Skip to main content

نظام الكفالة التعسفي في لبنان

عشرات آلاف العاملات عالقات في ظل انتهاكات خطيرة

نُشر في: Atlas of Enslavement
 
متظاهرون يرفعون لافتات تطالب بإلغاء نظام الكفالة اللبناني. © 2019 Adib Chowdhury / SOPA Images/Sipa via AP Images

يُحاصر نظام الكفالة اللبناني الاستغلالي والذي يشمل قيودا شديدة عشرات آلاف عاملات المنازل المهاجرات في ظروف تنطوي على انتهاكات خطيرة ترقى، في أسوأ الأحوال، إلى العبودية الحديثة. لا يحمي القانون العاملات، ولا نية لدى الدولة لتغيير النظام الحالي.

تقدر وزارة العمل اللبنانية أن البلد يستضيف 250 ألف عاملة منزلية مهاجرة، غالبيتهن من أفريقيا وآسيا. تستثني المادة 7 من قانون العمل عاملات المنازل الأجنبيات تحديدا، وتحرمهن من الحماية التي يحق للعمال والعاملات الآخرين الحصول عليها، بما فيها الحد الأدنى للأجور، والحد الأقصى لساعات العمل، ويوم عطلة أسبوعية، وأجور العمل الإضافي، وحرية تكوين الجمعيات. وبدلا من ذلك، فإن وضعهن في لبنان ينظّمه نظام الكفالة، الذي يحوي قيودا شديدة ويتكون من قوانين، وأنظمة، وممارسات عرفية تربط الإقامة القانونية للعمال المهاجرين بأصحاب عملهم. لا يمكن للعمال ترك وظائفهم أو تغييرها دون موافقة صاحب العمل. أولئك الذين يتركون أصحاب عملهم دون إذن يخاطرون بفقدان إقامتهم القانونية ويواجهون الاحتجاز والترحيل.

أدى ارتفاع درجة السيطرة على حياة العاملات في ظل نظام الكفالة إلى ظهور حالات من الاتجار بالبشر، والعمل القسري، والاستغلال، وغيرها. توثق "هيومن رايتس ووتش" والمنظمات المحلية في كثير من الأحيان حالات عدم دفع الأجور، والحبس القسري، وحجز الوثائق الشخصية، وساعات العمل المفرطة، والاعتداء اللفظي، والبدني، والجنسي. في خضم الأزمة الاقتصادية في لبنان وتفشي فيروس "كورونا"، ازدادت حوادث الانتهاكات ضد عاملات المنازل المهاجرات. حذّرت "منظمة العمل الدولية" من أن العمال المهاجرين يواجهون الآن ظروفا "تزيد بشكل كبير من مخاطر دخولهم في العمل الجبري أو السخرة".

مع بقاء عائلات بأكملها في المنزل وعدم ذهاب الأطفال إلى المدارس، أُجبرت عاملات المنازل على العمل لساعات أطول، وغالبا حتى في أيام الراحة. من المعروف أن هذا العمل الزائد يؤدي إلى الإرهاق، والمرض، والاكتئاب، وحتى الانتحار. مع انخفاض قيمة العملة الوطنية وزيادة التضخم، حمّل العديد من أصحاب العمل عاملات المنازل العبء الاقتصادي وخفّضوا رواتبهن – هذا إن دفعوها أصلا.

ترك أصحاب العمل مئات العاملات خارج القنصليات أو السفارات، غالبا دون نقود أو جوازات سفر أو متعلقاتهن الشخصية أو تذاكر رحلة العودة إلى بلدانهن. عرض أحد أصحاب العمل عاملة منزلية نيجيرية "للبيع" على صفحة "فيسبوك" لتجارة الأشياء المستعملة مثل الأثاث والملابس. بعد تقارير إعلامية وإثر الغضب في نيجيريا ودعوات من السلطات النيجيرية، أوقفت السلطات اللبنانية صاحب العمل لخرقه قوانين الاتجار بالبشر في البلاد.

أدى الاستغلال والانتهاكات في ظل نظام الكفالة إلى انتحار العديد من العاملات أو موتهن أثناء محاولتهن الفرار من أصحاب العمل. خلص تحقيق أجرته هيومن رايتس ووتش في 2008 إلى وفاة عاملة كل أسبوع لأسباب غير طبيعية، وكان الانتحار ومحاولة الهروب الأكثر شيوعا. مع أنه لم يكن من الممكن تكرار هذا البحث مؤخرا بسبب نقص الإحصاءات الدقيقة، إلا أن وسائل الإعلام تواصل الإبلاغ عن وفيات عاملات منازل في ظروف مماثلة.

لا يحمي القضاء اللبناني عاملات المنازل الوافدات أو يحاسب أصحاب العمل عندما ينتهكون الحقوق الأساسية للعاملات. يثني غياب آليات الشكاوى، فضلا عن سياسات التأشيرات التقييدية، العديد من العاملات عن تقديم أو متابعة الشكاوى ضد أصحاب العمل. حتى عندما يتقدمن بشكاوى، فإن الشرطة والسلطات القضائية لا تعامل بعض الانتهاكات ضد عاملات المنازل كجرائم.

رغم سنوات من النضال من قبل عاملات المنازل الأجنبيات والمنظمات الحقوقية لإلغاء نظام الكفالة، تقاعست السلطات عن القيام بذلك. أحد الأسباب الرئيسية هو أنه عمل مربح للعديد من المعنيين؛ وجدت إحدى الدراسات أن نظام الكفالة يدر أكثر من 100 مليون دولار أمريكي سنويا. تدر مكاتب استقدام العاملات، التي اتُهم الكثير منها بتعريض العمال لسوء المعاملة والعمل القسري والاتجار بالبشر، إيرادات قدرها 57.5 مليون دولار أمريكي سنويا، وفقا للدراسة نفسها.

نجحت وكالات التوظيف هذه في منع تبنّي عقد عمل موحد جديد لعاملات المنازل المهاجرات كان من شأنه أن يتضمن ضمانات ضرورية ضد العمل الجبري. لم ينظر "مجلس شورى الدولة"، أعلى محكمة إدارية في البلاد، في عقد العمل بما يتماشى مع التزامات لبنان بموجب القانون الدولي، وقضى بدل ذلك بأن العقد من شأنه أن يتسبب في ضرر جسيم لمصالح مكاتب الاستقدام. قد تجد النساء المهاجرات إلى لبنان اليوم أنفسهن في وضع أكثر خطورة. وجدت "حركة مناهضة العنصرية في لبنان"، وهي منظمة ناشطين تحارب التمييز، أن المكاتب ما تزال تستقدم النساء من دول مثل سريلانكا والكاميرون دون إبلاغهن بالوضع الحقيقي في البلاد.

ينتهك نظام الكفالة واستبعاد عاملات المنازل من أحكام قانون العمل معاهدات حقوق الإنسان واتفاقيات العمل التي وقعها لبنان، ومنها تلك التي تلغي العمل الجبري. كما ينتهك مبدأ عدم التمييز، والحق في ظروف عمل عادلة ومرضية.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة