غدا هو اليوم العالمي للعدالة الجنائية الدولية، الذي يصادف الذكرى السنوية لمعاهدة تأسيس "المحكمة الجنائية الدولية"، "نظام روما الأساسي". عندما ننظر إلى العام الماضي، نرى أن العدالة تأتي بأشكال مختلفة، وعلى الرغم من التحديات الخطيرة، يمكن إحراز تقدم.
الولاية القضائية العالمية، التي تسمح للسلطات الوطنية بمقاضاة المشتبه في ارتكابهم انتهاكات جسيمة بغض النظر عن جنسيتهم أو مكان ارتكاب الجرائم، هي أداة تزداد أهمية. في العام الماضي، أصدرت محكمة ألمانية حكما تاريخيا ضد مسؤول سوري سابق، وأدانت محكمة سويسرية زعيما متمردا ليبيريا سابقا بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
بدعم من العديد من الحكومات و"الاتحاد الأوروبي"، أنشأت المنظمات غير الحكومية منصة دولية للمساءلة في بيلاروسيا لتلقي أدلة على وقوع انتهاكات خطيرة.
من بين اللحظات البارزة الأخرى إدانة محكمة عسكرية كونغولية لزعيم ميليشيا بارتكاب جرائم حرب في شرق الكونغو، والتهم الأخيرة التي تم توجيهها في كولومبيا.
تتزايد الضغوط لمحاسبة السلطات الصينية على الجرائم المزعومة ضد الإنسانية بحق الإيغور وغيرهم من المسلمين الأتراك في شينجيانغ، إذ تعرب المزيد من الحكومات عن قلقها، ودعت منظمات حقوق الإنسان إلى إنشاء لجنة تحقيق تابعة لـ "الأمم المتحدة".
في المحكمة الجنائية الدولية، بدأت المحاكمة الأولى على الجرائم الخطيرة التي ارتكبت في أحدث نزاع في جمهورية أفريقيا الوسطى. وأصدرت المحكمة حكما ضد قائد متمرد ذائع الصيت في أوغندا، وأكدت فى الاستئناف إدانة زعيم الحرب الكونغولي بوسكو نتاغاندا. سلم مشتبه بارتكابه جرائم في دارفور نفسه للمحكمة، و قامت المدعية العامة السابقة برحلة تاريخية إلى السودان، وحثت على تسليم المشتبه بهم المتبقين.
كما فتح مكتب الادعاء في المحكمة تحقيقا في فلسطين، وطلب الإذن من قضاة المحكمة بالتحقيق في جرائم القتل في "الحرب على المخدرات" في الفلبين. غير أن الادعاء لم يطلب بعد الإذن بالتحقيق في أوكرانيا ونيجيريا، بسبب عدم كفاية الموارد.
تشكل الفجوة بين عبء عمل المحكمة ومواردها تحديا متزايدا. وعلى الرغم من إلغاء العقوبات الأمريكية، لا تزال المحكمة تواجه معارضة مسيسة. أيدت المحكمة في الاستئناف تبرئة رئيس إيفواري سابق، وهو تطور أثار مخاوف بشأن أداء المحكمة. ويقدم تقرير مفصل صادر عن فريق من الخبراء المستقلين إطارا لتعزيز قدرات المحكمة على تحقيق العدالة. وفرصة التغيير هذه ذات أهمية خاصة عندما يباشر المدعي العام الجديد ولايته.
كما حدثت نكسات، مثل قرار المدعية العام للمحكمة الجنائية الدولية بإنهاء التدقيق في الانتهاكات التي ارتكبتها القوات البريطانية في العراق، على الرغم من غياب الملاحقات القضائية الوطنية.
إلى جانب الاحتفال بالتقدم، ينبغي أن يكون اليوم فرصة للدعوة إلى ما يلزم حقا لجعل العدالة ممكنة، في المحكمة الجنائية الدولية وكل مكان.