Skip to main content

بيان مشترك حول تنفيذ قانون الناجيات الإيزيديات

تثير المنظمات غير الحكومية والخبراء مخاوف من اشتراط الناجيات تقديم شكاوى جنائية لتلقي التعويضات

رحّب الخبراء والمنظمات غير الحكومية باعتماد العراق لقانون الناجيات الإيزيديات في 1 مارس/آذار 2021، والذي أنشأ برنامج تعويض إداري يهدف إلى إنفاذ حق الناجيات في التعويض. رغم ريادة هذا القانون في نواحٍ عديدة، ثمة مخاوف جدية حيال الشرط الإضافي الذي فُرض مؤخرًا على الناجيات والمتمثل في الطلب منهن تقديم شكوى جنائية للتأهل لتلقي التعويض.

يود الموقعون أدناه التأكيد على أهمية برامج التعويضات الإدارية كوسيلة مهمة تمنح الناجين/ات من الجرائم المُحددة بموجب القانون الدولي والناجين/ات من الانتهاكات الحقوقية الجسيمة الأخرى القدرة على الحصول على تعويضات، وخصوصًا ضحايا العنف الجنسي. صُممت هذه البرامج لتيسير وصول الناجين/ات إليها وتبسيط حدود الإثبات. لن تتسق مطالبة الناجين/ات تقديم شكوى جنائية للتأهل للتعويض مع طبيعة ومبررات العملية غير القضائية هذه، فضلًا عن تعارض ذلك مع الممارسات الدولية والحق في تعويضات فعالة بحسب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

يود الموقعون أدناه بكل احترام تسليط الضوء على المعايير الدولية المتعلقة بمتطلبات الإثبات للبرامج المحلية للتعويضات، وتحديد التزامات الدول بشأن معاملة الناجين/ات والحقوق الإجرائية في التماس هذا الانتصاف.

أهمية الآليات الإدارية في تيسير الوصول إلى التعويضات

رحب الموقعون أدناه بقرار حكومة العراق تنفيذ برنامج تعويضات يعمل على توفير الدعم للإيزيديين/ات والأقليات الأخرى ممن نجوا من الجرائم التي ارتكبها "تنظيم الدولة الإسلامية" المسلح. تتميز البرامج الإدارية بقدرتها على توفير طريقة للحصول على تعويض تكون أسهل من السبل القضائية. بإمكان هذه البرامج الاستجابة لأعداد كبيرة من الناجين/ات، وتقليل التكاليف والإجراءات الرسمية، وتبسيط معايير الأدلة المطلوبة، وإزالة عبء الإثبات وتقليل تعرض الناجين/ات للوصمة.[1]

إذا فُرِض على المتقدمين/ات رفع شكاوى جنائية، ستضيع جزئيًا مزايا السبل الإدارية. قد يُثقل هذا الشرط الآليات القضائية، وقد لا يتماشى مع قدرة الضحايا على اتخاذ قرار بشأن رفع قضاياهم أمام محكمة قضائية، وقد يتسبب في وصمة العار والتعرض مجددًا لصدمة، ويؤخر أو حتى يعيق الوصول إلى تعويض كافٍ وسريع وفعال. لهذه الأسباب، لا نشجع مطلقًا على مطالبة الناجين/ات بتقديم شكاوى جنائية كوسيلة لإثبات الأهلية للتعويض.

 

معايير الإثبات الدولية لبرامج التعويض الإداري

لإعمال حقوق الناجين/ات وتجنب تعرضهم للصدمة مجددًا، من المهم ألا تكون متطلبات الإثبات المناسبة عبئًا يثقل كاهلهم، نظرًا للعبء النفسي الذي تتطلبه إعادة سرد الحقائق. تكتسي الحاجة إلى معايير إثبات أقل صعوبة أهمية خاصة في حالات الناجين/ات من العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات، بالنظر إلى أن تلك الجرائم غالبًا ما تُرتكب في غياب الشهود ويصعب إثباتها.

بالتالي، تقتضي أفضل الممارسات في برامج التعويض الإداري معايير إثبات خاصة لضحايا العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات والمجموعات الأخرى من الناجين/ات المعرضة للخطر، مثل الأطفال، وتطبيق فرضية الحقيقة في كلامهم استنادًا إلى أنماط العنف والحقائق الثابتة الأخرى.[2] تتضمن قائمة الأمثلة على هذه الممارسات معايير الجبر في بيرو وكولومبيا[3] والتي تطبق مبدأ "افتراض حسن النية" وتضع عبء الإثبات على عاتق سلطات الدولة لتقديم أسباب واضحة وأدلة متسقة وموثوق بها قد تتعارض مع أقوال الناجين/ات.

في كوسوفو، كُلفّت "لجنة الاعتراف بضحايا العنف الجنسي والتحقق من وضعهم" بتقصّي وتحديد أهلية الناجين/ات لتلقي التعويض بناءً على استمارة يملؤها الناجون/ات مرفقة بأي مستندات داعمة محتملة (مثل التقارير الطبية والقانونية وإفادات الشهود). لم يُطلب من الناجين/ات بأي حال تقديم شكوى جنائية.[4] بغية الالتزام بمبدأ "عدم الإضرار"، وللوفاء بالتزامات الدول بأن تحظى كل ضحية "باهتمام خاص ورعاية خاصة للحيلولة دون تعرضها للصدمة مجددًا"، و "التقليل من مضايقة الضحايا"، كُلّفت أربع منظمات غير حكومية كانت مألوفة للناجين/ات بدعم العملية، بما في ذلك متطلبات الإثبات، وبالتالي الاضطلاع بعبء الإثبات ومساعدة الناجين/ات في طلباتهم.[5]

تشير المعايير الدولية بشأن حدود الإثبات إلى أن سجلات الناجين/ات أو شهاداتهم تكفي لإثبات وضعهم كضحايا للعنف الجنسي، وينبغي عدم طلب أدلة طبية أو طبية شرعية أو سريرية أو نفسية أو شهادات شهود إضافية أو تقديم شكوى قضائية كإثبات من المستفيدين/ات من قانون الناجيات الإيزيديات. لدى سلطات الدولة طرق أخرى لتحرّي موثوقية أقوال الناجين/ات ومصداقيتها، مثل مقارنة المعلومات بالسجلات التي تحتفظ بها الدولة، أو الأدلة التي جمعتها الهيئات الرسمية، أو تقارير الخبراء أو المنظمات غير الحكومية.

يتماهى نهج الإثبات غير القضائي مع قانون الناجيات الإيزيديات والمادة رقم 5 من اللائحة رقم 4 من القانون والتي تسمح بمسارات إثبات مختلفة للموافقة على طلبات الناجيات، بما في ذلك استخدام السجلات من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني؛ وإمكانية تقديم أنشطة تقودها الدولة لإثبات الحقائق والأنماط. ينبغي وضع الافتراضات باستخدام معيار "الموازنة بين الاحتمالات"، فيما يتعلق بآلية التعاطي التي كانت لتُطبق لو اختُطف أو احتُجز رجل أو امرأة أو فتاة أو فتى في مكان معيّن في تاريخ معيًن. مثل هذا المعيار مناسب للتعويض الإداري بدل الحاجة إلى إثبات "بما لا يدع مجالا للشك" كما هو الحال في الإجراءات الجنائية.

ثمة عقبات كبيرة تحول دون قيام الناجين/ات بتقديم بلاغات عن الحالات، مثل الصدمات والمخاوف من الوصم أو عنف إضافي نتيجة لذلك. مطالبة الناجين/ات بتقديم شكوى جنائية هو أمر مُنهِك وينتهك المعايير الدولية، وسيردع الكثير من الناجين/ات من العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات عن الإبلاغ عمّا تعرّضوا له.

الالتزامات الدولية فيما يتعلق بالناجين/ات واضحة، إذ تنص على أنه "يجب اعتبار الشخص ضحية بصرف النظر عما إذا كان قد تم التعرف على مرتكب الانتهاك أو اعتقاله أو مقاضاته أو إدانته أم لا، وبصرف النظر عن العلاقة الأسرية بين مرتكب الانتهاك والضحية".[6]

 

التزامات الدولة فيما يتعلق بمعاملة الناجين/ات والحقوق الإجرائية

للناجين/ات الحق في الوصول إلى الحقيقة والعدالة والإنصاف والتعويض العادل. تواصل المنظمات الموقعة أدناه الدعوة إلى محاكمات عادلة، من دون اللجوء إلى عقوبة الإعدام، لإعمال الحق في العدالة والتعويض. ثمة حاجة إلى محاكمات عادلة تُحاسب بموجب القانون الدولي الأشخاص الذين توجد ضدهم أدلة كافية مقبولة على المسؤولية عن الجرائم ضد الإيزيديين/ات وغيرهم من الناجين/ات من الأقليات من الجرائم التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية المسلح.

تؤكد المنظمات الموقعة أدناه على أن التعويض ليس شكلًا من أشكال المساعدة، بل حق مكفول للناجين/ات من انتهاكات يقرها القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي والتي بحكم طبيعتها الخطيرة للغاية، تشكل إهانة لكرامة الإنسان، مثل الانتهاكات التي عانت منها الناجيات الإيزيديات. تلتزم الدول، بصفتها صاحبة حقوق، بمعاملة الناجين/ات "برحمة واحترام كرامتهم[7] و"التقليل من مضايقة الضحايا وممثليهم إلى أدنى حد، وحمايتهم حسب الاقتضاء من التدخل غير المشروع في خصوصياتهم، وضمان سلامتهم"[8]، بما في ذلك سلامتهم النفسية. للوفاء بحق الناجين/ات في التعويض، "ينبغي اتخاذ تدابير ملائمة تكفل أمنهم وسلامتهم البدنية والنفسية وخصوصيتهم، فضلًا عن ضمان ذلك لأسرهم".[9]

من الأهمية بمكان عند تنفيذ قانون الناجيات الإيزيديات، تصميم عمليات التعويض وتنفيذها بالتشاور مع الناجيات، لضمان عدم تسببها في تعرضهن للصدمات مجددًا. وهذا أمر في غاية الأهمية لأن "انتهاكات الالتزامات المتعلقة بمعاملة الضحايا يمكن أن ترقى إلى درجة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي".[10]

لذلك، ندعو الحكومة العراقية إلى ضمان عدم فرض أعباء أهلية إضافية على الناجيات اللواتي يسعين إلى تلقي التعويض بموجب قانون الناجيات الإيزيديات. نحث العراق على وضع قواعد إجرائية وقواعد إثبات تراعي واقع واحتياجات الناجيات، وتضمن حصولهن على تعويض كافٍ وفعال وسريع.

الموقعون

إليزابيث بوهارت، المستشارة الإستراتيجية وعضو مجلس إدارة مبادرة ناديا

التحالف للتعويضات العادلة

د. نوربرت وولر، الرئيس المشارك لمجلس إدارة صندوق الناجين العالميين

ريدريس

صندوق الناجين العالمي  (GSF)

الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان

اللجنة الدولية للحقوقيين  (ICJ)

مبادرة نادية

المجلس الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب  (IRCT)

المركز العالمي للمسؤولية عن الحماية  (GCR2P)

مركز سيسفاير لحقوق المدنيين

مركز ضحايا التعذيب

منظمة العفو الدولية

مؤسسة  Mukwege

هيومن رايتس ووتش

 

 

[1] المملكة المتحدة: وزارة الخارجية والكومنولث، "البروتوكول الدولي بشأن التوثيق والتحقيق في العنف الجنسي في النزاعات"، مارس/آذار 2017، ص. 76-77.

[2] مذكرة توجيهية من الأمين العام - التعويضات عن العنف الجنسي المتصل بالنزاعات، 2014، المبدأ 8.

[3] بيرو، المرسوم السامي N015-2006-JUS بالموافقة على لائحة الخطة المتكاملة للتعويضات. القانون N28592، الفصل الثاني، المادة 8 (ج)؛ كولومبيا، قانون احترام الضحايا والأراضي، القانون 1448/2014، المادة 5.

[4] كوسوفو، لائحة (GRK) رقم 22/2015 التي تحدد إجراءات الاعتراف بوضع ضحايا العنف الجنسي والتحقق منه خلال حرب تحرير كوسوفو، المعدلة باللائحة (GRK) رقم 10/2016، المادة 29.

[5] مبادئ الأمم المتحدة الأساسية ومبادئها التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي، 16 ديسمبر/كانون الأول 2005، في قرار الجمعية العامة 60/147، المادة 12، (ج).

[6] مبادئ الأمم المتحدة الأساسية، المادة 9.

[7] مبادئ الأمم المتحدة الأساسية، الديباجة.

[8] مبادئ الأمم المتحدة الأساسية ومبادئها التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي، 16 كانون الأول/ديسمبر 2005، في قرار الجمعية العامة 60/147، المبدأ 12، (ب).

[9] مبادئ الأمم المتحدة الأساسية، المادة 9.

[10] قرار مجلس الأمن 2467 (2019).

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.