(نيويورك) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات القطرية لم تحلّ مشكلة تأخير دفع أجور الموظفين من قبل أحد أصحاب العمل، رغم أن نظام حماية الأجور لعام 2015 أُنشِئ لضمان دفع أصحاب العمل أجور موظفيهم في الوقت المحدد وبالكامل.
يسمح نظام حماية الأجور الحكومي المصمم لضمان حصول العمال على رواتبهم عن طريق التحويل المصرفي المباشر في اليوم السابع من كل شهر، للحكومة بمراقبة مدفوعات الأجور، ولوزير العمل بفرض عقوبات على الشركات وأصحاب العمل الذين لا يمتثلون. لكن صاحب عمل قطري لم يدفع رواتب موظفيه الإداريين لمدة خمسة أشهر وعماله لمدة شهرين قبل أن يحتج العمال علنا على هذا الوضع.
قال مايكل بيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "سنّت قطر بعض القوانين لحماية العمال الوافدين، لكن يبدو أن السلطات مهتمة بالترويج لهذه الإصلاحات الطفيفة في وسائل الإعلام أكثر من إنجاحها. ينبغي لـ الفيفا والحكومة القطرية ضمان أن يدفع أصحاب العمل الأجور المتأخرة فورا ويغرَّموا حسب الاقتضاء".
تبنت "اللجنة العليا للمشاريع والإرث" شبه الحكومية التي تنظم كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر تدابير لحماية العمال في ورش بناء كأس العالم، ووضع قواعد صارمة للمتعاقدين. تتطلب القواعد إنشاء لجان رعاية للعمال للإبلاغ عن الانتهاكات في هذه المواقع.
تلقى عديد من الموظفين الإداريين لدى صاحب العمل هذا أجور خمسة أشهر مستحقة في 13 فبراير/شباط 2020، والذين لم يتلقوها يتوقعون استلامها في 16 فبراير/شباط. جميع العمال الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش تلقوا أجورا مستحقة عن شهرين في 7 فبراير/شباط. قال الموظفون والعمال إن الإدارة العليا أبلغتهم أن الحكومة تدخلت لتسديد الأجور.
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى 11 عاملا لدى صاحب العمل هذا – سبعة إداريين، وثلاثة عمال، وإداري سابق، واستعرضت الوثائق ذات الصلة، بما فيها خمسة مذكرات رسمية تطلب من موظفي الإدارة مواصلة العمل للحفاظ على سمعة صاحب العمل. قال موظفو الإدارة السبعة جميعهم إن صاحب العمل تخلّف عن دفع أجور ما لا يقل عن 500 من الموظفين الإداريين، مثل المهندسين والمسّاحين والمشرفين منذ سبتمبر/أيلول 2019.
قالت هيومن رايتس ووتش إنها وثّقت هذه المشاكل لدى صاحب عمل واحد، لكن النتائج تكشف عن عيوب منهجية تؤثر على جميع أصحاب العمل العاملين في قطر.
قال موظفو الإدارة إنهم استمروا في العمل بدون أجر تحت تهديد الخصم، حتى قرر عديد من الموظفين التوقف عن العمل حتى يتلقوا أجورهم. كما وجّه صاحب العمل وإدارته العليا تهديدات مماثلة لإبقاء العمال يعملون طوال ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني. خلال هذا الوقت، بقي العمال في أماكن سكنهم التي يوفرها صاحب العمل، وحصلوا على وجبات منتظمة. موظفو الإدارة يرتبون شؤون سكنهم بأنفسهم.
يشغّل صاحب العمل هذا أكثر من 6 آلاف عامل ولديه أكثر من 25 مشروعا حاليا في قطر. تشمل المشاريع ملعبا في الدوحة سيستضيف مباريات كأس العالم 2022، والشوارع المحيطة بالملعب، ومشروع بناء طريق يربط مناطق وسط الدوحة بعدة ملاعب ستستضيف كأس العالم.
قال أحد المسّاحين، وعمره 32 عاما وحصل على راتب أربعة أشهر في 13 فبراير/شباط: "كنت بائسا جدا، وزوجتي ستنجب طفلا قريبا. كان من المفترض أن نذهب إلى الهند لولادتها. بدلا من ذلك، لم يكن لدي أي أموال لأعيش فيها في قطر، وأنا مدين بآلاف الريالات، وهناك حظر سفر محتمل عليّ [بسبب التخلف عن سداد قرض بنكي]. كيف حدث هذا لي؟" قال إنه يفهم أنه تلقى أجوره فقط لأن الحكومة قدمت الأموال: "سأذهب الآن وأسدد شهورا من المستحقات للبنك ومالك العقار والبقّال الذي يمنحنا الخضروات بالدَين".
العمال الوافدون محظور عليهم بموجب القانون القطري الانضمام إلى النقابات والمشاركة في الإضرابات، لذلك عرّض خاطر بعض العمال الذين لم يتلقوا أجورا أنفسهم بالتعرض للاعتقال للاحتجاج على عدم دفع رواتبهم. قال عامل هندي يعمل في مشروع بناء الطرق مقابل الحد الأدنى للأجور (206 دولارات أمريكية في الشهر): "كنا خائفين من التوقف عن العمل والاحتجاج، لكن عائلاتنا في الوطن كانت تتضور جوعا، لذا أغلقنا الطريق الرئيسي قرب سكننا". قال العمال الثلاثة الذين قوبلوا إنهم تلقوا أجورهم المتأخرة في 7 فبراير/شباط، في نفس اليوم الذي احتجوا فيه، وعادوا إلى العمل.
قال موظفو الإدارة لـ هيومن رايتس ووتش إن الموظفين الإداريين احتجوا خارج أحد مكاتب مشاريع صاحب العمل الكثيرة في الدوحة في 9 فبراير/شباط. قالوا إن مسؤولي الحكومة والشرطة تدخلوا، ووعدوا شفهيا بسداد الأجور الفوري، وأعادوا المتظاهرين إلى منازلهم.
أُرسِلت أجور سبتمبر/أيلول إلى حساباتهم المصرفية في ذلك اليوم. قال الموظفون إن أجور أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني بدأت بالوصول إلى مئات الحسابات في 13 فبراير/شباط. تلقى ثلاثة من الموظفين السبعة الذين قوبلوا أجورهم كاملة، وقال آخرون إنهم يتوقعون استلام أجورهم في 16 فبراير/شباط.
بموجب "اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمل الجبري" (رقم 29)، يعتبر العمل قسريا أو جبريا عندما يُجبر العمال على العمل تحت تهديد العقوبة أو حجب الأجور وعدم دفعها.
قال الموظفون إنهم قبل احتجاجاتهم على الطرق الرئيسية، تقدموا بشكاوى بشأن رواتبهم الناقصة لدى الشرطة المحلية في 30 يناير/كانون الثاني، وإلى "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان" في 4 فبراير/شباط. قالوا إنهم لم يتلقوا أي ردود مكتوبة على هذه الشكاوى.
ليست هذه المرة الأولى التي يؤجل فيها صاحب العمل هذا دفع أجور لموظفيه. قال الموظفون الإداريون إنهم لم يتلقوا أجورهم في الوقت المحدد منذ يناير/كانون الثاني 2018، وغالبا مع تأخير شهرين إلى ثلاثة أشهر، وهو انتهاك مباشر لقانون العمل في قطر، الذي يتطلب دفع رواتب الموظفين بالكامل وفي الوقت المحدد.
رغم إدخال بعض الإصلاحات العمالية على مدار العامين الماضيين، لم تلغِ السلطات القطرية نظام الكفالة الاستغلالي الذي يؤجج الانتهاكات ويمنح أصحاب العمل سلطة مفرطة على موظفيهم. في معظم الحالات، لا تزال موافقة صاحب العمل ضرورية للعامل لتغيير عمله.
في يناير/كانون الثاني 2020، أبلغت جهة العمل هذه موظفيها الإداريين أنهم إذا لم يرغبوا في العمل دون أجر، فيمكنها إصدار شهادات عدم ممانعة تسمح لهم بالانتقال إلى وظائف جديدة. مع ذلك، قال الموظفون الذين قوبلوا إنهم لا يريدون الاستقالة حتى يتلقوا أجورهم بالكامل عن العمل السابق لأن الموظفين الذين غادروا قبل عام ما زالوا ينتظرون رواتب ومكافآت مستحقة. ينص قانون العمل القطري على أن يتلقى العمال الوافدون مكافأة سنوية يجب أن تصل إلى ثلاثة أسابيع على الأقل من الأجر الشهري.
قال موظف سابق من باكستان لـ هيومن رايتس ووتش إنه استقال قبل عام، وما تزال لديه مستحقات 20 ألف ريال قطري (حوالي 5,493 دولار). ينتهك هذا التأخير القانون القطري الذي ينص على أنه في حالة إنهاء عمل العامل، فعلى صاحب العمل دفع أجوره وأي مبالغ مستحقة أخرى في غضون سبعة أيام من آخر يوم عمل.
كشف تقرير مشترك صدر مؤخرا عن منظمة العمل الدولية ووزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية عن سلسلة من المشاكل في نظام حماية الأجور تعيق فعاليته، وتثقل كاهله في حالات عديدة. أفاد التقرير أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، كان موظفو نظام حماية الأجور يتعاملون مع قضايا تعود إلى يناير/كانون الثاني 2018. قيل أيضا إن التهديد بفرض عقوبات على الانتهاكات لم يكن فوريا. تشمل العقوبات السجن لمدة أقصاها شهر واحد، ودفع غرامة بين ألفين إلى 6 آلاف ريال قطري (حوالي 550 إلى 1,648 دولار) أو كليهما.
حتى لو كانت إدارة النظام أكثر كفاءة، فإن لديها سلطة محدودة لإجبار الشركات وأصحاب العمل على الامتثال للقانون. قالت هيومن رايتس ووتش إنه رغم أن النظام يمكنه الإبلاغ عن عدم الدفع، فإن الأمر متروك لإدارة حماية الأجور لتطبيق القانون على المدفوعات الكاملة وفي الوقت المناسب.
قال بيج: "هذه الحالة لمئات الأجور المتأخرة تؤكد مجددا أن نظام حماية الأجور وإدارة حماية الأجور ليسا كافيين لضمان حصول العمال الوافدين في قطر على رواتبهم في الوقت المناسب وبالكامل".