Skip to main content
Tunisia’s shuttered parliament. President Saeid suspended the body on July 25 as part of his seizure of extraordinary powers. July 26, 2021, Bardo, Tunis, Tunisia.

الاستفتاء على الدستور التونسي: أسئلة وأجوبة

البرلمان التونسي وهو مغلق. علّق الرئيس سعيّد البرلمان في 25 يوليو/تموز كجزء من تركيز صلاحيات استثنائية بيده. 26 يوليو/تموز 2021، باردو، تونس العاصمة، تونس. © 2021 أحمد زرّوقي

أصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد مرسوما لإجراء استفتاء وطني يوم 25 يوليو/تموز 2022 على مشروع دستور جديد سيكون بديلا لدستور 2014. نُشر المشروع في "الرائد الرسمي" يوم 30 يونيو/حزيران، ولحقته مجموعة من التعديلات التي نُشرت يوم 8 يوليو/تموز. في سبتمبر/أيلول 2021، علّق سعيّد جزءا كبيرا من دستور 2014، بعد شهرين من إقدامه على تجميد البرلمان وتوسيع سلطاته كرئيس بشكل كبير في 25 يوليو/تموز 2021. تقيّم الأسئلة والأجوبة التالية ما تعنيه التغييرات في الدستور الجديد المقترح بالنسبة لحقوق الإنسان وسيادة القانون في تونس.

1. ما هي التغييرات الرئيسية التي يُطلب من التونسيين الموافقة عليها؟

2. هل تُفضّل هيومن رايتس ووتش النظام البرلماني على النظام الرئاسي؟ وهل أحدهما أفضل من الآخر بالنسبة لحقوق الإنسان؟

3. كيف يتناسب مشروع الدستور ضمن سياسات الرئيس سعيّد حتى الآن؟

4. هل انتقد الكثير من التونسيين دستور 2014؟

5. فيما يتعلّق بحقوق الإنسان والحريات العامة، ما هي الاختلافات الرئيسية بين المشروع الحالي ودستور 2014؟

6. ما هو دور الدين في مشروع الدستور؟

7. ما هي مباعث القلق الأخرى التي أثارها هذا الإصلاح الدستوري؟

8. ماذا عن مسار صياغة هذا الدستور المعروض على الاستفتاء؟

1. ما هي التغييرات الرئيسية التي يُطلب من التونسيين الموافقة عليها؟

دعا الرئيس سعيّد التونسيين إلى التصويت بـ"نعم" من أجل "تصحيح مسار الثورة".

الدستور الجديد المُقترح سيُعيد تونس إلى نظام رئاسي شبيه بما كان عليه الوضع قبل انتفاضة 2011، بعدما حظيت بنظام رئاسي-برلماني مختلط بموجب دستور ما بعد الثورة.

وفقا للمرسوم رقم 2022-34 الصادر في 1 يونيو/حزيران من العام نفسه، سيعلن الرئيس دخول مشروع الدستور حيز التطبيق، في غضون أسبوع واحد من إعلان النتائج الرسمية للاستفتاء، إذا وافق عليه الناخبون. عملا بالوظيفة التنفيذية الممنوحة للرئيس في المشروع المقترح (الفصل 101)، يُعيِّن هذا الأخير رئيسا للحكومة، بصلاحيات وزير أول، كما يعيِّن الرئيس بقيّة الوزراء، من بين مرشحين يقترحهم رئيس الحكومة، ويمكنه إنهاء مهامهم تلقائيا، دون حاجة إلى موافقة البرلمان (الفصل 102). وهذا يتناقض مع دستور 2014، الذي يمنح الأغلبيّة البرلمانية مسؤولية تشكيل الحكومة (الفصل 89).

سيكون بوسع الرئيس إعلان حالة الطوارئ في حال وجود "خطر داهم" (الفصل 96) دون أيّ رقابة من الهيئات الأخرى ودون أيّ حدّ زمني، على عكس الرقابة التي تمارسها المحكمة الدستورية في دستور 2014 بعد مرور 30 يوما على حالة الطوارئ (الفصل 80). لم يتضمّن المشروع أيّ إجراءات بشأن عزل الرئيس، كما كان الحال في دستور 2014 عند "الخرق الجسيم للدستور" (الفصل 88). حافظ المشروع على تحديد فترات الرئاسة بفترتين فقط (الفصل 90)، لكنه ألغى البند الوارد في دستور 2014 والمتعلّق بمنع زيادة عدد الفترات (الفصل 75).

أنشأ مشروع الدستور غرفة ثانية في البرلمان بالإضافة إلى "مجلس نواب الشعب"، سمّاها "المجلس الوطني للجهات والأقاليم". تتألف الغرفة الثانية من أشخاص منتخبين من قبل أعضاء المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، بدلا من الاقتراع العام (الفصل 81).

سيضعف ذلك دور مجلس نواب الشعب بشكل كبير، رغم أنّه سيحافظ على صلاحية صياغة القوانين وسنّها. سيظل أيضا قادرا على تمرير لائحة لسحب الثقة من الحكومة، ما سيؤدي إلى اسقاطها، لكنّ ذلك سيكون أكثر صعوبة (الفصل 115) من دستور 2014 (الفصل 97). تقلّصت أيضا بشكل كبير حصانة أعضاء البرلمان من الملاحقة القضائية (الفصلان 65 و66 من مشروع الدستور مقارنة بالفصلين 68 و69 من دستور 2014)، مثل إسقاطها بسبب "القذف" و"الثلب"، بغض النظر عما إذا حصل ذلك داخل المجلس أو خارجه. ينصّ المشروع على انتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب في انتخابات حرة ومباشرة وعامة (الفصل 60).

2. هل تُفضّل هيومن رايتس ووتش النظام البرلماني على النظام الرئاسي؟ وهل أحدهما أفضل من الآخر بالنسبة لحقوق الإنسان؟

يُمكن للنظام الرئاسي أو البرلماني أو المختلط أن يتوافق مع احترام حقوق الإنسان الدولية وسيادة القانون.

ينبغي أن يضمن النظام المختار الضوابط والتوازنات لمنع سوء استخدام السلطة من أصحاب المناصب السياسة. هذه الضوابط ضرورية لضمان أن يكون للمواطنين سبل مجدية ومتداخلة لمحاسبة الأشخاص الذين ينتخبونهم في مناصب السلطة بشكل ديمقراطي.

يجب أن تكون وظائف وواجبات السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية منفصلة، وهو ما يسمح لفروع الحكم بمراقبة بعضها البعض، وكشف ومنع سوء استخدام السلطة.

تحمي المعايير الدولية لحقوق الإنسان أيضا حق الأشخاص في التصويت لاختيار ممثليهم، وتفرض على الحكومات ضمان استقلال القضاء.

3. كيف يتناسب مشروع الدستور مع سياسات الرئيس سعيّد حتى الآن؟

يقنّن مشروع الدستور التوجه الواضح للرئيس السعيّد بتركيز السلطة في يد الرئيس على حساب المؤسسات الأخرى، منذ أن وسّع سلطاته من جانب واحد في 25 يوليو/تموز 2021. قوّض سعيّد المؤسسات الديمقراطية في تونس، كما نصّ عليها دستور 2014، من خلال تجميد ثمّ حلّ مجلس نواب الشعب و"المجلس الأعلى للقضاء"، ومن وظائفه حماية استقلالية القضاء، و"الهيئة المستقلة للانتخابات"، التي أنشِئت لضمان انتخابات شفافة في تونس، و"هيئة مكافحة الفساد"، وغيرها من المؤسسات.

4. هل انتقد الكثير من التونسيين دستور 2014؟

الكثير من التونسيين أشادوا بالخطوة التي اتخذها الرئيس سعيّد لتوسيع سلطاته، وعبّروا عن استيائهم من مجلس نواب الشعب. حمّل الكثير من الناس البرلمان مسؤولية كبرى عن الشلل الحكومي، بما في ذلك عدم إنعاش الاقتصاد التونسي المتعثر والتعامل مع الجائحة الناتجة عن فيروس "كورونا" بشكل فعّال.

مشروع دستور الرئيس سعيّد يحدّ بشكل كبير من سلطة البرلمان كما نصّ عليها دستور 2014. كما أنّ مشروعه غيّر دستور 2014 بطرق لا علاقة لها بالحدّ من سلطات مجلس نواب الشعب الذي وجهت إليه انتقادات شديدة، بل بتقويض الإطار القوي الذي وضعه الدستور لحماية حقوق الإنسان. هذا الإطار كان تقدميا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حتى وإن بقيت بعض عناصره دون تنفيذ.

5. فيما يتعلّق بحقوق الإنسان والحريات العامة، ما هي الاختلافات الرئيسية بين المشروع الحالي ودستور 2014؟

تضمّن الباب المتعلق بالحقوق والحريات تغييرات قليلة مقارنة بالحقوق المذكورة سابقا. عند تحديد كيفية تقييد الحقوق، احتفظ المشروع الجديد، بصياغة مختلفة، بمعيارين للضبط كان ينص عليهما دستور 2014 فيما يتعلق بأي قيود تفرض على الحقوق (الفصل 49). أولا، يجب أن تكون أي قيود مفروضة على الحقوق الدستورية متناسبة مع مبرراتها وأن تستجيب لـ"ضرورة يقتضيها نظام ديمقراطي وبهدف حماية حقوق الغير أو لمقتضيات الأمن العام أو الدفاع الوطني أو الصحة العمومية". ثانيا، "يجب ألا تمس هذه القيود بجوهر الحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وأن تكون مبررة بأهدافها ومتلائمة مع دواعيها" (الفصل 55 من مشروع الدستور).

يقوّض مشروع الدستور استقلالية المحاكم، وهو أمر أساسي لضمان حقوق الأفراد. كما تلعب المحاكم دورا في مراجعة وإسقاط القوانين التي تنتهك الحقوق، ومحاسبة المؤسسات عندما تنتهكها. يستخدم مشروع الدستور عبارة "الوظيفة القضائية" (الفصل 117) بدلا من "السلطة القضائية" في دستور 2014 (الباب الخامس).

أدخل مشروع الدستور تغييرا على المجلس الأعلى للقضاء، الذي عهد إليه دستور 2014 بـ "حسن سير القضاء واحترام استقلاله" (الفصل 114). نصّ دستور 2014 أيضا على أن تكون هناك هيئة مستقلّة تتكون من قضاة وخبراء في القانون والمالية والضرائب والمحاسبة يتم في الغالب انتخابهم من قبل زملائهم (الفصل 112). بدأ المجلس الأعلى للقضاء عمله بعد انتخاب أعضائه في 2016.

ذكر مشروع الدستور المجلس الأعلى للقضاء (الفصلان 119 و120)، لكنه لم يُحدّد كيفية اختيار أعضائه ولم ينصّ على أنّ مسؤولياته تشمل الحفاظ على استقلال القضاء.

في مشروع الدستور، يعيِّن رئيس الدولة القضاة بناء على ترشيح من مجلس القضاء الأعلى (الفصل 120)، ما يمنح الرئيس نفوذا أكبر على القضاء مقارنة بدستور 2014 (الفصل 106).

سبق أن قوّض الرئيس سعيّد استقلال القضاء، حيث أصدر في 12 فبراير/شباط 2022 المرسوم عدد 11 لسنة 2022 الذي حلّ بموجبه المجلس الأعلى للقضاء وعوّضه بهيئة مؤقتة، بعض أعضائها عيّنهم الرئيس نفسه. في 1 يونيو/حزيران، أصدر سعيّد المرسوم عدد 35 لسنة 2022، فمنح نفسه بموجب هذا المرسوم سلطة إقالة القضاة بإجراءات موجزة، وأقال 57 منهم في نفس اليوم.

خاض القضاة التونسيون إضرابا لثلاثة أسابيع احتجاجا على هذا المرسوم. يمنعهم الدستور المقترح من حق الإضراب (الفصل 41).

حافظ مشروع الدستور على "محكمة دستورية" قوية يمكنها مراجعة وإلغاء القوانين القائمة ومشاريع القوانين التي ترى أنها مخالفة للدستور، بما يشمل الأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان (الفصول 121-123 من دستور 2014 و129-131 من مشروع الدستور). نصّ دستور 2014 على أنّ يتمّ تعيين أعضاء المحكمة بحصص متساوية من قبل الرئيس، والبرلمان، والمجلس الأعلى للقضاء.

غير أنّ هذه المحكمة لم ترَ النور لأنّ البرلمان لم يتوصّل قطّ إلى اتفاق بشأن حصّته من التعيينات (الفصل 118). يحافظ مشروع الدستور على المحكمة الدستورية لكنه يقلّص عدد أعضائها إلى تسعة ويغيّر طريقة اختيارهم. ستتكوّن المحكمة الدستورية من تسعة قضاة كبار يعملون في محاكم عليا أخرى (الفصل 125)، ويتم تعيينهم بأمر من رئيس الدولة (الفصل 120).

لا يذكر مشروع الدستور مؤسسات الدولة التي أنشأها دستور 2014 ومنحها وضعا مستقلا، ومنها "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري"، و"هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد"، و"هيئة حقوق الإنسان"، و"هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة" (الفصول 125-130).

6. ما هو دور الدين في مشروع الدستور؟

رغم أنّ الإسلام لم يعد مذكورا على أنه "دين الدولة"، كما هو الحال في الفصل 1 من دستور 2014، نصّ الفصل 5 من مشروع الدستور على أنّ "تونس جزء من الأمّة الإسلامية. وعلى الدولة وحدها أن تعمل في ظل نظام ديمقراطي على تحقيق مقاصد الاسلام الحنيف في الحفاظ على النفس والعرض والمال والدين والحرية".

ذكر الإسلام هكذا فيه دعوة إلى الدولة للعمل (على الدولة وحدها أن تعمل...)، وهو مختلف عن ذكر الإسلام كدين للدولة في دستور 2014. تضمّنت التعديلات التي أدخلت على المشروع يوم 8 يوليو/تموز شرط أن يتمّ "تحقيق مقاصد الشريعة" "في ظلّ نظام ديمقراطي". لكن رغم هذا الشرط، يمكن استخدام هذا البند لتبرير تقييد الحقوق، مثل التمييز الجندري، على أساس التعاليم الدينية.

7. ما هي مباعث القلق الأخرى التي أثارها هذا الإصلاح الدستوري؟

في 20 مايو/أيار، أعلن الرئيس سعيّد أن الصادق بلعيد، أستاذ القانون الدستوري سابقا، سيرأس لجنة لصياغة "دستور جديد لجمهورية جديدة". قدّمت هذه اللجنة مقترحها إلى الرئيس يوم 20 يونيو/حزيران، وفي 30 يونيو/حزيران، نشر الرائد الرسمي مشروع دستور، ونصّ على أنه سيكون موضوع استفتاء يوم 25 يوليو/تموز.

في 3 يوليو/تموز، تبرّأ بلعيد علنا من المشروع، وقال إنه مختلف عن المشروع الذي أعدّته لجنته. في مقابلة مع "لوموند"، قال بلعيد إنّه يتعيّن على الرئيس سحب المشروع، ووصفه بـ"الخطير"، و"الرجعي"، وأن فيه "نزعة تسلّطية".

أعربت العديد من المنظمات غير الحكومية التونسية، مثل "الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات"، و"المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، و"النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين" في بيان مشترك، عن قلقها العميق من التراجع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في مشروع الدستور.

ألغى مشروع الدستور أيضا بندا في دستور 2014 كان ينصّ على أنّ اختصاص المحاكم العسكرية يقتصر على الجرائم العسكريّة. هذا البند قرّب دستور تونس إلى قاعدة في القانون الدولي تنصّ على أنه ينبغي ألا تكون للمحاكم العسكرية ولاية على المدنيين، رغم أنّ المحاكم العسكرية التونسية استمرّت على أرض الواقع في محاكمة المدنيين لأنّ المشرعين لم يسنّوا قانونا لتنفيذ هذا البند الدستوري.

8. ماذا عن مسار صياغة هذا الدستور المعروض على الاستفتاء؟

جاء دستور 2014 نتيجة لمسار شفاف دام عامين، وشارك فيه خبراء القانون والأحزاب السياسية والمجتمع المدني، قبل أن يصادق عليه "المجلس الوطني التأسيسي" في 2014.

تمّت صياغة الدستور الذي اقترحه سعيّد من قبل لجنة عيّن أعضاءها بنفسه، فعملوا لمدة أربعة أسابيع خلف أبواب مغلقة، دون الأخذ بآراء أطراف أخرى. كما أنّ نشر المسودّة قبل ثلاثة أسابيع فقط من الاستفتاء لا يعطي وقتا كافيا للجمهور لمناقشته.

في 27 مايو/أيار، صرّحت "لجنة البندقية"، وهي هيئة استشارية لـ"مجلس أوروبا" بشأن القانون الدستوري، في رأي حول الإطار الدستوري والتشريعي للاستفتاء والانتخابات في تونس، بأنه "من غير الواقعي التخطيط لإجراء استفتاء دستوري يوم 25 يوليو/تموز 2022 بطريقة مشروعة وذات مصداقية".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.