(إسطنبول) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن التدقيق في حالات مئات السجناء، الذين تجعلهم أوضاعهم الصحية أكثر عرضة لخطر الوفاة إذا أصيبوا بفيروس "كورونا" المستجد، يبرز أهمية أن تشمل السلطات التركية هؤلاء السجناء في خططها الجديدة للإفراج المبكر المشروط أو الإقامة الجبرية رغم إدانتهم بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.
نظرت هيومن رايتس ووتش في حالات 14 سجينا تُعرّضهم أوضاعهم الصحية لأشد الأخطار، والذين ينبغي اعتبارهم مؤهلين للاستفادة من تدابير الحماية من الفيروس. لكن مشروع قانون البدائل عن السجن لبعض السجناء يستبعد أولئك الذين يقضون أحكاما بسبب ارتكاب أخطر الجرائم، بما فيها الإرهاب، بغض النظر عما إذا كانت أوضاعهم الصحية أو عجزهم عن رعاية أنفسهم في السجن تعني أنهم من بين الأشخاص الأكثر عرضة للموت بسبب فيروس كورونا.
قال هيو ويليامسون، مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش: "عند اتخاذ إجراءات لحماية السجناء من فيروس كورونا، ينبغي عدم إغفال من هم أشد عرضة للخطر. الاستبعاد الشامل لآلاف السجناء الذين أدينوا بتهم الإرهاب، بمن فيهم المعرضون للوفاة من الفيروس والذين ينبغي ألا يكونوا في السجن أصلا، يقوّض الاقتراح الإيجابي للحكومة التركية للحد من اكتظاظ السجون".
من المقرر التصويت على مشروع قانون للحكومة في البرلمان في وقت مبكر من أسبوع 5 أبريل/ نيسان 2020، والذي من شأنه أن يقلل بشكل كبير عدد الأشخاص في السجون التركية المكتظة، وهي أولوية رئيسية في الجهود المبذولة لمنع انتقال فيروس كورونا بسرعة بين المحتجزين والموظفين. سيشمل الإفراج المبكر المشروط والإقامة الجبرية لعدة فئات من السجناء، منهم النساء الحوامل وكبار السن الذين لديهم حالات طبية، وأولئك الذين لم يتبقَ لهم الكثير على انقضاء مدة أحكامهم.
عشرات آلاف السجناء يقبعون خلف القضبان لصلاتهم بـ"حزب العمال الكردستاني" المسلح أو الجماعات اليسارية الثورية، أو الانتماء المزعوم إلى حركة فتح الله غولن، التي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية وتتهمها بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.
قامت تركيا باحتجاز، ومقاضاة، وإدانة آلاف موظفي الخدمة المدنية، والمحامين، والسياسيين، والنشطاء، والصحفيين لصلتهم المزعومة بهذه الجماعات، على الرغم من غياب الأدلة على ارتكابهم جرائم عنيفة، أو التحريض على العنف، أو تقديم الدعم اللوجستي إلى الجماعات المسلحة المحظورة. يشمل الاستبعاد الشامل في مشروع القانون جميع السجناء المدانين بجرائم الإرهاب، ولا يشير إلى المحتجزين الذين لم يحاكَموا أو يخضعون حاليا للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية. كما لا يستثني أولئك في أي من هذه الفئات الذين لديهم ظروف طبية مزمنة تجعلهم مهددين بالموت بسبب فيروس كورونا. ومن بين هؤلاء، أفراد أُدينوا بأنشطة عنيفة.
قابلت هيومن رايتس ووتش 28 شخصا هم محامي وأقارب سجناء، وسجينَين سابقَين، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات غير حكومية تختص بشؤون السجون، حول ظروف السجون المكتظة والوضع في أعقاب وباء "كوفيد-19" العالمي الناتج عن فيروس كورونا. وصفوا تدابير غير متسقة للوقاية والحماية من الأمراض في السجون، بما فيها ما إذا كان الموظفون يرتدون كمامات واقية أو ما إذا كان يتم توفير الكمامات ومواد تنظيف للسجناء.
في سياق وباء "كوفيد-19"، أوصت "اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب"، التابعة لـ "مجلس أوروبا"، بأن توفر الحكومات بدائل للحرمان من الحرية لتخفيف الاكتظاظ وتوفير "فحص فيروس كورونا وسُبُلا [لوضع السجناء] في العناية المركّزة" للأكثر ضعفا.
تركز مسودة القانون الذي تقترحها الحكومة على السجناء المدانين، ولا تضم إجراءات لإطلاق سراح المحبوسين احتياطيا – الاحتجاز المؤقت أو السابق للمحاكمة – والذين يقدر عددهم حاليا بـ 43 ألف شخص، وفقا لجماعات حقوقية حصلت على أرقام غير رسمية من وزارة العدل. يصنف المعتقلون على أنهم رهن الحبس الاحتياطي إلى أن تؤكد محكمة النقض إدانتهم.
ما يزال معظم الصحفيين والسياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان محبوسين احتياطيا ويحاكَمون بتهم الإرهاب. بينهم أشخاص فوق سن الـ 60، بمن فيهم الحقوقي عثمان كافالا والصحفي أحمد ألتان. من بين السياسيين الموقوفين صلاح الدين دميرتاش، الذي يأخذ أدوية للقلب، وغولتان كيشانك.
قال ويليامسون: "بالنسبة للسجناء ذوي الوضع الحساس، الإصابة بفيروس كورونا قد تعني تحوّل عقوبة السجن إلى حكم بالإعدام. أولئك الذين سجنوا بشكل رئيسي بسبب آرائهم السياسية يجب أن يتمكنوا من الاستفادة من قانون الإفراج المبكر".
لمزيد من التفاصيل عن حالات السجناء والالتزامات بموجب القانون الدولي، يرجى الاطلاع على التقرير كاملا بالإنغليزية.