(نيويروك) – قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير نشرته اليوم إن قوات طالبان في أفغانستان أعدمت بدون محاكمة أو أخفت قسرا أكثر من 100 ضابط سابق في الشرطة أوالمخابرات في أربع ولايات فقط منذ أن سيطرت على الحكم في البلاد في 15 أغسطس/آب 2021، رغم الإعلان عن عفو.
التقرير الصادر في 25 صفحة، بعنوان "لن نسامح أشخاص مثلكم"، إعدامات وإخفاءات قسرية في أفغانستان في ظل حكم طالبان، يوثّق قتل وإخفاء 47 عضو سابق في "قوات الأمن الوطني الأفغانية" – عساكر، شرطة، أعضاء في جهاز المخابرات وميليشيات – الذين استسلموا أو اعتقلتهم قوات طالبان بين 15 أغسطس/آب و31 أكتوبر/تشرين الأول. جمعت هيومن رايتس ووتش معلومات موثوقة حول أكثر من 100 عملية قتل في ولايات غازني وهلمند وقندهار وقندوز وحدها.
قالت باتريسيا غوسمان، المديرة المساعدة لقسم آسيا في هيومن رايتس ووتش: "العفو الذي وعدت به قيادة طالبان لم يردع القادة المحليين عن إعدام بدون محاكمة أو إخفاء قسرا أعضاء سابقين في قوات الأمن الوطني الأفغانية. تتحمل طالبان مسؤولية منع أي عمليات قتل أخرى ومحاسبة المسؤولين والتعويض على عائلات الضحايا".
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات شخصية مع 40 شخصا في الولايات الأربع و27 مقابلة عبر الهاتف، معظمهم كانوا شهودا وأقارب الضحايا وأصدقائهم، ومسؤولين حكوميين سابقين، وصحفيين، وعاملين في الرعاية الصحية وأعضاء من حركة طالبان. قال قائد في طالبان إنه "لا يمكن مسامحة" المسؤولين عن الفظائع.
أصدرت قيادة طالبان توجيهات إلى وحدات قوات الأمن المستسلِمة بالتسجيل للحصول على رسالة تضمن سلامتهم. لكن قوات طالبان استخدمت هذه المعلومات لاعتقال أشخاص وإعدامهم بدون محاكمة أو إخفاءهم قسرا بعد أيام من تسجيلهم، تاركة جثثهم ليجدها أقاربهم أو مجتمعاتهم.
استطاعت طالبان أيضا الوصول إلى سجلات التوظيف التي تركتها الحكومة السابقة خلفها، فاستعملتها لتتعرف إلى الأشخاص لتوقيفهم وإعدامهم. في مثال واحد فقط، في أواخر سبتمبر/أيلول في ولاية قندهار، ذهبت قوات طالبان إلى منزل باز محمود، الذي كان يعمل لدى "المديرية الوطنية للأمن"، وكالة الاستخبارات السابقة، وأوقفته. وجد أقاربه جثته لاحقا.
نفذت طالبان عمليات بحث تعسفية، مداهمات ليلية ضمنا، لاعتقال مسؤولين رسميين سابقين وأحيانا إخفائهم قسرا.
قال ناشط في المجتمع المدني من ولاية هلمند: "مداهمات طالبان الليلية مرعبة. يقومون بها بحجة مصادرة أسلحة عناصر قوات الأمن السابقة الذين لم يسلموا أسلحتهم. من "اختفوا" هم [ضحايا] المداهمات الليلية. لا تستطيع العائلة التبليغ أو التأكيد. لا يمكنها حتى السؤال عن مكان [الشخص الذي أخِذ]."
خلال عمليات البحث، غالبا ما تهدد طالبان وتسيء معاملة أفراد العائلة لتجبرهم على الكشف عن مكان المختبئين. بعض ممن أوقفوا أعدِموا أو احتُجزوا في نهاية المطاف دون الاقرار باحتجازهم أو معلومات عن مكانهم.
اعتقلت إدارة مخابرات طالبان في هلمند عبد الرازق، ضابط عسكري سابق في الولاية، بعد أن استسلم في أغسطس/آب الماضي. منذ ذلك الوقت، لم تتمكن العائلة من معرفة مكان احتجازه أو إن كان لا يزال على قيد الحياة.
ولّدت الإعدامات والإخفاءات الخوف بين المسؤولين الحكوميين السابقين وآخرين ممن اعتقدوا أن استيلاء طالبان على السلطة سيضع حدا للهجمات الانتقامية التي اتسم بها الصراع الأفغاني المسلح الطويل.
استهدفت طالبان أيضا، لا سيما في ولاية نانغرهار، الأشخاص الذين تتهمهم بدعم "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خارسان" (فرع من "تنظيم الدولة الإسلامية" المعروف أيضا بـ"داعش"). تعتمد عمليات طالبان ضد تنظيم الدولة – ولاية خرسان، وفق ما أفادته "الأمم المتحدة"، "بشكل كبير على عمليات الاعتقال والقتل خارج نطاق القانون". اسْتُهدف العديد ممن قتلوا بسبب أفكارهم السلفية أو انتماءاتهم القبلية المحددة.
في 21 سبتمبر/أيلول، أعلنت طالبان عن إنشاء لجنة للتحقيق في تقارير عن انتهاكات حقوقية وفساد وسرقة وجرائم أخرى. لم تعلن اللجنة عن أي تحقيقات في عمليات القتل المُبلّغ عنها، لكنها أفادت عن اعتقال عدة أعضاء من طالبان بسبب السرقة، وفصل آخرين بسبب الفساد. في رد بتاريخ 21 سبتمبر/أيلول على نتائج تحقيقات هيومن رايتس ووتش، قالت طالبان إنها فصلت المسؤولين عن الانتهاكات لكنها لم تعطِ أي معلومات تؤكد مزاعمها.
قالت غوسمان: "المزاعم غير المدعومة لطالبان بأنها ستمنع الانتهاكات وتحاسب المسؤولين عنها، تبدو حتى الآن وكأنها مجرد حيلة من حيل العلاقة العامة. يعكس غياب المحاسبة ضرورة استمرار الأمم المتحدة في التدقيق في الوضع الحقوقي في أفغانستان، المراقبة الشديدة وإجراء التحقيقات ونشر التقارير ضمنا".