقاتٍ مستقلة ونزيهة في أية حالاتٍ ذات صلة بالعدالة الجنائية. وأهابت المنظمة بلجنة حقوق الإنسان أن تبادر بتشكيل هذه الهيئة الدائمة المختصة بالتصدي للأزمات الطارئة خلال دورتها الخاصة المنعقدة حالياً.

وكان يوست هيلترمان، المدير التنفيذي لقسم الأسلحة بمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان"، وكلاريسا بنكومو، الباحثة في قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، قد أجريا تحقيقاً لتقصي الحقائق في الفترة من 4 أكتوبر/تشرين الأول إلى 11 أكتوبر/تشرين الأول. وقد رفض كبار مسؤولي الجيش الإسرائيلي الطلبات المتكررة التي قدمتها منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" من أجل عقد اجتماعٍ لمناقشة النتائج التي خلصت إليها المنظمة.

يمكن الاطلاع على نسخة من تقرير المنظمة بالرجوع إلى الموقع التالي على شبكة الإنترنت:

https://www.hrw.org/reports/2000/israel

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة