Skip to main content
تبرعوا الآن

صندوق الثروة السيادية السعودي سبيل آخر يعزز به محمد بن سلمان سلطته

الحاكم المستبد المزاجي يتحكم منفردا بما قد يصبح قريبا أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم

نُشر في: Foreign Policy In Focus
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (وسط الصورة)، يرأس اجتماعا لـ "مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية" في جدة، السعودية، في 29 مايو/أيار 2018. المجلس مسؤول عن الإشراف على صندوق الثروة السيادية السعودي، "صندوق الاستثمارات العامة". © 2018 بلقيس برس/أباكاكا/شاترستوك

يتعين على المستثمرين والشركات الراغبين في الاستفادة من ثروة النفط وخطط تنويع الاقتصاد في السعودية أن يتوخوا الحذر من صانع القرار النهائي في "صندوق الاستثمارات العامة" (الصندوق)، ألا وهو ولي العهد محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية.

عزّز وليّ العهد القوّة الاقتصاديّة غير المسبوقة للدولة عبر تفرّده بصنع القرار عبر الصندوق، حيث تكاد تنعدم القيود على تصرفه بثروة البلاد، وفقا لما كشفته أبحاثنا.

هذا الحاكم المستبد والمزاجي يتمتع بسيطرة فردية مطلقة على ما قد يصبح قريبا أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم. وبينما لم تشهد السعودية فضائح دولية مؤخرا، إذ لم يأمر ولي العهد منذ عدة سنوات بتقطيع أوصال أي صحفيين أو احتجاز أمراء في فندق الريتز حتى يتنازلوا عن مؤسساتهم التجارية، هناك مخاطر هائلة في السيطرة الشخصية لولي العهد على ما يقرب من تريليون دولار من الثروة السيادية السعودية.

على مدى عقود، وثقت "هيومن رايتس ووتش" كيف يمكن لتدفق الإيرادات الخاضع للسيطرة المركزية، مثل النفط، أن يُفاقِم أسوأ أشكال الانتهاكات التي يرتكبها حاكم، وكذلك سوء حكمه عبر منحه الموارد المالية التي تزيد ثراءه فحشا دون مساءلة وشفافية؛ وكيف تزدهر عملية اتخاذ القرار الاقتصادي السيئ وسوء الإدارة والفساد وانتهاكات حقوق الإنسان. لا يوجد مثال أكثر أهمية على هذا من صندوق الاستثمارات العامة في السعودية.

يستخدم محمد بن سلمان الصندوق لتحقيق مآربه، دونما عوائق، وإن وجدت، فإنها لا تكاد تُذكَر. ولي العهد هو رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة؛ ويرأس الهيئة التي تشرف على المجلس، وهي "مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية". وهو أيضا رئيس وزراء البلاد، ما يمنحه سلطة تعيين جميع أعضاء المجلس دون إشراف. اسمه هو الاسم الوحيد اللازم في المخطط التنظيمي للصندوق.

تنعكس سلطة ولي العهد على صندوق الاستثمارات العامة في تعزيزٍ أوسع لسلطته على المؤسسات السياسية والأمنية في البلاد.

شملت الاستثمارات الكبرى للصندوق اتخاذ ولي العهد قرارات أحادية الجانب، رغم احتجاجات مجلس الإدارة ومستشارين محترفين. تحايل ولي العهد على إجراءات الحوكمة، وتوجّه مباشرة إلى الملك عندما عارض المجلس قراره. لكن حدوث أمر كهذا نادر لأن العديد من أعضاء مجلس الإدارة تم تعيينهم بعد تولي الملك سلمان العرش واستحوذ ابنه على سلطة متزايدة؛ والعديد من هؤلاء الأعضاء هم من المقربين شخصيا إلى محمد بن سلمان.

بعض قراراته مشكوك فيه. في أوائل 2020، أراد ولي العهد أن يشتري الصندوق أسهما محددة عند تراجع الأسواق خلال بداية الجائحة العالمي. قال ياسر الرميّان، محافظ الصندوق، في مقابلة إن مجلس الإدارة صوّت ضد هذه الخطوة لأنها محفوفة بمخاطر جمّة، لكن ولي العهد "رفع المسألة إلى الملك" الذي أصدر بدوره مرسوما ملكيا يسمح لولي العهد بتجاوز قواعد حوكمة الصندوق.

وثقنا أيضا انتهاكات حقوقية مرتبطة مباشرة بالصندوق، ما يثير مخاوف جدية بين المستثمرين الذين تربطهم صلات محتملة بالانتهاكات في السعودية. تُظهِر الوثائق أن محمد بن سلمان في 2017 أمر أحد مستشاري الرميان، المشرف على الصندوق آنذاك، بنقل ملكية 20 شركة تم الاستيلاء عليها كجزء من "حملة مكافحة الفساد" إلى الصندوق مباشرة. ثمة خطر من أن الاستيلاء على هذه الشركات من أصحابها تم دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.

أشارت الوثائق أيضا إلى أن إحدى الشركات التي نقلت ملكيتها إلى الصندوق كانت "شركة سكاي برايم للخدمات الجوية"، وهي شركة طائرات مستأجرة تمتلك الطائرتين اللتين استخدمهما عملاء سعوديون في 2018 للسفر إلى إسطنبول، حيث قتلوا جمال خاشقجي، الصحفي السعودي الذي كان ينتقد الحكومة السعودية.

نظرا لقلة الضوابط المحلية على سلطة ولي العهد في اتخاذ القرار في صندوق الاستثمارات العامة، يتعين على مديري الأموال والمديرين التنفيذيين التأكد من أنهم يتبعون إجراءات العناية الواجبة الشاملة والمستقلة الخاصة بحقوق الإنسان وغيرها من تدابير الحماية، قبل الشروع في أي أنشطة تجارية مع الصندوق. في نهاية المطاف، يتعين على الشركات الامتناع عن التعامل مع الصندوق إذا خلُصت إلى أن التأثيرات السلبية الخطيرة على الحقوق لا يمكن تجنبها.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة