(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الإماراتية صنفت في سبتمبر/أيلول 2021 أربعة معارضين إماراتيين بارزين في المنفى على أنهم من داعمي "الإرهاب". هذه الخطوة جزء من محاولة مستمرة لحظر النشاط وحرية التعبير تحت ستار مكافحة الإرهاب.
تضمنت قائمة "الأشخاص والكيانات والتنظيمات الداعمة للإرهاب" شخصا واحدا على الأقل احتُجز لأكثر من عام دون أن يمثل أمام قاض أو يُسمح له بالتمثيل القانوني، ما يدل أكثر على تجاهل الإمارات الصارخ لسيادة القانون.
قال مايكل بيج، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "أظهرت الإمارات مرارا الأساليب الشائنة التي تستخدمها لمكافحة الإرهاب كذريعة لقمع المعارضة والنقد المشروع. لسنوات عدة، وجهت الدولة رسالة واضحة تماما إلى مواطنيها والمقيمين فيها: إما أن تكون معنا أو أنك إرهابي."
المعارضون الإماراتيون الأربعة المنفيون الذين أدرجتهم الإمارات في قائمة الإرهاب هم حمد الشامسي، ومحمد صقر الزعابي، وأحمد الشيبة النعيمي، وسعيد الطنيجي. تشمل الآثار المباشرة لإدراجهم تجميد الأصول، ومصادرة الممتلكات، وتجريم اتصالات أقاربهم المقيمين في الإمارات معهم.
قال المعارضون لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات هددت عائلاتهم بالملاحقة القضائية بتهمة "التواصل مع إرهابيين". علم الرجال بإدراجهم فقط بعد أن أصدر مجلس الوزراء القرار. يمكن للأشخاص المدرجين في القائمة تقديم شكوى، وإذا رُفضت أو تم تجاهلها، يمكن الطعن في القرار في المحكمة في غضون 60 يوم.
تعتبر الولايات المتحدة، وبريطانيا، وشركاء دوليون آخرون الإمارات حليفا نشطا في مكافحة الإرهاب وتمويله والتطرف العنيف في جميع أنحاء المنطقة، رغم أن نظام العدالة الجنائية الإماراتي تشوبه عيوب خطيرة وأن الإمارات تستخدم تشريعات مكافحة الإرهاب الفضفاضة من أجل القمع التعسفي للمعارضين والناشطين، وهو أمر موثق جيدا.
ينتمي المعارضون الإماراتيون الأربعة إلى مجموعة من 94 ناشطا سياسيا، تُعرف باسم "الإمارات 94"، اتهمتهم السلطات الإماراتية بارتكاب جرائم ضد الأمن القومي عام 2013 بناء على تصريحاتهم وانتماءاتهم السلمية. ضمت المجموعة محامين حقوقيين بارزين، وقضاة، ومعلمين، وقادة طلابيين. عقدت محكمة في الإمارات محاكمة جماعية جائرة بشكل فاضح أسفرت عن أحكام مطولة بالسجن لـ 69 متهما، ثمانية منهم، بمن فيهم المعارضون الأربعة، وجهت إليهم تهم وصدرت بحقهم أحكم غيابيا. قال أحد المعارضين إن أيا من الرجال الأربعة لم يحاول الطعن في تصنيفهم كداعمين للإرهاب لأنهم يعتقدون أن السلطات الإماراتية لن تسمح بذلك لأنهم أدينوا غيابيا.
الشامسي هو المدير التنفيذي لـ "مركز مناصرة معتقلي الإمارات"، وهي منظمة حقوقية إماراتية غير ربحية تدافع عن السجناء السياسيين الإماراتيين. الشامسي مقيم في تركيا.
الزعابي هو الرئيس السابق لـ "جمعية الحقوقيين" الإماراتية، التي كانت واحدة من أبرز منظمات المجتمع المدني في الإمارات حتى عام 2011، عندما أصدرت الحكومة قرارا بحل مجلس إدارتها كجزء من حملة أوسع على المعارضة السلمية. الزعابي مقيم الآن في بريطانيا.
النعيمي كاتب، ومستشار تربوي، ومتخصص في علم النفس التربوي التطبيقي. شقيقه الناشط السياسي المسجون البارز خالد الشيبة النعيمي يقضي حاليا عقوبة بالسجن 15 عاما بسبب محاكمة مجموعة الإمارات 94. النعيمي مقيم في بريطانيا أيضا.
الطنيجي باحث إماراتي، يترأس حاليا "مركز الخليج للدراسات والحوار" و"الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع مع إسرائيل". الطنيجي مقيم في تركيا.
الأربعة جميعهم في منفى اختياري، وأبلغوا جميعا عن أشكال مختلفة من المضايقات على أيدي قوات الأمن الإماراتية ضد أفراد عائلاتهم المقيمين في الإمارات لمجرد أنهم أقاربهم، تشمل منع السفر، والمراقبة المكثفة، والقيود على الحقوق الأساسية بما فيها العمل والتعليم، وحتى إلغاء جوازات السفر.
في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، توفي نجل النعيمي الذي لديه شلل رباعي في مستشفى إماراتي. كانت السلطات الإماراتية منعته من السفر منذ 2014 على الأقل للانتقام على ما يبدو من والده. كان قد فُصِل عن والده لتسع سنوات، وعن والدته وإخوته، الذين فروا جميعا إلى بريطانيا في عام 2014، لسبع سنوات على الأقل.
كان المعارضون المنفيون قلقين من أن تصنيفهم الظالم كإرهابيين يمكن أن تتبعه مذكرات "إنتربول" حمراء خادعة تصدرها الإمارات ضدهم. يترشح مسؤول في وزارة الداخلية الإماراتية هذا العام لمنصب رئيس الإنتربول. حذرت هيومن رايتس ووتش و"مركز الخليج لحقوق الإنسان" من أن هذا الترشيح قد يقوّض التزام منظمة الشرطة العالمية بحقوق الإنسان.
أثار المعارضون أيضا مخاوف من أن نشر أسمائهم وصورهم على نطاق واسع في وسائل الإعلام وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي المرتبطة بالإمارات قد يعرضهم لخطر التحقيق في كل من المملكة المتحدة، أحد أكبر حلفاء الإمارات في مجالات منها مكافحة الإرهاب، وتركيا، وأماكن أخرى. لم يتم التحقيق مع أي من الرجال من قبل السلطات البريطانية أو التركية.
أضافت الإمارات 34 شخصا آخرين و15 كيانا إلى قائمتها للإرهاب في سبتمبر/أيلول. راجعت هيومن رايتس ووتش جميع الأسماء بما يتعلق بالإرهاب العالمي وقوائم العقوبات المالية الأخرى، بما فيها "قائمة عقوبات الأمم المتحدة العالمية"، و"قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي"، و"قائمة وزارة الخارجية والتجارة الأسترالية الموحدة". أكدت هيومن رايتس ووتش أن 14 من الأشخاص الـ 38 وكيانَيْن مدرجون على قوائم أخرى.
كما أكدت هيومن رايتس ووتش أن شخصا واحدا على الأقل من الأشخاص الآخرين المدرجين في القائمة في سبتمبر/أيلول هو رجل أعمال غير إماراتي عاش وعمل في الإمارات لسنوات عديدة. قال مصدر مقرب من عائلته إن السلطات الإماراتية اعتقلت الرجل في مداهمة ليلية لمنزله أواخر عام 2019، واحتجزته بمعزل عن العالم الخارجي نحو ثلاثة أسابيع في حالة إخفاء قسري محتمل. لا يزال محتجزا تعسفا بدون تهمة أو محاكمة. تعاني عائلته التي تعيش في الإمارات ماليا نتيجة تجميد الأصول الناجم عن تصنيفه إرهابيا.
يمنح قانون مكافحة الإرهاب سيئ السمعة في الإمارات مجلس الوزراء الإماراتي سلطة إصدار قرار بشأن إنشاء قوائم بالمنظمات الإرهابية أو الأشخاص الذين يشكلون تهديدا للدولة. يعرّف القانون بشكل عام الأعمال "الإرهابية" على أنها، من بين أمور أخرى، إثارة الذعر بين مجموعة من الناس واستعداء الدولة، دون اشتراط أن يكون العمل يهدف إلى التسبب في وفاة أو إصابة خطيرة لتحقيق هدف سياسي أو أيديولوجي.
تعليقا على قانون مكافحة الإرهاب في الإمارات، حذرت في فبراير/شباط 2020 مجموعة من خبراء الأمم المتحدة من أن السلطة التنفيذية "يمكنها الموافقة على حظر أي كيان تعتبره إرهابيا دون أن تكون ملزمة قانونا بإثبات وجود سبب موضوعي للاعتقاد بأن التصنيف له ما يبرره، رغم الآثار بعيدة المدى التي قد تترتب على هذا التصنيف". كما حذر خبراء الأمم المتحدة من أن القانون يمكن أن يسهم في الاستخدام التعسفي وغير المتناسب لهذه السلطات، ما قد يؤدي إلى تجريم أو اضطهاد المنظمات أو الأفراد الذين ليسوا إرهابيين بطبيعتهم.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الإمارات التوقف فورا عن استخدام أنظمتها المنتهِكة لمكافحة الإرهاب لملاحقة المعارضين السلميين والحقوقيين، ويجب أن تضمن حق كل فرد في محاكمة عادلة، بما يشمل افتراض البراءة، وإن على السلطات أن تسقط فورا تصنيفات الإرهاب عن المعارضين الإماراتيين البارزين الأربعة.
قال بيج: "ينبغي أن يشكل تجاهل الإمارات الجائر والكامل لسيادة القانون تحذيرا صارخا للولايات المتحدة، وبريطانيا، والدول الأخرى التي تعتبر الإمارات شريكا موثوقا في مكافحة الإرهاب في المنطقة".